هذا الكتاب:
انبثق هذا الكتاب حديثا من قلب الثقافة الغربية ليقدم بحيدة وموضوعية -من واقع الوثائق التراثية المحققة- شهادة إنصاف في حق الحضارة العربية الإسلامية، ودورها الرائد في تأسيس كثير من العلوم والتقنيات التي تجني البشرية ثمارها اليوم. وقد حرص المؤلف على أن يعرض مادة الكتاب في السياق التاريخي الشامل بأسلوب علمي سليم خال من الحشو أو التبسيط المخل. فهو يبرز أهم مآثر المسلمين في عدد من العلوم الأساسية الكمية، شملت الرياضيات والفلك والفيزياء والكيمياء، ثم ينتقل إلى الجانب التقني من العطاء الإسلامي للحضارة الإنسانية، فيعرض نماذج منتقاة لأجهزة وآلات وتقنيات دقيقة ذاتية الحركة، ويقدم شرحا وافيا لإنشاءات هندسية شملت بناء الجسور والسدود والطواحين المائية والهوائية، وأنظمة الري وإمداد المياه وتقنية المساحة الجيوديسية واستخراج المياه الجوفية، ويخصص فصلا لتقنية التعدين واستخراج الثروات المعدنية من المناجم العديدة على امتداد الأراضي الإسلامية. وقد زود المؤلف كتابه بالعديد من الصور والرسوم التوضيحية التي اعتبرها جزءا مكملا لعرض المادة العلمية.
ويعتبر هذا الكتاب إضافة مهمة إلى المكتبة العربية، فهو يخاطب القارئ المثقف بصورة عامة، ولا يتطلب معرفة فنية واسعة في أي علم من العلوم، وعلى رغم ذلك يجد المتخصصون فيه مادة جادة تطرح كثيرا من القضايا المنهجية والمعرفية التي تهم حياتنا الثقافية والفكرية. ونأمل أن يكون حافزا لجموع الباحثين -كل في تخصصه- على القيام بدراسات تحليلية مفصلة، تعود بالعلوم التخصصية المعاصرة إلى جذورها في المجتمع الذي كان شاهدا على ميلادها، وتتعرف على طبيعة الظروف التي سمحت للمفاهيم والأفكار الوليدة بأن تنمو وتزدهر، وتصبح بعد ذلك فروعا في شجرة المعرفة، وروافد لا غنى عنها لتغذية الحضارة الإسلامية.