هذا الكتاب:
لا يتناول هذا الكتاب تاريخ السيمياء والكيمياء فقط، بل تاريخ العالم بثقافاته وحضاراته من منظور سيميائي كيميائي. والسيمياء هي ممارسة الكيمياء القديمة قبل ظهور واستقرار المنهج العلمي (بعد ديكارت وبيكون). كانت السيمياء جزءا لا يتجزأ من العلوم القديمة، مارسها جميع الفلاسفة والأطباء منذ بزوغ فجر التاريخ. ركزت السيمياء صراعها الطويل على مغالبة الطبيعة في أمرين اثنين: أولهما الحصول على حجر الفلاسفة الذي يحول الفلزات الخبيثة إلى فلزات ثمينة (يحول النحاس والرصاص إلى ذهب)، وثانيهما تحضير أكسير الحياة الذي يشفي من جميع الأمراض ويهب الخلود للإنسان. ولم يحقق السيميائيون أيا من هذين الأمرين، لكنهم تركوا لنا تراثا من التقنيات مازال يطبق قسم منه حتى الآن. ويعرض الكتاب من هذا المنظور لنشوء وازدهار ثم اضمحلال الحضارات والثقافات المتنوعة على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، من مصر القديمة إلى بلاد ما بين النهرين، ومن الهند والصين إلى فارس وروما، ثم الحضارة العربية الإسلامية الشامخة. ويتناول الكتاب تاريخ حياة العشرات من رجال (ونساء) العلم، وينتهي عند منتصف القرن العشرين بعد أن مرت الكيمياء ومعها وبها الحضارة الإنسانية بمنعطفات ودروب، وصعدت قمما وهوت إلى أخاديد من الجهل والظلمات وتغلبت على كثير من أعدائها، أعداء التنوير والعلم، لنصل إلى ما وصلنا إليه، كيمياء متطورة تعالج المرضى وترفع من غلة الأرض الزراعية وتخلق الأقمشة الصناعية... وغيرها الكثير.