النشرة السادسة


 

إضغط هنا لتحميل النشرة السادسة

 

 

في ندوة فكرية تتواصل أعمالها على مدى يومين

نقاشات ورؤى حول دور المسرح في تعزيز الوحدة الوطنية

د. بدر الدويش: المسرح من الركائز التي نعول عليها
في حماية السلوك الاجتماعي من أي أخطار

د. سامي الجمعان: المسرح السعودي لم يتقاعس
عن تأكيد الشعور الجمعي الذي يربط أبناء الوطن

زهراء المنصور: المسرح البحريني لم يبتعد كثيرًا عن دوره الوطني والقومي والعربي منذ تأسيسه

لن نجد فنًا بوسعه تحليق الناس حول الوطن مثل فن المسرح

التشديد على الاهتمام بزرع حب المسرح
المدرسي عند الطفل

 

 

كتب: عماد جمعة
ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي، في دورته السادسة عشرة، انطلقت أعمال الندوة الفكرية التي تستمر على مدى يومين، بحضور نخبة من صفوة المثقفين والمسرحيين الذين يمثلون مختلف أقطار الوطن العربي، وأدارتها الإعلامية أمل عبدالله، وتأتي تحت عنوان «دور المسرح في تعزيز الوحدة الوطنية»، ويشارك فيها نخبة من الباحثين، ففي الجلسة الأولى تشارك زهراء المنصور من البحرين، والدكتور سامي الجمعان من السعودية، وفي الجلسة الثانية توجد أبحاث من الدكتور حسن رشيد من دولة قطر، والدكتور محمد الحبسي من سلطنة عمان، والدكتور فيصل القحطاني من الكويت، ونركز في هذه التغطية على بحثي المنصور والجمعان.                                                                                                                    

كلمة الأمانة العامة
في البداية ألقى الأمين العام المساعد لقطاع الفنون بدر الدويش كلمة الأمانة العامة للمجلس الوطني والتي جاء فيها: يسرني أن أنقل لكم تحيات راعي هذه التظاهرة الثقافية معالي الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب، وتمنياته لندوتكم الكريمة بكل السداد والتوفيق، مرحبا بضيوف الكويت الكرام، ومشيرا إلى أن الندوة تتناول قضية «المسرح وتعزيز الوحدة الوطنية»، آملا أن تسفر عن نتائج إيجابية وتوصيات علمية تساعد على فتح مزيد من الآفاق أمام هذا الموضوع بشكل يتناسب مع المرحلة الراهنة التي تعيشها أمتنا العربية.
وأضاف الدكتور الدويش: المسرح هو الخطاب الفكري المتعمق والسلوك والأنماط الإنسانية المختلفة، والقضايا الثقافية والسياسية والاقتصادية التي تشكل النقش الملون في نسيج الوحدة الوطنية. إن المسرح هو ركيزة من الركائز الأساسية التي نعول عليها في حماية السلوك الاجتماعي من أي أخطار تهدده، كما نعول عليها في ترسيخ مفهوم المواطنة الصالحة لدى أفراد المجتمعات العربية، وفي حمايتهم من الانحرافات والسلوكيات غير الصحيحة.
وأكد الدكتور الدويش أنه لا يختلف اثنان على الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه المسرح في مواجهة الفكر المتطرف، وفي تنمية وتعزيز الانتماء الوطني، وما أحوجنا إلى هذا الدور البناء والفعال، خاصة ونحن في ظل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها وطننا العربي، داعيا رجال الفكر والمسرح والثقافة والأدب، خاصة المعنيين بالحراك المسرحي، إلى تسخير جميع الجهود لخدمة المسرح في مواجهته الحتمية ضد قوة التطرف والإرهاب، والعمل على خلق حالة من الوعي المسرحي لدى الشباب والناشئة بقيمة المواطنة، وبربط المواطن بتاريخ بلاده وتراثه، من خلال تكثيف الفعاليات المسرحية التي تسهم في تنمية فكرهم على أسس منفتحة تحث على قبول الآخر، وإدراك معاني التسامح والمحبة والسلام والتعاون، وكيفية التحرر من ملامح التعصب والتحيز، بجميع أشكاله الحزبية والطائفية والمذهبية والعرقية التي تؤدي إلى إضعاف الانتماء الوطني. ودعا الدويش إلى تقديم ندوات علمية قادرة على استخلاص الدروس والعبر من بعض المجتمعات العربية التي مزقتها الحروب الأهلية بسبب الانقسام والاختلاف في الرأي، والاستفادة من هذه التجارب وتصحيح الأخطاء.
وقائع الندوة
بدأت بعد ذلك وقائع الندوة، حيث عرض الدكتور سامي الجمعان، أستاذ الأدب والنقد المسرحي رئيس قسم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة الملك فيصل، ورقة بحثية تحت عنوان «تعزيز الوحدة الوطنية بين التقليدية والابتكار في تجربة المسرح السعودي» فقال: «لم يتقاعس المسرح السعودي عن دوره في تأكيد الشعور الجمعي الذي يربط أبناء الوطن الواحد وإن تباينت أيديولوجياتهم وتوجهاتهم الفكرية، فقدم المسرحيون عروضهم من أجل تكريس قيم هذه الوحدة ومفاهيمها، معبرين عنها بصور الانتماء للأرض، وعاداتها وتقاليدها، ومقدرات إرثها».
وأشار إلى أنه انتقى للتدليل على هذا التوجه أربعة عروض، تم إخضاعها للدراسة، بهدف فحص آلياتها في معالجة هذه القضية ذات البعد الوطني المحض، فشكلت العروض المدروسة مدونة لهذه المقاربة، وهي على النحو التالي: عرض «الوجيه بن الوجيه»، تأليف علي الغانم حسن الغانم، و«راسك يا وطن» تأليف محمد الحلال، و«كلنا سلمان» تأليف بخيت العامري، و«سيام» تأليف سلطان النوه.
وأضاف الجمعان: انتهت بنا دراسة النماذج الأربعة السابقة إلى محاور ثلاثة، بوسعها أن تضع تصورا شموليا للكيفية التي اتبعها المسرح السعودي في معالجته فكرة الوحدة الوطنية وتعزيز قيمها، فجاء المحور الأول مختصا بمحفزات وجود هذا النوع من العروض المسرحية، والمحور الثاني محددا السمات العامة التي ميّزت هذا النوع من العروض المسرحية، أما المحور الثالث فقد أطر الطرائق التي اقتفاها المسرحيون السعوديون في معالجاتهم تلك. ويقول الجمعان حول محفزات وجود هذا النوع من العروض المسرحية، وهو ما يمكن تسميته بالمسرح المُوَجَّه وهدفه دعوة المواطنين للوحدة الوطنية.
ويلفت الجمعان إلى أن المجتمع السعودي عاش وسط إشكاليات ثلاث هي المناطقية والقبلية والطائفية، واستعرضها كالتالي:
حول قضية التقسيم المناطقي بسبب المساحة الشاسعة للمملكة والقبلية والطائفية تنبه المجتمع السعودي لهذه الأخطار الثلاثة المحدقة به، فسعى إلى التحصين عبر جهود الآلة الإعلامية السعودية التي انتجت البرامج والشعارات والحملات الإعلامية بغرض توعية الشعب وتنويره بتبعاتها، كما أسهم كتاب الرأي في الصحف المحلية، فشحذوا أقلامهم للهدف نفسه، والأدباء في مجالات الشعر والسرد ومختلف أجناس الأدب، أما الفنون ومنها المسرح فقد لعب دوره الخجول في هذا الجانب.
ويتساءل الدكتور الجمعان: كيف عالج المسرحي السعودي تلك المعوقات التي تهدد وحدته الوطنية، وما السبل التي من خلالها عزز هذه الوحدة؟ بعد النظر في النماذج المعروضة بين يدينا، ومحاولة تحليلها، وتصنيفها، انتهى بنا المطاف إلى تحديد جملة من السمات العامة التي صبغت تلك العروض الهادفة إلى غرض تعزيز الوحدة الوطنية، ونعني بهذه السمات، الخصائص المؤتلفة بين مجمل العروض، وفي المقابل استنتجنا كيفيات متباينة في المعالجة.
تقليدية الطرح والمعالجة
وحول تعزيز الوحدة الوطنية بين التقليدية والابتكار في تجربة المسرح السعودي، يقول الجمعان: إن المعالجة التقليدية لإشكاليات الوحدة الوطنية وتعزيزها هي الشكل الأول الذي اتخذه المسرحيون السعوديون، وهو شكل متسم في الغالب الأعم بالمباشرة، وضعف الحس الدرامي؛ وقد اتخذ إطارين: الأول: إطار استثمار شخصيات الرموز الوطنية، عبر استحضار الشخصية ومواقفها وأعمالها ومنجزاتها، ولوحظ في التجربة السعودية حجم استحضار شخصية الملك عبدالعزيز رحمه الله خاصة، وتأكيد دوره في توحيد شتات الجزيرة العربية تحت لواء المملكة العربية السعودية، بعد أن كانت قبائل متفرقة ومتناحرة، وبيئات متعددة وغير متجانسة، مع ملاحظة أن هذا الاستحضار دخل في حيز التكرار، وقلة الابتكار والتطوير، إذا ما استثنينا فن الأوبريت الذي تجاوز المسرح في توظيف شخصية الملك عبد العزيز بوصفه رمزا للوحدة الوطنية.
الثاني: إطار تكريس مفاهيم الوطنية بصورة عامة، ويكثر في العروض المسرحية المدرسية، إذا ما اعتبرنا التعليم ومدارسه حاضنة أولى لمثل هذه العروض المتوجهة صوب تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ مفاهيمها؛ لكن مع وجود التنفيذ الفقير ووجود المباشرة في الطرح، مما يقلل من قوة تأثيرها من جانب؛ ويحد من قوة أثرها المجتمعي كونها تطرح في حدود المدرسة.
ويخلص الدكتور سامى الجمعان إلى أن المسرح في المملكة العربية السعودية حاول وسعى واجتهد لتعزيز الوطنية، وتأكيد وحدتها، بيد أن العطاء أقل من الطموح، والتأثير أقل من الممكن، والصورة لاتزال غير مكتملة في الدور المنتظر من المسرحي بوصفه مشعل تنوير، وشمعة ضوء.
المسرح البحريني
وتحت عنوان إعادة تفكيك السؤال في التجربة المسرحية البحرينية ما بعد 2011 قدمت الباحثة زهراء المنصور ورقتها البحثية المتسقة مع عنوان الندوة وهو دور المسرح في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث تقول: المسرح في البحرين منذ تأسيسه لم يبتعد كثيرا عن دوره الوطني والقومي والعربي في عرض القضايا المصيرية الكبرى لشعور القائمين عليه بأن هذا الدور هو المناط به، كواحد من الأفعال الثقافية المهمة حتى من غير قصد ضمني - وكممارسة فنية، بالإضافة إلى الدور الاجتماعي، كان هناك الدور السياسي المرتبط بالأحداث داخل الوطن الصغير وخارجه. لذلك لا يمكن النأي عن المسرح واعتباره وسيلة تسلية أو تفريج وحسب، بل إنه أدى دورا كبيرا تحريضيا وتوجيهيا أدى إلى تصادم بين المسرحيين وأجهزة الأمن، ولنا من تجارب المسرحيين البحرينيين شواهد ممن لاتزال ذاكرتهم مملوءة بهذه الحكايات التي شكلت جزءا من شخصياتهم الفنية، وشكلت أيضا منعطفا مهما في الحركة المسرحية البحرينية. لكن السؤال الذي لا إجابة محددة له: هل يحفظ المسرح البحريني تحديدا تاريخ الثورات/ التمرد سلبا أو إيجابا؟
المسرح أبو الفنون
وتحاول الباحثة المنصور في ورقتها اثارة الاسئلة التي تدعونا إلى التفكير والبحث أكثر من الحصول على الاجابات السهلة المستهلكة فتحت عنوان الدخول إلى بوابات الدهشة.. والمسرح أبو الفنون تقول المنصور: يواكب المسرح في البلدان النشطة ثقافيا الأحداث الكبيرة، في الانعطافات التي تشهدها خريطة الوطن العربي فقد دعت كل الفنون، وناصرت أو خالفت أو حتى واكبت المتغيرات السياسية، أو حملت «تيمات» الوطن/ الوطنية/ الثورة/ الحروب/ السلام، مثل روايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، أو الأغاني الثورية لكبار المطربين: فيروز وأم كلثوم وعبدالحليم وأغاني الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، والمسرحيات في سورية وتونس ومصر والعراق ولبنان لسعد الدين وهبة والماغوط وعزالدين قنون والرحابنة وأسماء كثيرة أخرى لا تعد – ولا أحصرها في الأسماء السابقة - مؤثرة بالتأكيد، قدمت ما يثري المسرح العربي بكل ما يتعلق بالوطن، ولا شك أن أغلب هذه الأعمال الفنية مازالت راسخة في الذاكرة الجمعية للجمهور الذي يتلقى هذه الأعمال بلهفة المتفرج الذي يرى علاج جرحه المفتوح!.
المسرح مرآة المجتمع
وتحت عنوان «المسرح مرآة المجتمع: قول مألوف وقصور في التطبيق»، تقول الباحثة في العروض المسرحية التي قدمت بعد أزمة 2011 في البحرين، أنها تحاكي مفهوم الوحدة الوطنية بالشكل الذي فهمه القائمون عليه، من دون الأخذ بدور المسرح التنويري في بث الوعي بشكل مدروس لجمهور واع، ولا تعجز وسائل التواصل الحديثة التي خلقت العولمة وجعلت العالم قرية صغيرة عن إفساح المجال لمشاهدة ما يريد ومن كل العالم، فماذا ستكون الحال إذا كانت القضية مشابهة للقضية المحلية؟
وتضيف المنصور: ولأننا نفكك معا دور المسرح الذي ننتمي إليه جميعا، ويهمنا أن يكون له الشأن الذي وجد لأجله، لا بد أن نضع أيدينا على الجرح مباشرة ونبدأ بعلاجه ورأب الصدع الذي يتحول مع مرور الوقت إلى بعد حقيقي، ليس من صالح المسرح/ المسرحيين، ولا المجتمع الذي ينتمي إليه. ولأنه لا يمكن للوحدة الوطنية أن تؤخذ على جرعة واحدة، ولا بحسب إرشادات جهات عليا، ولأن دور المسرح غير مناط بفئة عمرية أو تقسيم جندري أو غير ذلك، فلا بد للمسرح من البدء مع الطفل نواة المجتمعات، إذا أردنا وضع منهجية حقيقية تنمو وتكبر مع الأطفال. ويؤكد متخصصون عديدون في مسرح الطفل عن الدور الذي يضطلع به المسرح في بناء الشخصية والسلوك ومساهمته في إنماء الروح الوطنية لدى الأطفال بالتدرج، وكجزء أساسي من القيم التي يكتسبها من ممارسة المسرح. ويشار أيضا في هذا المسرح إلى أهمية أن يجبل الطفل على موضوع الشريك في الوطن المغاير له في الدين أو المذهب أو اللغة أو أي انتماء مختلف عن انتمائه وإذا استطعنا اجتياز الممر الأول من هذه المهمة، واستمر مسرح الطفل ومن قبله المسرح المدرسي في ترسيخ ثقافة الوحدة الوطنية، سيكون من اليسير جدا أن تدخل هذه المفردة في الجامعة وعبر مؤسسات المجتمع المدني التي تدخل المسارح من ضمنها، ولأنها منطلقة من المجتمع وله، لذلك يمكنها التأثير فيهم بشكل تدريجي مقنع وليس بشكل سريع مستعجل وقصير المدى. ومع الاستمرارية التي ننادي دائما بها للمسرح، يمكن أن يتحول إلى عادة محمودة نبث فيها ومنها الوحدة الوطنية ومعانٍ كثيرة وجديدة وإيجابية من هذا المنبر المسموع وأكثر.
وفى نهاية ورقتها البحثية قدمت الباحثة عددا من التوصيات، حيث قالت فيها:
- لكي يكون المسرح مؤثرا، يجب استثمار الخطاب المسرحي في الحث على توحيد الصف والالتفات على القضايا الوطنية المشتركة لمصلحة كل الأطراف، وذلك عن طريق إعادة صياغة كل الأدبيات المتصلة بحفظ الوحدة الوطنية والمساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات، مما سينعكس على العرض المسرحي الذي سيعكس الواقع ومن السهولة أن يصدقه المتلقون ويؤمنون به.
- التشديد على الاهتمام بزرع حب المسرح للطفل منذ الصغر، والاهتمام بالمسرح المدرسي الذي لو تم العمل عليه بشكل صحيح، لأمكن تجنب الكثير من ويلات التطرف والخضوع للصوت غير المعتدل من الدينيين والسياسيين وغيرهم، وسيحصد المجتمع كله.
- دعوة المختصين «المحايدين» إلى تفعيل أنشطة وبرامج مسرحية مكثفة، تكون نتائجها وتوصياتها قيد التنفيذ الإلزامي على مدد زمنية مدروسة، ولا تطلق للعبث الإداري أو لمزاجية المسؤول الرسمي، فحاجة المجتمع أن يكون على تماس مباشر بالمسرح أهم من توجه التعيينات الرسمية.
- إتاحة الفرصة الكاملة أمام الأفكار الإبداعية وتحسين الرسالة الإعلامية، عبر ترك التشبث بالبيروقراطية والأساليب الكلاسيكية في الطرح، واستغلال سقف الحرية الممنوح لأقصى حد، من دون الدخول في المباشرة والتلقين اللذين ينقصان من قيمة أي عمل فني.
المداخلات
افتتح الكاتب والمخرج غنام غنام باب المداخلات مشيدا بعنوان الندوة وأهميتها، مؤكدا أن المسرح كان يقوم بهذا الدور الوطني طوال تاريخه قبل أن يصبح رسميا وتعمل المؤسسات الرسمية على جعله منزوع الدسم، فأوجدت أوطانا بلا معان ولا ألوان في أذهان المواطنين، فأصبح الوطن مقرونا بالشخص الذي يحكمه وتحول إلى وطن مناسبات فغابت الهوية الوطنية وانتشرت النزعة الانعزالية، فكل قطر يتحدث عن نفسه وبمعزل عن الآخرين، مضيفا أن الوحدة تتم ليس بالمعنى السياسي لأن الشعوب لن تتفق على موقف سياسي واحد والوحدة الحقيقية في الجمال والمعاني الإنسانية والبناء الايجابي، لافتا إلى أن الورقتين قدمتا أعمالا ايجابية فعندما نتكتل بكل طوائفنا تحت أغنية فيروز «شادي» و«شمس الأصيل» لأم كلثوم فهذه وحدة، ولن تكون هناك وحدة بالمفهوم السياسي، ولذلك أدعو إلى الاهتمام بالجوانب الجمالية والفكرية، لافتا إلى اهتمامهم بالهيئة العربية للمسرح بتنشئة جيل جديد ديموقراطي ويحب المسرح وقادر على التعبير عن رأيه بصراحه لأنه حينما يحميك وطنك بصرف النظر عن موقفك يزداد انتماؤك.
وأشارت الدكتورة صوفيا عباس إلى أن عنوان الندوة يسير في طريق فيما العروض داخل المهرجان تسير في طريق آخر، متمنية أن تتوافق العروض مع عناوين الندوات، حتى يكون هناك إلحاح على الفكرة وترسيخها.
المخرج محمد عبد الرسول أكد على توافر الوحدة الوطنية في الكويت، ضاربا المثل بالزيارة التي قام بها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد، عندما حدث تفجير مسجد الصادق، وقال «هذولا عيالي»، فوئد الفتنة في مهدها، مشيرا إلى أن المسرح سيتطور بطرح الفكر لتعزيز هذه الوحدة الوطنية.
مؤامرة غربية
الكاتب والناقد حسام عبدالهادي أشار إلى بعض الحروف التي بث الغرب سمومه من خلالها وهي «س – ش» أي سني وشيعي و«م – م» أي مسلم ومسيحي و«ع – ل» أي علماني وليبرالي، وقبل عام 2000 لم نكن نسمع عن هذه الحروف، وهذه المصطلحات تعتبر قنبلة موقوته ومؤامرة من الغرب على العرب لمحو ثقافتنا وهويتنا باعتبارنا جنسا تجب إبادته، وهذه الفرقة الوطنية كانت بعيدة عنا منذ ما يقرب من 800 سنة عندما جاء صلاح الدين ورسخ التفاهم بين المسلم والمسيحي وعلى الأعمال المسرحية التفاعل لوأد هذه المؤامرة.
وقال الناقد مرزوق بشير، من قطر، نعم يمكن للمسرح أن يكون له دور في تعزيز الوحدة الوطنية بسيطرته ودهشته دون الوقوع في المباشرة؛ لأن المسرح يرصد الظواهر الاجتماعية بلغة الكتابة الدرامية لنرى قضايانا داخل العرض المسرحي فدوره إثارة الوعي. ويعترض بشير على مقولة المسرح مرآة للمجتمع، مؤكدا أنه كاللوحة الفنية التي يصوغها الفنان بأبعاد مختلفة فالمسرح لا يكرر المجتمع.
غياب المسرح المدرسي
ويقول عمر غباش، رئيس صندوق التكافل الاجتماعي، إنه من المفروض أن يكون لكل فنان حس وطني، ومن البديهي بعدها أن يأتي العمل الوطني في سياق العمل المسرحي، من دون أن يفرض ذلك عليه بشكل مباشر وسمج، ثم يضيف غباش: نحن كفرق مسرحية في الوطن العربي لا نحصل على أي دعم مادي أو معنوي وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، ومسألة الأدلجة والاتجاهات السياسية هي خارج نطاق المسرح أصلا؛ لأن العمل الفني يقدم للجمهور إذا كانت فيه رسالة أو أحاسيس وطنية. وأشار إلى ما ورد في بحث زهراء المنصور عن استخدام اللغة العربية وأهميتها في زرع الحس الوطني، مؤكدا أهمية وجود ذلك في المناهج التعليمية التي خلت الآن من المنهج الوطني حتى المسرح المدرسي فقد في معظم الدول العربية في الوقت اذي كان يجب أن يكون مشروعنا لتنشئة الطفل على حب المسرح.
التيارات التقدمية والظلامية
ويقول الكاتب والمسرحي يوسف الحمدان من البحرين عنوان الندوة يشى بعناوين كثيرة ومتعددة، فالورقتان البحثيتان تفتحان أبواب لأسئلة أخرى ربما تغاير ما قدم والسؤال عندما نتحدث عن الوطنية فهل نتحدث عنها كمصطلح أو تاريخ أو واقع معيش، وهل توجد فرق مسرحية بالمعنى الذي نطمح إليه ثم يطرح الحمدان سؤالا ثانيا، وهو ونحن في ظل جحيم الإرهاب أصبح الخطاب متغيرا فهناك مسرحيون استغلوا المسرح وروجوا للطائفية، وهذه مشكلة في مسرحنا العربي، ثم يقول الفرق في السبعينيات كانت تتماهى مع تيارات تقدمية تساندها فكان للمسرح دور حقيقي، والآن سادت التيارات الظلامية التي تدعو إلى تمزيق الوحدة الوطنية والعروض المقدمة ما هو هاجسها الذي يحكمها هل هو مناسباتي أو هاجس وطني، والسؤال: هل يستطيع المسرح مواجهة هذا الغول من التيارات الظلامية؟ أعتقد أنها مسألة صعبة ما لم تكن هناك فرق قادرة من خلال أفكارها التنويرية.
وطالب الدكتور محمود سعيد رجال المسرح، في مداخلته، بالكف عن ترديد مقولة قدرة المسرح في تعزيز الوحدة الوطنية؛ لأن رجال المسرح أنفسهم في حاجة للمصالحة مع النفس أولا، فعليهم أن يتخلوا عن النرجسية ويبدأوا بأنفسهم.
ويقول عصام الجاسم، من السودان، إن المسرحي تورط منذ الستينيات في هذا الهاجس السياسي، ولذلك ظل المسرح يدور في فلك الرموز التي يقدمها، فيما هناك الكثير من الأمور التي يمكن للمسرح أن يناقشها. وقال إن النماذج الأربعة التي قدمها الدكتور سامي تقدم مفهوم الوطنية بالمفهوم السياسي.
لكل زمان قضيته
ويقول الأديب والكاتب الدكتور خليفة الوقيان: في كل مرحلة تاريخية تتقدم قضية وتتراجع أخرى، ففي الأربعينيات والخمسينيات كانت قضية التحرر الوطني، فالمسرح احتشد خلف هذه الفكرة، وفي الستينيات نشأ الهم القومي فأصبح هم الفنانين تحقيق التنمية والوحدة العربية، وفي مرحلة لاحقة كانت الصحوة الإسلامية ثم كان تيار الغلو، فمشكلة الوحدة الوطنية أنها مرتبطة بالغلو وإلغاء مفهوم الوطن لدى المنتمين لهذه الصحوة أو التيار، ويوجد أناس متفقون معهم في الرأي من أقطار أخرى، فالمشكلة أننا نبحث في النتائج، فيما يجب علينا البحث في الجذور، وبالتالي على المسرحيين معالجة الجذور والأسباب وليس النتائج الأسباب في فكرة الغلو الذي ألغى فكرة مفهوم الوطنية فالمسرح يستطيع أن يفعل شيئا في هذا المجال.
مسرح الطفل
أما الدكتورة كافية رمضان فعرجت على دور مسرح الطفل في التنوير، وكونه قضية أساسية وقوة ناعمة، لكن للأسف سيطر عليه الطابع التجاري، فمسرح الطفل في الكويت تكاد لا تجد نصا تحترمه في الوقت الذي نريد من المسرح قيادة المجتمع لا نجد من يتولى رعاية المبدعين الحقيقيين، وهم موجودون في كل الأقطار العربية فالمسألة تحتاج لإعادة تفكير وعناية بمسرح الطفل، مؤكدة على دور المجالس الوطنية في تبني الإبداع وتوجيهه.
وفي مداخلته يطرح المسرحي موسى زينل، من قطر، تساؤلا: هل مثل هذه القضية مطروحة في الثقافات الأخرى، أم نحن العرب يجب أن نسيس كل شيء، فالمسرح له أدوار معروفة عبر التاريخ ليس من بينها السياسة مباشرة، وأغلب المتحدثين تكلموا سياسة، وليس مسرحا وثقافة. فدور المسرح التنوير وتعلية القيم الإنسانية بالضرورة... إذا تحققت هذه الأمور ستؤدي إلى وحدة وطنية.

 

مسرحية المنطاد .. تطلق رسالة تحذيرية: «نحن معلقون بين الأرض والسماء»!
الديكور عبَّر عن سيطرة أصحاب الأموال على الإنسان الفقير

الممثل خالد الثويني مفاجأة العرض بحضوره الكوميدي القوي                                                                                    

كتب: فادي عبدالله
قدمت فرقة الجيل الواعي، مساء أمس، العرض الرابع في المسابقة الرسمية تحت عنوان «المنطاد»، من تأليف د. حسين المسلم وإخراج علي العلي.
يتناول العرض سقوط المنطاد في إحدى المناطق، حيث كان المليادير العم «أبو هامور» يريد القيام بجولة حول العالم، رغم أن حالته الصحية تتطلب زرع كلية، ولديه أيضا تهتك في الكبد، والمتبرع موجود، ويرافقه الطبيب الجراح د. غازي، في هذه الرحلة، ومعه الممرض ومرافق العم.
تزداد حالة العم سوءا، ما يتطلب التصرف السريع، فيقوم الطبيب باتصالاته لجلب وحدة طبية متنقلة إلى موقع سقوط المنطاد ومعها المتبرع، الذي يحلم بصرف المليون دينار على علاج ابنته حنان، وأن يتصرف في بقية المبلغ في شراء عدد من العقارات، لكن يبقى أمامه مزيد من الاجراءات الاحترازية والفحوص الطبية، بيد أن تلك العطسة، أفسدت حلمه، وأدت إلى إدخاله الحجر الصحي والعزل التام، للاشتباه في إصابته بأنفلونزا الخنازير، وبالتالي لن يتمكن من تحقيق حلمه بعلاج ابنته.
ترتب على ذلك خطة أخرى، وهي البحث عن شخص آخر مناسب، عن طريق أخذ العينات من الجميع، لمعرفة من هو الأنسب كي يمنح العم أبو هامور كليته، فأتت نتيجة المختبر محددة الشخص المطابق، كابتن المنطاد، وتتم مقايضة القائدة على فص من كبدها بنصف مليون دينار، وهي بدورها تشير إلى أن كليتها ضعيفة جدا، ولا تعمل جيدا، والأخرى سليمة، توافق على العملية.
يمارس الطبيب الجراح خداعه، ويجري العملية ليسرق الكلية السليمة ويزرعها للعم أبو هامور؛ لأن حالته الصحية متدهورة بسبب كليته.
تفيق كابتن المنطاد بعد العملية، وتسيطر عليها الآلام الموجعة، فيعترف لها الطبيب بأنه أخذ كليتها السليمة، وأنه سيعالج ما حدث بالحصول على متبرع يمنحها كليته، وبكفالة مدتها 10 سنوات، كما أن العم أبو هامور سيزيدها نصف مليون دينار.
تحاسبه على حنثه بقسمه، بأنها ستكون في أيد أمينة، لكنه تسبب في قتلها، بسبب سرقة كليتها السليمة، فتطلق صرخة كبيرة قائلة: «لقد سرقوا كل شيء، ولم يتركوا لنا شيئا، أكلتوا لحمنا، وسرقوا أعضاءنا، حسبي الله ونعم الوكيل فيكم»، والأبناء سيغدون يتامى من جراء بيع كلية مسروقة، إنها نذالة كبيرة.
نص العرض قدم ثيمة تتحدث عن سطوة المال والجشع في المجتمعات راهنا، من خلال «العم أبو هامور»، والهامور نوع من السمك، لكنه يرمز إلى الرجل الثري صاحب الأموال والنفوذ.
قدّم الديكور البسيط بالتناغم مع المؤثرات البصرية دلالات ورموزا جمة لقضية العرض، ألا وهي الاستغلال وسيطرة أصحاب الأموال من خلال ممارسات جشعة على الإنسان الفقير، ففي المنظر الجداري الضخم، الذي توسطه رأس إنسان مشوهة، تخرج من البيوت المحطمة، نتيجة النزاعات البشرية والحروب، وضحايا تلك الحروب من مشردين وأيتام ومضطهدين. كما يظهر من الفم «العم أبو هامور» الذي ابتلع كل شيء.
كما استخدم المخرج تقنية خيال الظل في مشهد إجراء العملية، مع الإضاءة الحمراء دلالة على جريمة سرقة كلية قائدة المنطاد.
استعان المخرج بفرقة موسيقية وغناء حي، وقد وفق في توظيف الأغاني بالعرض، التي عبرت عن كل موقف، حينما استخدمت أغنية «يا معيريس عين الله تراك»، وهي من أغاني الزفة الكويتية الشهيرة مرتين: الأولى في زفة المتبرع أبو حنان الذي جاء ليتبرع بكليته ليحصل على المليون، والثانية عندما حصل العم أبو هامور على كلية قائدة المنطاد وأنقذ نفسه من الخطر.
أما الاستعانة بفن النهمة (نوع من الغناء البحري) في نهاية العرض، فقد جاءت في موقعها موجهة رسالة العمل، بقول النهام: «خلك حذر يا صاحبي لا تسكن الزلات، ولا تصير مثل الذي ما ينعرف حاله، ما بين أرض وسما متعلقة أحواله، يمكن يضيع منه العقل وما يميز أفعاله... هل تدري يا صويحبي، معنى تكون إنسان؟ ومعنى تحس بالغير، وتهمك أحواله... وردد أنا إنسان... آه على الإنسان».
أما بالنسبة إلى الأداء التمثيلي، فقد كان مفاجأة العرض الحضور الكوميدي القوي للممثل خالد الثويني في شخصية الممرض، وحمد أشكناني في شخصية أبو حنان، وإبراهيم الشيخلي في دور الطبيب، وتميز الممثلة أحلام حسن في شخصية كابتن المنطاد في المشهد الأخير.
يبقى أن نقول: إن المخرج علي العلي استطاع أن يقدم عملا متكاملا ومتناغما، نوعه كوميديا سوداء.
فريق «المنطاد»

التأليف: د. حسين المسلم.
الإخراج: علي العلي.
التمثيل: أحلام حسن، وخالد الثويني، ومبارك الرندي، وإبراهيم الشيخلي، وحمد أشكناني، وعصام الكاظمي.
المخرج المساعد والمؤثرات الصوتية والموسيقى الحية: هاني عبدالصمد. مساعد المخرج: مصطفى عبدالصمد.
مصمم الإضاءة: فهد المذن.
مصمم ومنفذ الديكور: حسن النجادة.
منفذ الديكور: عبد الرضا الصالح.

في ندوة تطبيقية أعقبت العرض

«المنطاد» .. كوميديا الجشع السوداء                                         

طارق جمال: عرض خفيف الظل عميق المعنى

علي العلي: المسرح يحمل رسالة لا تصل إذا غابت عنه المتعة

كتبت: سماح جمال
ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي في دورته السادسة عشرة، أقيمت الندوة التطبيقية لعرض «المنطاد» لفرقة الجيل الواعي، وبدأت بمداخلة المعقب الرئيسي للعرض الدكتور طارق جمال، فقال: نحن امام عرض خفيف الظل عميق المعنى، ناقش القضايا السوداوية المطروحة في اطار كوميدي، فناقش مجموعة من القضايا المعاصرة لسطوة رأس المال، واسم العرض «المنطاد» الذي يعتبر وسيلة نقل عاجزة تحكمها سرعة الرياح واتجاهها، ولا يمكن السيطرة عليها، فوفق الظروف يتم تحريكها والتحكم فيها، وهنا تساؤل: ماذا لو سقط هذا المنطاد وهو الذي حدث، وهل تضحية الانسان بكل شيء من اجل انقاذ شخص عزيز عليه، ومحاولة انقاذ رأس المال بكل السبل، وكذلك تطرق النص الى فكرة قطع صلة الرحم بين الأسر اليوم، وبات الأخ لا يعرف اشقاءه، بل وقد تصل به الحال الى قتله من اجل المحافظة على رأس المال.
وأكمل قائلا: كما جاءت رمزية الجمجمة والبيت المهدم إلى الانسان الميت في حياته، وما يخرج من هذا الحطام، وهو الشخص«الهاموري» الذي يسيطر على كل شيء، كما تعرضت المسرحية لما هو اعمق، وهو ضمير الطبيب وأخلاق المهنة والقسم الذي يقسمه للمحافظة على مرضاه، ولكنني هنا اختلف مع المخرج في توظيف الأغنية التي قدمها في النهاية، فجاءت لتضعف الأثر الدرامي، وكانت مليئة بالمواعظ، خاصة بعد موت البطلة، وكأنها لتطيل العرض، وفي النهاية اشكر المجهود الذي قدم لعرض جميل وبسيط.

المداخلات
وبعد ذلك بدأت المداخلات والبداية كانت، مع الدكتور محمد الحسبي، فقال: من الجميل ان يكون هناك انسان قادر على التخلي عن اغلى ما عنده من اجل ان يعيش غيره بسلام وأمان، واستخدام المنطاد بواقعية والرمزية أراد بها المخرج وصناع العمل رمزية السقوط، ونحن نتحدث عن واقعية الخشبة وأشلاء الديكور على الخشبة، وأرى ان القضية التي طرحت جميلة ولكنها استُهلكت في الجزء الأول، وإدخال الكوميديا أمر جميل، ولكننا كنا في حاجة إلى تركيز اكثر بالشكل الانساني، كما ان استخدام الفرقة الشعبية كان مقحما على العمل.
ومن جانبه، قال المخرج والصحافي محمد عبد الرسول: الإضاءة طغت على الديكور، وسبق ان شاهدنا اعمالا عربية واجنبية تتحدث عن بيع الاعضاء، وكمشاهد وليس كأكاديمي استمتعت بالعرض، خاصة بتواجد الممثلين، وبرغم كون الفنانة احلام حسن متمكنة ولكنها كانت هنا «أوفر»، ونعلم ان المخرج علي العلي اراد ان يضع بصمته في العمل وأيضا على اساتذته المشاركين فيه معه.

مسرح كبير
وبدوره، قال الدكتور حسام عبدالهادي: المسرح رسالة الى جانب المتعة، وواقع ينقل ما نعيشه، وكما تقول المقولة الشهيرة «وما الدنيا الا مسرح كبير، وما المسرح الا دنيا صغيرة»، وصحيح ان المنطاد معلق ولكن يتحكم فيه من يقوده، وشاهدنا عملا يحمل كوميديا سوداء وفكرة رأس المال، وسلطته الحاكمة بعدما بات المال هو المتحكم في مجرى الامور، وكيف ان هناك اليوم زيادة في الفقراء والمحتاجين والمهمشين، صحيح ان فكرة بيع الاعضاء قدمت من قبل في اعمال اخرى ولكنني تمنيت لو طرحت بشكل جديد، والممثلون كانوا جيدين في العرض، ولعل افضلهم حمد اشكناني، ولكن الفنانة احلام حسن كانت متفوقة من قبل الا انها هنا كانت تعاني من غياب الوعي الحسي في الاداء، وهذا افقدها الكثير، كما ان دخول الموسيقى حول العرض الى «فرح بلدي».
وقال الدكتور محمود سعيد: العمل اشتغل على الواقع العربي ومتغيراته، وكانت هناك اكثر من دلالة، والفنانة احلام حسن ظهرت في ثوب بسيط، وعملت على الكوميديا السوداء.
اما عدنان صالح، فقال: القضية سبق طرحها في عدد من الأعمال، وتمنيت لو انها قدمت بطريقة اخرى، وأخذ الجانب الايجابي منها، خاصة مع وجود جمعيات خاصة بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

الفكرة جميلة
وقال عمر غباش: الفكرة جميلة وانسانية، ولكن في ناحية العرض المخرج جنح الى الجانب التجاري، خاصة مع دخول المعرس، ولو كان هذا المشهد اختصر لكان افضل، ومشاهدة العرض جعلتنا نستذكر اعمالا اخرى سبق أن شاهدناها. كما ان وقوف الفنانة احلام حسن من على السرير بعد اجراء عملية نقل كلى كان اشبه بمشهد كرتوني.
وقال الصحافي عبدالمحسن الشمري: أعتقد ان نجاح العرض هو استفزازه للجمهور من خلال طرح الاسئلة، وهذا في حد ذاته نجاح للنص المسرحي الذي يجعل كل فرد يقرأ النص بطريقته الخاصة، ويوجد جهد مبذول في العرض، والفنان حمد اشكناني ارى انه بما قدمه اليوم يعتبر نجما مسرحيا من طراز اول، بتقديمه الكوميديا السوداء، والفنانة احلام حسن قدمت دورا قصيرا نسبيا، وكان بمثابة تحد وقد نجحت فيه.
وتحدث عبدالله غلوم، قائلا: كنت اتمنى مشاهدة عمل انساني اقوى مما شاهدته، فصحيح انني كمشاهد ضحكت وبكيت وأشكر هنا فرقة الجيل الواعي، ولكن لو لم تغلب الكوميديا على العرض لكان العمل مختلفا.
وعبر الفنانة القدير جاسم النبهان عن اعجابه بالعمل، فقال: هذا النوع من الأعمال ليس للنخبة فقط، ولو عرض على خشبة مسرح كيفان فسيحقق النجاح المطلوب.

أحترم الآراء
وفي الختام تحدث المخرج علي العلي، فقال: في البداية احب ان اوصل رسالة الدكتور حسين المسلم الذي منعه عارض صحي من حضور العرض اليوم، وحول ما دار في الندوة اليوم... احترم كل الآراء التي قيلت وسآخذها بعين الاعتبار في القادم، واذا اعدت تقديم العرض فسيكون مختلفا، لأنني في النهاية اريد تنمية العرض وتطويره.
وأكمل العلي: كان عندي دائما تساؤل: كيف ان كل شيء في هذه الحياة تزداد قيمته الا الانسان تقل قيمته مع الوقت، وما يهم هو رأس المال، من دون حتى التوقف عند الاخلاق او القيم، وحرصنا على تقديمها بطريقة «شر البلية ما يضحك».
وعن الموسيقى التي قدمت، قال: دائما ما احرص على تقديم موسيقى انسانية بعيدا عن القوميات، وكانت في نفس الوقت فرصة للتعرف على موروثنا الفني بألوان غنائية مثل «عاشوري، بحري، السنجي»، ولكن ما المانع من توظيف فن من فنوننا على الخشبة؟ وأستغرب من الذين قالوا مسرح جماهيري ومسرح تجاري، فبالنسبة لي المسرح هو المسرح بغض النظر عن التصنيفات، وفي النهاية المسرح يحمل رسالة لا تصل اذا غابت عنه المتعة. وشخصيا كانت مشاركتي في مهرجان بعمل كوميدي هو في حد ذاته امر جديد، كما ان الفنانة احلام حسن استطاعت تقديم اداء مغاير بطريقة السهل الممتنع.


المسرح وتعزيز مفهوم الوحدة الوطنية

«س. ش»، «س. ش. ك»، «م. م»، «ع. ل»، هذه الرموز التي ترمز إلى طوائف وفئات مجتمعاتنا العربية، من المحيط إلى الخليج، لم نكن نسمع عنها من قبل، ولم يحدث بينها - في يوم من الأيام - أي فرقة مجتمعية، أو تفرقة عنصرية، أو غير عنصرية، وكنا نعيش ونتعايش معا في سلام وأمان وطمأنينة، فلم نكن نعرف فرقا بين «السني والشيعي» ولا بين «السني والشيعي والكردي»، ولا «المسلم والمسيحي»، ولا «العلماني والليبرالي» في حياتنا، بل كنا جميعا نسيجا واحدا، كما الوحدة الاندماجية الواحدة، وكأسنان المشط، لا فرق بين مواطن وآخر إلا بما قدم لوطنه من إنجازات حقيقية تعمل على رفعة شأن الوطن ونهضته وتقدمه.                                                                                                                        
ما نراه الآن، في مجتمعاتنا العربية، بسبب تشرذمها وبث الفرقة بين أبنائها خارج نطاق العقل، وهو الأمر الذي أصبح جديدا علينا، وتحديدا مع دخول الألفية الثالثة وبداية العولمة، وهي المؤامرة التي نجح فيها الغرب – للأسف – لطمس هويتنا، والقضاء على عروبتنا ووحدة صفنا، بحجة أن الجنس العربي يجب أن يُباد، ولا مكان له معهم على الأرض، يا لها من أنانية وحماقة، ويا له من استسلام وخنوع منا كعرب، نقف نشاهد ما يحدث لنا ونحن مكتوفي الأيدي غير قادرين على الدفاع عن هويتنا وعروبتنا ومكانتنا المتجذرة في الأرض بعمق التاريخ، فنحن أقدم الحضارات وأروعها، ونحن الذين صدرنا حضارتنا للعالم كله في عصوره الظلامية منذ أكثر من 400 سنة، وفي النهاية نكون نحن – للأسف – الضحية.
لقد قال الغرب كلمته حينما أعلن أن حربه علينا لن تكلفه فيما بعد – أي بعد العولمة - طلقة واحدة أو جنديا واحدا، وسيتركنا نحن أمة العرب نحارب أنفسنا بأنفسنا، من خلال زرع الفتن والضغائن والحقد والكراهية، وهو ما فعله حقا بتفرقة شعوبنا تحت مسميات الحروب الطائفية التي نجحت في تحقيق المؤامرة الغربية ضدنا.
عندما كنا وحدة واحدة، وكلنا على قلب رجل واحد، في فترات الخمسينيات والستينيات، لم يستطع الغرب الاقتراب منا لأنه كان يعلم جيدا مدى قوتنا وقتها، وهو الطريق الذي قادنا إلى نصر 1973 العظيم.
كل هذا لم يكن من فراغ، بل كان نتاج إبداع جيد، سواء كان مسرحا أو سينما أو غناء أو حتى تلفزيون، مع بداية ظهوره في أوائل الستينيات، وكانت الأعمال التي تقدم لنا تعمل على اتساع رقعة تفكيرنا وزيادة درجة الوعي ورفع ترمومتر الوطنية. كانت أعمالا لا تساهم في تقسيم المجتمع العربي، ولا تفتته، بل كانت تجمعنا على المحبة والرقى، فكم فعلت فينا «أم كلثوم» عندما كان الوطن العربي يجتمع على صوتها في الخميس الأول من كل شهر؟ وكم فعل الفيلم المصري الذي كان ومازال يسمى الفيلم العربي في شعوبنا العربية إلى يومنا هذا – باستثناء فترات الهلس السينمائي؟! وكم فعلت فينا المسرحية التي قادها الزعيم «جمال عبدالناصر» وحث على خروجها للنور على يد «عبدالرحمن الشرقاوي» و«نعمان عاشور» و«سعد الدين وهبة» لزيادة وعي المجتمع؟! وكم فعلت فينا أغاني «فيروز» و«عبدالحليم حافظ» وغيرهما... كل هذه الفنون والإبداعات الجيدة كان الحصن الحصين لحماية المواطن العربي من الفتنة الطائفية وزيادة حصانته من الوحدة الوطنية.
الآن علينا جميعا التكاتف لنستعيد مكانتنا وهويتنا وإبداعاتنا التي كادت تضيع، ولو لم ننتبه لذلك جيدا سنعطي الفرصة لمن يريد أن ينال منا أن ينجح في مؤامرته، سواء كان عدوا داخليا أو خارجيا، ولنبدأ بالمسرح «أبو الفنون» فهو كما يقال: «وما الدنيا إلا مسرح كبير وما المسرح إلا دنيا صغيرة»، فدور المسرح مهم جدا في المرحلة القادمة لحماية الوطن العربي الكبير من يد العبث والطغيان والأنانية.. فالوطن ليس فقط مجرد كيان نعيش فيه، وإنما هو كيان يعيش فينا.


أكد سعادته بتكريمه بعد رحلة علاجه الطويلة

خالد العقروقة: الفنانون الكويتيون مختلفون ..
لا أحد ينكر ريادتنا

                                                                                                  
كتبت: سماح جمال
«هالو بانكوك»، و«الكرة مدورة»، و«شيكات بدون رصيد»، و«وراهم وراهم»، و«لولاكي»، و«طاح مخروش»، و«شربكه دربكه»، و«مصاص الدماء»، و«هذا ولدنا»، و«الود ده كويتي»، و«ليلى والعملاق»، و«عايلة بوعبود»... وغيرها الكثير من البصمات المسرحية، ومجموعة من الأعمال الدرامية التي تركت بصمتها في تاريخ الفن الكويتي، قدمها الفنان القدير خالد العقروقة «ولد الديرة»، على مدار سنوات حياته الفنية، وجاء اختيار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتكريمه مع كوكبة من الفنانين والمثقفين، في هذا التوقيت الخاص بالنسبة له، بعد عودته أخيرا من رحلة علاج امتدت سنوات خارج الكويت، فبين فرحة بالتكريم والمهرجانات والفن بالكويت تحدث العقروقة.
في البداية كشف الفنان القدير خالد العقروقة – ولد الديرة – عن أنه تلقى خبر تكريمه ضمن المكرمين في مهرجان الكويت المسرحي بدورته السادسة عشرة من خلال اتصال هاتفي من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. مضيفا أن هذا التكريم هو الأول له بعد عودته من رحلة العلاج الطويلة له خارج الكويت، وأعرب عن شكره الجميع لاهتمامهم واحتفائهم به.
وأكمل العقروقة: سعيد بأنهم يذكرون الفنانين والعاملين بالوسط الفني في المهرجانات بالكويت، وأشكر المسؤولين، وعلى رأسهم وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، خاصة انه انسان نشيط ويحب الفن.
وأكد العقروقة ريادة الكويت للفنون في منطقة الخليج، فقال: الفنانون الكويتيون مختلفون، مع كل احترامي لزملائنا في الخليج، ولكن خفة الدم والكوميديا في الكويت، ولا أحد ينكر ريادتنا للمنطقة في الفنون، وهذا ليس كلامنا نحن فقط، بل كلام وشهادة حتى زملائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعترفون به ولا أحد يشكك به.
«ولد الديرة» شخصية مرحة يحب المرح وعمل المقالب، لديه خفة دم تدعوه ليمزح مع ذاته إن لم يجد من يمزج معه، وهو محب للبسطاء من الناس، يكره النفاق والمجاملات، وتستهويه قراءة الشعر وسماع الموسيقى، ويعشق البر والبحر معا، فيهوى الحداق والمقناص، كما أنه محب للسياحة والسفر، ويعشق الأكلات البحرية، خصوصا مطبق الزبيدي.
في العام 2009 اقتحمه المرض اللعين، وهو في أوج توهجه الفني، حيث أصيب بسرطان القولون، وقد صابر وكافح المرض حتى من الله عليه بالشفاء وعاد إلى وطنه في العام 2015.
وكما عهدناه صاحب ضحكة، ارتسمت على محياه لدى رؤيته مستقبليه في أرض مطار الكويت الذي شهد حشودا كثيفة من جمهوره الوفي من مواطنين ومقيمين.
خالد عاشق يهيم متيما بحب الديرة، حيث كان خالد ولد الديرة ابن الوطن وطفل الديرة المدلل.. وحشت الدار يا خالد.. وحشت الديرة يا ولد الديرة.

من أعماله المسرحية:
هلو بانكوك – الكرة مدورة – شيكات بدون رصيد – لولاكي 1 – وراهم وراهم – بشت المدير – الود ده كويتي – أشباح أم علي – من حبنا لها – ليلى والعملاق وغيرها.

من أعماله التلفزيونية:
العقاب – خالف تعرف – وحيد المخبرين – وتبقى الجذور – صالح تحت التدريب – لعبة كبار – خال الحكم – رجل سنة 60 - وأعمال أخرى.

Happy Wheels