النشرة السابعة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة السابعة

 

ضمن عروض مهرجان الكويت المسرحي الـ 19

مسرحية «درس» ..
الطريقة المنهجية لتعلم الوصولية!

 

إبراهيم الشيخلي استطاع قراءة النص بمضامين إضافية

حلول محمد الربيعان
في الديكور والسينوغرافيا جاءت لمنح العرض أبعادًا إضافية

الشيخلي يمتلك أدواته لمنح الفضاء المسرحي مساحة من الحيوية والنبض

عودة موفقة لناصر الدوب تعوض فترة غيابه السابقة

جملة «الرجل المناسب في المكان المناسب» ظلت المحور الأساس

إشكالية النص أنه يقول كل محتوياته بدء من عنوانه والمشهد الأول

كتب: عبدالستار ناجي
قدمت فرقة مسرح الخليج العربي مسرحية «درس» ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي في دورته التاسعة عشرة. من تأليف الكاتب السوري لؤي عيادة وإخراج إبراهيم الشيخلي.
النص الأصلي كتبه لؤي عيادة تحت عنوان «الطريقة المنهجية لتعلم الوصولية» ولكن المخرج وهو يتصدى لقراءة العمل منحه عنوان «درس» لتجاوز المباشرة في العنوان واختصار كافة المضامين والمقولات التي يقدمها النص والعرض لاحقا إلى عنوان مفتوح مشرع على جملة من القضايا والموضوعات وان ظل المحور الأساس هو تلك الوصولية وذلك النهج الذي يعتمد عليه وجود الرجل غير المناسب في المكان المناسب.
المشهد الأول يأتي عبر جملة «الرجل المناسب في المكان المناسب» والتي يتم تقديمها عبر فريق العمل ومن خلال جمل لحنية متعددة ومتنوعة وان ظل المحور والأساس واحدا يشير إلى اللعبة التي سيأخذنا إليها هذا العرض.
بل ان الجملة تتطور لتتحول إلى «الرجل المناسب في المكان المناسب» «حاسب ما شئت فأنت خير محاسب» وهنا الاتجاه إلى الشمول ومنح تلك الشخصية التي لا نعرف مكونها بان تحاسب كيفما شاءت وأرادت.
بعدها يقف أمامنا «عادل مصطفى» ليأخذنا إلى تلك الدروس الصريحة والواضحة لبلوغ القمة عبر الوصولية، حيث مجموعة الدروس المستخلصة من تجربته الذاتية بعد أن ذهب للتقدم لأول عمل له فإذا به يشاهد حادثا يتعرض له أحد الأشخاص ومن خلال مكانة ذلك الشخص تفتح له أبواب العمل.. ولكنها ليست نهاية الطموح.. فنحن أمام شخصية وصولية.. انتهازية.
وحينما يدخل ذلك الوصولي إلى تلك المؤسسة يعلمنا الدرس الأول في مسيرته لبلوغ القمة. معلنا أن الدرس الأول هو «المسايرة» حيث مشهد حقوق المرأة الذي يجعلنا نتعرف على احترافية تلك الشخصية للمرور عبر التيارات والكتل السياسية والدينية ويتشكل حيث اللعب على كافة الخيوط.
ومن خلال تلك المعادلة يبلغ رئاسة اللجنة البرلمانية. ومع نهاية ذلك المشهد تعود لنا تلك الجملة «الرجل المناسب في المكان المناسب» ونحن نعلم جيدا كشهود بأنه ليس بالرجل المناسب.
وحينما يصل إلى الدرس الثاني المعنون «الطاعة» يكشف لنا عن خبثه في مجاملة السادة والمسؤولين والتلون لبلوغ ذلك الارب. حيث يتم تعيينه رئيسا للجنة المشتريات. وهكذا يحرق المسافات والخطوات والأزمنة ليصل إلى الدرس الثالث والمتمثل بــ «الرزالة» ثم الالتقاء بالمسؤولين والقيادات خارج اطار العمل لتكوين صداقات والتعرف على شبكة من العلاقات راحت تمهد الطريق لمزيد من الخطوات والأهداف.
وتتواصل الدروس تارة عبر استثمار الصداقات وأخرى من خلال النميمة وصولا إلى «الشطارة».
حتى الوصول إلى أهم خطوة في حياته كما جاء على لسان مسؤوله المباشر ألا وهي الانتماء إلى «الحزب» ثم تجاوز مسؤوله.
وحينما يصل إلى الدرس الأخير «قلب ميت» يقوم بتدبير عملية اغتيال لرئيس الشركة ويعتلي كرسي القمة والقيادة لتصدح الأغنية من جديد «الرجل المناسب في المكان المناسب»، درس عالي المستوى لتحليل وتفكيك شخصية الوصولي من خلال مشاهدات كتبت بعناية وأعيد تكثيفها وتفعيلها عبر حلول مسرحية تعتمد على الممثل تارة وعبر مفردات العرض المسرحي تارة أخرى ثانيا وثالثا ورابعا. في إيقاع عال متسارع نابض وان ظلت المقولات معروفة سلفا وان تلك الشخصية التي راحت تقدم لنا الدروس هي في الحقيقة شخصية تعيش بيننا نعرفها، وهناك الكثير من أمثالها نقول عنها بأنها «الرجل المناسب في المكان المناسب».
الفنان المخرج إبراهيم الشيخلي حاول منذ اللحظة الأولى أن يتجاوز معرفة الجمهور المسبقة لإحداثيات ونتائج الوصولية، حيث بلوغ القمة كان متوقعا منذ اللحظة الأولى والمشهد الأول من خلال تلك الحلول الإخراجية السلسة والإيقاع المتصاعد، والاعتماد على فريق عمل أكثر من متميز بالذات على صعيد التمثيل ونخص الفنان ناصر الدوب العائد بعد غياب طويل من خلال هذا الحضور العالي المستوى والذى عوض ذلك الغياب، وأكد مجددا اننا أمام فنان يمتلك أدواته ومفرداته وحلوله كممثل وهكذا الأمر مع الفنان عبدالله البصيري ومحمد الأنصاري وعثمان الصفي وفهد رويشد.
في العرض احترافية عالية وهو ليس بالأمر المستغرب فنحن أمام فرقة عريقة لها تاريخها ومسيرتها وإنجازها، لذا جاء العرض متماشيا مع ذلك التاريخ وتلك المسيرة خصوصا على صعيد الحرفيات الفنية بالذات ديكورات الفنان محمد الربيعان التي راحت تتشكل وتتعدد مستثمرا تلك السلالم وتلك الكتل الكبيرة من مفردات الديكور.
مسرحية «درس» هي باختصار شديد نبذة عن واقعنا وحياتنا وما وصلت إليه مجتمعاتنا، وهي تنزلق وراء تلك الطموحات غير المشروعة لكم من الشخصيات الوصولية والانتهازية التي راحت تحتل الصدارة والمقدمة في صناعة القرار والغد والحياة.
«درس» عرض يعري الكثيرين من الذين قفزوا بسرعة البرق إلى تلك المناصب دونما وجه استحقاق. حيث تلك الطرق الملتوية والألاعيب الخبيثة ولعل أقلها الاغتيال وهذا ما نراه في مشهد تسميم المسؤول الكبير. تحت بند الدرس الأخير «القلب الميت» والذي يمكن من خلاله تبرير كل شيء. إنها الغاية التي تبرر الوسيلة وهي أيضا حيثيات الوصولية وأبجديتها التي نراها حولنا في كل يوم، وهنا يقوم المخرج إبراهيم الشيخلي بمسرحتها ومنح شخوصها النبض والحياة ليبوح نص الكاتب السوري لوي عيادة ومضامينه ومواقفه ضد كل ما هو مزيف وغير حقيقي.
اشتغل الشيخلي وهو الممثل الذي يعي حرفته وأدواته على فريق الممثلين للارتفاع بهم إلى حيثيات ومعطيات النص ومضامينه، وأيضا الشخصيات لتجاوز طرحها وشكلها التقليدي في النص الأصلي ليكشف لنا ومنذ اللحظة الأولى عن أوراق اللعبة ويجعل كل شيء يتحرك أمام الجمهور في تغريب سهل مشوق.
كما أسلفنا تظل الإشكالية الأساسية تتمثل في أننا أمام نص وعرض قال كل شيء في العنوان الأصلي للنص، وأيضا بداية العرض فهذا الراوي هو عادل مصطفي الوصولي الذي أخذنا إلى دروسه وطريقته المنهجية لبلوغ القمة وتحقيق الارب على حساب كل القيم والأخلاقيات التي تجاوزها تحت ذريعة أن الغاية تبرر الوسيلة.
مسرحية «درس» للفنان المخرج إبراهيم الشيخلي تمثل إضافة حقيقية لرصيد هذا الفنان الموهوب وأيضا لرصيد فرقة مسرح الخليج العربي التي منحته هذه الفرصة ليلحق مؤكدا بصمته ولياقته.. وقبل كل ذلك موقفه من تلك الشخصية وزيفها وعفنها الإنساني المقيت.
ويبقى أن نقول..
مسرحية «درس» تعيد اكتشاف الفنان إبراهيم الشيخلي وتحقق بصمة إضافية لرصيد هذا الفنان الذي يمثل كتلة من العشق والانتماء لأبو الفنون.. المسرح.

 


لؤي عيادة... مؤلفًا

الممثل الكاتب السوري لؤي عيادة من مواليد محافظة دير الزور 1952، يحمل إجازة في الآداب قسم اللغة العربية من جامعة دمشق 1980، وهو ممثل وعضو في نقابة الفنانين ومن مؤسسي المسرح الجامعي وكتب للإذاعة، وكتب في جريدة الثورة بزاوية «أبجد هوز وانتباه»، وعمل رئيسا للمكتب الصحافي لنقابة الفنانين. من مؤلفاته المطبوعة: عودوا إلى الأرض، سر المغارة، مشروع الإسكان. وكذلك مسرحية «الرجل الذي حارب نفسه» الصادرة عن وزارة الثقافة في العام 1983 وتم عرض المسرحية في العام 1987 من إخراج هاروت جنوزيان بمناسبة عيد الترجمة. كما عرضت المسرحية في القامشلي تحت عنوان «آخر القوافل»، حيث أعدها وأخرجها إسكندر شمعون في العام 1995. وتتحدث المسرحية عن معاناة الأرمن المهجرين والفارين من المجزرة وملاحقة الجندرمة التركية لهم. وله أيضا العديد من النصوص المسرحية من بينها مسرحية «درس» التي تقدمها فرقة مسرح الخليج العربي ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي 19.

فريق مسرحية «الدرس»

تقديم: فرقة مسرح الخليج العربي
تأليف: لؤي عيادة
إخراج: إبراهيم الشيخلي
إضاءة: عبدالله النصار
أزياء: شهد العبيد
ديكور: محمد الربيعان
مدير انتاج: عبدالوهاب عباس
التدقيق اللغوي : نجيب الكندري
الموسيقى والمؤثرات الصوتية: عبدالله البصيري
مخرج منفذ: فاطمة العامر وسعاد الحسيني
مخرج كنترول: فهد البلوشي
تمثيل: ناصر الدوب – إبراهيم الشيخلي – عبدالله البصيري – عثمان الصفي – فهد رويشد – محمد الأنصاري.

 

خلال الندوة التطبيقية التي أقيمت في قاعة الندوات بالدسمة

مسرحية «درس».. إقناع وإمتاع وتساؤلات واحترام للنص

 

د. جاسم الغيث: العرض يحمل «تكنيكًا» فنيًا عاليًا وكوميديا مستفزة

إبراهيم الشيخلي: شكرا فرقة «مسرح الخليج».. وشكرا أبي وأمي

كتب: مفرح حجاب
أُقيمت الندوة التطبيقية لمسرحية «درس» عقب الانتهاء من العرض مباشرة في قاعة الندوات في مسرح الدسمة بحضور حشد كبير من الجمهور وضيوف المهرجان تقدَّمهم مدير المهرجان مدير إدارة المسرح بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أحمد التتان، وقد أدار الندوة إبراهيم عسيري وكان بجواره على المنصة الدكتور جاسم الغيث الأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية معقبا والفنان إبراهيم الشيخلي مخرج العرض.
استهل الحديثَ مديرُ الندوة إبراهيم العسيري مرحبا بالحضور ومقدما السيرة الذاتية للمعقب والمخرج، واعتبر أن عرض مسرحية «درس» يُعد من العروض الجيدة في المهرجان.
ثم انطلق الدكتور جاسم الغيث في الحديث عن العرض قائلا إن نص المسرحية للمؤلف السوري لؤي عيادة وقام المخرج إبراهيم الشيخلي بإعداده أو اقتباسه، لكن في كل الأحوال ظهر احترام العرض للمؤلف لاسيما في بناء وتكوين الشخصيات وهو ما جعل هناك رؤية إخراجية لعرض متماسك على رغم بعض الهنات، مشيرا إلى أن مسرحية «درس» تطرح تساؤلات فهل هي تريد القول إن هناك خللا في البنية الثقافية والسياسية وغيرها، أو أن هناك خللا في الطبقات الاجتماعية، أو هي تريد أن تقدم لنا طبائع بشرية بشكل إنساني.
وأضاف أن العمل اتجه إلى تقديم نماذج بشرية، لأن المنظومة الاجتماعية والإدارية سليمة والدليل أن شخصية غسان رفضت دخول شخصية عادل، لافتا إلى أن العرض يحمل تكنيكا متميزا على المستوى الفني لاسيما في الكوميديا المستفزة للطابع البشري.
وأوضح الغيث أن قصة انتحار غسان هي قرار إداري تعسفي، فلماذا ينتحر وكان يمكن للشخصية الرئيسية المحورية تسديد رصاصة لأن الموت هو موت معنوي، مبينا أن الخطاب الديني الذي ظهر أيضا المجتمع قد تجاوزه ولم يعد مسألة مهمة.
واعتبر أن المخرج قدَّم مجموعة من الشخصيات، وهم الفنانون الذين شكلوا حالة من الإبداع وقدموا فرجة درامية وكان الشيخلي ذكيا في توظيفهم مما ساعده على الانتقال من مشهد إلى آخر بهدوء من دون هروب، وقد ظهر ذلك جليا في الحركة السريعة والتحولات، حيث استخدم الخشبة بشكل جيد في الصعود والهبوط، في ظل وجود رؤية جيدة من الديكور، مشددا على أن العرض المسرحي كان متكاملا ويحمل رؤية جميلة.
وقد شارك العديد من الحضور في مداخلات، بينهم الدكتور أيمن الخشاب الذي وصف العرض بالباهر، وحيا الفنان ناصر الدوب على أدائه، وقال إن الدوب قدم حضورا استثنائيا، واستطاع أن يتحكم في الجهد والسيطرة على النفس واستخدام الصوت بشكل جيد، وحافظ على الحضور الكاريزمي، بينما أشار المؤلف والمخرج علاء الجابر إلى أن العمل تشيكوفي بامتياز وعنصر الإبداع كان موجودا بقوة، فضلا عن الديكور الذي ظهر بشكل جيد منذ فتح الستارة والتناسق بين ألوانه وألون الديكور الرمادي، متمنيا على المخرج أن يتجاوز كل تفاصيل النص كي لا يهبط الإيقاع، ويعمل بشكل مريح في ظل المجموعة المتجانسة من الممثلين.
أما أمل الدباس فقالت: لقد كنا أمام عمل فيه إمتاع واقتناع وأداء ليس فيه تكلف، لأن الشرائح الموجودة على المسرح موجودة في الحياة، لافتة إلى أن كتل الديكور كان يمكن توظيفها بشكل أفضل.
في السياق ذاته امتدح المخرج حسن رجب مخرجَ العرض، وقال: شكرا لإبراهيم الشيخلي وكذلك للممثلين الذين كانوا متناسقين، لكن الديكور كان ضخما، داعيا المخرج إلى إعادة النظر في استخدام الرمزيات، باعتبارها أفضل من المباشرة حتى يكون هناك تساؤل.
بدورها قالت الناقدة ليلى أحمد: لقد أعطانا هذا العمل درسا، فالمخرج متمكن على رغم ضخامة الديكور وضعف أصوات الممثلين الذين كان بعضهم يلجأ إلى الصراخ، متسائلة عن سبب غياب المرأة عن العرض على رغم ثنائيات الحياة بينها وبين الرجل.
ومن جانبها اعتبرت الدكتورة جميلة الزقاي أن المخرج قدم قراءة متأنية ومعالجة درامية لهذا النص، فهو لا يمكن أن يكون اقتباسا في ظل وجود طرح سياسي، كما أن الانتقال بين المشهد والآخر كان بشكل جيد، إلى جانب الالتزام بالجوقة.
أما الناقد يوسف الحمدان فقدم التحية لفرقة «مسرح الخليج» على هذه الأعمال، وقال إن المخرج يمتلك حسا جميلا، وكانت روح عبدالعزيز صفر حاضرة في هذا العرض، مشيرا إلى أن المخرج جرد العنوان بروح ممتلئة بالمصداقية مما جعل الجمهور يشاهد «درسا» مقلوبا مثل «حنظلة»، لأن هذا النوع من الأعمال ينتمي إلى مسرح بريخت.
بينما طالب الفنان عبدالعزيز الحداد بضرورة تقديم هذه الأعمال باللهجة الكويتية لما فيها من قيمة فكرية وكوميديا عالية واستعراض.
وأشادت الفنانة التونسية سارة الحلاوي بإتقان اللغة العربية على الخشبة، بينما أكد الدكتور عبدالله العابر أن المسرحية اسمها «درس»، وقد تعلمت درسا من فريق المسرحية بعدما شاهدت المخرج الشيخلي ينام في المسرح لانشغاله مع والده المريض في الصباح، فكان يأتي إلى المسرح ليلا لإكمال عمله كي يعطي المسرح من جديد درسا في الحياة، شاكرا فريق المسرحية.
واختتم المداخلاتِ الفنانُ الإماراتي إبراهيم سالم قائلا: «المصادفة جعلتني أشارك في عمل درامي تلفزيوني مع إبراهيم الشيخلي، واليوم بهرني من جديد هو وزملاؤه.. فشكرا لهم ولفرقة الخليج العربي».
وفي الختام قدم المخرج إبراهيم الشيخلي الشكر لفرقة مسرح «الخليج العربي» ولزملائه الذين شاركوا معه في المسرحية، وإلى والدته ووالده، وقال: ستؤخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار، وشكرا للجميع.

 


اليوناني أيفيدوكيموس سولاكيدس درّب المشاركين على التركيز والتواصل

ورشة «تاريخ التمثيل من النظرية إلى الممارسة» تقدم مناهج متعددة في التمثيل

 

- المشاركون تدربوا على توسيع خيالهم وانسجام حركاتهم معا كجزء من الكل

التمارين كسرت الجمود وساعدت المشاركين
على الشعور بالراحة على الخشبة

كتبت: هنادي البلوشي
عنوان جديد ومهارة جديدة ومنهج جديد لورشة جديدة، انطلقت جلساتها ضمن فعاليات الورش التدريبية المواكبة للدورة الـ 19 لمهرجان الكويت المسرحي، والتي تأتي تحت شعار «مهرجان صناعة المسرح». وحملت الورشة عنوان «تاريخ التمثيل من النظرية إلى الممارسة»، وقدمها الفنان المسرحي اليوناني أيفيدوكيموس سولاكيدس مؤسس مدرسة «مسرح التغيير» اليونانية في أثينا، والتي تقدم مناهج متعددة في التمثيل والإخراج. وقام سولاكيدس بالتعرف على المتدربين وخبرتهم التمثيلية، قبل أن يطلب منهم الصعود على المسرح والاستماع لمقطوعة موسيقية، طالبا منهم التفاعل معها كيفما شاؤوا وشعروا، ليؤدي كل متدرب حركه مختلفة عكست إحساسه بالإيقاع تنوعت بين التمايل والرقص والدوران والمشي.
انسجام وخيال
بدأ المدرب سولاكيدس بتقديم نظري بسيط حول طرق ونظريات قامات المسرح العالمي، أمثال تشيكوف وهاجين ومامين الذين وضعوا أسسا نظرية وعملية لتطوير وتحسين مهارات الممثلين المسرحيين في التركيز والانتباه والتواصل مع الممثلين الآخرين على المسرح، وتوسيع خيالهم وانسجام حركاتهم سويا كجزء من الكل.
كما عمل المنتسبون في تمارين عديدة بدأت بتمرين سعى لتعليم المتدربين استغلال المساحة والارتياح لها من خلال خلق حركة بسيطة في مساحة محددة، ثم إعادة هذه الحركة بسرعات وتكرارات مختلفة لخلق الانسجام بين أجسادهم والخشبة والفضاء والمكان والزمان، لتبدو الحركة الجماعية في فوضى منظمة جميلة مختلطة المشاعر والألوان وفق تعليمات المدرب سولاكيدس.
كما عمد المدرب لتقوية أداء واحساس وتعبير المشتركين عن طريق عدد من التمارين التي أجبروا فيها على التحدث بلغة «الجبرش»، وهي اللغة الخيالية غير المفهومة مؤدين حوارات ومشاهد ونقاشات تعتمد جميعا على تعابير الوجه ونبرة الصوت ولغة الجسد دون اللغة المحكية، كما ساهمت هذه التمارين بكسر الجمود ومساعدة المشتركين على الشعور بارتياح أكبر خلال تأدية التمرين على الخشبة.
مفهوم المرتبة
وشرح سولاكيدس للمتدربين مفهوم المرتبة، وكيف أن لكل شخصية مسرحية مرتبة معينة تجعلها أقوى أو أضعف من شخصية أخرى، وكيفية التصرف وتقديم الشخصية وفقاً لمرتبتها.
كما قام المتدربون بالقيام بشخصيات من مراتب مختلفة ومعرفة نقاط ضعفهم وقوتهم في كل مرتبة، سواء أكانت مرتبة في القمة أو القاع.
وطبق المنتسبون تمرينا لتعزيز معرفتهم بأنفسهم وصفاتهم وما يظهرونه وما يبطنونه، عن طريق طرح بعض الصفات ومعرفة إذا ما كانوا يظنون أنهم يتمتعون بها كالذكاء والتفاؤل والطول والجمال، وعما إذا كان الآخرين يظنون أنهم يتمتعون بالصفات نفسها.
الجسد الصوت
وفي تمرين آخر من تمارين اليوم الأول للورشة، طلب من المنتسبين تمثيل مشهد تمثيلي كحوار بين شخصين لكن دون استخدام أصواتهم، بل كان التمثيل الجسدي منوطا بمجموعة، على أن يكون التمثيل الصوتي لمجموعة أخرى، واتسم التمرين بالطرافة والخيال الواسع من بعض المشتركين في ادائهم الصوتي واختيار كلماتهم ليعبروا بها عن اجساد لا يمتلكونها.
ورحل سولاكيدس تاركا تساؤلاته في عقل كل منتسب للورشة، على أمل اللقاء لاستكمال فعاليات اليوم الثاني من ورشة «تاريخ التمثيل من النظرية إلى الممارسة»، والمزيد من التدريبات التي ستعمل على تمكين المتدربين من أدواتهم التمثيلية، جسدا وصوتا وخيالا وملاحظة وتركيزا وذاكرة لتحقيق الهدف المنشود من الورشة.
في الورشة القادمة

طلب المدرب من المنتسبين تحضير مونولوج من خمسة أسطر من اختيارهم الشخصي، على أن يتم تقديمه بلغة «الجبرش» طارحا عليهم مجموعة من التساؤلات والتأملات الأساسية لوضعها في اعتبار أي ممثل، لتساعده في تأليف هذا المونولوج وصياغته وأدائه وهي كالتالي:
- من أنا؟
- أين أنا؟
- ما الذي حولي؟ (ما الذي أراه؟ ما الذي أسمعه؟ ما الذي أشمه؟ هل هو بارد أم دافئ؟).
- ما الوقت الآن؟
- ما (مرتبتي)؟
- ما ماضيي وحاضري ومستقبلي؟
- ما الذي أريده؟
- ما الذي يجب أن أفعله لأحصل على ما أريد؟
- ما العوائق التي تواجهني؟
- ما الذي يجب أن افعله لأتخطى هذه العوائق؟
- الأمر يبدو كما لو أنني...
- يجب أن يكون الأمر كما لو أنني...

 

مهرجان متجدد..

بقلم: د. حسن رشيد - دولة قطر

في كل عام يشد الرحال جُلُّ المسرحيين العرب إلى دولة الكويت، حيث يتجدد الحلم بحراك مسرحي أكثر عمقا وأصالة.
سنوات وسنوات، وهذا العرس المسرحي يغذي الساحة المسرحية بالعديد من الأفكار والأطروحات والوجوه.
ومع أن العديد من الفعاليات المسرحية قد أصابها الضمور، أو تجمدت أو تحوّلت إلى أثر بعد عين، لكن هذا المهرجان مازال فتيا بفضل المؤمنين بدور وأهمية المسرح، وأهمية اللقاءات التي تجدد الروابط الأخوية بعيدا عن كل ما يخلق نقطة سوداء في مسار الإبداع الإنساني.
ما لفت نظري، في هذا المهرجان، هو التجديد في الإطار العام، فإلى جانب العروض المسرحية هناك ندوات فكرية وحلقات نقاشية تصدى لتنظيمها المركز الإعلامي بدلا من المؤتمرات الصحافية للوفود الموجودة في كل دورة من دورات المهرجان السابقة، وهذا جهد يشكر عليه الأخ والصديق مفرح الشمري المتجدد بأفكاره دائما.
كما استوقفتني حقيقة ورشة «مهرجان صناعة المسرح»، وكنت حقا أتمنى أن يشارك في تلك الورشة عدد من أبناء الجيل الجديد من أبناء المنطقة لاكتساب مزيد من الخبرات؛ وذلك لأننا في أمس الحاجة إلى ارتياد جيل آخر عوالم المسرح والاستفادة من تجارب العديد من الخبرات، سواء من أبناء الضاد، أو من أصحاب الخبرات العالمية. وأعتقد أن هذا الأمر يخلق مجالا أوسع من أجل طرح الأفكار؛ خصوصا أن هذا المهرجان قدّم - عبر سنواته - العديد من الأسماء إلى الواجهة، من أمثال فيصل العميري، وسامي بلال، ونصار النصار، ويوسف الحشاش وغيرهم، وإن كنت قد بحثت عن موهبة كويتية غائبة هذا العام عن الوجود في المهرجان، وأعني هنا الكاتب والمخرج أحمد العوضي، بجانب تاء التأنيث من أمثال فطامي العطار وتغريد الداود.
كلمة أخيرة: شكرا للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الجهة المنظمة للمهرجان لتكريمه عددا ممن ساهموا في إثراء المسرح.


مهرجان الكويت الـ19 يواصل الاشتباك مع هموم صناع «أبو الفنون»

المسرحيون: الرقابة الواعية مطلوبة لكن المحاباة سرطان يسري في حياتنا

 

- صالح المناعي: عملت في قطر رقيباً عشرين عاماً ولم أمنع عرضاً واحداً

- وائل الدمنهوري: أنا مع الرقابة.. والـمحاباة في كل مكان في العالم

- عبدالله العابر: تعرضت لضغوط في أحد المهرجانات واستقلت من لجنة التحكيم

- جميلة مصطفى: الرقابة في الجزائر تسهر على الارتقاء بالمسرح وتأخذ بيده

كتبت: نيفين أبو لافي
يواصل مهرجان الكويت المسرحي بدورته التاسعة عشرة تحريك المياه الساكنة، من خلال الحلقات الصباحية التي ينظمها المركز الإعلامي لمناقشة قضايا حساسة يعانيها المسرحيون في الخليج والوطن العربي.
وفي هذا الصدد أقام المركز الإعلامي حلقة نقاشية تحت عنوان «الرقابة والمحاباة في مسارحنا العربية إلى متى»، أدارها رئيس المركز الاعلامي الزميل مفرح الشمري، الذي شكر ضيوف الكويت على حرصهم على الحضور والفنانين والأكاديميين الكويتيين على دعم هذه الحلقات النقاشية، من خلال حضورهم الدائم لأنشطة المركز الإعلامي.
النفاق والمحسوبية
استهل النقاش الفنان البحريني عبدالله ملك، قائلا: «كنا نعتقد أن من يعمل في المجال الفني هو إنسان معصوم من الخطأ ونقي جدا، إلا أننا وبعد أن اختلطنا بالوسط الفني وتعاملنا مع الكثيرين اكتشفنا أننا مخطئون، حيث وجدنا في البعض النفاق والمحسوبية والمجاملة على حساب الحقيقة، إلا أن هذا الأمر لا يعني عدم وجود من لم يتلوثوا بهذه الصفات السيئة، وعلى سبيل المثال لدينا أسماء في فرقة «أوال» نجدهم يقسون على أعضاء فرقتهم أكثر من الباقين بهدف الإصلاح، أما المحاباة فهي موجودة في كل مكان وتعتمد على ضمير الشخص في ترشيح كل إنسان للمكان الذي يصلح له».
معايير الاختيار
من جهته، تساءل المخرج سامي بلال عن الأسس والمعايير التي يتم على أساسها اختيار أعضاء اللجان الفنية، حيث نجد أحيانا أعضاء في لجان من غير المتخصصين، واللائحة ذاتها فضفاضة والرقيب يستطيع أن يرفض عملك على نية الكاتب لا على ما هو مكتوب على الورق، في حين يسمح للصحف بتناول أي قضية كانت سياسية أو غيرها، أما المحاباة فهي موجودة وحاضرة ونلاحظها عند تشكيل اللجان الفنية في الفعاليات المتعددة.
جهل الرقيب
بينما ذكر الفنان طالب البلوشي أن موضوع الرقابة لا يعنى بالرقيب فقط، فكل دولة تخضع مؤسساتها لمؤسسات أعلى منها وكلها تخضع لقوانين ولوائح موجودة أساسا، فإذا سمح الرقيب بمرور موضوع معين يأتي الرقيب الأعلى ويضعك في إطار محدود، الأمر الذي أعتبره مصادرة للفكر خصوصا وإن كان الموضوع مطروحا بشكل عميق، والمشكلة تكمن في جهل من يوظَّف رقيبا، أما فيما يتعلق بالمحاباة فهي مرض مستشرٍ بشكل كبير، فعلى سبيل المثال فاز في أحد المهرجانات العمانية عرض كان مستبعدا أساسا من المسابقة، ومصنفا على أنه ضعيف وجاءت مشاركته فقط لسد النقص، فكانت المحاباة هي السبب في فوزه.
رقيب ذاتي
وأكد د. محمود سعيد أن لدى كل مبدع رقيبا ذاتيا إذا كان يمتلك الوعي الحقيقي، وقال «لسنا بحاجة لمن يمسك العصا للعمل الفني، بل يجب أن يكون هناك وعي لدى اللجان لمن يقوم بسرقة النصوص وتعلم اللجنة بذلك وتقوم بمنحه جائزة وتصدره لنا كمبدع، فالرقيب في النهاية موظف يتقاضى راتبا في نهاية الشهر وهناك من هو أعلى منه ويملي عليه الأوامر، لذا يجب أن تكون هناك حدود ذاتية لدينا لا نسمح لأنفسنا بتخطيها».
السلم المجتمعي
أما الإعلامي وائل الدمنهوري، فقال إن الرقابة مهمة لاستمرار الإبداع والمحافظة على القيم والعادات والتقاليد، مشيرا إلى وجود نوعين من الرقابة منها ما يقيّم النص أدبيا، ومنها ما يراقب أي مواضيع قد تهدد السلم المجتمعي، خصوصا أننا نعيش متغيرات عديدة في هذا الزمان، لذا أنا مع ألا تكون الحرية مطلقة دون الحجر على العمل الفني، أما فيما يتعلق بالمحاباة فهي موجودة في كل مكان في العالم، وأقبلها إذا كانت تعطي للفرد أملا في المستقبل، ويجب أن تكون على يد متخصصين.
الارتقاء بالمسرح
ومن جانبها قالت د. جميلة مصطفى إن الرقابة في الجزائر كانت موجودة في زمن الاستعمار الفرنسي، أما الآن لا أراها سلبية في الجزائر لأنها أصبحت على شكل لجان تسهر على اختيار النصوص لترتقي بالمسرح وتأخذ بيده للأمام، وأصبحت بمثابة الغربال النقدي الذي يتيح للأعمال أن تظهر بهوية جديدة، أما المحاباة فهي موجودة وضاربة بثقلها خصوصا في اختيار العروض المسرحية في المهرجانات حيث نشهد عرضا جميلا في مهرجان ما في حين يحجب من مهرجانات أخرى بسبب هذه المحاباة.
الرقيب مهم
أما المخرج العماني أحمد البلوشي فقال: من الضروري وجود الرقيب فهو أمر لا بد منه، فما يثار عن الرقابة الذاتية ما هو إلا شماعة تعلق عليها بعض الأمور الأخرى، وأنا أرى أن المهم في وجود الرقيب هو أن يكون مثقفا وواعيا لما يقدم له من نصوص، خصوصا تلك التي تكون مأخوذة من أعمال أخرى وتعتبر كسرقة الفكرة لعمل آخر، أما المحاباة فأنا مؤمن أنها تأتي من الجهة الأعلى سلطة لعدم وجود من يحاسبها.
رقابة صورية
ومن جهته، قال د.عبدالله العابر: من خلال التجربة الكويتية وكوني كنت عضوا في لجان تحكيم سابقة، فإن الضغوطات تأتي دائما من المسؤول، وقد تعرضت لأحد هذه المواقف في أحد المهرجانات كي يتم قبول عرض ما، وانتهى المطاف بأن استقلنا جميعا من لجنة التحكيم، وهذا يعني أنه في بعض الأحيان يضع المسؤول رقابة صورية لا معنى لها، في حين كان المسرح والفن في الكويت وقضايا اخرى سببا في الضغوط السياسية التي أدت إلى خروج وزيرين من الوزارة، وقد تعززت فكرة مسرح التهريج في المسرح الجماهيري، على ان يكون هناك مسرح يحمل أفقا وفكرا.
المحاباة موجودة
أما المخرج والفنان القطري صالح المناعي فقال: «أنا أتفق مع من ينادي بوجود الرقابة لكن عندما تمسك العصا من الوسط، فهناك من يتدخل في العرض المسرحي لأتفه الأسباب، وللأسف أن تأتي هذه الأمور من زميل لك ليصبح كالسرطان الذي يسري في الجسد المسرحي، وأنا عملت في قطر رقيبا لمدة عشرين عاما لم أمنع خلالها عرضا واحدا، والآن أجد عروضا لا يتم قبولها، أما المحاباة فهي موجودة في كل شيء وفي كل مكان.
التطور التكنولوجي
بينما قالت الناقدة البحرينية زهراء المنصور: «أنا لا أجد وجودا فاعلا للرقابة في ظل التطور التكنولوجي، والذي يجعل كل شيء متاحا، فطالما هناك مبدع فهو قادر على تقديم كل ما يريد بطرق ملتوية دون مباشرة الطرح، ويمكن له أن يقول كل ما يريد.


كتاب جديد عن الفنان الكويتي القدير

فؤاد الشطي
«صانع العرض المسرحي»

صدر في دولة الإمارات العربية المتحدة كتاب جديد عن الفنان الكويتي القدير الراحل فؤاد الشطي بعنوان «صانع العرض المسرحي ومهندس الجمال فؤاد الشطي».
الكتاب توثيقي يتناول حياة وأعمال المخرج الكويتي الراحل فؤاد الشطي، الذي يعد علامة بارزة من علامات المسرح الخليجي والعربي، بعد أن ترك إرثا مسرحيا غنيا في التنوع والثراء المسرحي.
أما المحتوى، فيضم أربعة أبواب هي: «فؤاد الشطي صانع العرض المسرحي ومهندس الجمال»، أما الجزء الثاني فيأتي تحت عنوان «سيرة ومسيرة» ويتناول السيرة الذاتية للراحل الكبير وكذلك المسيرة الإبداعية ومعالم وتواريخ في حياته ثم «الشطي وفرقة المسرح العربي»، أما الجزء الثالث من الكتاب فجاء تحت عنوان «حوار» وفيه آمال وطموحات وأفكار الشطي حول المسرح الكويتي وازدهاره وطرق النهوض به.
أما الجزء الرابع الأخير فجاء بعنوان «أثر» وهو جزء مخصص لمقالات الأصدقاء والمثقفين، فكتب الكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع عن فؤاد الشطي الإنسان والفنان وكتب الناقد والإعلامي عبد الستار ناجي شهادة بعنوان «عاشق كويتي للمسرح» وكتب الإعلامي والمؤرخ صالح الغريب مقالا بعنوان «مثال فريد للعصامية والاعتماد على النفس والاعتزاز بها» وكتب الدكتور خالد رمضان الشطي «مخرج وإنسان استثنائي» وكتب الإعلامي جهاد أيوب «رحيل ناطور المسرح العربي فؤاد الشطي» وكتب الإعلامي محمد عبدالله شهادته عن الشطي بعنوان «ذكريات من عمق التجربة»، كما كتب الدكتور محمد يوسف علي «شطي الكويت وفؤاد الإمارات» وكتب الناقد المصري الدكتور حسن عطية «من يعرف الفنان فؤاد الشطي عن قرب لا يملك إلا أن يحبه»، وكتب الناقد والمسرحي بول شاؤول «فؤاد الشطي كان شاهدا حيا على مراحل المسرح من صعوده إلى هبوطه»، وكتب الدكتور سيد علي إسماعيل «بيته كان قبلة كل مسرحي عربي يزور الكويت»، هذه الشهادات من كبار الأكاديميين والمتخصصين في المسرح ممن عرفوا الراحل الكبير عن قرب كانت بمثابة بورتريه يكشف الكثير من الجوانب الشخصية للفنان القدير سواء على المستويين الفني أو الإنساني، وهي تؤكد أن مثل هذه الشخصيات لا تنتهي برحيلها بل تظل حاضرة في الأذهان تذكرها الأجيال جيلا بعد جيل وتفاخر بها.
المؤلف الباحث ظافر جلود تتبع هذا الكتاب وتناول بالنقد والتحليل بعضا من أعمال الشطي، والتي تناولها في فترات سابقة، ونشرت في الصحف والمجلات الخليجية العربية، كذلك تابع المؤلف العديد مِن الحوارات التي استضافت الراحل والتي أغنت تجربته.
أخيرا، الكتاب يعد وثيقة مهمة لسيرة فنان مسرحي عربي، حيث سبق للزميل ظافر جلود أن أصدر كتابا عن الراحل المسرحي العراقي الكبير يوسف العاني.

في الكويت..
من دون فؤاد الشطي

لم أكن أتصور ولا في الخيال أن أكون في الكويت ولم يكن في استقبالي فؤاد الشطي، ولم يكن معي، الحزن يملأ قلبي وأكاد أمسك بتلابيب نفسي وبسلاح الصبر ونعمة النسيان، يا ليت الزمان يعود، واللقاء يبقى إلى الأبد، ولكن مهما مضينا من سنين؛ سيبقى الموت هو الأنين، وستبقى الذكريات قاموساً تتردد عليه لمسات الوداع والفراق.
أيها الرائع الكبير وصاحب الرحلة العملية التي امتدت لسنوات طوال، بدأت من فرقة المسرح العربي، بيتك وظلك فكنت منافحاً عن المسرح الخليجي ورافعاً للوائه في المحافل العربية والدولية حاصدا العديد من الجوائز التكريمية، ومؤسسا للعديد من المنابر التي حفظت لـ «أبو الفنون» مكانته.
أعلم يا فؤاد يا صديقي وأخي أنك لن تكلمني، أعلم أنك لن تأتيني، لكني أتمنى من كل قلبي أن تعود اللحظاتُ ولو لساعة فقط، لدقائق، لثوان قليلة ونحن في الكويت التي عشقت أرضها وناسها وثقافتها، صديقي ونحن نطوف بين المسرح وأهله بين الدسمة والعربي كنت معنا، يا أَرق وأَنقى قلب عرفتُه، إنسان قَلبُه كريشةِ الطائر الأبيض. كم أفتقدك، وكم أشعُر بالغربة، أسرحُ للحظات أتأمل فيها الماضي، يوم كُنا نلتقي بين ثنايا الحب ومعبدك «المسرح» وأنت مبتسم، اشتقت لأسمع منك الكلمات التي كنت تواسيني بها لغربتي التي طالت ولن تنتهي، اشتقت لأسمع منك تلك الكلمات التي كنت تُشَجعُني بها، يشهدُ الله أنني لم أُرافِق أحداً من قبلِكَ لهُ مِثل ما فيك من سعةِ صدرٍ وحُسن خُلق، والله لا يُمكِن أن أنساك ولو بعدَ حين، مادام في الحياة بقية، ليتَنِي رَحَلتُ قَبلكَ وعِشت بعدي سنين، وترى كيفَ الفرقة سببت أحزاني. صديقي، ها أنا اليوم بعد رحيلك أقف عند مقامك الأخير في أرض الكويت الطيبة أتلمس قبرك وأنت تحت التراب، داعيا الله أن يفتح لك أبواب جنته برحمته الواسعة.
ستبقى أبا أسامة في العين والقلب، وستبقى معك الروح، وستبقى محبتي لك ممتدة بين السطور، ووسط الحروف.
بقلم: ظافر جلود

إصدار حديث لمركز البحوث والدراسات الكويتية

قراءة في تاريخ المسرح الكويتي
من خلال وثائق غير منشورة (1961 – 1971)

كتب: محمود حربي
في المقدمة يقول أ.د. عبدالله يوسف الغنيم رئيس مركز الدراسات والبحوث الكويتية: هذا الكتاب يؤرخ لبدايات النهضة المسرحية في الكويت. (1961 – 1971) بموضوعية وتجرد، وسعى المؤلف مشكوراً لاستنطاق الوثائق في هذه الفترة المهمة. وهو جدير بأن يكون بين أيدي القراء والمهتمين والمختصين بالثقافة والمسرح في الكويت. وكم كان أ.د. سيد علي إسماعيل وفياً للمخلصين من أبناء الكويت عندما أهدى هذا المؤلف القيم إلى الزميل المرحوم جابر ظافر العنزي القيادي في إدارة المسرح بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وقال المؤلف: في هذا الكتاب أقدم المسرح الكويتي من خلال مجموعة من الوثائق غير المنشورة (1961 – 1971) وهي الفترة التي نفذ فيها الأستاذ زكي طليمات مشروعه في إقامة نهضة مسرحية في الكويت وهو مشروع تبناه زكي طليمات ونفذه في مصر وتونس والكويت.
كما يهدف الكتاب إلى معايشة تفاصيل حياة الأوائل من الرواد والعاملين في الحركة المسرحية الكويتية والإشادة بدورهم المسرحي الريادي.
ويتحدث أ.د. سيد علي إسماعيل عن كيفية حصوله على الوثائق بقوله: «أثناء عملي أستاذاً معاراً في المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت كلفني الدكتور عميد المعهد بإعداد كتاب يتضمن مسيرة المعهد خلال ربع قرن (98/ 1999) بسبب نشاطي في مجال التوثيق والبحث العلمي.
الفصل الأول بعنوان «مشروع النهضة المسرحية وبدايات المسرح في الكويت».
وتحدث عن عروض المدارس والبدايات منذ مسرحية «إسلام عمر بن الخطاب» العام 1939 بحضور أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح، ونشاط بيت الكويت في القاهرة، وتقديم المسرحيات المختلفة أعوام: 1947، 1948، 1949، ثم النشاط المسرحي في مدارس الكويت. بعد عودة حمد الرجيب من مصر، وتعيينه مشرفا على النشاط المدرسي والمسرحيات التي قدمت في مدرسة الصباح ومدرسة النجاح، ونشاط نادي المعلمين وجمعية التمثيل بالنادي، كما تحدث عن النصوص المسرحية المنشورة في مجلة البعثة.
وتحدث عن وصول زكي طليمات في المهمة الأولى العام 1958 للمشاركة في الموسم الثقافي لإدارة المعارف، وتقديم تقرير عن مظاهر النشاط الفني بالكويت ووسائل تدعيمه.
كما أعد تقريرا بعنوان «مظاهر النشاط الفني بالكويت ووسائل تدعيمه والارتقاء به»، وقدمه إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية آنذاك في مارس 1958.
الفصل الثاني بعنوان: «تشكيل فرقة التمثيل العربي 1961».
وتحدث عن توجيهات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية آنذاك في تقديم مسرحيات عربية باللغة العربية الفصحى.
وكانت فرقة المسرح الشعبي بقيادة محمد النشمي تمارس نشاطها في ذلك الوقت.
وبدأ زكي طليمات في تشكيل الفرقة الجديدة واستقدم من مصر زوزو حمدي الحكيم لتخطي عقبة عدم وجود عنصر نسائي.
الفصل الثالث بعنوان: «صقر قريش وتنمية النشاط المسرحي»
حيث قدم زكي طليمات العام 1962 مذكرة إلى وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتنمية النشاط المدرسي من خلال تكوين:
1 – المسرح العربي.
2 – المسرح الشعبي.
3 – مسرح التنمية الاجتماعية.
أما الفصل الرابع فجاء بعنوان: «الشروط الخاصة باستقدام الفرق»
تكونت لجنة برئاسة الأستاذ عبدالعزيز الصرعاوي وعضوية زكي طليمات ومحمد الهاشمي لوضع قواعد استقدام الفرق الأجنبية من القطاع الخاص للعمل في الموسم الفني السنوي.
وأشارت الوثائق إلى أن أول فرقة جاءت في نوفمبر 1967 بواسطة فرق المسرح العربي كانت فرقة نجيب الريحاني وقدمت ثلاث مسرحيات على مسرح سينما الأندلس وهي «سلفني حماتك»، و«حكاية كل يوم»، و«عريس في إجازة».
وفي نوفمبر 1968 قدمت جمعية المسرح العربي الفلسطيني مسرحيتي «الطريق» و«شعب لن يموت» على مسرح كيفان.
الفصل الخامس جاء بعنوان: «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب».
الفصل السادس بعنوان: «تعزيز النشاط المسرحي بالكويت»، وتحدث فيه عن تجربة تقييم أول فرقة مسرحية واقتراحات المشرف العام.
الفصل السابع تحدث عن تخطيط جديد، والثامن عن أول بعثة استكشافية.
الفصل التاسع جاء بعنوان: «مباريات التأليف المسرحي»، وتحدث عن الأولى والثانية والأخيرة.
حيث أقامت دائرة الشؤون الاجتماعية مباريات لتشجيع التأليف المسرحي بالفصحى واللهجة الكويتية من خلال إعلان نشر في مجلة «المجتمع» في مارس 1958 تحت عنوان «مسابقة التأليف المسرحي للمسرحية التاريخية والمسرحية الاجتماعية».
وتشكلت لجنة فحص الأعمال من السادة أحمد مشاري العدواني، وأحمد البشر ومحمد الهاشمي وزكي طليمات، وأعلنت الجريدة الرسمية نتيجة أول مسابقة للتأليف المسرحي، التي تقدم لها 40 مسرحية.
وتم حجب المركز الأول وفازت بالمركز الثاني مسرحية «عنده شهادة» تأليف عبدالعزيز السريع وهي من ثلاثة فصول. ومسرحية «أشرق الفجر» تأليف حسن يعقوب العلي وهي من فصل واحد.
وحصلت مسرحية «موعد مع عزرائيل» لجعفر المؤمن على مكافأة تشجيعية.
الفصل العاشر بعنوان: «تطوير المسرح الكويتي».

Happy Wheels