مهرجانات وأنشطة

النشره السادسة


عرض لبناني من تأليف وإخراج كريم دكروب
«ألف وردة ووردة»... رحلتنا في الحياة


شريـف صالـــح
في كلمة واحدة، مسرحية «ألف وردة ووردة» نموذج لمسرح الطفل يستحق أن يُحتذى على مستوى بساطة ونبل الفكرة، وعبقرية التناول والرؤية البصرية. عندما شاهدت العمل لم أكن أعلم أنه حاز جائزة أفضل عرض في المهرجان الدولي لفن الدمى في براغ، كما تتواصل منذ سنوات عروضه في لبنان، وهو عرض كان الأجدر بالمهرجان العربي لمسرح الطفل أن يقدمه في عدة ليال وليس في ليلتين فقط.

أحيانا تميز العرض يحول دون الكتابة، ويصعِب مهمة تلمس الثغرات وجوانب القصور، فلو أخدنا النص الدرامي أنه كان مزدوجا في بنيته، بنية سردية تتبع رحلة «الحبة» عبر فصول العام إلى أن تصير «وردة» مثل أمها، هذا التوق الطفولي الذي نراه على لسان كل طفل أن يكبر ويدخل إلى عالم الكبار.
البنية الأخرى ذات طابع درامي يتمثل في حوارات وصراعات «الحبة» مع أم الفصول ومع الفصول ذاتها، فكل فصل يفرض عليها إكراهات معينة، كالحر والثلج وتساقط أوارق الشجر، وفي الوقت نفسه كل تحد فرضته فصول السنة عليها علمها كيف تعيش وتنمو وتكتسب خبرة وتواجه صراعات الآخرين مثل «الغراب».

طابع درامي

إن الزمن هنا ليس عدوا بالضرورة، بل هو حليف لنا بكل فصوله، التي مثلما فيها غضب وحر وثلج ورعد، فيها جمال آخر، فيها مطر وأزهار تتفتح، وكل تجربة تضيف إلينا، فقط في حال كنا أكثر صبرا وأشد إدراكًا لمعنى «كل شيء بأوانه» دون أن نتازل في الوقت نفسه عن أحلامنا وأهدافنا.
هكذا فعلت «الزهرة» في رحلة الحياة التي تشبهنا جميع، رحلة اكتساب الخبرة والمعنى، رحلة الإنجاز التي تكتمل بشكل دائري، ففي البداية كنا أمام حوار الوردة مع ابنتها، وفي النهاية أيضا كنا أمام حوار الوردة مع ابنتها، وهكذا يسلم كل جيل جينات الحب والأمل والصبر إلى الجيل التالي له.
وعلى الرغم من بساطة الفكرة وشفافيتها وبعدها عن النزعة الدعائية والتعليمية المبالغ فيها، فإنها مررت رسائل شتى بخفوت وسلاسة وشجن.

سينوغرافيا مبهرة

ومن مستوى النص ننتقل إلى مستوى السينوغرافيا التي لم تكن مبهرة في ذاتها فقط، بل أيضا في امتزاجها وتناغمها مع الفكرة، فهي ليست مجرد خلفية تزيينية ولا مجرد أشياء ثابتة تشير إلى بيئة ما، بل كانت سينوغرافيا بالغة الشفافية في تحريكها وتلوينها، الضوء والظل، تخليق التكوينات وتلاشيها، تداخل أبعادها التي تبدو في رهافة الطيف تارة، وأقرب إلى تجسيد ثلاثي الأبعاد تارة أخرى، عدا عن تناغم الدمى مع محركيها ومع ظهور الممثلين.
ومع تقلب الفصول رأينا الطبيعة بكل صورها وتجلياتها، بأرضها وسمائها وجبالها وطيورها وفراشاتها وأزهارها، رأينا الطبيعة وهي عروس يتلاعب بها الضوء والظل، ويعيد رسمها كلوحة مستوحاة من أعمال فان جوخ وجوجان ومونييه.
وحتى عندما يتدخل الممثلون لفك المشهد وإعادة تركيبه ورفع أشياء ووضع أشياء أخرى يتم كل ذلك بسلاسة ووفق إيقاع مدروس كجزء من اللعبة المسرحية، مع حركة جسدية متناغمة مع الألوان والموسيقى.
كل عنصر كان محسوبا بعناية فائقة في تجليه وتلاشيه، في حضوره وغيابه، وكل شيء كان يطير بنا في عالم ساحر، حلم جميل، على بساط توليفة الموسيقى ما بين الشرقي بإيقاعه وشجنه والغربي بهارمونيته، ومعزوفات خالدة مثل «شهرزاد» لكورساكوف.
نحن إذن أمام عرض لا يقدم للطفل قصتنا ورحلة حياتنا وعلاقتنا بالوجود من حولنا فقط، بل يقدم له عالمًا ذائبًا من الجمال الخالص يستدعي عباقرة اللون والرسم والنغم.
ويخلص نصا لا ينفصل عن هويته العربية، وفي الوقت نفسه ينتمي بقوة إلى إنسانية الإنسان، فيستطيع أن يمتع ويحفز خيال أي طفل في العالم.
«ألف وردة ووردة» نص عن الأمومة والحب والجمال والخيال، مثل قصيدة مكتوبة بالحواس الخمس لتخاطب الحواس الخمس.
وتبقى الإشارة إلى المسرحية كتابة وإخراج كريم دكروب، موسيقى أحمد قعبور، سينوغرافيا ودمى وليد دكروب، تمثيل: فؤاد يمّين، ماريليز عاد، وكاترين.

عرض لمسرح بغداد من تأليف لويس كارول وإخراج حسين علي صالح

مقولة «أليس في بلاد العجائب»:

«إن القوة الحقيقية ليست بالمال وحده»

 فادي عبدالله


قدمت فرقة مسرح بغداد للتمثيل من العراق مسرحية «أليس في بلاد العجائب» وهي العرض السابع في المسابقة الرسمية للمهرجان العربي لمسرح الطفل بدورته الثالثة، مساء أمس على مسرح الدسمة، وهي من تأليف الكاتب الإنجليزي لويس كارول وإعداد وإخراج حسين علي صالح.

وُلد الكاتب وعالم الرياضيات الإنجليزي، تشارلز دودغسون، والذي عُرف فيما بعد باسمه المستعار لويس كارول في السابع والعشرين من يناير عام 1832، والذي صنع عالماً ساحراً فريداً من نوعه أسماه «أليس في بلاد العجائب»، التي صدرت للنور في عام 1865 تحت اسم «مغامرات أليس في بلاد العجائب» وتحكي قصة أليس الفتاة الصغيرة التي وقعت في جحر أرنب وقادها لعالم فانتازي عجيب تعيش فيه مخلوقات تتحدث وتلبس كالبشر، وتبعها كارول بجزء ثان عام 1872 سماه «من خلال الزجاج».
تُعتبر رواية «أليس في بلاد العجائب» واحدة من معالم الأدب العالمي البارزة، التي تستهوي الأطفال كما الكبار، جيلاً بعد جيل. فهذه الرواية التى ترجمت لجميع لغات العالم وحققت مبيعات لا مثيل لها سواء لرواية جاءت قبلها أو بعدها.
يفضلها الاطفال والكبار، إنها سحر يجذبك لتذهب مع الابطال فى عالم من السحر والإبداع والروعة والمغامرة.
تحولت الرواية الى الفيلم الشهير «أليس فى بلاد العجائب» وقام بالتمثيل أشهر ممثلي هوليوود ودبلج الفيلم إلى جميع لغات العالم محققاً إيرادات عالية في شباك التذاكر، وكذلك تحولت الرواية ايضاً إلى مسلسل تلفزيوني، وحتى على الصعيد المحلي قدمت المخرجة الكويتية دانة المعجل فيلماً روائياً قصيراً بالعنوان نفسه.
تدور أحداث الرواية حول شخصية أليس الحالمة والمغامرة وكثير من الشخصيات الغريبة مثل الأرنب الأبيض والقط، وتجعل من مغامراتها عملاً أدبياً خالداً.
أما عرض مسرح بغداد للتمثيل، فهو يتناول في إطار تربوي تعليمي موضوع العناد عند الأطفال وعدم إصغائهم للكبار، والعواقب المترتبة عليها والمشاكل التي سيواجهونها، مما يؤثر سلبا في حياتهم اليومية والمستقبلية، كما تتناول أيضا دروسا تعليمية في كيفية تعامل الأطفال مع تفاصيل الحياة اليومية، وكذلك احترام الكبير ونبذ الطمع واستغلال قوى الانسان العقلية والعضلية في الجانب الإنساني وتنشئة الطفل .
حيث تحكي المسرحية، قصة أليس التي ترفض الاستماع إلى كلام والدتها وتعاندها من أجل الذهاب إلى الشاطئ، ومعها الدمية «الأرنب بيلي» لتقرأ له حكايتها الخيالية المفضلة عن «اللؤلؤ المفقود»، إلى أن تسمح لها بذلك لكنها تحذرها من الغرباء، وهناك تنتقل إلى العالم الخيالي على الجزيرة الموجودة في الحكاية نفسها، إذ يتحول أرنبها الدمية إلى كائن كبير يتحدث كالبشر، وتلتقي بحاجب مملكة العجائب سيدة القلوب، ثم الملكة، التي تريد مساعدتها للحصول على اللؤلؤ المفقود، الموجود في الصندوق في مغارة أعلى الجبل، لكن يجب عليهم ملاقاة الحكيم «بوني بوني» فهو يمتلك الخريطة المؤدية إلى الصندوق. يصل الجميع إليه، الذي يحذرهم بدوره من الأسطورة الرجل الصخري الذي إذا شعر بشيء فإنه سيلتهمه.
يصل الجميع إلى موقع الصندوق الذي يطلب منهم أن يكون الشخص صاحب مال وقصر ونفوذ ثم حل اللغز لكي يفتح الصندوق.
يتضح بعد فتح الصندوق أن الحكيم «بوني بوني» قام بإجراء اختبار بين الأصدقاء أليس والملكة والأرنب والقط من أجل إعطاء خارطة الكنز لأكثرهم ذكاءً. ليبرهن لهم في نهاية الأمر أن قوة الإنسان لا تكمن في عضلاته وماله ونفوذه فقط بل في ذكائه إضافة إلى العناصر السالفة. ففي الاتحاد قوة وسيكون الكل في سعادة، عندما كانت أليس وحدها لم يفتح الصندوق وكذلك الملكة، ولكن عندما اتحد الجميع فتح الصندوق، والدرس المفيد من هذه التجربة أن القوة الحقيقية ليست بالمال وحده، ولا بالذكاء ولا حتى العضلات، بل القوة في أن تجتمع كل هذه الصفات، لأن العقل السليم في الجسم السليم، وأن العناد على الأشياء غير المفيدة لا ينفع، ويجب أن نحترم آباءنا وأمهاتنا، ويجب ألا نخالفهم، وأن يحترم الصغير الكبير.. وأن الرجل الصخري لا وجود له فهو خرافة.
ينتهي العرض باكتشاف أن أليس كانت تحلم وهي النهاية نفسها في الرواية الأصلية.
استطاع المخرج أن يقدم معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي، وسينوغرافيا بصرية بسيطة وجميلة. أما الأزياء فكانت معبرة عن كل شخصية وماهيتها، أما أداء الممثلين فكان رائعاً.

طاقم التمثيل

هند نزار، ساهرة عويد، أحمد محمد صالح، إياد الطائي، شيماء جعفر، حيدر سعد، قحطان زغير.

مسرح بغداد للتمثيل

تعتبر فرقة مسرح بغداد للتمثيل إحدى الفرق العريقة في العراق والوطن العربي، تأسست في العام 1969 وتضم بين أعضائها نجوم المسرح العراقي، وتتكون من 3 أقسام: مسرح الأطفال، مسرح الكبار، مسرح الشباب والتجريبي. قدمت الفرقة عدة مسرحيات في مجال التقسيمات الثلاثة، وللأطفال قدمت سبعة أعمال من بينها «أليس في بلاد العجائب» التي فازت بجائزتي التمثيل في مهرجان أصيلة الدولي بالمغرب كما حصلت على ست جوائز محلية. كما شاركت الفرقة في العديد من المهرجانات العربية والدولية.

أشاد بدور الكويت الثقافي وثمّن احتضانها مهرجان مسرح الطفل

الفنان العراقي جرير عبدالله: للمهرجان أهمية في تثقيف الطفل وتفاعله مع المسرح


المسرح العراقي
زاخر بالإنتاجات
التي تعنى بالأطفال


فرح الشمالي
أبدى الممثل والمخرج العراقي جرير عبدالله سعادته بالحضور والمشاركة في المهرجان العربي لمسرح الطفل الثالث، مؤكدا أنه تلقى دعوة للمشاركة على المستوى النقدي والإعلامي بفرح كبير في الكويت المعروفة باهتمامها بالمسرح ومساهماتها في إثراء الجانبين الفني والثقافي، وتحديدا المسرحي، فبالأمس القريب احتضنت الكويت مهرجان المونودراما ومهرجان الكويت المسرحي والمهرجان الدولي الأكاديمي الذي أقامه المعهد العالي للفنون المسرحية.
وعن أهمية هذا المهرجان ذكر أن الثقافات - بمختلف أنواعها وتعدد لهجاتها - تصب في جانب المعرفة الإنسانية والوعي الإنساني، وثقافة المجتمعات تعتمد على تثقيف اللبنة الأساسية للمجتمع التي تكمن في الطفل، لذلك هذا المهرجان من أهم مميزاته أنه يحاكي لبنة المجتمع الاساسية لتنميته وتغذيته بالجانب الثقافي، ومن ثم نأتي على الخطوة الأكثر دقة وهي تغذية هذا الطفل بروح المسرح، وهذا العنصر الفاعل والثري في إنتاج تشاركية الثقافات بين المجتمعات.
وأضاف: لذلك هذا المهرجان وغيره من مهرجانات الأطفال من المهم أن تقام على أساس واع ومعرفي كبير لصناعة جيل جديد قادر على تحمل المسؤولية من الناحية الثقافية والناحية الأخلاقية، وقادر أيضا على تعميق المعرفة بالمسرح، ومن ثم التفاعل مع بقية المجتمعات.

المسرح العراقي

وتحدث عبدالله عن المسرح العراقي واهتمامه بمسرح الطفل قائلا: المسرح العراقي زاخر بالإنتاجات التي تعنى بالأطفال، سواء على مستوى المهرجانات أو على مستوى العروض، فهناك مخرجون مهمون في المسرح العراقي ولهم بصمة واضحة في مسرح الكبار ومسرح الطفل، منهم د. إقبال نعيم، ود. عواطف نعيم، وبكر نايف، وحسين علي صالح، وهو مخرج مسرحية «أليس في بلاد العجائب» المشارك في هذه الدورة من المهرجان.
وأكمل حديثه عن مسرح الطفل العراقي: تحتضن وزارة التربية، من خلال أقسام النشاط المسرحي المدرسي المتوزع على محافظات العراق، ثلاثة مهرجانات على مستوى المسرح، وفي بغداد تقام مهرجانات للطفل على ثلاث فئات، الفئة الأولى هي: المرحلة الابتدائية من عمر ٦ - ١٢ سنة، والفئة الثانية هي فئة الثانوي من ١٢ إلى ١٨ سنة، والفئة الثالثة هي فئة الأوبريت، ومن جانب آخر تحتضن إدارة السينما والمسرح في وزارة الثقافة مهرجانا للطفل يعنى بتسليط الضوء على عروض مسرحية لمسرح الطفل؛ لمشاركتها في مهرجانات مسرحية عربية وعالمية.
وبالنسبة إلى الطرح في مسرح الطفل، بيَّن جرير أن مخاطبة الطفل لا تخلو من الخطورة والدقة في انتقاء المواضيع وانتقاء المفردة والشخوص وطبيعة الحوار وأسلوب الأداء، وهذا كله ينضم تحت مظلة المنظومة الإخراجية، لذلك المخرجون يجب أن يعتمدوا على استنباط أحداث من الواقع لمعالجتها وبثها من خلال العروض لتخاطب الطفل، ولكن بلغة ابسط، لكي يستطيع الطفل التواصل، والطفل هو أهم متلق للمسرح؛ لأنه يمكن أن يثار آنيا وممكن ان يترجم مشاعره، لذلك يجب ان يكون مسرح الطفل حريصا على تقديم خطاب واع للطفل.

مسرح الطفل والحرب

ورفض جرير أن يتأثر مسرح الطفل العربي بالحروب والمشاكل الأمنية في الوطن العربي، فقال: أرفض إخضاع مسرح الطفل وما يمتلك من براءة في العقل والتفكير في أتون الحروب والاقتتال، وهذه البيئة المملوءة بالشوائب، ولكن مخاطبة الطفل لبث المعرفة وبث كيفية التصرف بإيجابية من خلال الحكاية التي يبثها العرض المسرحي، فالطفل ببراءته غير معني بأمور الحروب وما يراق من دماء وما يقذف من متفجرات وصواريخ مدمرة، ولكنه معنى بامتصاص رحيق الجمال والطرفة المضحكة.

مدير مسرح القاهرة للعرائس أبدى سعادته بمشاركته في الفعاليات

محمد نور الدين:

مهرجان مسرح الطفل في الكويت ناجح ومتميز


< سعدنا بالعروض المشاركة وهي فرصة للتلاقح الفكري والثقافي
< تربينا على مطبوعات الكويت الثقافية
< الأراجوز والليلة الكبيرة وفرقة «فرفشة» شكلوا حالة مصرية في المهرجان
< «الليلة الكبيرة» أيقونة مسرح العرائس وحالة استثنائية

عماد جمعة

الفنان محمد نور الدين من الفنانين الشباب المتميزين الذين تولوا إدارة مسرح القاهرة للعرائس صاحب التاريخ العريق في مسرح الأطفال والعرائس وخيال الظل. نور الدين يزور الكويت حاليا مشاركا بفرقته في مهرجان مسرح الطفل الثالث، وفي هذا اللقاء يكشف عن انطباعاته حول هذا المهرجان، وكيف يرى العروض المشاركة وأهمية مثل هذه المهرجانات كقوة ناعمة للتقريب بين الشعوب، وما هي ردود الأفعال على العرض المصري «فركش لما يكش»، وما هو جديد مسرح القاهرة للعرائس، ولماذا عاش أوبريت «الليلة الكبيرة» طوال عقود دون غيره من مسرح العرائس.. وتفاصيل أخرى تابعوها معنا.
• هل هذه زيارتك الأولى للكويت؟
نعم هذه هي زيارتي الأولى للكويت على المستوى الرسمي، ممثلا لفرقة مسرح العرائس في مهرجان مسرح الطفل الثالث، لكنني زرت الكويت من قبل كضيف مع مسرحية عام 2012.
• كيف ترى أجواء المهرجان وما انطباعك عنه؟
بداية أتوجه بالشكر لدولة الكويت، حكومة وشعبا، هذا البلد الرائد ثقافيا فقد تربينا على مطبوعات الكويت الثقافية مثل عالم المعرفة وسلسلة المسرح العالمي وغيرهما، كما أشكر جميع اللجان العاملة في المهرجان والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وأمينه العام المهندس علي اليوحة ورئيس المهرجان محمد العسعوسي ومديره حمد الرقعي والدكتور حسين المسلم وجميع العاملين معهم على هذه التظاهرة الفنية الرائعة التي نعيش من خلالها أجواء فنية مسرحية جميلة وممتعة، وفكرة تنظيم مهرجان في حد ذاتها فكرة رائعة ومحترمة، لأنها تمثل فرصة حقيقية للتلاقح الفكري والثقافي والفني وتبادل الخبرات الفنية وتساهم في التقارب بين الشعوب والفنانين العرب، فنحن نحتاج لرؤية عروض الدول العربية الأخرى، وهم أيضا يرون عروضنا فهذا الاحتكاك والتلاقي لا شك أنه سيساهم في تطوير رؤانا الفنية والوقوف على ما وصل إليه كل منا مما يشكل قاطرة وقفزة نوعية للمسرح العربي بشكل عام والطفل بشكل خاص.
• ماذا تقول عن العرض المصري وكيف رأيت ردود الأفعال من الجماهير؟
أعتقد أننا بذلنا قصارى جهدنا في تقديم هذا العرض «فركش لما يكش» وأنتهز هذه الفرصة لأحيي فريق العمل بالكامل على ما بذلوه من جهد مشكور لتمثيل مصر ممثلةً في فرقة مسرح العرائس خير تمثيل، وما أسعدنا حقيقة هو ردود الفعل الطيبة من الجمهور العربي والخليجي، علاوة على المصريين، طبعا الجميع كانوا سعداء وصعدوا خشبة المسرح بعد العرض والتقطوا الصور التذكارية مع فريق المسرحية، فهذا الاستقبال أثلج صدورنا جميعا.
• فرقة فرفشة للعرائس تقدم عروضا يومية مبهجة مع فقرات الأراجوز والليلة الكبيرة وغيرها، كيف ترى ذلك؟
من دون شك تغمرني السعادة بهذا النجاح لفرقة «فرفشة» ومسرح العرائس، وهذه العروض اليومية تضع المتفرجين في حالة جميلة لاستقبال العرض المسرحي وفعاليات المهرجان، وطبعا أوبريت «الليلة الكبيرة» يكاد يكون الجمهور العربي كله يحفظها ويستمتع بها فهي حالة خاصة، ورأينا كيف تفاعل الجمهور وهم يرون الفنانين يحركون العرائس أمامهم ويطلبون التصوير معهم ومع العرائس، وأيضا التفاعل مع الأراجوز الذي يقدمه عم صابر وسعادة الأطفال والكبار معا وهم يشاهدون الفقرات التي يقدمها الفنانان عبد الرحمن زكريا وحسام حسين من فرقة «فرفشة» المصرية، وسعادة الجميع بها، أي أنك تستطيع القول إن هناك حالة مصرية مرحة في أجواء المهرجان وضمن فعالياته المميزة.
• بصفتك مدير مسرح القاهرة للعرائس، ما الجديد لديكم في الفترة المقبلة؟
هناك مفاجأة نعد لها وهي عودة الفنان الكبير ناجي شاكر لمسرح العرائس بعرض مسرحي اسمه «القطط الثلاث» من تصميمه وإخراجه وسيكون جاهزا بعد شهرين تقريبا، وهذه العودة تأتي بعد أربعين سنة تقريبا من الغياب فهو مصمم عرائس الليلة الكبيرة، وقدم «مدينة الأحلام» وأهم عروض الفرقة في فترة الستينيات وتوقفه بعد عام 1967، وأعتقد أن عودته تمثل محطة جديدة ومهمة في تاريخ مسرح العرائس.
• ولماذا هذه الفترة الطويلة من الغياب؟
كان مشغولا بالتدريس الأكاديمي، وأشرف على الكثير من مشاريع التخرج للطلبة من مصممي العرائس، وبالتالي ساهم في تخريج دفعات كثيرة من الفنانين، فهو لم يغب عن العرائس، والمفاجأة الثانية هي عندما علم الشاعر الكبير سيد حجاب بهذه العودة رحب بالمشاركة وتصدى فعلا لكتابة الأشعار، فالعرض يشهد عودة الكبار، وبالطبع هناك أسماء كبيرة أثرت تاريخ مسرح العرائس مثل صلاح جاهين وسيد مكاوي وبليغ حمدي وإبراهيم رجب وغيرهم من كبار النجوم.
• سؤال محير، مع كل هذا التاريخ لمسرح العرائس ظلت «الليلة الكبيرة» هي الأشهر مصريا وخليجيا وعربيا... لماذا؟
«الليلة الكبيرة» هي أيقونة مسرح العرائس، وحالة استثنائية في تاريخه، وقد لا يعلم الكثيرون أن العرض لم يقدم في مصر أولا، بل عُرض في مهرجان دولي وهو من أهم المهرجانات الدولية في مجال العرائس، وكان ذلك عام 1961، ولا تتخيل أنه بعد عامين فقط من تأسيس مسرح العرائس نحصل على الجائزة الثانية في التصميم، بعد منافسة مع دول عريقة ولديها أكاديميات تدرس هذا الفن قرابة 200 سنة. أقول هذا لندرك أهمية هذا العمل الذي تصدى له قمم فنية عظيمة، ونلنا احترام وتقدير دول العالم علاوة على أنه يشكل حالة مصرية بكل تفاصيلها، وعندما نذهب به في أي دولة في العالم نجد المصريين يقولون إننا نشم رائحة مصر في هذا العرض. فاللحن المبدع مع الكلمة البسيطة شديدة المحلية، إلى جانب الشكل، كل ذلك محفوظ في وجدان الناس، بالإضافة إلى أن شاشات التلفزيون والفضائيات تعرضه كثيرا في المناسبات المختلفة، خاصة خلال رمضان. وهذا لا يمنع أن هناك عروضا متميزة كثيرة، ولها تاريخها مثل «حمار شهاب الدين» و«مدينة الأحلام» وغيرهما، وجمهور مسرح العرائس يعرف هذه العروض جيدا، لأنه متابع جيد لنا.
• هل من كلمة أخيرة؟
أتمنى استمرار المهرجان وغيره من المهرجانات العربية، لأن السياسة أحيانا تفرق بيننا، لكن هذه المهرجانات تمثل قوة ناعمة تجمعنا ولا تفرقنا وتوطد العلاقات بيننا، ومهرجان مسرح الطفل العربي بالكويت هو مهرجان ناجح ومتميز ويضم مجموعة من العروض العربية المميزة فعلا التي سعدنا برؤيتها...فشكرا للكويت وشكرا لكل الوفود العربية التي نعتز باستمرار العلاقة معها، على أمل التواصل الدائم فيما بيننا من أجل جيل جديد يتربى في حضن المسرح النوعي والتنويري، ليشكل نهضة ثقافية وفنية عربية هي قاطرة لمجتمعاتنا والنهوض بها من أجل غد أفضل لنا جميعا.

كيف لمسرح الطفل العربي أن يطور نفسه؟

د. نوال بنبراهيم


احتل مسرح الطفل موقعا استراتيجيا في البنية المسرحية العربية ودفع العديد من الممارسين إلى خوض غماره لأنه يكسب الطفل المعرفة التاريخية والعلمية والمدنية والعملية...، ولأنه ضروري في التنشئة التربوية بشكل عام والعملية التعليمية بشكل خاص. ومن الملاحظ أنه إذا كانت بعض عروض مسرح الطفل في العالم العربي قد بذلت مجهودات خاصة لتطويره وفتحت الآفاق نحو مستقبل متجدد، فإن البعض الآخر نأى عن الواقع المعيش وابتعد عن الاشتباك مع هموم الطفل وطموحاته والتفاعل معه، لأنه اعتمد على أنماط مسرحية قديمة، وأصبح متخلفا عن الجديد في الوقت الذي عرف مسرح الطفل الغربي قفزة نوعية، وفرض قانون التطور نفسه على الإنسانية.
وعليه يمكن طرح السؤال التالي هو: كيف يمكن لمسرح الطفل العربي أن يطور مضامينه ومستوياته المعرفية والفنية والتقنية لجلب الطفل لمشاهدة العروض المسرحية الموجهة إليه، خاصة أنه تعود على اللعب الافتراضي حيث تفرض تكنولوجيا الافتراض نفسها كمنافس للمسرح لأنها تحاول أن تضيف إلى الواقع الفيزيقي واقعا افتراضيا يحضر في كل مكان وينبعث باستمرار، فتمكن الطفل من إنتاج أجوبة مضاعفة تعيد صياغة المعروض عليه وتعطيه أشكالا وأوضاعا جديدة.
يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال نقطتين: الاشتباك مع واقع الطفل العربي، وتحديث مسار مسرح الطفل.
1 – إن الوضع العربي الراهن والقضايا المعاصرة خلفت واقعا جديدا يتطلب من المسرح الموجه للطفل في العالم العربي عرض الحقائق الواقعية عليه سواء في مجتمعه أو في المجتمعات الأخرى، ونقل الأفكار المرتبطة بما هو اقتصادي واجتماعي وسياسي وثقافي وبيئي... وتحويل الطفل إلى عضو مفكر وفاعل ثم قادر على القيام بأدواره في المستقبل. إن الواقع العربي والعالمي الراهن أعطى مفاهيم اقتصادية وسياسية واجتماعية... صارت متداولة يوميا لدى الكبار والصغار. وعليه يستطيع المسرح أن يستخدم هذه المفاهيم لعرض عمل مسرحي للطفل بشكل فني وجمالي ينأى عن المباشرة والتقريرية، وأن يلقنهم المهارات اللازمة لممارسة السلوك الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مستقبلا، وغرس التنمية التي تساعده على فهم واقعه والمشاركة بفاعلية في قضايا مجتمعه.
فالمسرح هو جملة القيم التي تقوم الاعوجاج الفكري والسلوكي وسط الأطفال بالقدر الذي يمكنهم من القدرة على الاطلاع والإصلاح والإبداع ابتغاء تنميتهم والارتقاء بهم عقليا وخلقيا. غير أن الواقع المعاصر والتربية الحديثة يراهنان على قيم جديدة يجب تلقينها لطفل اليوم عبر المسرح وهي متعددة منها: المواطنة الفعالة، حق التثاقف، التكافؤ الثقافي، الحوار، الاختلاف الفكري والمعرفي.
- المواطنة الفعالة: أن يروم المسرح إلى تفعيل دور المواطن الفاعل للتواصل مع مجتمعه بفكر جديد يسعى إلى التغيير على المستوى الشخصي والمجتمعي، وإلى تبني بعد جديد للمواطنة فرضته علينا الأوضاع الحالية، حيث يكون مسؤولا ومشاركا ومبادرا، فيلقنه المعرفة بواجباته وحقوقه، والقيام بالتزاماته العملية بكل اجتهاد وأمانة، والتعايش مع الآخرين... رافضا كل أساليب العنف التي تضر باستقرار بلده، متمسكا بتقاليد مجتمعه وعاداته.
باختصار أن يعلمه كيف يؤكد عمليا على انتمائه، لأنه من أبرز التحديات التي تواجهنا هو تلقين أبنائنا مواطنة فعالة، فبالنظر إلى الواقع نجد مواطنين لا يؤمنون بقدراتهم على إحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي... فالمواطنون العاديون يهتمون بحياتهم الخاصة ومشاغل أسرهم ولا يكترثون بما يجري في بلدانهم، والمواطنون المثاليون يعتنقون أحلاما طوباوية يستحيل تحقيقها على أرض الواقع، ثم هناك المواطنون الذين يتحلون بالتوازن فيحاولون تحقيق الانسجام بين متطلباتهم اليومية وواجباتهم تجاه قضايا مجتمعهم. والسؤال الأساسي: ما نوع المواطنة التي نريد أن يشب عليها أطفالنا؟
- حق التتاقف: أن يأخذ الطفل من ثقافة الآخر من أجل تقوية العمل التعارفي وإعطاء ثقافته للآخر. على أن المسرح لن يصل مبتغاه في تفعيل هذا التثقيف ما لم ينجح في تقوية أسباب التداخل الثقافي وتطوير مضامينه ومستواه المعرفي والتقني.
- التكافؤ الثقافي: أن يعامل الطفل معاملة الكفء سواء بمعنى المماثل لغيره من شعوب العالم أو بمعنى القادر على تصريف الأمور الموجودة بين يديه، وأن يشعر بالرضا على عمله وبتقدير المجتمع له، لأن ذلك سيمكنه من بلوغ المهارة الكافية والتمكن من التباري والمنافسة مع الآخر.
- الحوار: ويقتضي الإقبال على الآراء الأخرى والتدليل العقلي، والمسعى هو استعلام المحاور عن رأيه وإعلامه برأي غيره.
- اختلاف القيم الفكرية: وأن يفرق بين نوعين من الاختلاف الفكري: الاختلاف الفكري اللين بين طفل وطفل آخر، فإذا اختار طريق التعارف فسيكون التأثير متبادلا. والاختلاف الفكري الصلب حيث ينفي الطفل فكر الآخر ويتشبث بفكره فحسب، الشيء الذي يولد لديه التعصب الفكري والتسلط والإقصاء. ولكي يتجنب ذلك يجب أن يلقنه المسرح ثلاثة مبادئ لضبط الاختلاف: التسامح والاعتراف والتصويب (أن الصواب يسود الأنساق الفكرية المختلفة).
- القيم المعرفية وهي عبارة عن جملة من المعاني العليا الذي تهفو المعرفة في مجتمع ما إلى تحقيقها مثل العقلانية، والموضوعية، والأنساق، وأن هذه الأسس تكون في كل بلد على النحو الذي يخصها.
والأصل في هذا التعدد القيمي هو تنوع الأشكال التي تتخذها حياة الإنسان وتنوع الأطوار التي تتقلب فيها. والهدف من ذلك هو:
أ - تجنيب الطفل القيم السلبية منها: أن الحرية لا تعني التسيب، وتجنب الاستبداد بالرأي، وتجنب التفاوت في الحقوق، ويعني أن المجتمعات يكون لها من الحقوق على قدر امتلاكها من القوة المادية، وهي فكرة موجهة كسياسة عالمية، فتبث بعض القيم على أنها كونية في حين هي نسبية ألزمت بها الشعوب.
ب - قدرة الطفل على اكتساب الفعل، وتحديد الهدف والوصول إليه، ثم مراعاة المصلحة العامة.
2 – إن تحديث مسرح الطفل العربي يتطلب أيضا الانزياح عن المسرح التقليدي - الذي أصبح يخلق استجابة فاترة لدى الطفل لأنه لم يعد يرضيه من الناحيتين الفنية والتقنية. وعليه، فإن الوضع الحالي يستلزم رصد جديد تقنيات الصورة المرئية فوق الخشبة، واستخدام الوسائط الحديثة في بناء العرض المسرحي لأنها تمكن الممارس من توظيف أدوات تعبيرية تطور جمالية الرؤية وتغير المناظر ولحظات الإضاءة والمؤثرات الصوتية بشكل سريع ألفه الطفل في ألعابه الافتراضية.
لقد بات من الضروري أن يطور مسرح الطفل العربي نفسه مفاهيميا ومهاراتيا وتقنيا ابتداء من النص الدرامي الذي يفترض به أن يدخل في منظومة مسرح الطفل المعاصر والانسجام مع التقنيات الحديثة وانتهاء بالخشبة التي تقدم أشكالا غير نمطية لفضاء العرض المسرحي ووسائط بصرية حديثة تضفي حيوية ودينامية يتفاعل معها الطفل بشكل سريع ويسمح له بسلسلة من التفسيرات والتأويلات.

 

Happy Wheels