مهرجانات وأنشطة

النشرة الرابعة



الديوانية .. هدف نبيل ورؤية غائمة واجتهاد فني
   
فـي ثانـي عــروض المهرجـان

كتب: عماد جمعة

قدم مسرح «فن رن»، في ثاني عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي في دورتها الـ 15 مسرحية «الديوانية»، تأليف تغريد الداود وإخراج خالد الراشد، وبطولة الفنان القدير محمد جابر الذي يعود للوقوف على خشبة المسرح في المهرجانات بعد غياب طويل. ولا شك في أن مشاركة فنان بحجم محمد جابر هي مكسب للمهرجان، وتفعيل لفكرة تواصل الأجيال ونقل الخبرات حتى تظهر أجيال شابة تمتلك الموهبة، بالإضافة إلى الخبرات والتفاعل مع جيل الرواد.

الديوانية

الديوانية هي المكان الذي يتجمع فيه أبناء الفريج الواحد، يتبادلون الآراء في كل ما يحيط بهم من أحداث، سياسية واجتماعية وثقافية، إلى جانب الحكايات والسوالف وممارسة الألعاب، أي هي مكان للترفيه ومناقشة أمور الديرة وما يعتريها من أحداث.

هذا يحدث في الواقع فكيف يمكن أن نتناول هذا الواقع في قالب فني بعيد عن المباشرة والسطحية والوعظ والإرشاد والخطابة... هذه قضية المخرج الذي يتصدى لإخراج النص المسرحي ويقدم رؤية إخراجية تعتمد على الابتكار والإبداع في الرؤية البصرية وتوظيف جميع عناصر العرض المسرحي، بداية من السينوغرافيا وانتهاء بالأداء التمثيلي، فهل تحققت هذه الرؤية الإبداعية في عرض «الديوانية»؟ لا أعتقد ذلك فهدف العرض نبيل والرسالة التي يريد إيصالها إلى الجمهور هي التمسك بالأصالة والجذور والمحافظة على التراث وعدم بيعه بأي ثمن مهما كان؛ لأن القيم والمبادئ والأصول لا يمكن أن تقدر بثمن مهما ارتفع.

العم بوعبدالله (محمد جابر) هو الجد، رمز للزمن الجميل الذي حافظ على هذه التقاليد والأعراف من خلال «الديوانية»، ويطالب رواد الديوانية من الشباب بأن يحافظوا على ديوانيتهم ويستيقظوا وألا يسمحوا لأحد بتفريقهم، وجعلها مفتوحة دائما ومشرعة الأبواب على الدوام، يدخل إليها الجميع ويخرجون، يأكلون ويشربون من خيرها. ويسافر الجد تاركا حفيدته مريم التي أصبحت صاحبة الديوانية من الناحية القانونية؛ فيتجمع رواد الديوانية الذين يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع، فنرى المثقف السلبي الذي ينتقد الأوضاع والشخصيات طوال الوقت ويطالب بالتغيير لكنه لا يعرف كيفية هذا التغيير ولا آلياته، برغم أنه من صفوة المجتمع، كما نرى رجلا مدعيا يتمسح في الدين ويتاجر في المسابيح لكنه يحلف كذبا ويزور، وأيضا يوجد الدكتور الذي حصل على شهادته من الخارج ولا يعرف أحد تخصصه حتى هو ذاته؛ لأنه ببساطة اشتراها بأمواله، وهناك اللاعب الذي لا يعرف غير السفسطة في الكلام والدخول في الجدل مع الآخرين، والتاجر الهامور الذي يريد أن يحتكر السلع ولا يسعى إلا وراء الربح المادي ولو على حساب الآخرين... كما يوجد الناشط والمحلل السياسي والأبله الذي يتم طرده من الديوانية كل يوم، والمصري الذي يعمل مستشارا عند الجميع...

كل هؤلاء يدخلون في جدل حول كيفية استثمار الديوانية واستغلالها لتدر عليهم الربح، من خلال تأجيرها كمكاتب أو تحويل أرضها شققا سكنية، أو مطعما فيسعون إلى خطبة مريم التي تقيم مسابقة لكي يتقدم كل منهم بمؤهلاته حتى تختار من بينهم من يناسبها، وفي النهاية لا تختار أحدا منهم؛ فجميعهم يسعون إلى مصالحهم ويريدون ان يأخذوا من الديوانية ولا يعطوها فترفضهم، وعندما ترفضهم يتهمونها في شرفها وبأنها على علاقة بصالح خادم الديوانية الذي يكتب فيها شعرا ويحبها لكن لأنه خادم لا يبوح بذلك الحب، وتدافع مريم عنه بعد أن حاولوا طرده، وهنا يظهر الجد محمد جابر ليؤكد على قيم «زمان أول»، وأن هذا الخادم هو منا وفينا ولن يطرده أحد؛ ليظهر الشخص الذي كان ينام طوال الوقت وحذر منه الجد، ليطلب شراء الديوانية، ويتساءل الجد: «هل تبيعونها؟»، لينتهي العرض بهذا التساؤل. الهدف نبيل لكن المستوى الفني لم يكن على قدر الهدف، بعد أن غابت الرؤية الاخراجية وسقطت في المباشرة، وجاء الأداء التمثيلي بإيقاع مرتبك، يصعد أحيانا ويهبط في أحيان أخرى، شباب الممثلين اجتهدوا لكن الأداء جاء من الخارج من دون الدخول في إهاب الشخصية، باستثناء الشاب الذي جسد دور الأبله، فقد كان حضوره واضحا وتعايش مع الشخصية وتقمصها باقتدار، أما مريم فهي موهبة جيدة لكنها تحتاج الى الاشتغال على نفسها أكثر. الشاب المصري أضفى بعض اللمسات الكوميدية مع باقي الممثلين ونجحوا في دفع الصالة إلى التفاعل معهم...

لم تكن هناك خطة للإضاءة ولم توظف جيدا، فكانت مريم تتحدث مثلا والبقعة الضوئية على ممثل آخر، وكانت الإنارة كاملة في معظم المشاهد، وربما كان مشهد المسابقة التي أجرتها مريم مع خطابها هو الأعلى في العرض والأكثر تماسكا وحضورا. وبشكل عام العمل جريء ويهاجم الفساد ويكشف الفاسدين في الديوانية، ولا نملك إلا أن نوجه التحية لكل فريق العمل؛ لأن نواياهم طيبة وحسنة.
    

تغريد الداوود: لا فائدة للقلم إذا لم أكتب بحرية

«الديوانية» .. إجماع على جرأة الطرح وملاحظات على الأداء

كتب: محمد جمعة

ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكويتي في دورته الــ 15 شهد ضيوف المهرجان الندوة التطبيقية الثانية لمسرحية «الديوانية» التي قدمها مركز فن ون بحضور مؤلفة العمل تغريد الداود والمخرج خالد الراشد، بينما أدارت الندوة نادرة عمران.

واستهلت عريفة الأمسية الحديث باستعراض السيرة الذاتية لكاتبة العمل ومخرجه، وكانت بداية المداخلات مع الدكتورة صوفيا عباس أستاذة المسرح بكلية الآداب جامعة الاسكندرية التي قالت: إن العرض اعتمد على مجموعة من الأداءات الفردية، ولم أر نسيجا مكتملا؛ إذ شاهدنا الوصولي والانتهازي، ولم أجد جوا من الترابط العام، بالفعل كان هناك تجاوب كوميدي إلا أن العرض وقع ضحية المباشرة والوعظ، ما أوحى إلي بأنه عرض يقدم على مسرح مدرسي.

وأضافت: لم أر إضاءات متنوعة، والممثلة التي جسدت دور مريم كانت تحفظ الدور ولم تنوع في الأداء. في حين قال أسامة عبدالهادي نائب رئيس تحرير روز اليوسف: مقارنة عرض اليوم بعرض الأمس تظلمه، وفي رأيي أن هناك فرقا بين الجرأة والقوة في عرض اليوم... شاهدت جرأة في الكتابة، إذ ركزت المؤلفة على جزئية الهموم التي تعتري مجتمعها، ولكن جرأة الديوانية تدل على حرية التعبير؛ إلا أن ذلك لا يكفي لأن نكون أمام نص يلفت الانتباه.

أما الشاعر المسرحي عادل البطوسي فأشاد بأداء الممثلة عذاري القربان، وقال: إنها أدت الدور في اللحظات الأخيرة عقب اعتذار الممثلة زينب خان عن عدم الاستمرار في المسرحية. من جانبه قال استاذ قسم التمثيل والاخراج هاني النصار: إننا كل يوم أمام أحاديث في ديوانية وهي مكان يجمع الكويتيين وله الفضل في انطلاق الديموقراطية، ولكن النوايا الطيبة لا تصنع مسرحا، فأين الأداء التمثيلي؟ وأضاف: للأسف الأداء كان شيئا، وكانت هناك مشكلات في الإضاءة والصوت والموسيقى. أما عزة القصابي فقالت: هناك بشت يتصدر هذه المسرحيات يضع لنا دلالة على تحكم السلطة. والمسرحية تقدم اسقاطا كبيرا على الواقع... على سبيل المثال مريم ربما ترمز إلى الوطن كما أن نماذج الشخصيات موجودة بالفعل في المجتمع، العرض شعبي كوميدي، لامس الكوميديا السوداء، ولكنه لم يصل إليها، والشخصيات تحتاج إلى كثير من الاشتغال، ومع الأسف لم نشاهد صراعا حقيقيا على المسرح. أستـــاذ علم جمال التاريـــــــــخ المســـــرحي بالجزائر عبـــــــــدالحليم بوشراكي تساءل: كيف ترى الكاتبة الفضاء الذي خلقته من خلال رؤية المخرج؟

وأضاف: تعاطفت مع العرض لأنني قرأت فيه شيئا كويتيا، والعرض متواضع جدا على مستوى الاخراج، إلا أن المؤلفة أشهرت سيفها بقوة أمام ظواهر سلبية عدة. المخرج الجزائري عقباوي الشيخ قال: النص حمى قيمة قديمة من حيث الانتماء وحب الوطن، أما الجديد في هذا العمل فهو جرأة الطرح، وتمرير مثل هذه المسرحية دليل على مرونة الرقابة، وأرى أنه ليست هناك سينوغرافيا ويمكن اعتبار الديكور مجانيا لا يخدم العمل وأعاق كثيرا حركة الممثلين. الناقد عبدالمحسن الشمري قال: تابعت الكاتبة تغريد الداوود في اعمال سابقة واعتقد ان تجربتها الحالية فيها استعجال، وكنت اتمنى لو راجعت نفسها قبل خوض هذه التجربة. بدوره قال المؤلف الإماراتي صالح كرامة العامري: خلل العرض يكمن في البناء الدرامي في النص وأرى أن الديكور كان بشكل فج ويقيد الممثلين عن الحركة. الكاتب والمنتج حمد البدر قال: ان المخرج قدم وجهة نظره ويجب علينا احترامه حتى وإن أخطأ..

لماذا يهاجم بهذه الطريقة. أما الكاتبة فقدمت نصا كويتيا بحتا وهي نواة لكاتبة موهوبة يجب علينا تشجيعها. وانتقد بدر الصورة التي ظهرت بها شخصية البدوي وقال لا أعلم لماذا هذه الصورة النمطية للشخص البدوي وإظهاره على انه انتهازي... أتمنى أن يتم احترام جميع الشخصيات مستقبلا. من جانبه قال طالب البلوشي إن الديكور كان مباشرا وأنه كان يفضل مشاهدة ديوانية حقيقية على المسرح لاسيما أن قطع الديكور عرقلت الممثلين متوجها بالشكر إلى الفنان محمد جابر لأنه وقف إلى جانب مجموعة من الشباب رغم خبرته الكبيرة. من جانبها، قالت الناقدة ليلى أحمد إن الديوانية حالة خاصة في الكويت تجمع الأصدقاء ذوي الآراء المختلفة وهي التي انجبت البرلمان الكويتي وأوضحت ان فساد بعض الأشخاص لا يعني أن البرلمان خطأ والديوانية في المسرحية عبرت عن وطن كبير يموج بالخلافات. وأضافت ليلى أحمد أن النص كان أقرب للمسرح المدرسي وافتقد الفعل الدرامي، أما الموسيقى التي بدأ بها مخرج العمل فهي مستوحاة من التراث الكويتي والأزياء كان فيها تشويه ما يدل على أن التشويه ليس في عمق الشخصيات فقط وإنما في ظاهرها أيضا.

وانتقدت أحمد إظهار شخصية الوافد المصري بصورة انتهازية وقالت: هذا عيب... المشكلة عندنا، ويجب ألا نرميها على الآخرين. رئيس قسم الفنون المسرحية في جامعة بغداد الدكتور جبار خماط قال: العرض اليوم قدمه مخرج ذكي يناسب أداؤه طبيعة النص وكنت أراقب توزيع الممثلين مع نسبة الحوار المتبادل بينهم وقد وفق المخرج في ذلك. الدكتورة سهى سالم أكدت أن العالم تسوده موجة هيمنت على المسرح وبدأت تخفي هوية المواطنة، وأن العودة إلى الفولكلور تثبت هوية العمل ولا أجد عيبا في العودة لمسرح السبعينيات وتسليط الضوء على المسرح الشعبي الذي غادرنا منذ فترة إلا أن الكاتبة استطاعت أن تقدمه لنا اليوم بصورة جديدة وتحدثت عن قضايا اجتماعية بحتة. الكاتب والمؤلف فايز العامر أكد أن المؤلفة ظلمت نفسها، وقال: تغريد لها أعمال أفضل كثيرا مما شاهدناه اليوم، وأعتقد أن النص حُمل أكثر مما يحتمل من العديد من القضايا الاجتماعية، ومن جانبي تلقيت عرض الليلة على أن الكاتبة حاولت الحديث عن الكويت من خلال نموذج الديوانية، غير أنها لم تستثمر ذلك بصورة جيدة.

أما مدرس الدراما والنقد بجامعة المنوفية الدكتور عمر فرج فقال: يفترض بنا أن نشجع هؤلاء الشباب... فالعمل فيه ايجابيات وسلبيات، وسأتحدث عن الأولى بدءا من الفكرة المميزة التي قدمتها لنا الكاتبة وإن كانت تحتاج إلى بعض الصياغة، وأيضا الإخراج الذي ينطوي على نقاط مضيئة عدة. منها: الاهتمام بالتمثيل. من ثم انتقل الميكروفون إلى المؤلفة تغريد الداوود لتعقب على الأسئلة التي وجهت إليها، فقالت: فخورة بوجودي ليتم تقييم عملي من قبل نخبة من المسرحيين والفنانين، وقد اختلفت الآراء حول جرأة الطرح، وبالنسبة إلي لا فائدة من وجود القلم بين يدي إذا لم أكتب بحرية.

وأضافت: أتحدى نفسي في القضية والطرح وتكنيك الكتابة، ومن الجميل المقارنة بين نصوصي وأنا مازلت في مستهل مشواري، وعملي اليوم كتب ليكون واضحا، وأجد فرقا بين الوضوح والمباشرة. وتابعت تغريد: أريد أن يصل مثل هذا النوع من الأعمال إلى كل شخص، ليس بالضرورة أن يكون فاهما في المسرح حتى أتوجه إليه برسالتي، وتعمدت أن أكتب هذا الأسلوب لتصل الفكرة إلى الجميع. واستطردت: نعم نحن الشباب متشائمون مما يحدث على الساحة، يوجد لدينا صراع جدلي أردت أن أؤكده. وشددت المؤلفة الشابة على أنها لم تقصد السخرية من الشخصية البدوية، وأنها لا ترضى بذلك، وقالت: كذلك الحال بالنسبة إلى النموذج المصري.

لقد انتقدت الحالة نفسها وليس الجنسية، والدور كتب باللهجة الكويتية، ولكن لوجود ممثل مصري فضلت أن يتحدث بلهجته، برغم أنه يتقن اللهجة الكويتية. واختتمت تغريد الداوود بالتأكيد أن أغلب فريق العمل من الهواه وأنهم كانوا يتركون أعمالهم من أجل حبهم في المسرح. من جانبه علق المخرج خالد الراشد قائلا: لا ندعي الكمال، وأشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لإتاحته الفرصة أمامنا، نحن الشباب، وأمام القطاع الخاص للمشاركة في هذه التظاهرة المسرحية. وقال: الشكر موصول للفنان محمد جابر على دعمه. واستطرد: هذه رؤيتي لنص المسرحية، وأنا كنت منقطعا عن المسرح منذ 11 عاما، وهذه عودة جديدة، ونتعلم من مسرحية اليوم لتدارك الأخطاء مستقبلا.

علي مهدي: مهرجان الكويت المسرحي تطور ..

ومشاركة القطاع الخاص ستكون لها نتائج طيبة المسرح لدينا يمر بظروف بالغة التعقيد لكنه يجاهد من أجل الأفضل المسرح أكثر جرأة من الدراما ويملك مساحة أكبر في الحوار

كتب: مفرح حجاب

أكد الأمين العام للهيئة العالمية للمسرح الفنان السوداني علي مهدي أن المسرح في العالم العربي يمر بظروف بالغة التعقيد إلا أنه يجاهد من أجل التغيير إلى الأفضل، مشيرا إلى أن هناك حالة جديدة من الحوار من السهل أن تفضي إلى نتائج متميزة. واعتبر أن مهرجان الكويت المسرحي تطور بشكل كبير منذ تأسيسه في الدورة الأولى نتيجة دعم الدولة والجهود التي يبذلها المسرحيون، مشيدا في الوقت نفسه بإشراك مؤسسات القطاع الخاص في المهرجان من أجل التعرف على تجارب جيدة من شأنها أن تثري الحركة المسرحية كلها. ولفت إلى أن انتشار الدراما أكثر من المسرح يعود إلى عوامل تجارية، بالإضافة لسهولة هذه الصناعة في الوصول إلى الجمهور بينما المسرح يحتاج إلى جهد وفرص في العرض، ملمحا إلى أنه أكثر جرأة من الدراما، جاء ذلك خلال هذا الحوار:

< كيف تقرأ الحركة المسرحية في الخليج ونحن على أعتاب 2015؟

- هي حركة قديمة ولديها تجارب كثيرة وتراكم خبرات مهمة، ولكن الثقافة والفنون في كل العالم العربي تمر بظروف بالغة التعقيد وتأثرت بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية، وعلى الرغم من ذلك أعتقد أن هذه الحركة في الكويت تحديدا والعالم العربي أيضا تجاهد من أجل التغيير عما هو عليه الآن، فهناك أصوات جديدة وحوار وفرصة أن يفضي إلى الأفضل.

< أنت من المتابعين لمعظم دورات مهرجان الكويت المسرحي، وهو الآن يمر بالدورة الخامسة عشرة كيف تراه؟

- هناك تطور كبير ، ولعل ما يجدر ذكره أنه قد بدأ بمجموعة قليلة جدا من الفرق المسرحية والآن تشارك فيه مجموعة كبيرة من الفرق الأهلية والفرق الخاصة، وأزعم أن مشاركة الفرق الخاصة واتساع الدائرة من دورة إلى أخرى سيتيح التنافس لكل المسرحيين من أجل الوقوف على تجارب مغايرة وأنا أتوقع أن هذه الدورة تحديدا سيكون لها مردود طيب على واقع الحركة المسرحية الكويتية لما تضمه من عناصر شابة وأصحاب خبرة.

< ولماذا لا يسير المسرح في العالم العربي بنفس الانتشار الذي تسير عليه الدراما التلفزيونية؟

- أولا أنا لا أحب أن أطلق عليها دراما بل الفنون التمثيلية التلفزيونية، وانتشارها أكثر من المسرح أمر طبيعي لأسباب عديدة أهمها أن المسرح أكثر كلفة ومملوء بالعناء، بالإضافة إلى فرص العرض، ناهيك عن أن الجمهور يذهب إليه، بينما الدراما تصل البيت من دون عناء وأصبحت لها قنوات متخصصة بعدما دخل فيها العامل التجاري والإعلانات والرعايات وغيرها، لكن هناك تحولات في المسرح الآن على مستوى العالم.

< لكن مازال المسرح هو المعبر الحقيقي عن هموم العامة وخصوصا ما يحدث في العالم العربي تحديدا؟

- الدراما لاتجرؤ على ما يقدمه المسرح، حيث تدخل حساسية الإنتاج والتوزيع في هذا الأمر، بل إن المنتجين للدراما اقل جرأة من صناع المسرح، لأن المسرح لديه القدرة على الكشف والتعبير الأوسع والأشمل، بل المسرح هو الذي أسس للتغيير الحاصل في العالم العربي الآن بصرف النظر عن النتائج، إذا ما وضع في الاعتبار أنه تحدث عن القمع والقهر لكن جاء التغيير من خلال فوضى مصنوعة وليست خلاقة، ولا بد من السيطرة عليها كما تفعل مصر الآن حتى يقل عدد الموتى، لأن الشعوب لم تستفد من التغييرات التي حدثت لأنها من دون هدف، فالثورة ضد أي ديكتاتور يجب أن تكون للمصلحة العامة وليست من أجل مصالح أفراد أو جماعات بعينها.

قال إنه عاشق للمسرح

عبدالمحسن النمر: مهرجان الكويت المسرحي مختلف

وصف الفنان السعودي القدير عبدالمحسن النمر مهرجان الكويت المسرحي بأنه من أهم وأبرز المهرجانات المسرحية النوعية الخليجية والعربية، التي تعنى بالمسرح، وتبرز المواهب المسرحية الشابة والواعدة، مشيرا إلى أن المهرجان في دورته الخامسة عشرة على التوالي سيبرز المزيد من تلك الطاقات الشبابية، التي ستثري الساحة الفنية الكويتية والخليجية في المستقبل، سواء من خلال التجارب المسرحية أو الدراما التلفزيونية.

مهرجان مختلف

أوضح النمر أنه من المتابعين للمهرجان تحديدا، لأنه يراه كل عام كبيرا ويتطور من دورة إلى أخرى في أنشطته وفعالياته وندواته وضيوفه من جميع أنحاء العالم العربي، إلى جانب أنه يقدم كل عام شيئا مختلفا تماما. وعبّر الفنان النمر عن اعتزازه بوجوده في المهرجان، ليكون جزءا من الدراما والمسرح في دولة الكويت، لافتا إلى أن الشغل الأهم بالنسبة إليه هو الشعور بأن هناك تجارب مسرحية مختلفة عن الأعوام السابقة خلال عروض المهرجان.

الحنين إلى المسرح

حول انقطاعه عن العمل المسرحي قال النمر إنه كان له نشاط مسرحي كبير في السنوات الماضية، لكنه في الآونة الأخيرة يرى أن نوعية المسرح أصبحت لا تناسبه على الرغم من حنينه الدائم لخشبة المسرح، لكنه حريص على الحضور في مثل هذه المهرجانات المسرحية، لأنه ظل ولايزال وسيستمر عاشقا للمسرح، مبينا أن حضوره يشعره بأنه جزء من تلك العروض المسرحية.

حركة مزدهرة

ولفت النمر إلى أن الكويت كانت ولاتزال تعيش حراكا مسرحيا رياديا في منطقة الخليج والوطن العربي، وهي صاحبة الأعمال الراسخة بذاكرة كل الجمهور عبر مسيرة مسرحية طويلة في العطاء والإبداع والتميز، متمنيا تكثيف هذا الحراك، وأن يكون في انتعاش وتطور دائمين، ويتبوأ الوضع الذي يليق به.

 
رأى أن مهرجان الكويت المسرحي دعامة أساسية للمبدعين
عبدالعزيز جاسم: المسرح يؤسّس الفنان

أكد الفنان القطري القدير عبدالعزيز جاسم أن مهرجان الكويت المسرحي تظاهرة مسرحية سنوية عوّدتنا، كفنانين ومسرحيين، الحرص على الحضور في الفعاليات المسرحية والفكرية، لاسيما أنه من الناس الملتزمين بالمواظبة على الحضور في المهرجان، لأنه يعشق المهرجانات المسرحية. ولفت جاسم إلى أن الملتقيات المسرحية تحمل طابع المنافسة والجمال المسرحي فيما تقدمه من عروض مسرحية واعدة، إضافة إلى التنوع في الأنشطة من الندوات الفكرية والتطبيقية والمؤتمرات الصحافية، إلى جانب اللقاءات التي تتحقق بين الفنانين والمتخصصين في مجال المسرح على المستويين الخليجي والعربي.

دعامة للمبدعين

أضاف جاسم أن الساحة الفنية الخليجية في كل بلد في أمس الحاجة إلى مثل هذه المهرجانات المسرحية، لأن كل مسرحية تمثل الدولة خصوصا في المهرجانات المسرحية الخليجية، وتكون دعامة أساسية للمبدعين والطاقات الشبابية، وتمنح لهم الفرصة لتقديم إبداعاتهم المسرحية، وتمثل استمرارية للعطاء المسرحي.

أبناء المسرح

حول حرصه الدائم على الحضور في المهرجان المسرحي قال جاسم: «أنا من أبناء المسرح وأحبه، على رغم أن التلفزيون أخذني وشغلني عنه، لكني لاأزال محبا لهذا المجال الذي لا يمكن الابتعاد عنه، حتى ولو بالحضور في المهرجانات كضيف ومتابع، لأني أشعر دوما بالقرب من المسرح».

تأسيس الفنان

الفنان جاسم أعرب عن «أن الحراك المسرحي، سواء على الصعيد الكويتي أو الخليجي، يمثل أهم الدعائم لاستمرار الفن»، مستندا إلى «أن المسرح هو أبو الفنون، لأنه يشهد إبراز تجارب شبابية ووجوه جديدة واعدة، والمسرح هو من يربي الفنان وليس التلفزيون، لأنه يساهم في تأسيس الفنان تأسيسا صحيحا وبناءً بمعايير أكاديمية».

 

طالبت بمزيد من الدعم للفن المسرحي الخليجي

الناقدة الفنية عزة القصابي: المهرجان يمثِّل عراقة المسرح الكويتي

كتب: محبوب العبدالله

تتابع الناقدة الفنية والإعلامية العُمانية عزة القصابي – الحاصلة على ليسانس نقد فني وماجستير إعلام – الحراك الثقافي والفني، ليس في بلدها فقط، بل في بقية دول مجلس التعاون الخليجي. وقدمت من قبل العديد من الأوراق النقدية والبحثية في مهرجانات خليجية وعربية ومحلية. وصدر لها في العام 2006 كتاب توثيقي نقدي عن وزارة التراث والثقافة بعنوان «رؤية في المسرح العماني»، وكتاب آخر بعنوان «توظيف التراث والتاريخ في المسرح العربي»، ونصوص مسرحية مستوحاة من التراث العماني بعنوان «الخيمة ونصوص أخرى»، وكتاب «الصحافة الفنية في سلطنة عمان» عن النادي الثقافي هذا العام. وتشارك الناقدة الفنية عزة القصابي في دورة مهرجان الكويت المسرحي الحالية بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وتقول القصابي عن مشاركتها في هذه الدورة، بعد أن شاركت من قبل في دورات سابقة للمهرجان: «أنا سعيدة بوجودي والمشاركة في فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الذي يعتبر من المهرجانات العريقة في دول المنطقة، لأنه من أقدم المهرجانات المسرحية ويمثل عراقة المسرح الكويتي الذي يعتبر أساسا للمسرح في دول الخليج العربية بشكل عام منذ أكثر من 50 عاما».

وأضافت: «وهذا المهرجان فرصة لأن نشاهد عروضا مسرحية جيدة، ونلتقي قامات فنية مسرحية خليجية، ونعيش في مثل هذه المهرجانات أجواء مسرحية صحيحة».

< وكيف ترين الصورة المسرحية بشكل عام في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال متابعتك للنشاطات والمهرجانات؟

- إن الواقع في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث الحراك المسرحي الموجود لا يقل أهمية عما هو موجود في بقية أنحاء الوطن العربي، ويجب ألا نقلل من أهمية ودور المسرح الخليجي. ويضم الواقع المسرحي الخليجي فنانين ومبدعين من كل ألوان الطيف المسرحي، وهم فقط في حاجة إلى الاهتمام والرعاية والدعم المالي والمعنوي، وهم في الحقيقة لا يختلفون عن بقية فناني المسرح في الوطن العربي، ويمكن ملاحظة هذا من خلال أعداد الكتاب والنقاد والفنيين، وهذا يدل على أن المسرح في دول الخليج العربية يسير بخطى صحيحة، وهو فقط يحتاج إلى الرعاية الرسمية والمساندة والعون، إلى جانب تفهم رسالة المسرح ودوره، وكذلك دعم المجتمع لأن هناك عزوفا من الجمهور عن حضور المسرحيات، وانصرافه إلى الدراما التلفزيونية التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وكذلك إلى الأفلام السينمائية. ويحتاج المسرح إلى جهود رسمية كبيرة في سبيل الإبقاء على رسالته ودوره الثقافي والفني والاجتماعي، وللإبقاء على رسالته واستمراره في ظل هذا الانفتاح العالمي من خلال ثورة المعلومات القوية التي سيطرت وفرضت وجودها على العالم، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة، حيث أصبحنا جميعا في عالم رقمي، وأصبحت بعض المسارح تتجه إلى المسرح الرقمي وهو مسرح – السي دي – والمسرح الافتراضي... إلى آخر الموضات المسرحية الجديدة التي أصبحت تستخدم التقنية الرقمية.

< في سلطنة عمان الآن مهرجانان للمسرح والسينما، حدثينا عن كل منهما؟

- مهرجان المسرح يسبق كثيرا – من الناحية الزمنية - مهرجان السينما الذي لايزال في بداياته، ولكنه يواكب التطور والتقنيات الجديدة في الفن السينمائي. والمسرح في سلطنة عمان أثبت وجوده ويخطو خطوات جيدة وواثقة وما يحتاج إليه هو الدعم والتشجيع، وخصوصا الشباب العماني الذين يجتهدون في كل مجالات الفنون والآداب والإبداع والثقافة. والمطلوب فقط هو دعم أهمية وجود الفن المسرحي والاهتمام به وبكوادره والسعي نحو نشر الثقافة المسرحية بين عموم الناس بحيث يتفهم المجتمع أهمية ودور المسرح ورسالته. ولا أؤيد أن يكون المسرح موجودا فقط من خلال المهرجانات السنوية، بل أن يكون موجودا في حياة الناس ومؤثرا على مدار العام، لأن الاقتصار على المهرجانات فقط هو خطأ كبير.

< وهل توجد حركة نقدية متابعة للحراك المسرحي في سلطنة عمان؟
- توجد حركة نقدية وفنية متابعة، ولكنها تظل خجولة في إطار معين، وهي أكيد مرتبطة وعلاقتها طردية جدا بواقع المسرح، ومتى ما وجدت حركة مسرحية مؤثرة سيكون هناك نقاد متابعون وراصدون، وما يوجد الآن ليس بالمستوى المطلوب. وأنا اهتم جدا من خلال كتاباتي بتأكيد هوية المسرح العماني، وألا أكتب أي نص لا يتضمن هويته المسرحية العمانية، حيث إن لدينا تراثا تاريخيا وثقافيا ثريا وفيه موضوعات كثيرة ويمكن للكاتب أن يسقط عليها رؤيته. وهذا ما تضمنه كتابي الأخير «للمسرح العماني حكاية» الذي يضم نصوصا مسرحية وأوبريت من وهج التاريخ والتراث العماني. فنحن ككتاب لا بد أن نواكب العصر ونتعايش مع الماضي ونقدم للأجيال الجديدة المتعطشة للثقافة والفنون إبداعا برؤية معاصرة، ولدي تطلع لأن أعالج ما تعرض له المسرح في دول الخليج من ناحية التراث وتناوله مسرحيا في المستقبل.

Happy Wheels