النشرة السابعة


 

اضغط هنا لتحميل النشرة السابعة

 

في ختام أعمال الندوة الفكرية
«المسرح وتعزيز الوحدة الوطنية»:
على المسرح أن يلعب دوره التنويري
ويؤدي رسالته على كل الأصعدة



د. محمد الحبسي: يجب ألا يقتصر دور المسرح على أيام المهرجانات والمناسبات فقط

د. حسن رشيد: المسرحان الخليجي والعربي لم يستسلما للواقع المترهل

د. فيصل القحطاني: نحتاج إلى مسرحيات تعزز وحدتنا الوطنية وألا تكون رد فعل لحدث معين

كتب: عماد جمعة
تواصلت أعمال الندوة الفكرية لليوم الثاني على التوالي والتي تناقش دور المسرح وتعزيز الوحدة الوطنية بمشاركة نخبة متميزة من المسرحيين الذين يشاركون بأوراق بحثية في هذه الندوة.
وكانت جلسة الأمس ناقشت بحثي د. سامي الجمعان من السعودية والباحثة زهراء المنصور من البحرين، واليوم ناقشت الندوة أبحاث د. حسـن رشيـد من قطـر ود.محمد الحبسي من سلطنة عمان ود.فيصل القحطاني من الكويت، وفي السطور التالية نتطرق لهذه الأبحاث بشيء من التفصيل ونلقي الضوء على أهم ما جاء فيها:
المسرح والوحدة الوطنية
في البداية، تحدث الباحث والناقد القطري د. حسن رشيد في ورقته البحثية التي تأتي تحت عنوان «المسرح والوحدة الوطنية» والتي استعرض فيها نماذج لعدد من الأعمال والكتاب ليؤكد أنه بمقدور المسرح سواء في الإطار الكوميدي أو التراجيدي أداء دور مؤثر عبر كشف قوى الظلام والدعوة إلى خلق عوالم أكثر تسامحا بعيدا عن الدعوات المرتبطة بالمصالح الفردية أو الجماعية، لكن هذا الأمر في حاجة إلى الأمن والحرية والاستقرار وتقبل الآخر، خصوصا أن هناك من يزكي التفرقة بين صفوفنا ويضع مصالحه فوق مصالح الأمة، نعم نحن نواجه وفي كل الأقطار الأخطار التي تحدق بنا، ونحن لسنا بعيدين عن الصراعات الدولية والمصالح الأجنبية والصراعات الإقليمية ونشر الأفكار والمعتقدات، وهناك من لا يؤمن برأي الآخر، والاختلاف في الرأي قد يؤدي إلى نتائج وخيمة.
وتابع د. رشيد: إن المسرحين الخليجي والعربي لم يستسلما للواقع، وإن كان المسرح قد أصيب بالترهل، ولكن المؤمنين بدور وأهمية المسرح يحاولون العمل من أجل مسرح عربي يؤدي دوره على أكمل صورة في مواجهة كل ما يتعرض له.
وأضاف أن خلق خلخلة بين أبناء الوطن الواحد قد فشلت لأن أبناء هذه المنطقة يرفضون كل ما هو بعيد عن أمن وسلامة دول المنطقة، إذن على المسرح أن يلعب دوره التنويري في هذه المرحلة وأن يؤدي رسالته عبر كل الأطر، المسرح المدرسي والجامعي وفرق الهواة، وان يدعم الجميع المسرح عبر كل المؤسسات الحكومية والخاصة، لأن الغزو الخارجي والمُحمّل بالأفكار البعيدة يحاول زعزعة الوحدة الوطنية.
ثم يقول د. رشيد: نعم للمسرح صوت.. وللمبدع دور في خلق وشائج مع الواقع المعيش عبر العمل على استحضار النماذج التي تؤدي إلى التلاحم وعدم الصمت والسكوت على كل ما من شأنه أن يغلف المجتمع بكل ما هو غير سويّ.. لقد شاهدنا العديد من الأعمال التي شكلت صرخة احتجاج على الواقع العربي سواء ما عرت مظاهر الاستبداد.. استبداد السلطة وغياب الديموقراطية وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بعض البلدان العربية، حتى قيام إطار الرأسمالية المستغلة والدعوة إلى الإصلاح السياسي الحقيقي ومحاربة الفساد بأي شكل كان ومحاربة تسييس الدين وغلبة المصالح الشخصية على مصالح المجتمع والوطن ونبذ العنف والإرهاب لأن هذا مع الأسف قد أدى إلى تدخل الآخر والطامع في ثرواتنا وتفكك اللحمة بين أبناء المنطقة، فالكاتب بمقدوره أن يحمل مشعل الإنارة ويؤدي دوره، ولا أعتقد أن هناك فنا أكثر تأثيرا من المسرح في الجموع.. نظرا لوجود علاقة مباشرة بين المرسل والمتلقي ولأن المتلقي دائما هو الشريك المباشر في اللعبة المسرحية.
المسرح القطري
من جانبه، يؤكد الباحث والناقد د. محمد الحبسي في ورقته البحثية على أن الفنون، ومنها المسرح، يجب أن تكون حريصة على الاستمرار في تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية وليس فقط الاقتصار على المناسبات والأعياد أو عندما يحدث حدث أو متغير مجتمعي فجأة. بل لا بد أن يكون المسرح رابطا قويا لتحقيق الانتماء للوطن وتعزيز هذه الوحدة من خلال العروض والنصوص المسرحية، وهذا يجب غرسه في فكر وعقل المواطن والمحب للوطن منذ طفولته مرورا بالمراحل الدراسية وخاصة المراحل المدرسية الأولى ومن خلال عدة برامج كتطبيق مسرحة المناهج الدراسية التي في جزء من مناهجها دروس وأناشيد وقصائد وطنية وأخرى من التاريخ والتراث والموروث الشعبي التي لا بد أن يعرفها الطالب بأنها جزء لا يتجزأ من روح الانتماء للوطن، إلى جانب ممارسة النشاط المسرحي في المدرسة والذي يجب أن يكون جزء منه أعمالا ومسرحيات ذات علاقة بتعزيز الوحدة الوطنية. إن حب الوطن والتشجيع على الوحدة والاتحاد قوة لا يجب أن تكون مجرد شعارات نرددها ولكن يجب أن تكون قناعات ندرك مضامينها ومعانيها.
أوبريتات ومسرحيات
وتابع: في هذا السياق ومن خلال متابعتنا للمشهد المسرحي العماني، ومن خلال المهرجانات المسرحية الدورية والسنوية نلاحظ أن بعض الفرق تحاول تقديم أعمال مسرحية تدور مواضيعها أو جزء منها في هذا الإطار وبعدة أساليب وخاصة الرمزية منها مع اللجوء أحيانا إلى المسرحيات العربية والعالمية، هذا إلى جانب ما تقوم به مختلف المؤسسات في السلطنة من احتفالات بالمناسبات الوطنية سواء على شكل أوبريتات أو مسرحيات وبما تتضمنه من قصائد وأشعار وكلمات وفلكلور شعبي يساهم في تعزيز هذا المفهوم الوطني.
وختم بقوله: فالأوطان تحتاج من أبنائها الكثير لأن الوطن هو الأم الحانية، والإنسان بلا وطن كالجسد بلا روح، فلا بد أن نكون مخلصين في كتاباتنا تجاه الوطن والمحافظة على وحدته، وكما يقال «أعطني مسرحا... أعطك شعبا مثقفا»... ونحن نكمل «... أعطك شعبا مثقفا ووطنيا».
الخطاب المسرحي الكويتي
ومن الأوراق البحثية أيضا المشاركة في هذه الندوة ورقة د. فيصل القحطاني أستاذ الدراما ورئيس قسم التلفزيون بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث يتطرق بحثه إلى «الوحدة الوطنية في الخطاب المسرحي الكويتي»، حيث يقول في ورقته إن بحثه يسعى لتسليط الضوء على أبرز الأعمال المسرحية التي ظهرت في أوقات حرجة ومفصلية، خصوصا أن الأحداث التي صاحبتها رفعت وتيرة الحس باللحمة الوطنية. وتحت عناوين عريضة يتحدث القحطاني محللا ورقته البحثية مثل الخطاب المسرحي وتصدير العنوان والكشف عن فحوى الخطاب والخطاب المسرحي وتقنيات الكتابة والشكل الفني في المسرحيات، مستشهدا بعدد من العروض.
ويختتم د. القحطاني بحثه قائلا: إننا بلا شك، نحتاج في جميع أوقاتنا لمثل هذه المسرحيات التي تعزز من وحدتنا الوطنية، والأهم هنا ألا تكون هذه المسرحية مرتبطة بحدث بعينه فتخرج إلينا بصورة رد فعل ليس إلا، بل نحتاج لمسرح يستطيع أن يدرس الماضي ويعيش الحاضر ويستشرف المستقبل، وهذا لن يتحقق إلا بتضافر الجهود الفنية والرسمية. وكما هو راسخ في المجتمع الفني الكويتي، فإن الفنان والكاتب الكويتي لا يتوانيان في تقديم تلك النوعية من الأعمال المسرحية التي من شأنها أن تعزز من مفهوم الوحدة الوطنية في المجتمع، تلك الأعمال التي تكتب خصيصاً للوطن، وليست تلك الأعمال التي تقحم القضية الوطنية في جملتها بغرض رفع شأن العمل، وصبغه بمضمون فكري لا يمت له بصلة، والحقيقة أن قلة هذه الأعمال يعود إلى عدم وجود دعم للفنان والكاتب، فالمحفز الوطني موجود، إلا أنها القدرة الإنتاجية وما لها من تأثير على العمل، هي العائق الأكبر أمام تحقيق هذا الهدف.
وختم د. القحطاني: أوصي بتخصيص دورة خاصة من دورات المهرجان ليكون عنوانها (تعزيز الوحدة الوطنية) حيث سيكون لها الأثر الأكبر على كل من الفنان والمجتمع، كما ستساهم مثل هذه الفعالية في طرح نماذج للنقاد لدراستها دراسة وافية ومعرفة ملامحها الفنية.
المداخلات
بدأت المداخلات بالإعلامية أمل عبدالله، حيث أشارت إلى أن البحوث فيها جدل كبير، وأنها كانت تتمنى أن يكون عنوان الندوة «الحفاظ على الهوية الوطنية»، لأن الوطن معزز في سلوكياتنا، طارحة تساؤلا: كيف نحافظ على الوطن العربي المفكك، لغة وحدودا، وتتصارع فيه القبلية والفئوية، وسط اضطرابات. وتوجهت بحديثها الى الدكتور محمد الحبسي، مؤكدة أن معارض الكتب تعج بطوابير تصطف للحصول على رواية مهلهلة وليست ذات قيمة، فيما المسرح تقهقر ولا يصل إلا بجهود المخلصين، لافتة إلى أن كتابات مثل «دقت الساعة» وغيرها كانت بنت لحظتها، وهذه الأعمال كتبت بعد أحداث وظروف دعت إلى كتابتها؛ لأن المؤلف استشعر ببواعث قوية حتى يكتب مطالبة المبدع بمواكبة الوطن في سلمه وحربه، بدون المؤثرات التي تطرأ عليه. الإعلامي والناقد حسام عبدالهادي أكد عدم وجود المسرح ما لم يكن هناك جمهور، ولن يوجد الجمهور إلا إذا توافرت لديه لقمة عيش كريمة، والوعي والذوق العام لن يتوافرا إلا إذا ارتقينا بالتعليم، وأدت الأسرة دورها، وهذا ما نفتقده في وطننا العربي، فالتعليم في حالة يرثى لها، ويلهث الناس وراء لقمة العيش، فعلين إعادة بناء المنظومة الاجتماعية من جديد، وترسخ الأسرة مفاهيم الوطنية، متمنيا أن تشمل الأبحاث الدول العربية كلها وألا تقتصر على دول الخليج فقط.
وقال الكاتب المسرحي صالح العامري إن هناك هلامية في الطرح، ومباشرة لدى بعض الكتاب، وإنه ليست هناك بوصلة لقيادة المسرح، لافتا إلى أن الأوراق خلت من العمق.
وأكد الدكتور سامي الجمعان أن الحالة العمانية متفردة في الخليج العربي، من حيث عدم وجود الطائفية، رغم تعدد المذاهب، فهي الأكثر تسامحا. ويتساءل الجمعان: لماذا كثرت العروض العمانية التي تصب في خانة الوحدة الوطنية؟ ثم توجه بسؤال إلى الدكتور حسن رشيد: ما موقف الشباب من فكرة تعزيز الوحدة الوطنية، ألا يوجد شباب نماذج تضاف إلى الفنان غانم السليطي، وهل هناك وعي لدى الشباب بهذا الجانب؟
صقر الرشود
وقال المسرحي يوسف الحمدان: إن هناك مشكلة لو حاولنا تقصي كلمة الوحدة الوطنية العربية في نصوص وعروض الكتاب والمخرجين لأن الكتابة أفقها مفتوح، وتتجاوز حدود التصنيف، مثل القومية والعربية. لافتا إلى بعض تجارب الراحل صقر الرشود التي تناولت القضايا الوطنية، فالهم العربي كان موجودا، خاصة القضية الفلسطينية، فهمنا كان واحدا، وهو تحريرها... الآن القضية خطيرة، فعدوك لم يعد إسرائيل فقط، بل العدو في الداخل معك في وطنك. وتساءل الحمدان: هل الكاتب موجه فنحن من دون أن نعي نعمل على توجيه الكاتب، فالوحدة العربية والقومية هم تتقاطع معه فنون كثيرة.  وقال الحمدان: إن الدكتور رشيد اتكأ على غانم السليطي، وتجاهل تجربة حمد الرميحي، وهو من أهم من كتب النص المسرحي القطري، وكان يجب الوقوف عند أعماله، فهل يمكن تجاوز هذا النموذج؟
الدكتور محمود سعيد قال إن الأوراق البحثية الخمس افتقدت التحليل الكامل لأحد النصوص المسرحية، والتي تتطرق إلى قضية الوحدة الوطنية، فالأوراق قيمة لكنها تحتاج إلى مثل هذا التحليل الكامل. وأثنى على رصد الدكتور فيصل القحطاني ووصفه بالواعي، وأن اختياره  «حامي الديار» و«دقت الساعة» كان اختيارا موفقا، مختتما أن الأبحاث لم تشبع نهمه العلمي.
وأكدت الأستاذة شادية زيتون ثراء الأوراق البحثية، مضيفة أنها لم تشعر بإلقائها الضوء على فئة الشباب لترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية لديهم، بالرغم من أن الشباب يشكلون اليوم الشريحة الأكبر في مجتمعاتنا، ويجب تأهيلهم تأهيلا متوازنا في وجه التطرف والرؤى الفكرية. ولأن المسرح فعل مجتمعي يسهم في إصلاح وتقويم الخلل في مؤسسات الدولة عليه أن يتناول القضايا الإنسانية في مختلف العروض المسرحية، وغرس قيم السلام والمحبة من منطلق إنساني وليس مذهبي أو طائفي. مؤكدة أنه لن يكون للمسرح دور مؤثر ما لم يكن هناك احترام للرأي الآخر والقيم وترسيخ مفهوم الإنسانية على مر الزمن.
المخرج محمد عبد الرسول قال إن لنا مناهجنا في الكويت، فمادة الدستور تدرس من رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية لتعزيز الوحدة الوطنية، وتوجه بسؤال إلى الدكتور حسن رشيد: هل السخرية هي المحرك الأساسي في القضايا الوطنية؟ كما سأل الدكتور القحطاني: هل الوحدة الوطنية فقط هي جزء من الدولة أو الوطن العربي ككل؟
قراءة ومراجعة
وأكد المخرج منقذ السريع أن عنوان الندوة كان يحتاج إلى قراءة ومراجعة، لكن هذا جزء من توجه الدولة إلى تعزيز فكرة الوحدة الوطنية، ولكن السؤال: هل الوحدة الوطنية خاصة بكل قطر عربي أم أنها في إطارها القومي، وهل سيكتب الكاتب بإيعاز من النظام السياسي، أم يكتب بحرية عندما يستشعر الخطر على وطنه؟ فالكاتب يجب أن يكون حرا، وأكد أنه لو توافرت الديموقراطية والحرية الكاملة فسوف نرى إبداعا مسرحيا ينمي الحس الوطني، ولن تتحقق الوحدة ما لم تتحقق مع الديموقراطية ثقافة غير شكلية في وطننا العربي.
غباش والحمر
وتساءل المسرحي عمر غباش: لماذا تجاهلت اللجنة المنظمة دولة الامارات، فإذا كانت الندوة موجهة للعالم العربي ككل ربما وجدنا العذر لكن كونها تقتصر على دول الخليج، فلماذا غابت الإمارات؟ لا أدري ربما تكون اللجنة تحدثت مع أي شخص من دون علمنا، لكن نود معرفة ما حدث لأن لدينا تجارب كثيرة.
ورد مدير المهرجان صالح الحمر على هذا التساؤل بأنه تم الاتصال بالأستاذ ناجي الحاي، وتم طرح فكرة الندوة عليه، على أن يسلم بحثه في موعد محدد حتى تمكن طباعته، واعتذر وقام بالتأجيل عدة مرات، وفي نهاية المطاف أغلق تلفونه ولم يعد يرد علينا، فالتقصير منه هو وليس من اللجنة المنظمة.
 وفي مداخلته قال الكاتب الكبير عبدالعزيز السريع: في ظني أن العنوان ملتبس، متسائلا: كيف يوجه كاتب لكتابة أبحاث تحت هذا العنوان، فهل الكاتب يتم توجيهه ليتحدث عن الوحدة الوطنية؟ في اعتقادي أنه لا يوجد شيء اسمه تعزيز الوحدة الوطنية، فالمسرح فن حر طليق، والكاتب يكتب كما يشاء، والمخرج يبدع كيفما يريد، لنرى فنا وإبداعا... فالمسرح ليست له علاقة بالتوجيه السياسي، فالعنوان كان بحاجة إلى أن يُفهَم بشكل جيد.
 التعقيب
وفي التعقيب رد الدكتور حسن رشيد على ما طرحته الإعلامية أمل عبدالله حول المسرح المدرسي، وأكد أن الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة تبنى مشروعا كبيرا لإحياء المسرح المدرسي مرة أخرى في كل العواصم العربية، فهناك تحرك حقيقي لإحياء المسرح المدرسي، والقاسمي رافد مهم لتحريك المياه الراكدة، وداعم حقيقي للأجيال القادمة.
كما رد الدكتور رشيد على الدكتور سامي الجمعان بأن هناك مجموعة كبيرة من الشباب، ولهم مقترحاتهم وتجاربهم، وقال ردا على يوسف الحمدان: قدمت أعمالا لها همٌ قومي، وحمد الرميحي له أعمال متميزة، مثل «أبو حيان التوحيدي». وقال لمحمد عبد الرسول: إن السخرية جزء من الواقع.
وفي تعقيبه رد الدكتور محمد الحبسي على أمل عبدالله: أتفق معك على أن هناك شراء لروايات وقصص في المعارض، لكن السؤال: هل تحمل مثل هذه المضامين التي نطالب بها في المسرح. مؤكدا أنهم صادقون فيما يقدمونه في المسرح العماني ومواكبون لما يحدث، وهو منظومة للحفاظ على أوطاننا. وقال الحبسي: أتفق مع الكاتب عبدالعزيز السريع في عدم توجيه الكاتب إلا في المناسبات الوطنية فقط؛ لأننا يجب ان نكون صادقين فيما نكتبه.
وقال الدكتور فيصل القحطاني: أشكر الجميع على مداخلاتهم القيمة، وأتفق مع المخرج منقذ السريع والكاتب عبدالعزيز السريع في أن العنوان ملتبس ومربك، وأعتقد أنه أربك كل الباحثين المشاركين. وقال: لا نتحدث عما يكتبه الكاتب أو توجيهه، فعبد الأمير التركي لم يوجهه أحد، وكذلك بدر محارب، هما تفاعلا مع الأحداث، فهذه الحالات موجودة ونطرحها، ثم قال: البحث في أوراق معدودة، وبالتالي لا بد أن يكون هناك قصور؛ لأنه مجرد إشارات لعناوين كبيرة، لأننا لا نستطيع ان نقول كل شيء في هذه العجالة.


النص اعتمد
على تيمة الثنائيات..
«الحياة والموت» و«القوة والضعف»


«القلعة»

تتناول قضية انتهاك الإنسان للإنسانية

السينوغرافيا المبهرة بطلة العرض..
والسلمان يعود متألقًا إلى المسرح النوعي

كتب: فادي عبدالله
قدمت فرقة المسرح الكويتي مساء أمس العرض الخامس في المسابقة الرسمية للمهرجان، تحت عنوان «القلعة» تأليف عبد الأمير شمخي وإخراج علي الحسيني.
هذا العمل يعد التعاون الثاني بين الكاتب والمخرج المسرحي العراقي عبدالأمير شمخي وفرقة المسرح الكويتي، بعد مسرحية «الهشيم» التي أخرجها فيصل العميري وحصلت على الجائزة الكبرى وهي أفضل عرض متكامل في الدورة الثامنة من عمر المهرجان عام 2005، إضافة إلى جائزتي أفضل إخراج وإضاءة. كما أخرج عبدالعزيز صفر نصاً لشمخي بعنوان «نساء بلا ملامح» عام 2008 مع فرقة مسرح الشباب في الدورة العاشرة، وللكاتب مسرحيات أخرى منها «معطف الأمير» و«أكون».
نأتي إلى عرض «القلعة» الذي يعتمد على تيمة الثنائيات الحياة والموت، الحب والكراهية، القوة والضعف، المقبرة والجنائن المعلقة، من خلال لقاء شخصين يقومان برحلة تسودها الفواجع إلى مدينة لم يعد لها وجود، والقلعة التي تحطمت فيها الذوات، ومورست فيها أبشع أنواع قمع الإنسان،وحب الذات الذي أدى إلى إلغاء الآخر من قبل أي رمز للسلطة أو حتى المسؤول.
لقد تفجرت ثنائيات كثيرة في هذا العمل وعبّرت عن نفسها من خلال التقنيات الفنية المسرحية التي رسخت نوعا من المفارقات التي تعيشها شخصيات المسرحيّة الأول والآخر، وهو ما دعمته عناصر السينوغرافيا.
يقول مؤلف النص: «وجدت بين الأنقاض مذياعاً قديماً ميتاً، حركته بقدمي، فعاد ينشد أغاني الموت، فيالها من نتائج خاسرة».
ركز العرض على أن الخسارة الحقيقية تكمن في ان يخسر الإنسان إنسانيته، ومعنى هذا انه يكون قد فقد مقوما مهما بحياته وبوجوده، وبمعنى آخر يكون قد فقد شعوره وإحساسه بأنه إنسان وأصبح انتماؤه ليس للمجتمع البشري أو الإنساني بل للمجتمع الحيواني بكل المقاييس.
ولكن يبقى السؤال المطروح والأهم في نص العرض: ما الذي يجعل الإنسان يفقد إنسانيته ويتخلى عنها ويقبل بأن يتحول إلى وحش مفترس؟ وبكلام أدق ما الذي يجبر الإنسان على اختيار ألقاب أخرى تتنافى مع إنسانيته وتجعله يصبح بالانتماء تابعا إلى مجموعة الحيوانات المفترسة. ليس مستغرباً أن يطلق عليه حيوان مفترس، إذا ما جرت مقارنة أفعال ذلك الشرير والحاقد من قتل وسفك للدماء مع أفعال الحيوانات المفترسة. وهذا اسقاط على ما يحدث من قبل الجماعات المتطرفة من قتل الأبرياء من الناس بوحشية وسفك الدماء.. إنها قضية انتهاك الإنسان لإنسانية الإنسان.. والقضايا كبيرة ومؤلمة ومثيرة للسخط، وليس أدلّ على ذلك من أنهار الدم التي تجري في وطننا العربي.
احتوى العرض على مشاهد بصرية ممتعة، من خلال سينوغرافيا مدروسة بدقة، وهي بطلة العرض الفعلي، في مشهد السيارة وتحركها وصولاً إلى انفصال مقعدي السائق ومرافقه إثر العاصفة، والانتقال إلى المقبرة، حيث تحولت المقابر في الانكشاف الأخير إلى أسرة مستشفى الأمراض العقلية أو النفسية.
لم يخل العرض من بعض الهنات، لعل أهمها هبوط الإيقاع في فترات زمنية متفاوتة، والذي يخلق الإحساس بمرور الزمن بلا جدوى وبالملل، وهذا الخلل كان بالإمكان تلافيه، حتى لا يؤثر على الإيقاع العام للعمل.
على مستوى التمثيل، نجد الفنان القدير أحمد السلمان يعود إلى خشبة المسرح النوعي بقوة وبلياقة عالية جداً، وبأداء متقن يستحق عليه الثناء لتميزه رغم ابتعاده لفترة طويلة عن المشاركة في المهرجانات. أما الفنان فيصل العميري، فلم يكن محافظاً على أدائه التمثيلي المتمايز طوال العرض، حيث أمتعنا في بعض المواقف، خاصة في غنائه لقصيدة «قد ضاقت الأرض» للشاعر الكويتي سامي القريني التي تشرح المعاناة بسبب الطمع والجشع، وفي أوقات أخرى قدم أداءً اشتطاطيا.
يبقى أن نقول إننا استمتعنا بجماليات عرض «القلعة» للمخرج علي الحسيني، وبسينوغرافيا راقية وجميلة.

فريق العمل:

تأليف: عبد الأمير شمخي. إخراج: علي الحسيني. تمثيل: أحمد السلمان، فيصل العميري. مصمم الديكور: محمد الرباح. مصمم الإضاءة: فيصل العبيد. مصمم الأزياء: هبة الصانع. موسيقى ومؤثرات صوتية: محمد الزنكوي. شعر: سامي القريني. مهندس التقنيات: بدر منصور. فني صوت: أحمد الدبوس. تدقيق لغوي: خالد المفيدي. فريق التقنيات: عبدالعزيز العبيد، عبدالرحمن السلمان، محمد الحسيني. مدير إدارة الإنتاج: مهدي السلمان. إدارة الإنتاج: عبدالصمد الشطي، فاضل السلمان.




«القلعة» ... عبقرية وتفرد

د. جاسم الغيث: عمل طليعي عرضًا ونصًا ويحمل صبغة معاصرة

عبد الأمير شمخي: كان هناك حس عاطفي يسرق أي ممثل

علي الحسيني: تحدثتُ على الخشبة عن شيء اختلج في صدري سنوات

كتبت: سماح جمال
 شهدت الندوة التطبيقية لمسرحية «القلعة» التي قدمها المسرح الكويتي ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي بدورته السادسة عشرة، تفاعلا كبيرا من الحضور والمعقبين وإجماعا شبه تام على «عبقرية وتفرد العرض».
بدأت الندوة التي أدارها الزميل عبدالستار ناجي بحديث المعقب الرئيسي، الدكتور جاسم الغيث الذي قال: المسرحية هي عمل طليعي عرضا ونصا، ويحمل صبغة العمل المعاصر، ويعكس مأساة إنسانية، إذا أمعنا فيها النظر فسنجد واقع الإنسان المعاصر في القرن الـ 21. وكي نستطيع قراءة شفرة العرض المسرحي لا بد أن نركز على جدلية البناء والهدم في العرض المسرحي، والحياة التي مثلها العرض ليست إلا حلما خادعا، والبشر فيها ما هم إلا أطياف حتى لو كانوا كيانا ماديا، يقضون عقوبة الحياة في نزعة مادية، ويبقى حلم الفقراء والبسطاء في الوطن الذي احتلته العناكب أمام تناقضات، ورمزية الأم هي الماضي والجذور التي يرفضها الحاضر، ولا يولد النور من الظلمة التي لا تولد مشروعا إنسانيا، وكل النهايات ستكون خاسرة.
وتابع: بدايةً، العرض المسرحي ينطلق من ماضٍ إلى الحلم، ويبقى العرض مرتكزا على ثنائية الحياة والموت، وكانت هناك مرونة في الأزمنة بالعرض، ولسان حال سينوغرافية العرض يقول: ارفع الشخصيات لنراها ونفسرها.
وواصل: الإخراج المسرحي تضمن جرأة من قبل المخرج، الذي قدم نصا طبيعيا بمعطيات معاصرة، واستخدم تنوعا مسرحيا، إلى جانب توزيع المؤثرات السمعية والبصرية التي أثرت الأداء الدرامي. أما الممثلان أحمد السلمان وفيصل العميري فقدما أداءً تمثيليا مميزا.

المداخلات
وبدأت المداخلات من الحضور مع الدكتور محمد الحسيني، فقال: جميل أن نرى عملا تكتمل فيه عناصر العمل الفني والنص والإخراج، وخاطب العرض الإنسان في هذا الزمن، وتحولت الخشبة إلى عدة خشبات، ساهم في ذلك كل من شارك في العرض، وربما تكون هناك ملاحظة سلبية، وهي الأداء الأوبرالي الذي لو خفف منه في بعض المقاطع لكان أجود عمل مكتمل العناصر.
من ناحيته، قال الأستاذ حسام عبدالهادي: هذا العرض لا يستحق أن يعرض في الكويت فقط، بل يجب عرضه في كل مسارح العالم، وأشد على يد المخرج الذي تلبسه عفريت المسرح، وكان الأداء التمثيلي عبقريا ويستحق التقدير، وملحوظتي على العرض هي مع السقوط وانهيار الإنسان كان يفترض تثبيت الإضاءة في مواجهة الجمهور، وربما هذا جعل الجمهور ينفصل عن الإحساس.
في السياق ذاته، قالت الأستاذة سعاد الرئيسي: إن المخرج علي الحسيني أجبرني على أن أعتلي المنصة للتعقيب، والنص كان من الذوق الرفيع ويتبوأ مكانة عالية، ولم أشهد منذ فترة عرضا كهذا متميزا من ناحية الديكور والإضاءة والنجوم وكل فريق العمل.
ومن زاويته اتفق الأستاذ محمد عبدالرسول مع المداخلات السابقة وأشاد بالعمل، مؤكدا أن فرقة المسرح الكويتي قدمت عرضا بمجهود العاملين، وهم خريجو المعهد العالي للفنون المسرحية، الذين قدموا عملا أمتعنا على صعيد اللغة العربية ولغة الجسد التي تحدث بها الفنانون.
ورأى الدكتور محمود سعيد أن مهرجان الكويت المسرحي بدأ اليوم عرض «القلعة»، وقال: الإضاءة صُممت بلغة شاعرية، والشخصيتان الرئيسيتان في العرض كانتا بالنسبة إليه شخصية واحدة انشطرت نتيجة الصراع.
في هذا الإطار اعتبر الدكتور مهنا الرشيد أن استهلال العرض كان ناجحا، ووضعنا امام توقعات أعلى فيما بعد، ولكن بعد ذلك انخفض العرض لمدة ثلث الساعة، ولو أن الجزء الأول رُبط بما يليه لتمكن المتلقي من الربط بين البداية والنهاية، وأعاد إلى المسرحية زخمها، والديكور لا يمكن التعويل عليه كما يحدث مع القول أو الفعل على خشبة المسرح.
في الاتجاه نفسه أكد الصحافي عبدالمحسن الشمري ان العرض كان بعيدا عن المجانية، سواء في النص أو التمثيل ومرورا بالإخراج، وكل كلمة كانت ترمز إلى معاناة الإنسان في مكان، والمخرج علي الحسيني أثبت أنه نجم في الإخراج بهذا العمل على رغم قلة تجاربه الإخراجية.
أما الدكتور يوسف حمدان فذهب إلى أن المؤلفين كثر ولكن المخرجين قلة ونادرون، وولادة مخرج تعني ولادة مسرح، مكملا: نحن اليوم أمام بعث جديد للمخرج علي الحسيني، الذي اختبر فضاءات المسرح وكانت غير عادية، وخاصة في منطقة العتمة التي كانت أقرب إلى التجريد، وعلى رغم الأداء القوي والمشبع للممثلين فيصل العميري وأحمد السلمان إلا أن النص ظل طاغيا على العرض.
من منظورها تساءلت الأستاذة إنعام سعود عن سبب تمسك الكاتب بالرمزية سواء في نص «القلعة» أو غيرها من نصوصه، ولماذا ونحن في 2015 لم يكشف هذا الرمز ويتحدث عنه صراحة، مشيرة إلى أنه كان الأفضل أن تسمى الأشياء بأسمائها، واعتبرت أن المخرج علي الحسيني هو درس لكل مخرج شاب في ألا يستسهل بل يتقن عمله بدرجة كبيرة.

الجهل والظلم
وفي نهاية الندوة تحدث مؤلف المسرحية الكاتب العراقي عبدالأمير شمخي ومخرجها علي الحسيني، والبداية كانت مع شمخي الذي قال: لم أكن أقصد بالظلمة الليل والنهار، بل الجهل والظلم وكل تبعات الظلام، وكان هناك حس عاطفي يسرق أي ممثل، ولهذا كانت هناك مقاطع يصرخ فيها فيصل العميري، وهذه حقيقية وأنا أشعر بها، أما الضحايا الذين هم أموات في النص فهم في الواقع يشعرون ولا تغيب أناتهم، فالذين تسرق منهم الحياة بموتهم لا تغادر أوجاعهم وعذاباتهم الحياة.
وختاما قال المخرج الحسيني: كل عمل ناجح تكون فيه علاقة ناجحة بين أعضاء فريق، ولولا فريق عملي لما كنت معكم اليوم، ولا ما شاهدتم هذا العرض.
وتابع: اليوم تحدثت على الخشبة عن شيء كان يختلج في صدري سنوات وهو القمع بكل أشكاله، سواء كان للموظف في عمله أو الطفل، فهنا نتحدث عن الإنسان ليس فقط في عالمنا العربي بل في العالم ككل، وكذلك أردت التطرق إلى الواسطة والمحسوبية اللتين تسيطران على الحياة.



زوايا المسرح
المسرح الخليجي .. هوية أم هويات؟ (1ـ 4)
 نبوءة ونوس نموذجا..

أعتقد أن موضوع أو المعنى الاصطلاحي للهوية، ليس على صعيد المسرح فقط، بل على مختلف صعد الثقافة والفكر والسياسة، خاصة في وطننا العربي، أصبح إشكاليا وملتبسا ويستعصي أحيانا علينا حتى فهمه وموضعته، خاصة في ظل صعود مد القوى الظلامية والإرهابية الكاسح في وطننا العربي، وتشتت وتشرذم وأفول الوهج التنويري فيه، بغياب وأحيانا بانسحاب بعض التيارات المحسوبة على هذا الوهج يوما في وطننا العربي، وخاصة في الخليج منه، انسحابها نحو تحالفات رجعية مع هذه القوى أدت في نهاية الأمر إلى أن تكون جزءا من هذا المد الظلامي، وعونا له في تنفيذ مآربه الخبيثة الرامية إلى تهديد وهج الهوية التنويرية في وطننا العربي، هذا الوهج الذي كان منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى منتصف ثمانينياته الأول، يتجلى في مختلف مشارب الحياة العربية، وكان المسرح من بينها أنموذجا لقائيا حيا، تتجسد من خلاله كل هذه المشارب والمعارف، سواء قدمت بشكل مباشر كما كانت في البدايات، أو بشكل تحريضي كما كانت في ستينيات القرن الماضي، خاصة بعد تبني المشروعات الثورية التي أنتجتها بعض الثورات في وطننا العربي، أو برؤية فكرية وفنية باحثة وقارئة لراهن ومستقبل هذا الوطن، كما كانت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وإن امتد وهج بعضها إلى تسعينيات ذاك القرن، كما تجسد وبرز بشكل واضح في رؤى ومشروعات الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس، أو في رؤى شهيد المسرح العربي المخرج والمؤلف الجزائري عبدالقادر علوله.
ولكن نبوءة ونوس في مسرحيته «سهرة مع أبي خليل القباني» التي كتبها في عام 73 من القرن الماضي، لازالت لنا بالمرصاد حتى يومنا هذا، وتتجسد في مؤامرة قوى المد الظلامي والإرهابي على المسرح التنويري في وطننا العربي، والخليج العربي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، وهي مؤامرة تتجه باتجاه تدمير هويتنا التنويرية وحرقها، باعتبار المسرح هو تظاهرتنا الحية التي من خلالها يتشكل ويتبلور الحراك المسرحي.
ولو كان ونوس فكر اليوم بكتابة هذا النص التنويري النبوئي، لربما قُتلت فكرته التنويرية تلك، قبل أن يشرع حتى في كتابة الحرف الأول من نصه، لذا يحسب لونوس أنه قرأ ما حدث في عهد «سعيد الغبرا» وما يحدث في زمنه وما سوف يحدث، فكانت هذه المسرحية كما أراها الآن «المنفيستو» الأول لهوية التنوير في مسرحنا العربي، وهي الرسالة التحذيرية الأولى من خطر وكارثة إرهاب قوى الظلام للمسرح التنويري وأهله في الوطن العربي.
وكانت لتجارب ونوس ومن سبقه من المسرحيين التنويريين العرب ومن لحقه، تأثيرها الفاعل والمؤثر في رؤى مسرحيينا في الخليج العربي، والذي تجلت عبره رؤى وتجارب لا يمكن أن تخطئها العين في مسرحنا الخليجي، خاصة في بؤرها وسياقاتها القومية والعربية والإنسانية، التي زادت من رقعة اتساع هوية التنوير في مسرحنا، ونماذجنا إلى هذه الهوية في بناها وآفاقها الحداثوية المبكرة، تجارب الراحل الكويتي المخرج صقر الرشود والمؤلفين الكويتيين عبدالعزيز السريع وسليمان الخليفي، وأغلب تجارب مسرح الخليج الكويتي، وتجارب المؤلف الشاعر ابراهيم بوهندي، خاصة في مسرحيتي سرور وإذا ما طاعك الزمان، وتجارب المؤلف المخرج خليفة العريفي، والمخرج عبدالرحمن بركات، وتجارب فرقة أوال المسرحية بالبحرين، بجانب تجارب المؤلف والمخرج القطري عبدالرحمن المناعي.
هذه التجارب التي تبنت التنوير بوصفه هوية، كان لها تأثير مباشر في الحراك المسرحي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة إمارة الشارقة التي استقطبت رؤى التنوير المسرحي في الوطن العربي والخليج العربي، والتي أسهمت في تأسيس ركائز ودعائم الحراك المسرحي التنويري الخلاق بدعم ملموس وفاعل من حاكمها المؤلف والمسرحي الكبير، سلطان المسرح، الشيخ الدكتور سلطان محمد القاسمي، هبة الله النفيسة للمسرحيين العرب على الأرض، والذي حمل على عاتقه مهمة تطوير المسرح في الخليج والوطن العربي بمختلف أقطاره، والذي كتب للمسرح ما يمكن أن يحفظ له هويته التنويرية حتى أمد بعيد، ولكن الواقع العربي أسوأ مما نتخيل، خاصة في ظل صعود مد القوى الظلامية، واستهدافه للمسرح التنويري ووأد روحه وكياناته، وهشاشة أغلب عظام رؤى المسرحيين في خليجنا العربي.

حقيقة لا أعرف في زمن نعيشه كزمننا هذا، يكون الماضي فيه ملاذا نحتاجه، وربما يكون الماضي فيه مضيئا إلى درجة يكون هذا الماضي هو المستقبل الذي نطمح في تحققه، فعندما نتحدث عن المسرح العربي، والخليجي منه، الستيني والسبعيني، نكون فعلا بصدد الحديث عن مسرح الضوء، مسرح التنوير، مسرح الوعي والفكر، مسرح مقاومة الجهل والتخلف والإرهاب، ولكن عندما نقف الآن على حال المسرح، فيا ترى عن أي هوية نتحدث؟



حوار مع المكرمين
 اعتبره تقديرًا لفرقة «مسرح الخليج العربي»
محبوب العبدالله: التكريم
يعطي حافزًا للأجيال الشابة
كتبت: سماح جمال
 يُكرَّم الكاتب الصحافي والناقد الفني محبوب العبدالله ضمن كوكبة المكرمين في مهرجان الكويت المسرحي في دورته السادسة عشرة، وهو عضو في فرقة مسرح الخليج العربي منذ تأسيسها في العام 1963، وشارك في عدد من المهرجانات العربية في مختلف الأقطار العربية، وشارك في النشاطات الثقافية والأدبية، إلى جانب إعداد مجموعة من الكتب، من بينها «ملتقى صقر الرشود المسرحي الأول»، وكتاب «الحرب ورائحة النفط»، وكتاب «صقر الرشود .. غاب وقت التوهج»... وغيرها من الإصدارات.
العبدالله أعرب لنشرة المهرجان عن سعادته بتكريمه، فقال: الفنان عبدالله العتيبي أخبرني أن إدارة مهرجان مسرح الخليج العربي، ومدير ادارة المهرجان صالح الحمر قبلوا بهذا الترشيح، واعتبر هذا التكريم بمنزلة تكريم لفرقة «مسرح الخليج العربي» التي استمر عطاؤها الفني لأكثر من خمسة وخمسين عاما.
وأكمل قائلا: التكريم في حد ذاته يعطي حافزا للأجيال الشابة حتى تعمل وتجتهد؛ ويقدموا ما يستحق ويعبر عن أفكارهم، وعن الحركة المسرحية، وجيلنا نحن يشعرنا بالتقدير من قبل الدولة لما قدمناه، وكان اهتمام الدولة واضحا وجليا في كلمة معالي وزير الإعلام في افتتاح الدورة السادسة عشرة، وكشفه عن خطط ومشاريع خاصة بالحركة الثقافية والفنية وبناء المزيد من المسارح في مناطق الأحمدي والجهراء والعارضية.
وأكد العبدالله أن هذا المهرجان بالذات له خصوصية كونه الأعرق ليس في الكويت فقط، بل وفي دول مجلس التعاون الخليج العربي، ولولا توقفه في فترة الغزو العراقي لكان عمره اليوم 25، وأردف قائلا: ولذلك هذا المهرجان مُتابَع باهتمام من أشقائنا الخليجيين والعرب، وكذلك المشاركات في الندوات الفكرية والندوات التطبيقية، التي تؤدي لتطوير الحركة المسرحية عموما.
واستطرد قائلا: خاصة في ظل السنوات الأخيرة مع زيادة الأعمال ذات الصبغة التجارية على المسرح، خاصة في المناسبات والأعياد والاحتفالات الوطنية، أما المهرجانات فهي تشكل تكوين وعي فني عام، خاصة مع حالة التنوع الكبيرة التي نراها في العروض الفنية التي تشارك في كل دورة لترضي ذائقة أكبر شريحة من متذوقي هذا النوع من الفنون، ولهذا نراه يستقطب النخبة في كل عام، من خلال عروضه التي يقدمها.


خلال مؤتمر صحافي جمعهما في المركز الإعلامي

تقلا شمعون وزينة مكي: في الكويت نهضة مسرحية .. وعروض المهرجان جميلة
كتبت: ماجدة سليمان
 ضمن أنشطة مهرجان الكويت المسرحي استضاف المركز الإعلامي الفنانتين اللبنانيتين تقلا شمعون وزينة مكي في مؤتمر صحافي أداره الزميل مفرح الشمري الذي قدم نبذة عن الفنانتين مستعرضا أعمالهما الفنية.
وقالت الفنانة تقلا شمعون إن المسرح يعتبر أهم الفنون وهو الذي يصقل الفنان ويعطيه الخبرة الكبيرة، مؤكدة أنها تربت على خشبة المسرح، مشيدة بالقائمين على مهرجان الكويت المسرحي، هذه التظاهرة الثقافية، التي تشجع العاملين في المسرح التجريبي.
وأضافت أنها سعيدة بما لمسته في الكويت من نهضة مسرحية يقوم بها خريجو معهد الفنون المسرحية من مؤلفين ومخرجين، مثمنة جهود وزير الإعلام حينما قال في كلمته بأن هناك تخصيص أراض لعدد من المسارح الجديدة ما يعني أن هناك نظرة جادة في الكويت للمسرح، داعية إلى الاستفادة من ضيوف المهرجان من خلال عمل ورش عمل تدريبية أسوة بمهرجان قرطاج، ما يجعل الجميع يتحدث لغة الفن.
وأثنت على ما شاهدته من مسرحيات خلال الأيام الماضية، موضحة أن كل مسرحية فيها شيء مختلف يميزها، وأن المسرح الكويتي متأثر بالطقوسية التي جاءت أحيانا ملائمة للعرض وأحيانا غير ملائمة، فمسرحية المنطاد جاءت فيها الطقوسية اعتباطية في مشهد المتبرع، لأنها لم تتدرج في الموقف الدرامي.
ورأت أن المسرح الكويتي استورد الطقوسية من الخارج، لافتة إلى أن المخرج مسؤول لأنه سيد العمل، مشيرة إلى أن الفنان الكويتي لديه إيمان بالمسرح وحالة من الانعتاق على الخشبة فهو يقدس المسرح وهذه الحالة فقدها المسرح اللبناني ومن الرائع أن يكون الفنان الكويتي بهذا الإيمان على خشبة المسرح.
وقالت إن أزمة الكتاب موجودة في العالم العربي ككل، لكنها وجدت خريجي المسرح الكويتي منهم المؤلفون الجيدون ما ينبئ بإرث مسرحي قادم لسنوات.
وأشارت إلى أن الأعمال العربية المشتركة تنشر الممثل العربي، لافتة إلى أن مشاركتها في مسلسل القصر كانت تجربة ثرية حيث عملت إلى جانب الممثل السوري والمصري، وكلاهما جاء بثقافة وحضارة وبيئة مختلفة، مؤكدة أن العمل المشترك يعطي فرصة للانصهار.
وحول عدم انتشار المسلسل اللبناني خليجيا قالت إنه بلا سبب ملموس فمن يتحججون باللهجة غير منطقي لأن برامج التوك شو اللبنانية هي رقم واحد على مستوى العالم العربي والخليج، فاللهجة ليست عائقا.
وحول دورها في فيلم «حبة لولو» قالت إن الفيلم حقق نجاحا كبيرا وإيرادات عالية ولأول مرة نجد جيل الشباب يحرص على حضور الفيلم عدة مرات ومتحمسا لفيلم لبناني بهذا الشكل، واعتبر الفيلم ظاهرة، لكن بعض الأكاديميين انتقدوه.
 ورحبت تقلا شمعون بتمثيل أي عمل كويتي رغم رفضها السابق لدور زوجة كويتية، بسبب طول العمل وارتباطاتها الفنية.
وحول خلافها مع الفنانة ميريام فارس قالت إنها تحبها كثيرا وتعتبرها ممثلة شاملة، لكن حديث الصحافة حول رأيها بعد عرض مسلسل اتهام أنها كانت تتمنى أن تخوض ميريام دورات تدريبية حتى لا تحدث لها سقطات مثل ما جاء في المسلسل.
واضافت: «انها تتابع الفن الكويتي، فالكويت بلد رائد في الأعمال الدرامية على مستوى الخليج، لافتا الى تقديرها للفنان سعد الفرج والفنانة احلام حسن.
وعن رأيها في ظاهرة انتشار المسلسلات التركية أجابت انها شبيهة بالمسلسلات المكسيكية المدبلجة في التسعينيات، والتي وصفتها بأنها أكبر جرثومة نخرت في الدراما اللبنانية، خاصة أنها تحمل عادات وتقاليد مغايرة للشعب العربي، ما أدى إلى تغير الذهنية اللبنانية وتحطيم مفهوم العائلة، وجاء بعد ذلك المسلسل التركي ليعمل في الدراما السورية ما حدث بسالفه، وعلى نفس المنوال ما حل بالدراما اللبنانية والمصرية، اما القائمون على الدراما المصرية فقد تداركوا الموقف.
وعن اعمالها الجديدة أجابت: «انها تعتزم تصوير فيلم سينمائي تاريخي في مايو المقبل باسم «مارينا» من تأليف زوجها المخرج طوني فرج، وتدور احداث الفيلم حول فتاة في القرن السابع عشر.
وبدورها قالت الفنانة زينة مكي انها من مواليد الكويت ونشأت على أرضها، لافتة إلى ان العروض المسرحية أبهرتها، مشيدة بالأداء التمثيلي لفناني المسرح، وتنبأت بمستقبل واعد للفنان حمد أشكناني وبظهوره الطاغي على المسرح.
واضافت: ان مسرحية «العرس» تميزت في الأداء، وأبدت اعجابها بالعرض المسرحي «المنطاد»، كما أثنت على مسرحية «الطنبور».
وعن مشاركتها في فيلم «حبة لولو» اجابت: «تصورت انه مزحة في البداية لكنها ما ان بدأت في الاستعداد له حتى لاقت القبول، وعن تعاملها مع المخرجة ليال الرجحان قالت: ان صغر عمرها اعطى مساحة اكبر من المرونة والحرية وتبادل الخبرات على نطاق اوسع.  
وعن أقرب الأعمال الى قلبها: قالت انها تجد نفسها في مسلسل «درب الياسمين»، فشخصية ياسمين من بيئة جنوبية تنتمي اليها في الواقع وهو ما ساعدها في التعرف على هويتها.
وعن آخر اعمالها لم تشأ أن تفصح عن تفاصيل العمل، مشيرة إلى انها انتهت من تمثيل فيلم قصير من تأليفها واخراجها وحاليا في مرحلة المونتاج باسم «عم بيروح».


زوايا المسرح
رموز الفن والشباب
عندما طُلب مني أن أشارك بالكتابة في نشرة المهرجان اليومية، برز أمامي مشهد حضور رموز المسرح الذين تركوا بصمتهم وتأثيرهم في مجتمعهم وفي بقية المجتمعات الأخرى، بما قدموه في زمن مضى ولا يزالون ممن هم باقون على قيد الحياة، قادرين على العطاء في مجال المسرح بشكل خاص وفي جوانب الدراما الأخرى.
خلاصة ما أريد قوله هو ما لمسته شخصيا في عرض مسرحي لإحدى الفرق المسرحية المشاركة في المهرجان الحالي، وما سبقه من مهرجانات كنت سعيد الحظ بحضورها، في هذه الأمسية وفي هذا المهرجان بالذات لمست مقدار السعادة التي تتغشّى وجوه عناصر العرض المسرحي وهم يتحلقون بعد نهاية العرض حول هذه القامة والمدرسة الفنية الفنان حسين عبدالرضا، الكل منهم يسابق الآخر للسلام عليه والتعبير عن سعادته، مما يترجم أن وجوده أمام أنظارهم وهم يؤدون أدوارهم على خشبة المسرح كان له تأثير كهرومغناطيسي انعكس على أدائهم، لإدراكهم أنهم أمام أستاذ يختبر كل واحد منهم، وهذا هو ما أكده تسابقهم بعد نهاية العرض للسلام عليه وإشعاره بامتنانهم لحضوره.
اتمنى أن يعي كل رمز مسرحي دوره المؤثر في هذا الحضور، وما يتركه من تأثير إيجابي ومحفز في هذا الجانب للجيل الحديث... أتمنى ذلك.
أحمد الهذيل ، ممثل من المملكة العربية السعودية

Happy Wheels