مهرجانات وأنشطة

النشره السادسة


حاول مرة أخرى ... صراع الأضداد ومن هو المذنب والبريء؟

    

سالي وأوس وسارة أداء متمكن... والمشهد الأخير رائع

الكاتب اعتمد في نصه الفلسفي على المنهج الديالكتيكي

كتب: فادي عبدالله

قدمت فرقة المسرح العربي رابع عروض المسابقة الرسمية للمهرجان، تحت عنوان «حاول مرة أخرى» تأليف الكاتب صالح كرامة العامري وإخراج د. مبارك المزعل.

في البداية، يجب أن نتوقف قليلاً عند مؤلف النص، فقد عرف صالح كرامة العامري بأنه كاتب روائي ومؤلف ومخرج سينمائي ومسرحي إماراتي، وهو من مؤسسي مسرح أبوظبي في العام 1977، كتب وأخرج العديد من الأفلام أبرزها «ما تبقى» الذي فاز بجائزة التحكيم في مسابقة الإمارات في العام 2003 وجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الدار البيضاء الدولي عام 2007. وقام بكتابة وإخراج عدد من الأفلام، منها الفيلم الطويل «حنة» الذي فاز بجائزة مهرجان الشرق الأوسط الدولي في أبوظبي في العام 2008.

كما كتب سيناريو الفيلم الروائي الطويل «عربة الروح» الذي أخرجه البريطاني كونراد كلارك وتم تصويره في الصين، وقد فاز بجائزة الصدفة الذهبية في مهرجان سان سباستيان السينمائي الدولي.

أما على صعيد المسرح، فقد دأب العامري على كتابة النصوص الفلسفية، فلديه العديد من الإنجازات في هذا المجال، منها فوزه بجائزة أفضل كاتب عربي عن مسرحيته «حاول مرة أخرى» في مهرجان المسرح العربي في القاهرة عام 2007.

بعد هذه المقدمة المقتضبة، نأتي إلى العرض «حاول مرة أخرى»، الذي تدور أحداثه في الزنزانة، إذ ترفض «بايا»، المتهمة بقتل زوجها، تغيير أقوالها في جريمة قتل زوجها، متمسكة بكلامها واعترافها بالجريمة، وبانتظار تنفيذ العقاب، حكم الإعدام، في المقابل يحاول المحامي «توفيق» إقناعها بأن تقول إنها لم تقدم على قتل أحد بل وجدته مقتولاً، لعله كان ينظف مسدسه وانطلقت منه رصاصة طائشة، فأردته قتيلاً بالخطأ. بيد أن «بايا» تصر على موقفها بشدة. ووسط سجال بينهما، تتكشف رويداً رويداً حقيقة ذلك المحامي المتلاعب بالقانون بوسائل ملتوية، وضميره الغائب، حيث يعاني من عقدة الذنب، بسبب خيانته لزوجته التي رأته مع بائعة المحل صاحبة الجمال الأنثوي متلبساً في وضع مخل ومشين، ولم تكن وحدها قد شاهدت جريمة الخيانة بل ابنتهما البالغة من العمر عشرة أعوام التي قالت له «أنت لست أباً مثالياً».

صديقة المتهمة الخائنة اسمها «باتينا»، تأتي لزيارتها، لتسألها، لماذا لم تقتلها؟ تكتشف الذنب الذي اقترفته في حقها، وأنها شريكة في تحمل المسؤولية مع الزوج الخائن، وهي الدافع الرئيسي لقيام الزوجة بالجريمة.

فمن هو المذنب الحقيقي؟ ومن هو البريء؟ الرسالة التي يوجهها هذا العرض، الخيانة ذنب يرتكبه العديد من الناس مثل المحامي «توفيق» والصديقة «باتينا» والزوج في المسرحية، وهم يعيشون في السجن الخارجي بحرية مزيفة، بينما تتمتع الزوجة المغدورة بالكرامة والإرادة الحرة داخل الزنزانة. إذ لا بريء بينهم إلا «بايا».

ربما يتوافق نص العرض مع فكرة رواية «الجريمة والعقاب» التي تُعد من أشهر أعمال الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي، إذ تتطرق لمشكلة حيوية ومعاصرة ألا وهي الجريمة وعلاقتها بالمشاكل الاجتماعية والاخلاقية للواقع, وهي المشكلة التي اجتذبت اهتمام دوستويفسكي في الفترة التي قضاها هو نفسه في أحد المعتقلات حيث اعتقل بتهمة سياسية وعاش بين المسجونين وتعرف على حياتهم وظروفهم.

كما اعتمد الكاتب العامري المنهج الديالكتيكي، الذي انتهجه بريشت في كل مسرحياته وأشعاره، القائم على رؤية التناقضات في كل شيء في العالم والحياة.

استطاع المخرج من خلال سينوغرافيا العرض التوكيد على صراع الأضداد، ومفهوم المذنب والبريء، الجريمة والعقاب، القتل والغفران، الحياة والموت.

جاء الأداء التمثيلي لسالي فراج متمكناً جداً في دور المتهمة «بايا»، وكذلك أوس الشطي في تجسيده لشخصية المحامي «توفيق»، وسارة أحمد في دور الصديقة الخائنة «باتينا»... لكن اللغة العربية لم تكن سليمة في بعض الأحيان. أروع مشهد في العرض هو الأخير، عندما أصبحت السجينة خارج الزنزانة، والصديقة والمحامي داخل السجن.

فريق العمل

تمثيل: أوس الشطي، سالي فراج، وسارة أحمد. مساعد مخرج: علي جاسم، ديكور وأزياء: محمد الرباح، تصميم وتنفيذ إضاءة: فيصل العبيد، التأليف الموسيقي: عبدالله الحشاش، إشراف إداري: منال العمران، مدير الإنتاج: يوسف مال الله، منفذ إنتاج: عبدالرحمن صبر.
    

في الندوة التطبيقية لمسرحية «حاول مرة أخرى»

انضباط في النص .. وإبداع في الأداء

صالح العامري: أنا تلميذ صقر الرشود وأهدي العرض إلى روحه

كتب: مفرح حجاب

أقيمت الندوة التطبيقية لمسرحية «حاول مرة أخرى» التي قدمتها فرقة المسرح العربي في قاعة الندوات بمسرح الدسمة عقب العرض مباشرة، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الفنون محمد العسعوسي وحشد كبير من الفنانين والإعلاميين وضيوف المهرجان، شارك في الندوة على المنصة زهراء المنصور وكان بجوارها كل من مؤلف العرض الكاتب الإماراتي صالح كرامة العامري والمخرج الدكتور مبارك المزعل. استهلت المنصور الحديث بالترحيب بالحضور وأثنت على الجهود التي تبذل من أجل أن يقول المسرح كلمته في هذه التظاهرة المسرحية ليستفيد الجميع ويزيد الوعي وتتطور الذات.

الناقدة ليلى أحمد اعتبرت أن هذا العرض هو أول عروض المهرجان الحقيقية، لما يحمله من عناصر مكتملة وعمق إنساني، وقالت إن المسرحية تقدم بعدا إنسانيا، وكانت بمثابة لوحة فنية من سينوغرافيا وإضاءة وأداء، خصوصا من الممثلة سالي التي استطاعت ان تشخص الوجع الإنساني.

أما الدكتور نادر القنة فقد اعتبر أن المؤلف صالح العامري يعد من أهم سبعة كتاب ينهضون بالحركة المسرحية الحديثة في منطقة الخليج، لكنه يمر بموجة من الغضب والتمرد الذي حدث للعديد من الكتاب في أثناء الحرب العالمية الثانية. وأضاف: لقد شاهدنا عرضا يركز على قصة فلسفية، ولخص الحالة الموجودة في السجن، لكن نتساءل: هل هو سجن مادي أم نفسي؟ كأن هناك مشهدا مقتبسا من مسرحية «العادمون»، مشيرا إلى أن المؤلف كان ذكيا في ذلك، وإن كان العرض جنح نحو المنودراما وحاول أن يبرر عن قيم أكثر ما يبرر عن إشكاليات.

أما الدكتور عمر فرح فقد أكد ان هذا النص لم يكن ليخرج بهذا الشكل لو لم يكن هناك مخرج على درجة عالية من الذكاء والإبداع، حيث استخدم كل أدوات المسرح ووظفها بشكل دقيق وهائل ولا يحتاج إلى منودراما، بينما شدد حسام عبدالهادي على ان مسرحية «حاول مرة أخرى» تعد من العروض العالمية، ويجب على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب تسويقها، لافتا الى ان الممثلين كانوا على درجة عالية من الذكاء في الحركة واللياقة والتلوين، وحتى الصمت.

وأكدت عزة القصاب أن العرض توغل في أعماق الشخصيات وجعل الجمهور يكتشف كل المساحات الموجودة على المسرح، لاسيما في السينوغرافيا وغيرها، مشيدة بعملية التحول التي حدثت بين الممثلتين لتقدما لنا تناقضا مهما ظهر في قدراتهما، لاسيما سالي التي كانت تلجأ إلى الحلم أحيانا، بينما اعتبر عقباوي الشيخ أن العرض كان حافلا بالمجموعات الدرامية والقيم الإنسانية، خصوصا قراءة المخرج في قضية الخيانة، لافتا إلى أن هناك عناصر كثيرة خدمت العرض وجعلته يخرج بهذه الصورة.

الدكتورة سهى سالم شددت على أن العرض لا يحتاج إلى تفسير أو تفكيك النص، والدليل أن المسرح كان متفاعلا بشكل مذهل، مشيرا إلى أنها لم تكن امام عمل مسرحي فقط، ولكن أمام فيلم سينمائي ايضا، لذا فإنها تقف احتراما لكل عناصر العمل.

جبار خماط قال إن جمال العرض يكمن في امتلاكه القدرة على دراسة الصمت، والدقة في الأداء أذهلت الجمهور لأن كل شيء فيه بحساب، والنص قائم على الانضباط، وهو أمر يحسب للمخرج لأنه قدم قصيدة يصعب أن ينزع منها أي بيت، بينما أكد الناقد عبدالمحسن الشمري أن هذا العمل يضيف إلى المسرح الكويتي اسما جديدا بعد إسماعيل عبدالله وناجي الحاي وباسمة يونس إذ يأتي صالح العامري، وقال: لقد تحدى مبارك المزعل نفسه مع مؤلف من أهم المؤلفين في الخليج، متمنيا لو أنه فسر النص بشكل أكبر.

الدكتور عبدالحليم بوشراكي أكد أن المخرج اشتغل بشكل جيد على الممثلين لكن هناك تناقضا بينه وبين المؤلف، وأتمنى أن يقول الكاتب: هل ما قدم في العرض كان مكتوبا في النــــــص أم لا؟ فلا توجد امرأة عربية قتلت زوجها بسبب الخيانة تقبل أن تستقبل من المرأة التي كانت معه بهذا الشكل، مشددا على انه تم التسلق على القيم الإنسانية بهذا التناقض. أما ناصر الحجلي فقال: لقد أدهشني الصمت وأسعدني الديكور والحرارة الداخلية في حالة الانتقاء التي لم تجعلني احتاج إلى أي لون من الأزياء أو البلونات التي ظهرت في خلفية المسرح مع الأطفال.

أما حبيبة العبدالله فقد أكدت أن المخرج استطاع أن يقدم فرجة مسرحية ورؤية شبه مكتملة برغم ان العرض يغلب عليه الطابع السلبي، وإن كان فيه مباشرة في بعض الجوانب، بيمنا أكد سليمان الشخلي أنه تعلم كثيرا من المسرح، خصوصا كتابة الرواية، وقد وجد نفسه في هذا العرض داخل اللعبة المسرحية، مشيدا بأداء المخرج والمشاركين في العرض.

نادرة عمران أكدت أن عرض «حاول مرة أخرى» اختطفها من مكانها طوعا إلى عالم افتراضي، وقالت: لقد فرحت وهربت وحزنت وفعلت كل شيء لأن النص متين يدافع عن كل ما حمله من منطقه.

الفنان طالب البلوشي أكد ان عنوان المسرحية قد خدعه، لكن الأمر تغير عندما شاهد العرض، ملمحا إلى أن العرض كان مميزا لكن اوس الشطي تأثر بالإذاعة في بعض المشاهد.

أما عادل البطوسي فقال لو كنت مؤلف النص لحذفت دور الممثلة الأخرى، ولو كان لدي ممثلة في إمكانات سالي لقمت بتحويل النص الى منودراما.

اما محمد عبد الرسول فقال: كنت دائما أقول إن أعمال فرقة المسرح العربي ليست هي ما نراه، لكن نبارك لهم هذا العرض. أحمد الشطي عضو فرقة المسرح العربي تقدم بالشكر إلى كل الحضور وإلى النقاد والضيوف الذين قالوا رأيهم في العرض، وقال: لقد كسبت فرقة المسرح العربي مؤلفا، وكذلك مخرجا متميزا، مشيدا في الوقت نفسه بفريق العمل.

من جهته علق مؤلف العرض صالح كرامة العامري على كل جاء في الندوة، قائلا: أشكر الكويت البلد المعطاء، والتي أهدتنا في الإمارات أيام السبعينيات المناهج والكتب الدراسية، لأن الشيخ عبدالله السالم صاحب مشروع حضاري، كما قدم الشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لأنه استفاد من مطبوعاته، مشيرا الى أنه فوجئ برجل من الكويت دخل لديهم في ابوظبي بالحي الشعبي وكان صقر الرشود.وأضاف: أنا تلميذ صقر الرشود، وأهدي هذا العمل إلى روحه. وأوضح ان المخرج د. مبارك المزعل عندما ابلغه بأن اختياره قد وقع على نص «حاول مرة أخرى»، قال له: الله يعينك، لافتا إلى انه قد بكى اليوم عندما شاهد الشخوص الذين كتبهم تتحرك على المسرح. ولفت إلى انه كتب كل شيء في النص حتى لحظات الصمت لأنه مـن انصــــار التعــرف على ما يدور في الشارع ويميل إلى العفوية.

أما المخرج د. مبارك المزعل فقد غلب عليه البكاء، وهو يشكر كل فريق العمل الذي عاونه، وكذلك أسرته التي تحملته لمدة شهرين، وقال: اشكر فرقة المسرح العربي التي وضعت ثقتها بي.
    

القنة اقترح عنوان ندوة المهرجان المقبل في ندوة المسرح والحرب

اقترح د. نادر القنة أن يكون عنوان ندوة المهرجان الــ(16) المقرر عقده العام المقبل هو « المسرح وحقوق الإنسان».
    

بحضور وزير الإعلام واليوحة والسفير الروسي

ليلة استعراضية متناغمة لفرقة الأطفال الروسية «موسكوفا»

كتبت: سهام فتحي

بحضور معالي وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح، والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة، والسفير الروسي لدى دولة الكويت الكسي سولوماتين، وعدة شخصيات ديبلوماسية وحضور حاشد من الجاليات العربية والأجنبية، أقيمت يوم أمس ليلة استعراضية لفرقة الأطفال الروسية «موسكوفا» على خشبة مسرح السالمية، التي جاءت بالتعاون بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وسفارة جمهورية روسيا الاتحادية.

علاقات مستمرة

استهل الحفل بكلمة لسفير جمهورية روسيا الاتحادية الكسي سولوماتين، الذي بين عمق العلاقات الكويتية الروسية على كل المجالات والأصعدة، لافتا الى أن هذه العلاقة تمتد إلى سنوات طويلة من التعاون، وأن هذه العلاقات متطورة ومستمرة بين البلدين من نواح كثيرة منها تبادل الزيارات خصوصا في المجال الثقافي، لتعريف شعبي البلدين بثقافة كل منهما، متمنيا تنمية هذه العلاقات مع دولة الكويت لتشمل مزيدا من المجالات.

الإرث الروسي

أشار السفير الروسي إلى أن حضور وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود الحفل يعكس مدى اهتمام دولة الكويت بالتعرف على الإرث الفني الروسي، مقدما خالص الشكر والتقدير للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على دعوة الفرقة الروسية للحضور والمشاركة بإحياء هذه الليلة الفنية، التي تتضمن استعراضات راقصة لشعوب مختلفة من العالم، لهذه الفرقة التي تقدم عروضها للمرة الأولى في الشرق الأوسط.

رقصات فولكلورية

انطلقت فرقة الأطفال «موسكوفا» في تقديم رقصات استعراضية متنوعة جمعت بين الرقص الحديث والفولكلور والباليه، مغلفة فقراتها بالموسيقى الشرقية والأغاني المستوحاة من الفولكلور الروسي، حيث ألهبت الحضور الكبير في وصلاتها الراقصة الجميلة التي اتسمت بالحركات الاستعراضية وفن الباليه، معتمدة على رشاقة الراقصين والراقصات من الأطفال، الذين جسدوا لوحة متناغمة، إضافة الى الأزياء الجميلة التي تتنوع من لوحة إلى أخرى، التي حاكت جمال الطبيعة الروسية والشمس والبحر.

عبق التراث

قدم الراقصون الأطفال استعراضات أشعلت تفاعل الحضور، عبر فقرات متنوعة جسدت عدة رقصات «روميو وجولييت»، «الشمسيات»، «الطيور»، إلى جانب فقرات استعراضية مستوحاة من التراث الهندي على وقع الموسيقى الشرقية، كما قدمت الفرقة فقرات متتالية من عبق التراث والفولكلور الروسي، مصحوبة بالموسيقى والأغاني الشعبية.
    

صوفيا عباس تكتب الندوة الفكرية ووعي الاختيار

مهرجان الكويت المسرحي الذي يقيمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت تظاهرة فنية متوقدة تؤكد أن الكويت هي بالفعل حاضرة ثقافية مميزة ليس فقط في منطقة الخليج بل في المنطقة العربية كلها. ولعل هذه المحافل الثقافية والفنية تحقق في يوم مشروعا عربيا قوميا عملاقا نواجه به كل التحديات المحتملة.

غير أنني أود أن أتوقف بالتعليق والإشادة بالاختيار الواعي لموضوع الندوة الفكرية والذي حمل عنوان «المسرح والحرب». فالموضوع يفتح المجال على أزمنة وموضوعات وكُتاب وعروض وتقنيات متلاحقة ومتنوعة. موضوع الحرب كان دائما حافزا ومحفزا للكتاب والمسرحيين للاشتغال عليه وبه، قديما وحديثا، عربيا وعالميا، واقعا وخيالا. انطلق الكتاب هنا وهناك يتناولون في موضوعاتهم قضية الحروب في محاولة لفهم التاريخ من خلال الحاضر، فتتشابك الخشبة مع السياسة والصراع والسلطة والنظم العسكرية والقهرية والديكتاتورية.

وقد التقط الكتاب والمسرحيون هذا الخيط لتنطلق إبداعاتهم في شكل تيارات جديدة في الطرح المسرحي – نصوصا وعروضا – تعبر عن قلق الإنسان تجاه منظومة وجوده وأن العالم قد فُرِغ من الرحمة والجدوى وتغير بناء المسرحية المنطقي فيصدم المسرح المتلقي في بؤرة وعيه ويقدم بيكيت رائعته «في انتظار جودو» التي تبين رداءة وضع الإنسان في الوجود، وأنه محكوم عليه في ظل الحرب بالقهر والإهمال واللاجدوى. ويقدم برخت نموذجا لويلات الحروب في قطعته الفريدة «الأم شجاعة» التي تعبر عن صرخة مدوية ضد الحرب أين نحن منها، فتقطع الواقع لتكشف عن غرابته، ففي زمن الحروب تموت الإنسانية وتتجلى عذابات البشر. وتتلاحق الأسئلة الحائزة عن مصير الإنسان، هل هو ضحية ظروف أم صانع هذه الظروف؟ هل فرضت عليه فرضا حتميا فكان الإنسان بطلا تراجيديا يستسلم لقدر عتي لا مهرب منه ولا فكاك؟ هل تكمن الوحشية فيه بالفطرة أم اكتسبها من قسوة الواقع؟ من المستفيد من تصاعد الحروب؟ هل يسعى الإنسان إلى استمرارها لتحقيق مصالح قد تكلفه سعادته الحقيقية؟ وهل من المعقول أن يحتفظ ببراءة فطرية في ظل تسيد قوانين البطش والوحشية.

وفي ضوء موضوع الحرب والمسرح أقدم ثلاث تجارب تعبر عن الواقع الحاضر المعيش:

التجربة الأولى: تجربة السوري محمد العطار بمسرحية «انتجون سورية» التي استوحاها من معاناة الشعب السوري في اللحظة الراهنة، والعرض شهادة المرأة على ويلات الحروب وما تخلفه من انكسارات. والعمل يحكي تجارب عشرين امرأة سورية يحكين بجرأة حكاياتهن مع الاستبداد والتهجير وفقدان الأرض، يعرضن معاناتهم وهن يحملن ثقة بالنفس رغم كل الصعوبات، والعمل يمثل إدانة لما آل إليه حال العالم حين تحول المخيم إلى سجن كبير للنساء.

التجربة الثانية: تجربة الفلسطيني رأفت العايدي لأطفال مدارس غزة، عرض «إجازة صيف غزة» وقد ألبست الحرب الإسرائيلية قطاع غزة حُلة جديدة فانطلق الفنانون يعبرون بكثير من الجماليات والإبداع، يحكي العرض معاناة أهل غزة مع الاحتلال والموت وما تركه من أثر مزدوج من انكسارات وانتصارات.

التجربة الثالثة: تجربة عراقية قام بها طلاب كلية الفنون الجميلة بجامعة الموصل وهو عرض يؤكد البحث عن قيمة الإنسان وسط كل أنواع المعاناة والألم. والعرض قدم في إطار فن المونودراما، ونفذ بتقنيات البانتومايم دون حوار واكتفى بالإشارات والإيماءات الجسدية معبرا عن معاناة الشعب العراقي تحت وطأة الاحتلال الأمريكي الذي حول العراق إلى جحيم المعاناة.
    

ما بعد الحرب .. ذوبان الجليد للبسام والتسامح الكويتي

بقلم: د. محمد زعيمه

قدم المسرح الكويتي عرض ذوبان الجليد في أعقاب التحرير معبرا عن رؤية الفنان الكويتي لمأساة الغزو الغاشم للكويت ، وفي ذات الوقت حمل إعداد سليمان البسام رؤية متسامحة تعبر عن شعب الكويت المتسامح الذى فرق بين صدام والشعب العراقي.

فالموضوع يطرح الإنسان البسيط في المجتمع العراقي بعد غزو العراق للكويت ثم تحريره ليضع مقابلة بين الشعبين العراقي والكويتي والعلاقة بينهما. إنها صورة لمجتمع ما بعد الحرب.

بناء الحدث

تأتي بنية الحدث في ذوبان الجليد معتمدة على تراكم المشاهد من خلال الاعتماد على النص المرتكز عليه هو المذبحة لهاينر موللر. وهو نص يعتمد على «مشاهد قصيرة للأيام القليلة قبيل سقوط الطاغية». (هتلر) وهي بالطبع لحظات درامية تحتل مواقف متكاملة، كل موقف لحظة كاملة بقصته البسيطة، ذلك ما نراه منذ البداية من خلال المشهد الأول الذي يقدم «شقيقين يحكي أحدهما عما دار بينه وبين أخيه الخائن.. الذي انضم إلى الجيش الجمهوري وارتدى قميصهم، وصار عصاة في أيديهم، يرهبون به وبكثيرين غيره شعباً ذاق من الظلم والفقر ما لا يحتمله شعب آخر».

إذن يسعى المعد إلى وضع لوحة تفجر الموقف وتسقط عليه وهي ذات دلالات عديدة خاصة حينما يكون المتصارعون إخوة. ليقترب بذلك وبشكل مباشر من الواقع السياسي والاجتماعي المعيش والعلاقة بين الشعبين الكويتي والعراقي.

واللوحة في الوقت نفسه تدين هذا الأخ الذي انضم إلى الجيش الجمهوري. ويتصاعد الحدث داخل اللوحة حتى نصل في نهايتها إلى موت الأخ الخائن. وبذلك ينتهي موضوع اللوحة.

بينما تأتي اللوحة الثانية في مستوى آخر وتضم رجال الجنود الأمريكيين وهم يتحدثون عن رؤيتهم لهذا الشعب وهي لوحة أيضاً توضح أطماعهم ونظرتهم إلى الشعب العربي كله.

بيد أن هذه اللوحات الخاصة بالأجانب تترابط بشكل خاص مع بعضها بحيث تصبح هناك خطوط أساسية في بنية الدراما تعتمد على خطوط متوازية منها خط الأجانب إضافة إلى خط العرب.

وفي خط الأجانب توضح كل لوحة موقفا ما، لذلك نجد في إحداها سخرية من الأجانب للقضية العربية برمتها بينما نصل في نهاية هذه اللوحات إلى لحظة اكتشاف ممثل الأمم المتحدة المأساة، وخطأ فهم القضية «وهو ما سيؤكده خطاب ممثل الأمم المتحدة الذي سينهيه برغبته في الانتحار لاكتشافه حقيقة الوهم الذي كان يحياه ويسعى إليه».

ساهم في تحرير الشعب من الطاغية، امرأتان إحداهما تنتمي إلى جبهة سياسية ما والأخرى تمثل بعض شركات الأعمال التي ستكلف بإعمار البلاد بعد خرابها أثناء حرب التحرير.

ويأتي ترتيب هذه المشاهد ليكون مبرراً لكشف المفارقة التي لا يعلمها ممثل الأمم المتحدة حيث يكتشف دقائق الأمور. ويكتشف المؤامرة التي تورط وشارك فيها بنفسه ليكون قرار الانتحار قراراً مبرراً.

بيد أن أهم تكنيك لبنية الحدث هو الاعتماد على المزج بين مكانين وبين الخطين الدراميين حيث تأتي لوحة من كل خط في تتال وهو ما يجعلها «قطعات أقرب على القطعات السينمائية (المونتاج) بين الأعلى والأسفل (مكانياً) كما سنرى في العرض وبين أولئك الذين جاءوا من أجل الطعام الباحثين عنه بنهم، الساخرين من كلمات ممثل الأمم المتحدة عن الهدف النبيل وإنقاذ الشعب». حيث تأتي لوحات هؤلاء الأجانب بين لوحات العرب التي تأتي بدورها تحمل أسلوباً ميلودرامياً حيث معاناة الشعب وهو ما تمثله لوحات الجزار وزوجته والزوجة وحيدة في مونولوج مؤثر ميلودرامي ومعبر عما بداخل الشخصية.

حتى نصل إلى اللوحة الأخيرة التي يبحث فيها الجميع عن جثث الأبناء الضحايا والشهداء المدفونين في مقابر جماعية والتي تطرح مأساة حقيقية وتؤكد مشاركة الشعبين العربيين في المأساة من خلال بحث العراقيين والكويتيين في العرض عن مقابر الأبناء والمفقودين.
    

نادرة عمران: الفكرة والنص هما الأرض التي يبنى عليها العمل المسرحي

كتبت: فرح الشمالي

أعربت الفنانة الأردنية نادرة عمران عن سعادتها لحضورها مهرجان الكويت المسرحي. وقالت إنني اشتقت إلى الكويت ولمهرجان المسرح بعد غياب تسع سنوات، وإن كنت أتمنى المشاركة فيه بعمل مسرحي أو بورقة بحث في الندوات التطبيقية التي تقام فيه، وأيضا سعيدة لرؤية التجارب المسرحية الكويتية والخليجية.

وذكرت أن الكويت لها دور ثقافي وداعم للمسرح وأنها بلا شك من الدول الرائدة في المسرح العربي وليس فقط في الخليج، ولا يمكن أن ننسى إصدارها سلسلة «المسرح العالمي» التي ترجم معظمها للغة الأجنبية بدعم من دولة الكويت، ولا ننسى الراحل صقر الرشود وتأثيره في المسرح العربي، والأجيال اللاحقة له، ومنهم القدير فؤاد الشطي.

وعن الحركة المسرحية الكويتية، قالت عمران: المسرح الكويتي من المسارح العريقة في الوطن العربي، ولا شك أن الكويت ساهمت مساهمة فعالة في دفق المسرحي العربي بنصوص عالمية والإصدارات المسرحية بالإضافة إلى التجارب المسرحية المهمة ذات المستوى العالي، وأتمنى من الأجيال المسرحية الجديدة الاطلاع على تجارب الرواد السابقة والاستفادة منها.

وعبرت عمران عن ألمها لحال المسرح الحالي بقولها إنه مخيب للآمال، وقالت: من يطلع على التجارب السابقة ويقارن بينها وبين ما يقدم حاليا من أعمال يقول: كان المسرح العربي بألف خير، فأنا لدي انتقاد حاد للجيل المسرحي الجديد في جميع الدول العربية ولا أحدد الخليج فقط، على ما يبدو يغريهم أكثر المسرح التجريبي ووجود الرقص والتعبير الجسدي أكثر من النص المكتوب والمضمون، وأيضا يغريهم أكثر السيموغرافيا وهذا حقهم المطلق، ولكن من وجهة نظري هذا أفقد المسرح إحدى أهم خواصه ومؤسساته ألا وهو النص العميق القوي بما يحمل من هموم واحتجاجات وأسئلة.

وأضافت عمران: يعتمد المسرح على أهم ثلاثة عناصر وهي: النص، والإخراج، والتمثيل، ومعظم الأعمال المسرحية يكون المخرج هو كاتب ومعد النص، ما يعني أنه هو صاحب الفكرة من الألف إلى الياء، وعندما نقول إن النص من فعل أو ارتكاب المخرج فسيحصر الإخراج في رؤية المخرج الخاصة به وبذلك يذهب عنصران (النص والإخراج) لطرف واحد ويبقى عنصر التمثيل والممثل أساسا تكون خصائصه تحت رقابة المخرج ورؤيته، ما ينتج عنه عمل أحادي وبرؤية أحادية وإن كان يمثل فيه عدد كبير من الممثلين.

وبينت عمران أن المسبب لهذا الخلل هو أن المسرح هو تتمة لبناءات أخرى، فالمسرح هو تكملة لبناء الإنسان، وبناء الإنسان يكتمل من خلال البناء الإنساني والثقافي والحضاري، والوطن العربي لديه مشكلة في البناء الحضاري على الرغم من استخدامنا جميع أدوات التمدن والتكنولوجيا، لكن تبقى العقلية بعيدة جدا عن التقدم، ونتيجة لذلك أصبح المواطن العربي يعاني من شرخ إنساني وارتباك في تعامله مع الحاضر بأدواته وأفكاره وتطلعاته ما ينعكس بشكل كبير على المسرح في كل ما يبعث من فن يكون مربكا لدخول الاستهلاكية والعولمة والتسويق، لذلك أنا أشفق على هذا الجيل والأجيال القادمة، فنحن عاصرنا فنونا جميلة وفنانين عظاما وعباقرة مسرحيين لكنهم اختفوا الآن.
    

أكد أن التكريم حمّله مسؤولية كبيرة

عبدالعزيز الحداد : أحضّر لتقديم مونودراما «فهد العسكر» في أبريل المقبل

كتب: محبوب العبدالله

قال الفنان عبدالعزيز الحداد إنه دخل عروض المسابقة الرسمية في مهرجان الكويت المسرحي الخامس عشر ليس من أجل المنافسة، بل لأن لديه قناعات في هذا الجانب، ومن منطلق أن الوضع يفرض المنافسة التي تبقى بين الممثلين والفنيين والمشاركين في العروض المسرحية، مؤكدا أنها ستكون منافسة شريفة.

دعم الشباب

وصف الحداد المنافسة بين العروض المسرحية بالمسابقة الرسمية في المهرجان بأنها مثل التنافس الموجود في الفصل الدراسي الواحد بالمدرسة، فالطلبة يجتهدون ويبذلون قصارى جهدهم من أجل حصد التفوق، لافتا الى أن دوره كفنان أنه يدعم ويقف مع الطاقات الشابة الواعدة لكي يصلوا إلى طموحاتهم وآمالهم وما يريدون.

مونودارما «فهد العسكر»

حول مشاريعه المسرحية القادمة التي يخطط لها، قال الحداد إن لديه أكثر من مشروع جديد قادم سترسم ملامحه لاحقا، لكن يظل فن المونودراما عشقه في خشبة المسرح، الذي يحرص بين الفترة والأخرى على تقديم تجربة جديدة لجمهوره، ومن هذا المنطلق يحضر خلال الفترة المقبلة لتقديم عمل مسرحي مونودراما بعنوان “فهد العسكر”، وسيعرض في شهر أبريل المقبل.

اعتراف بالعطاء

عن تكريمه في حفل افتتاح مهرجان الكويت المسرحي من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أشاد الحداد بالتكريم الذي يسعده، كونه يشير الى الاعتراف بمجهوده وعطائه الفني، وهو أمر يعتبره طبيعيا لأنه حق الناس عليه كفنان في الساحة الفنية وما يعمله وما يقدمه خلال سنوات طويلة من العمل المتواصل.

مسؤولية كبيرة

وثمن الحداد هذا التكريم، واصفا إياه باللفتة الجميلة، والتي تجعله كفنان يقدم على المزيد من التجارب الفنية مستقبلا، للمساهمة في بذل العطاء والجهد لطرح أعمال مسرحية قادمة، بل إنها تشعره بالرهبة لأنها تحمله المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه في تجسيد تجارب مسرحية ذات قيمة وهدف ومضمون.

سعيد بالتكريم

وتقدم الحداد الى القائمين على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بخالص الشكر والتقدير قائلا: «فعلا سعدت كثيرا بهذا التكريم، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فأنا أشكر كل من أسهم في وضع اسمي ضمن لائحة المكرمين، التي ستكون مشجعة لي على العطاء الفني».

Happy Wheels