مهرجانات وأنشطة

النشرة الرابعة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة الرابعة

 

 

الاقتصاد المعرفي ودوره في التنمية الثقافية

 

يربط المؤرخون بين تطور المجتمعات البشرية وبين اقتصاديات المعرفة كأحد أشكال الثورات التي انطلق منها الاقتصاد، ومنها ثورة المعرفة وثورة الصناعة وثورة الزراعة، الأمر الذي يعزز أهمية اقتصاديات المعرفة التي تنبع دلالة تسميتها من التنوع الذي يشمله اقتصاد المعرفة، ليشمل اقتصاديات الإنترنت، بكل ما تقدمه هذه الشبكة الافتراضية من كم هائل من المعلومات، إلى غيرها من توصيفات تشملها هذه التسمية.
وأحسب أن ما شهده العصر الحديث من تطور تكنولوجي في مختلف المجالات كان له بالغ الأثر في تعزيز ورواج مفهوم اقتصاد المعرفة، وهو ما يجعل المعرفة ذات ارتباط وثيق بما يشهده العصر من تطورات متلاحقة، كلما زادت آفاقها تعمقت المعرفة، وشكلت نموا مطردا مع الاقتصاد، ما يجعل العلاقة بينهما أشمل.
ولعل فضاء الاقتصاد الذي يتمتع به نتيجة انفجار الثورة المعلوماتية، يجعل المعرفة جزءا أصيلا من الاقتصاد في العملية الإنتاجية، ما يسهم في عملية التسويق. وفي المقابل فإنه لولا الاقتصاد ومكوناته لما كانت المعرفة، الأمر الذي يجعل كلا منهما صنوا للآخر، فالاقتصاد وما يشمله من مكونات يبحث عن المعرفة، والأخيرة بدورها تتوق إلى الاقتصاد، ما يجعلنا أمام هدفين يكمل كل منهما الآخر.
هذه التكاملية بين الاقتصاد والمعرفة تعكس أهميتهما في المجتمعات البشرية، لما يخلفه اقتصاديات المعرفة من رؤى تعزز الأهداف وتبتكر المبادرات، الأمر الذي يثري المشهد الثقافي بمختلف مجالاته، ويعمق قيمة الثقافة المجتمعية التي ترتكز في الأساس على المعرفة، خاصة للأمم الناهضة، أو تلك التي تبحث عن تحقيق النهضة، في عالم أصبح الاقتصاد هو شغله الشاغل، ويسعى - في الوقت نفسه - إلى تحقيق المعرفة التي تولدها مجالات الاقتصاد المتباينة، على النحو المبين.
هذه الأهمية القصوى لاقتصاد المعرفة تدعونا، في العالم العربي، بكل ما تئن منه مجتمعاته من تراجع معرفي واقتصادي، إلى ضرورة الأخذ بزمام اقتصاديات المعرفة، بالشكل الذي يلقي بظلاله على الفرد والمجتمع بكل مؤسساته في آن.
وتاريخيا، فإن هذا الأمر ليس بمعجز على وطننا العربي الذي شهد بدايات النهضة، ونهل منها الغرب، فاستفاد منها، وبنى عليها، وحقق تقدمه الملموس أمامنا في عالم اليوم، وذلك على مختلف الصُعد، فيما عُدنا نحن العرب إلى مرحلة التيه، الأمر الذي يضعنا أمام واقع لا مناص لنا فيه عن معرفة تبني اقتصادنا، واقتصاد يدعم المعرفة.


فالح بن حسين الهاجري
مدير إدارة البحوث والدراسات الثقافية
بوزارة الثقافة والرياضة القطرية

 

 

خلال محاضرة نظمتها دار الآثار الإسلامية في اليرموك
د. شيلتز ناقشت وعرضت صورا لـ «مجوهرات الرّحالة»
البعيجان: مساهمة كبيرة للرّحالة في الفن الإسلامي


كتبت: فضة المعيلي
نظمت دار الآثار الإسلامية محاضرة بعنوان «مجوهرات الرّحالة القديمة» قدمتها د. فيرونيك شيلتز، في مركز اليرموك الثقافي، وذلك ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ24. وحضر المحاضرة المشرف العام لدار الآثار الإسلامية الشيخة حصة صباح السالم الصباح عند حدود النهر الأصفر في الصين. في البداية قال رئيس اللجنة التأسيسة لأصدقاء الدار بدر البعيجان بأنه كانت مساهمة الرّحالة في الفن الإسلامي كبيرة من آسيا الوسطى إلى شبه الجزيرة العربية، ومن الهند، وإيران.
طابع الترحال
من جانبها تحدثت د. شيلتز عن السكوثيين ((The Scythians ووصفتهم بأنهم أخذوا طابع الترحال، وقد نزح السكوثيون من سهول أوراسيا إلى جنوبي روسيا في القرن 8 ق.م، واستقروا غربي نهر الفولجا شمال البحر الأسود حيث كانوا على صلة بالمستعمرات الإغريقية حول البحر الأسود، والتي تعرف اليوم بشبه جزيرة القرم - أوكرانيا حاليا. وأشارت الى أن السكوثيين تمكنوا من تأسيس إمبراطورية غنية وقوية استمرت لقرون عديدة بين القرنين الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي. وأضافت د. شيلتز أنه لم يكن السكوثيون يتميزون بقدرتهم على القتال فحسب بل أيضا بأعمالهم اليدوية، حيث طوروا طبقة من الأرستقراطيين الأغنياء الذين شجعوا على التوسع بالمهن والحرف وتركوا لنا اليوم قطعا فنية فريدة من الذهب ومواد أخرى نفيسة.
وتابعت د. شيلتز أن السكوثيين أنتجوا الفن المميز في فترة من القرنين السابع والثالث قبل الميلاد، وشاركوا في التجارة مع الشعوب المجاورة مثل الإغريق. وأضافت أن الفن السكيثي اشتمل على رسومات حيوانية تظهر بشكل فردي أو في قتال، وكان لها تأثير طويل الأمد وواسع جدا. وأوضحت أن السكوثيين كانوا على اتصال مع اليونانيين في الطرف الغربي من منطقتهم، والتي أثرت أعمالهم الفنية فأخذت طابع الفن اليوناني، وتأثرت به. كما ازدهروا بالتجارة مع اليونانيين، واستقروا وبدأوا الزراعة، وأنشأوا مستوطنات دائمة.
الذهب الخالص
وبينت د.شيلتز أن السكوثيين انتظموا في مجموعات قبلية، بعضها كان مستقرا وبعضهم الآخر كان يعيش حياة البداوة والترحال. ومن جانب آخر أشارت د. شيلتز إلى أن السكوثيين استخدموا مجموعة واسعة من المواد في صنع مجوهراتهم مثل الذهب، والخشب، والجلود، والبرونز، والفضة وغيرها ولكن ركزوا على استخدام الذهب في مجوهراتهم. وأكملت د. شيلتز حديثها بأن مجوهرات واكسسوارات السكوثيين تتميز بنقوشها الغنية بمضامين الحرب التي تعكس طبيعتهم التواقة للقتال، ومن أشهر اكسسواراتهم السيوف، والخناجر المصنوعة من الذهب الخالص، بالاضافة إلى خوذ الرأس الحربية المدببة. وقالت إن السكوثيين لم تكن لهم أبجدية خاصة بهم، ولم يتركوا أي كتابات، وكل المعلومات عنهم أخذت من المصادر الكلاسيكية والتنقيبات الأثرية.
وأوضحت د. شيلتز وفي الوقت الحالي أصبح الفن السكيثي (Scythian art) معروفا جدا في الغرب بفضل سلسلة من المعارض التي تقام عن هذا الفن، وعرضت د.سيلتز صورا لبعض القطع الاثرية والمعروضة في متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ في روسيا ويلاحظ أن المعروضات محفوظة. ومن أبرز ما عرضته د.شيلتز في محاضرة دار الآثار الاسلامية صور للقلادات الذهبية اللامعة والذهب المزخرف للرجال والنساء، وأشارت إلى أن السكوثيين كانوا يزينون السروج ولجام الخيول بشكل رائع. الجدير بالذكر أن د.فيرونيك شيلتز هي عضو في الأكاديمية الفرنسية للنقوش والكتب، وقد كانت أمينة للعديد من المعارض في نيويورك وباريس.


في ختام ندوة «اقتصاديات الثقافة العربية ودور الكويت الثقافي في تنمية المعرفة»
إعلان الكويت الثقافي

 

> إطلاق حوار ثقافي/ اقتصادي عربي حول الاستثمار في المقوّمات
> تطوير الصناعات الثقافية واعتبار الثقافة حقا من حقوق الإنسان
> إطلاق مجموعة مبادرات بين الحكومة والقطاع الخاص
> الاهتمام بواقع اللغة العربية باعتبارها أهم حصون الهوية
> طرح نقاش بين اتحادات الكُتّاب والأدباء والناشرين
> بناء مشروع عربي لمواجهة التحديات والاختراقات
> إنشاء مجلس أعلى للثقافة العربية يضم تشكيلا متنوعا
> تأسيس شبكة أكاديمية عربية للتواصل وتبادل الخبرات
> التواصل مع الجهات الرسمية لتذليل العوائق والقيود الجمركية والبيروقراطية
في ختام جلسات ندوة القرين الرئيسية، قرأ الأمين العام لجائزة الملك فيصل، في المملكة العربية السعودية، د. عبدالعزيز السبيل، إعلان الكويت الثقافي.
واستهل البيان بقوله «إن المشاركين في ندوة اقتصاديات الثقافة العربية ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي المنعقدة على أرض الكويت في 15 و16 يناير 2018، إذ يعبرون عن تقديرهم للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت على مبادرته لعقد هذه الندوة المهمة ويحيون جهد القائمين على تنظيمها، ويعيدون التأكيد على أهمية البناء على المبادرات ذات الصلة التي أطلقتها المؤسسات والملتقيات العربية».
وتابع أن المشاركين «يؤكدون على الأهمية القصوى لدور الثقافة العربية كأحد حصون الهوية والانتماء للأمة العربية بكل مكوناتها وكجسر للتواصل مع الثقافات العالمية الأخرى والانفتاح عليها، وإذ يرون أن الاهتمام بالثقافة والارتقاء بها يتطلب اهتماما وارتقاء مماثلين بالصناعات والاقتصاديات الثقافية التي أضحت في عالم اليوم مكوّنا اقتصاديا مهما على المستويين الداخلي والخارجي، وما يترتب على ذلك من ضرورة البحث عن إمكانات وأدوات وآليات لتوظيف واستثمار المقوّمات والأصول الثقافية العربية في تنمية الوجدان والعقل لاسيّما لدى النشء والشباب كأحد جوانب التنمية البشرية المستدامة والشاملة. وإذ يقلقهم تواضع مستويات الاقتصاديات الثقافية العربية، لاسيّما مجمل إنتاج الصناعات الثقافية والإبداعية على المستويين الداخلي والخارجي، ويدركون في الوقت ذاته ما تزخر به الأمة العربية من إمكانات طبيعية وبشرية وثقافية».
فإنهم يوصون بما يلي:
أولا: أهمية إطلاق حوار ثقافي/ اقتصادي عربي حول الاستثمار في المقوّمات والأصول الثقافية العربية وكيفية الاستغلال الأمثل للثروات الثقافية العربية بكل تجلياتها من خلال تكامل الأدوار وحشد الجهود بين الدول العربية بهدف توظيف الثقافة كاستثمار بشري طويل المدى.
ثانيا: ضرورة إيلاء اهتمام أكبر بقضية التوفيق بين مقتضيات تطوير الصناعات الثقافية من ناحية باعتبارها قطاعا اقتصاديا مهما، ومتطلبات اعتبار الثقافة حقا من حقوق الإنسان يجب توفيره لكل مواطن.
ثالثا: السعي لإطلاق مجموعة مبادرات ثقافية في موضوعات محددة من خلال تكامل أضلاع مثلث الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، في إطار دور حكومي يجب استمراره وتعظيمه لإتاحة الثقافة للجميع على غرار تجربة دولة الكويت، ودور أهلي يُعيد الاعتبار إلى مفهوم «الوقف» الثقافي الذي كان المسلمون والعرب الأسبق تاريخيا في الأخذ به، ودور اجتماعي لاستنهاض المسؤولية الثقافية لكيانات القطاع الخاص.
رابعا: ضرورة إيلاء أقصى الاهتمام بواقع اللغة العربية باعتبارها أهم حصون الهوية العربية بما يقتضيه من تحديث مناهج وآليات تعليم اللغة العربية في المؤسسات التعليمية، وأهمية الاستثمار العربي في دعم المحتوى الرقمي العربي على شبكة المعلوماتية العالمية (الانترنت)، وإصدار معجم لغوي عربي حديث على غرار المعاجم اللغوية العالمية يتم تحديثه بشكل دوري.
خامسا: التواصل مع الجهات الرسمية العربية المعنيّة لتذليل العوائق والقيود الجمركية والبيروقراطية التي تحد من حركة المنتجات الثقافية العربية البينية.
سادسا: الدعوة إلى طرح النقاش بين اتحادات الكُتّاب والأدباء العرب واتحادات الناشرين حول مدونة سلوك لحماية حقوق المؤلفين العرب من ناحية باعتبارهم الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية ولضمان حقوق الناشرين العرب من ناحية أخرى في إطار احترام الجميع لحقوق الملكية الفكرية.
سابعا: الدعوة إلى بناء مشروع ثقافي عربي لمواجهة التحديات والاختراقات التي تواجهها الأمة العربية.
ثامنا: الدعوة لإنشاء مجلس أعلى للثقافة العربية يضم تشكيلا متنوعا من الجهات الثقافية الحكومية، والمفكرين والمثقفين، وممثلين عن القطاعين الخاص والأهلي المعتنين بقضايا الثقافة ليكون منصة لإطلاق المبادرات الثقافية وجهة تواصل وتنسيق مع المؤسسات والمنظمات العربية ذات الصلة.
تاسعا: يرحب المجتمعون بالفكرة التي تسعى إليها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في الكويت بإنشاء شبكة أكاديمية عربية لزيادة التواصل بين العاملين بالبحوث العلمية والفكرية من العرب لتبادل الخبرات وتقديم المشورة على نطاق الوطن العربي، وربط المنتج العلمي والثقافي العربي بالعالم.


هل الثقافة سلعة أم خدمة مساعدة ترفد التنمية؟

 

 

د. بكر: المجتمعات الإنسانية
بلغت درجة كبيرة من التعقد

د. العدواني: الوطن العربي بحاجة إلى بريسترويكا ثقافية

 

كتبت: فضة المعيلي
تواصلت ندوة القرين الرئيسية (اقتصاديات الثقافة العربية ودور الكويت الثقافي في تنمية المعرفة) في عقد جلساتها في فندق كراون بلازا لتصل إلى الجلسة الرابعة، والتي حملت عنوان «هل الثقافة سلعة أم خدمة مساعدة ترفد التنمية؟»، وشارك فيها من السعودية الأستاذ الدكتور معجب العدواني، ومن مصر الدكتور أيمن بكر والدكتور طارق الشناوي، وأدارتها من الكويت الدكتورة ابتهال الخطيب.
في ورقته البحثية تحدث د. العدواني عن المكون الثقافي في صناعة الثقافة، مشيرا إلى الشعراء العرب القدامى الذين في معظمهم كانوا يتكسبون بقصائدهم، معتبرا أن ذلك مناف للأخلاق الثقافية، ومن ثم فقد عاد بتعريف الثقافة إلى جذورها التي جاءت من ثقف، والتي تعني أن يكون الشخص حاذقا في علم ما.
وأوضح د. العدواني أن مفهومي العامة والجماهير لم يكونا دارجين في الثقافة العربية في العصور القديمة؛ فقد ظل الأخير حتى العصر الحديث غائبا عن التكوين والفعالية، متواصلا مع هذه المسألة من خلال ما أفرزته الحياة السياسية وما قدمه الفلاسفة من آراء واتجاهات.
وقال: «لم تشهد الحضارات السابقة اهتماما بالجماهير وثقافاتهم، قدر اهتمام الحضارة الحديثة بذلك»، وفي سياق حديثه عن ملامح المكون الجماهيري في صناعة الثقافة أشار الباحث إلى المنتج والجمهور ثم المنتج والقيمة وطرح سؤاله: ماذا يريد الجمهور، موضحا أن الجمهور ميّال إلى الثقافة البصرية، ولا يتفاعل مع منتج يقتصر على أفكار وأحاسيس في قوالب مكتوبة.
وأضاف: «إن عدم امتزاج الثقافة الشعبية بالثقافة العالمية عكس توجسا من الجمهور وعزوفا عن الاهتمام بالثقافة العالمية، وفي الوقت نفسه تنحو الثقافة الشعبية الثابتة على أعراف وتقاليد إلى الهيمنة على الجماهير».
وخلص د. العدواني إلى حاجة الوطن العربي إلى بريسترويكا ثقافية تقوم على احترام مكانة الجماهير وتقدير صفاتهم وأدوارهم الحاسمة في صناعة الثقافة، لتعيد النظر إلى الثقافة من منظور مختلف كليا، وتتذرع بخلق السياسات الملائمة، لإعادة هيكلة المنتجات الثقافية بصورة مختلفة.
مقارنة
وأجرى د. بكر في ورقته البحثية مقارنة بين سوق الثقافة بالمعنى الضيق الذي يحصرها في العمل الإبداعي والفكري في مجالات اللغة والفنون والموسيقى والنقد، وسوقين أخريين أولاهما تبدو على المستوى السطحي سوقا تابعة لمجال الثقافة الفنية، خاصة الرسم والنحت، لكنها في العمق مضادة للثقافة عامة، هادمة لتفاعلاتها النشطة، والتي يقصد بها سوق المنتجات الفنية والثقافية المقلَّدة بصورة شائهة، أو ما يعرف اصطلاحا بالكيتش kitsch.
وأوضح د. بكر أن السوق الثانية هي سوق الإعلام الرياضي، وخص فيها الباحث فكرة المشاهدة التي تتخذ من المباريات الرياضية مادة تسويق، خاصة كرة القدم. وبدأ البحث بتحديد ما يطلق عليه المعنى الضيق لمصطلح «الثقافة»، والمعنى الواسع الذي يسوي بين مصطلحي «الثقافة» و«الحضارة». ثم تطرق إلى توضيح حدود السوقين الأخيرتين ومدى تأثيرهما في السوق الثقافية.
وأشار بكر إلى إشكالية التعريف بين الثقافة والحضارة، وهو التعريف الذي يضعنا تعريف تيلور التقليدي للثقافة في مأزق تنظيري؛ إذ يوحد بين مفهومي الثقافة culture والحضارة civilization.
وقال: «يمكن لفكرة الثقافة التحتية أن تساعد في إضاءة العلاقة بين النشاطات الثقافية ذات الطبيعة الذهنية، أو المرتبطة بالفنون الجميلة كالرسم والنحت والموسيقى ذات الطبيعة النخبوية مثل الأوبرا، وبين مجالات نشاطات أخرى كمشاهدة مباريات الكرة واستهلاك المستنسخات الشائهة التي هي في واقع الأمر تعبير عن ثقافات تحتية تصنع من أصحابها مستهلكين بنسبة أكبر لهذه المنتجات أو لتلك».
وأوضح د. بكر أن المجتمعات الإنسانية التي بلغت درجة كبيرة من التعقد تضم مجالات نشاط متنوعة تتجلى اقتصاديا في صورة أسواق، من مثل: سوق الفنون والآداب والفكر، وسوق مباريات الكرة، وسوق المنتجات الفنية المقلدة، ما يعني أنها جميعا أسواق لمنتجات ثقافية بالمعنى الواسع، وجميعها تشكل وعي المواطن وتتنافس بدرجات متفاوتة من العنف قد تصل إلى التناحر العنيف الذي أفرزته قوانين الرأسمالية وأعرافها، وذلك للهيمنة على قطاعات أكبر من المستهلكين. ويبدو التوازن بين الأسواق الثلاث السابقة مرتبطا بدرجة التعقد المعرفي للمجتمع، أي بدرجة الوعي الفردي والجمعي الذي يتحقق عبر مؤسسات التعليم ونشاطات المجتمع المعرفية الأخرى؛ كاستيعاب الموروث ومناقشته، والانفتاح على الثقافات المغايرة، ودعم الابتكار وتطوير القدرات المعرفية، والاحتفاء بالفنون... إلخ.
وأشار د. بكر إلى أن مصطلح «الكيتش» ظهر في ألمانيا مع نهايات القرن التاسع عشر (ميونخ 1860 - 1870) ليصف عمليات استنساخ لوحات الفن الكلاسيكي بصورة شائهة فيها من المبالغة وعدم المعرفة بأصول الفن الشيء الكثير، ثم تحويل المستنسخات الشائهة إلى منتجات شعبوية رخيصة هدفها تحقيق قاعدة تسويقية واسعة.
وأضاف: «تبدو سوق مشاهدة الألعاب الرياضية (وعلى رأسها كرة القدم وكرة السلة وكرة المضرب) على العكس تماما مما تعنيه الرياضة من بناء للأجساد يسهم في بناء العقول، وتصفية النفس عبر موازنة الطاقة، فالمشاهدة فعل سلبي بدنيا؛ أي أن المتفرج القابع في بيته لا يبذل أي قدر من الحركة، بل ترتبط مشاهدته بعادات غذائية ضارة من مثل تناول المشروبات الغازية أو الوجبات السريعة، من هنا تبدأ سوق مشاهدة الرياضة بدعوة بدنية للتوقف أو للموت. وعلى المستوى النفسي لا يجني المتفرج سوى حالة من الشحن الزائد لا تفريغ الشحنات. سوق مشاهدة الرياضة إذن هي فعل تعويضي عن الفعل الأصلي، وغالبا ما يضاده في الأثر».
وختم بقوله: «هكذا تتحول سوق مشاهدة الرياضة في الثقافات العربية، متحالفة مع سوق الكيتش، إلى معوق لكثير من الممكنات الأخرى، أو لنقل الأسواق الأخرى، كي تحيا هي وتتوسع؛ فسوق مشاهدة الرياضة معطلة للطاقة العقلية في التفكير، حين تتحول المشاهدة إلى فعل تلق سلبي مجهد عصبيا، كما أن فعل المشاهدة السلبي نفسه هو إلغاء لإمكانية الفعل الرياضي الجسدي الحقيقي، وهو إهدار منتظم يصل حد القتل للطاقات الإبداعية في التفكير وإمكان المعرفة، أو على أقل تقدير حصر لتلك الإمكانات في حدود الخبرة التافهة بلاعبي الكرة وأخبار الفرق الرياضية ومهارات الألعاب. لهذا يبدو سوق مشاهدة الرياضة وقد تكاتف مع سوق الكيتش لإجهاض ما يمكن أن يحققه سوق الثقافة بالمعنى الضيق من دعم للوعي، ودفع نحو مجالي المعرفة والفنون، القادرين على مساعدة الإنسان في ترتيب أولوياته بصورة تقود غالبا إلى عالم أفضل».
خيوط الأمل
وبدوره قال د. الشناوي في ورقته البحثية: «يقولون إن الألم هواية والأمل موهبة، وأنا أحاول في هذه الدراسة أن أمسك بخيوط الأمل، على عكس تلك النظرة المتشائمة التي يتبناها كُثر عندما يطلون على المشهد الثقافي العربي برمته، والسينمائي تحديدا، لدي إطلالة أخرى، لا أحاكي نظرية نصف الكوب الملآن الذي يقابله بالضرورة نصف فارغ، المتشائم هو الذي يكتفي بالنصف الفارغ فلا يرى غيره، نعم ليس لدينا نصف ملآن، والأمر لم يزد على رشفات نتجرعها ونحن نتابع الفيلم العربي في عدد من المهرجانات العالمية بوجوده خارج الحدود، خصوصا أن لدينا جيلا جديدا من المخرجين استطاعوا أن يحققوا نجاحات في المهرجانات العالمية خلال السنوات الأخيرة، لم نصل قطعا إلى تخوم الطموح، ولكن بصيصا من أمل قادم أفضل قطعا من ضياع الأمل، وتلك هي فضيلة موهبة الأمل».
وأضاف: «مع إطلالة العام الجديد الذي لم تمض منه سوى أيام قلائل تأتي تلك الندوة التي تتناول الواقع الاقتصادي للسينما العربية، والتي تُعقد ضمن لقاءات مهرجان «القرين» في دورته الـ 24 والذي بدأ فعالياته في العام 1994، ليمنح الثقافة والفن الكويتي والخليجي والعربي برمته زخما وألقا».
وأشار إلى أن الاستديوهات في مصر تحديدا صارت تولي اهتماما أكثر بالمسلسلات الدرامية، حجم الإشغال بتصوير المسلسلات هو السائد حاليا بنسبة تتجاوز 70 في المائة، حيث إن مجال الاستثمار الدرامي حاليا عشرة أضعاف الاستثمار السينمائي؛ ليصل إلى 300 مليون دولار، هامش المخاطرة في الدراما التلفزيونية أقل؛ لأن الفضائيات تتعاقد على شرائها قبل الشروع في إنتاجها، وذلك تبعا لجاذبية اسم النجم.
وأضاف: «الرؤية الاقتصادية تطل دائما بقوة في كل التفاصيل السينمائية، ولو تأملتها ستكتشف أن هناك معادلة اقتصادية تحرك المنظومة برمتها، وبالتالي لسنا بعيدين أبدا عن تلك القواعد الصارمة؛ لأنها في الحقيقة صاحبت السينما في العالم كله منذ لحظة ميلادها، وتشعبت مع مرور الزمن».
وأوضح «أن تاريخ بداية انطلاق السينما كان ولايزال مدينا لكل المحاولات السابقة على هذا التاريخ، ولكن هذه الجهود في نهاية الأمر أسفرت عن ولادة هذا الفن في تلك اللحظة التاريخية». وأضاف أن السينما في العالم كله تتحرك وفقا للمؤشر الاقتصادي، العالم العربي لم يكن أبدا بعيدا - في مشرقه ومغربه - عن اللحاق بهذا الفن الجديد، حيث إنه بعد أقل من عام من عرض أول الأفلام في باريس يأتي الأخوان لوميير إلى مدينة الإسكندرية، والتي كانت هي عاصمة السينما المصرية في البداية؛ لأن الإسكندرية ينطبق عليها تعريف المدينة «الكوزموبوليتانية»، وهي التي تجمع العديد من الأديان والأعراق والأطياف والألوان في مكان واحد، وهو ما يتيح لها ببساطة استقبال كل ما هو جديد. فيما تحدث عن تطور السينما في مختلف الدول العربية.
وختم بقوله: «يجب أن نلحظ أن نظرية الأواني المستطرقة تؤثر على السينما العربية، وأن الانتعاش السينمائي في دولة سيؤدي حتما إلى الانتعاش بنسبة ما في عدد من الدول العربية، خاصة تلك التي يعرض في أسواقها بنسبة كبيرة الفيلم العربي... ويبقى أن أذكر لكم في الختام أنه من المؤكد أن أي باحث يتكئ على الأرقام في مجال السينما يحتاج إلى جهد مضنٍ في تجميع المادة العلمية والتاريخية، حيث إنه كثيرا ما تتضارب المعلومات هنا وهناك، وأعتذر مسبقا عن أي تقصير، ولكن يبقى أنني مازلت بعد هذه الجولة الاقتصادية في السينما العربية أتشبث بشاطئ الأمل في أن الغد العربي سيحمل برغم كل شيء ما هو أفضل».
مداخلات الحضور
تناول الحضور في مداخلاتهم العديد من الملاحظات والأسئلة التي تخص عنوان الجلسة؛ ففي البداية تطرقت مداخلة د. عبدالعزيز السبيل إلى مسألة الجماهير، وكان سؤاله للمشاركين: كيف نحمي الجماهير من كثير مما يصدر من كتب وإنتاج فني ليس ذا قيمة. وأشار إلى أنه نحتاج إلى شيء من الحماية؛ لأن الآن الكل لديه منصته الإلكترونية يفعل بها ما يشاء.
من جانبه أشاد د. محمد الرميحي بالدراسات المتميزة التي قدمت من قبل المشاركين، والتي أثارت كثيرا من التساؤلات، وأشار إلى أنه سيتطرق في الحديث إلى ما تطرق إليه د. بكر بأننا دائما نلجأ إلى التعاريف الغربية وقد يكون هذا في إطار العمل الأكاديمي ممكنا، ولكن لدينا أيضا في إطار التعاريف العربية للثقافة مثلا كما قال الاستاذ الكبير محمود أمين العالم، وعرف الثقافة بأنها عبارة عن تلاقح جذور معرفية ومبادئ إنسانية، لذلك فرق بين المثقف العربي والغربي. وأكد د. الرميحي في حديثه أن لدينا مخزونا ثقافيا حتى في موضوع أهمية الثقافة ودورها من عدد كبير من الكتّاب العرب. من جانبه قال د. سعيد السريحي بأن الجماهير الآن لا تنتج ثقافتها ولكنها تشكل ضاغطا لتشكيل الثقافة العليا كذلك، مشيرا إلى أن الثقافة العليا أصبحت استجابة لرغبة جماهيرية.
وبدوره قال الكاتب عبدالمحسن مظفر بأن الجماهير يجب أن يكون لها دور في توجيه النخبة. أما د. غدير أسيري فرفضت أن يكون هناك بما يسمى الوصاية على الفن، لافتة إلى أن الفن شيء إبداعي، وأشارت إلى أنه عند وضع معايير ستكون النتيجة هي الحد من ذلك الإبداع، وايضا سوف يفقد كل من الثقافة والفن قيمتهما الاساسية.


دور الكويت الثقافي والتنويري في الثقافة العربية


السريع: «الكويت بلاد العرب».. شعار اتخذته منذ مطلع نهضتها

عبدالمنعم: تواضع حجم اقتصادات الثقافة والإبداع في الدول العربية

 

كتبت: فضة المعيلي
جاءت الجلسة الخامسة بعنوان «دور الكويت الثقافي والتنويري في النصف الثاني من القرن العشرين حتى العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين»، وأدراها من الكويت عبدالله البشارة وشارك فيها من الكويت الكاتب عبدالعزيز السريع، والكاتب خليل حيدر، ومن مصر الأستاذ الدكتور سليمان عبدالمنعم.
يقول السريع في ورقته البحثية: «تعرفت الكويت منذ نشأتها على العالم عبر طريقين: البر والبحر، فمن البر جاء تكوينها البشري المتنوع، ومن البحر تواصلت مع المدنيات الشرقية وانفتحت على الثقافات المتعددة في آسيا وأفريقيا، فضلا عن محيطها العربي المتحضر والذي تمثل في المدن العربية المتاخمة، مثل: البصرة والأحساء والبحرين وقرى نجد التي يتحدر معظم سكان حاضرة الكويت منها.. ومن البادية العربية الممتدة من حدود الكويت الجنوبية حتى أقصى الربع الخالي في المملكة العربية السعودية».
وأضاف: «في الكويت ثقافة مجتمعية هيأت لما جاء بعدها... ففي النصف الأول من القرن العشرين افتتحت مدرسة المباركية 1911 بتبرعات من المواطنين، وبعدها الأحمدية 1921 وكان يتولى إدارة الاثنتين بكل اقتدار مثقف الكويت الأبرز الشيخ عيسى بن يوسف القناعي (1878 - 1974) تطوعا ودون مقابل».
وقال مؤكدا: «إنها الكويت بلاد العرب، وهو شعار اتخذته في مطلع نهضتها بأن تكون الأوراق الرسمية تحمل ترويسة موحدة «الكويت بلاد العرب»، ومنذ تفتح وعيها أنشد شعراؤها لثورة الخطابي ولجهاد الفلسطينيين منذ العام 1936، وخلال تداعي الأحداث الكبرى كانت الكويت حاضرة بثقافتها العربية الواضحة بإيجابية في كل ما تجمع عليه الأمة شعبيا ورسميا، هذه ثقافة الكويت العربية».
وتطرق السريع إلى النادي الثقافي القومي الذي تأسس عام 1952، والتوسع في إنشاء المدارس والمكتبات العامة، وعروض الأفلام السينمائية والمسرح وغيرها.
وتشكل أول مجلس وطني للثقافة والفنون والآداب من السادة والأساتذة عبدالعزيز حسين رئيسا، وأحمد العدواني أمينا عاما، وكل من: وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عبدالعزيز محمود، ووكيل وزارة التربية يعقوب الغنيم، ووكيل وزارة الإعلام سعدون محمد الجاسم، ورئيس الفتوى والتشريع الشيخ سلمان الدعيج، ومدير جامعة الكويت د. حسن الإبراهيم، ومدير مكتب سمو الأمير حينها الأستاذ إبراهيم الشطي، ونجاة السلطان، وحمد الرجيب، وسليمان الشطي، وفهد الدويري، وعبدالرزاق البصير.
وقال: «الكويت الآن تشهد حراكا ثقافيا مميزا؛ حيث كثرت الإصدارات وازداد عدد الكتاب من الجنسين، وتنوعت اجتهاداتهم ووصلوا إلى الجوائز العربية والعالمية... روائيون وشعراء ونقاد وفنانون في الموسيقى والمسرح والفنون الشعبية والتشكيل، كما تعددت الملتقيات والمهرجانات وازدادت دور العروض المسرحية، وبدأ مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي (الأوبرا) يستقطب أشهر الفنانين الكويتيين وأشقائهم العرب وكذلك الأجانب».
الحياة الثقافية
ومن جانبه تحدث خليل علي حيدر في ورقة عن الحياة الثقافة الكويتية في النصف الثاني من القرن العشرين، أي 1950 – 2000، ليقول: «لم تكن الكويت مجرد جسر بين البلدان العربية «الشمالية»، التي سبقت الأخرى في الحداثة وانتشار التعليم، وبين مجتمعات ودول المنطقة الخليجية العربية، أو ممرا منطويا على ذاته بين هاتين المجموعتين من الأقطار أو المناطق. وسرعان ما وجد المجتمع الكويتي الذي أخذ في التشكل والنمو نفسه، مع دخوله القرن العشرين، يتفاعل مع الأفكار الحديثة، ويحاول أن يستفيد من فرص الارتقاء، على رغم ضغوط المحافظين والقوى المعيقة، ويتقبل هذه الأفكار والدعوات، ويتحول رجاله ونساؤه في النصف الثاني من القرن، 1950 – 2000، إلى أطراف مؤيدة بل وأساسية أحيانا في دعم الثقافة، وبخاصة مع تزايد انتشار التعليم، وقيام الإدارة الحديثة، وعلى الأخص بعد الاستقلال». ويعد النصف الثاني من القرن العشرين فترة بالغة الأهمية في حياة الكويت على كل صعيد، وقال: «اهتم الكويتيون بنهوض بلادهم قبل ظهور النفط، حيث بدأت النهضة التعليمية في مطلع القرن العشرين، وفي النصف الثاني من القرن».
واستطرد قائلا: «تبنت الكويت منذ البداية مفهوما واسعا للاستثمار في الثقافة. وقد وضع المشرفون على الجهد الثقافي الكويتي منذ ما قبل الاستقلال إلى اليوم في اعتبارهم ضرورة تطوير وسائل خدمة الثقافة في العالم العربي كله لا الكويت وحدها».
وأشار حيدر إلى التحولات الاجتماعية التي شهدها المجتمع الكويتي خلال هذه المرحلة، أي في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي تحولات اجتماعية واسعة بعد أن تغيرت حياته الاقتصادية وتزايدت مجالات العمل فيها.
ولفت ازدهار الثقافة في الكويت انتباه الكثير من المثقفين والباحثين والإعلاميين داخل الكويت وخارجها. وقال: «لا مجال للأسف في هذا المدخل السريع والعام للثقافة الكويتية خلال النصف الثاني من القرن العشرين أن تذكر بالتفصيل أسماء القصاصين والروائيين والشعراء والفنانين ومساهماتهم، أو الإشارة المسهبة والنقدية إلى إبداعاتهم. فمثل هذا البحث موكول إلى الأخوات والإخوة النقاد الأدبيين فهم أهل الاختصاص والتمييز والتقييم في هذا المجال. وبخاصة أن الكثير من الكتب والدراسات قد نشرت حول الشعر والقصة والرواية والمسرح وأُلفت في الكويت منذ العام 1950 إلى اليوم. ومن الممكن رغم ذلك الإشارة العامة في هذه الورقة إلى بعض الأسماء البارزة في الثقافة والأدب بمختلف أنواعه. ولقد رجعت إلى دليل شامل لأدباء الدول الخليجية ومنها الكويت، فوجدته يدرج 157 اسما من المعروفين في الوسط الأدبي الكويتي، بينهم 55 سيدة»... وتحدث الباحث عن جهود زكي طليمات في إرساء وتطوير فن المسرح في دولة الكويت.
كما تطرق حيدر إلى اهتمام الصحافة الكويتية بالمسرح والسينما وفنون الموسيقى والغناء. وفتحت الصحافة الكويتية مجالا واسعا لكتاب القصة القصيرة على وجه الخصوص. وأشار إلى بداية المرحلة الثقافية مع أواخر الأربعينيات في مصر مع الطلبة الكويتيين المبعوثين.
الصناعات الثقافية
وتضمنت ورقة الدكتور سليمان عبدالمنعم «الصناعات الثقافية: إبداعٌ مظلوم لتنمية منشودة»، وفيها دعوة لتجاوز الجدل الدائر حول المصطلحات المستخدمة في موضوع الصناعات الثقافية على الرغم من ثرائه النظري والتأصيلي بهدف التركيز على ما هو أساسي ووظيفي في الموضوع ذاته.
وقال: «اقتصادات الثقافة والإبداع هي- بأبسط تعريف ممكن - الأنشطة الصناعية والتجارية التي تحوّل المضامين الثقافية والإبداعية إلى سلع وخدمات قابلة للتداول بكل الوسائل الممكنة. يثير هذا التعريف مسألتين يجدر عدم الخلط بينهما. المسألة الأولى ذات طابع تقريري ومؤداها أن الإبداع يتطلب بالضرورة وجود منظومة من الأنشطة الاقتصادية التي تكفل إنتاجه وتوزيعه وتداوله ليصل إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين، وهذا ما نراه في قطاع التأليف والنشر، والإعلام بكل تجلياته المقروءة والمرئية والمسموعة، والأدب بمختلف صنوفه من السرد والشعر والمسرح، والفن بأشكاله السينمائية والموسيقية والغنائية والتشكيلية. أما المسألة الثانية فهي ذات طابع تقويمي نقدي ترتبط بالجوانب الإشكالية الناشئة عن إخضاع اقتصادات الثقافة والإبداع لقانون السوق وما يرتبط به من اعتبارات العرض والطلب وفقا لآليات ومعايير الربحية الخالصة، ولعل هذا الجانب الذي بدا منتقدا من قبل مدرسة فرانكفورت يثير في الواقع العربي نقاشا مطلوبا حول ما إذا كانت الثقافة حقا من حقوق الإنسان أم أنها سلعة أو خدمة تقدم نظير مقابل مالي. وهو ما سنعود إليه لاحقا».
وأضاف: «إذا تجاوزنا الاختلاف الحاصل بشأن المصطلحات والمفاهيم المستخدمة للدلالة على اقتصادات أو صناعات الثقافة والإبداع، والتي ربما كانت تعكس على نحو ما اختلافا موازيا حول مفهوم الثقافة والإبداع ذاتهما فإنه بوسعنا أن نعتبر من قبيل اقتصادات الثقافة والإبداع كل الأنشطة والسلع والخدمات التي تستهدف تنمية العقل والوجدان سواء كان الانفاق عليها حكوميا أو خاصا».
وفيما يخص موقع الدول العربية في اقتصادات الثقافة والإبداع، قال: «ثمة أرقام لافتة تكشف عن تواضع حجم اقتصادات الثقافة والإبداع في الدول العربية لا سيما عند مقارنتها ليس فقط بالدول المتقدمة الكبرى ولكن أيضا مقارنة بدول مثل تركيا وبلجيكا وتايلاند وسنغافورة. ووفقا للأرقام المتاحة التي تضمنها التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي وبصرف النظر عن عدم شمولية هذه الأرقام فإنه يتضح أن إجمالي السلع الإبداعية لست عشرة دولة عربية يبلغ 6 مليارات و500 مليون دولار أمريكي، وهو ناتج لا يزيد كثيرا على ناتج دولة مثل تركيا التي بلغ ناتجها 5 مليارات و369 مليون دولار خلال الفترة نفسها، أو دول أخرى مثل بولندا وسنغافورة وتايلاند والتي يبلغ ناتج صادراتها من السلع الإبداعية نحو 5 مليارات دولار تقريبا.
ويمثل المحتوى الرقمي العربي على شبكة الانترنت جانبا آخر مهما في اقتصادات الثقافة والإبداع، وهو جانب في تنام ملحوظ على الصعيد العالمي إذ تُقدّر القيمة الاقتصادية لبعض المواقع بالمليارات، وهناك مواقع تواصل اجتماعي قد تفوق قيمتها المالية ميزانية بعض الدول النامية. يُظهر التقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي عام 2013 العديد من الجوانب والقضايا المهمة. فعلى الصعيد الاقتصادي يتجلّى وجهٌ آخر من قضيّة المحتوى الرقمي العربي على شبكة «الإنترنت»، سواء من حيث العائد أو التكلفة.
وأشار إلى أن واقع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدول العربية يتجلى بوجه خاص ولافت على صعيد حركة التأليف والنشر. ولعلّ مؤسسة الفكر العربي كانت المبادرة على نحو شبه منتظم بتقصي مختلف جوانب هذا الملف الذي يختزن مضمونا معرفيا وثقافيا بقدر ما يعكس بعدا اقتصاديا مهما.
وتحدث الباحث عن إشكالية أخرى يفرضها موضوع اقتصادات الثقافة والإبداع تتجلّى في ضرورة حماية الملكية الفكرية للإبداع ونتاج الذهن التي تمثل شرطا لا غنى عنه لازدهار هذا النوع شديد الخصوصية من أنواع الاقتصاد.
المداخلات
جاءت الكثير من المداخلات في الإشادة بدور الكويت الثقافي والتنويري في الثقافة العربية حيث أشاد د. يوسف الحسن بالدور الوطنى والتنويري الذي قامت به الكويت حتى قبل استقلالها، فقد أسست النظام التعليمي النظامي في الإمارات منذ 1953، وعلق قائلا «لا بد أن نعرف هذا الدور ونسجله». من جانبه قال أ. د. عبدالحسين شعبان «استمعنا إلى آراء ووجهات نظر، وأظن أن الدور الكويتي بحاجة إلى ندوة خاصة في موضوع الثقافة، ونشر الثقافة على صعيد الوطن العربي». وقال الكاتب محمود حربي «الكويت لم تساهم فقط في التنمية الثقافية في المنطقة العربية، بل إنها اتجهت شرقا، فقد أسس التجار الكويتيون في الهند مراكز ثقافية ومدارس، ومؤسس الحركة المسرحية الحديثة في الهند هو الكويتي إبراهيم القاضي، ويحتفل به سنويا في الهند».


قدَّم ورشة في مركز عبدالعزيز حسين الثقافي

معجب العدواني: «فن الرواية»
أحداث منتظمة في زمن محدد

 

كتب: عبدالحميد الخطيب
«فن الرواية» يوصف بأنه فن يقوم على منطق سرد أحداث منتظمة في سياق زمني محدد، بما ينتج عنه من اتجاهات فنية ونقدية متعددة. وللتعريف عنه أكثر، قدّم الناقد الأستاذ الدكتور معجب العدواني ورشة بعنوان «فن الرواية»، أقيمت في مركز عبدالعزيز حسين الثقافي ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي الـ 24 الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خلال الفترة من 10 حتى 29 يناير الجاري، وذلك بحضور عدد كبير من الكُتّاب الشباب من المبتدئين والمهتمين بفن الرواية.
بدأ العدواني الورشة بالتعريف بالرواية، وقال: الرواية عمل تخيلي يتضمن سلسلة من الأحداث والشخصيات، وتصل كلماته إلى 50 ألف كلمة أو تزيد، ويُعرفها «إي أم فورستر» بأنها قصة تبنى على سؤال افتراضي: وماذا سيحدث بعد؟ ولهذا فالرواية هي أحداث السرد المنتظمة في سياق زمني.
وتحدث عن تاريخ السرد الذي قاد إلى الرواية منذ القدم، موضحا: الملاحم البطولية من أول الأعمال الروائية في التاريخ، وهي التي أوجدت النفَس السردي القصصي، وشعر الملاحم البطولية يرد في قالب حكايات عن شخصيات الأبطال، مستدركا: هناك أيضا الحكايات الشرقية التي تعتبر من السرود الأولى، وأبرز ما فيها كتاب «ألف ليلة وليلة»، وهو من أهم كتب السرد العربي.
وتابع العدواني، من أنواع الرواية: اجتماعية، وإقليمية، ومغامرات، وشطارية، ورسالية، وبوليسية، وقوطية، وتاريخية، ونفسية، وواقعية وسحرية، والخيال العلمي، وعاطفية، مشيرا إلى أن ملامح النص الروائي تختلف وفقا لحواريته وشموليته، مؤكدا أن مشكلة الرواية أنها تقع في عملية الإيهام للحقيقة، وقال: الرواية أقرب إلى التمثيل الواقعي أكثر من الشعر.
وأردف: الشعر لوحة فنية، أما الرواية فأداة من أدوات المطبخ، وإذا ما اعتبرنا الشعر رقصا فالرواية هي المشي، وأداة المطبخ والمشي وظيفتان تستمدان من «البراغماتية» العملية، بينما اللوحة والرقص من الوظائف الجمالية.
كما تطرق د. معجب العدواني إلى قراءة الرواية، فقال: يجب قراءة النص بدقة على الأقل مرتين، مع استخدام قلم لوضع ملحوظات في هوامش الكتاب، فلا أسوأ من إضاعة القراءة من دون وضع خطوط تعريفية برؤاك حول العمل، ومن الجيد أن نتحدث مع من يفيدنا عن العمل المستهدف، ومن لديه القدرة على الإفادة كأستاذ أو صديق، ربما يقدم هؤلاء إضافات جديدة.
وتابع: اختر واحدة أو أكثر من تقنيات القص المعروفة للتأمل فيها، ومنها إثراء البعد التراكمي من القراءة في النصوص الروائية من مختلف المشارب، فهذا النوع من القراءة يمنح القدرة على إنتاج أعمال محايثة، والقراءة الجيدة هي قراءة محايثة للرواية. إن الأعمال الروائية الشهيرة والمناهج النقدية الحديثة قد شُيّدت من خلال قراء محترفين، ملمحا إلى أن هناك قراءات سلبية مثل القراءة من منظور شعري، والقراءة المعتمدة على السيرة الذاتية، والقراءة المؤدلجة، وفي المقابل توجد قراءات إيجابية، ومنها القراءة الأولية، والقراءة الاحترافية، والقراءة العلمية.
وفي سؤال عن سبب تركيز النظرية على الرواية وإهمال الشعر، أجاب: لأن المنجز الروائي يسعى إلى المقاومة وطلب إعادة البناء، كما أن الرواية كانت الأكثر تفاعلا بين الأجناس الأدبية في ذلك، وهي الجنس الأدبي الأقدر على كشف الظلم في أشكاله المختلفة (السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والنفسي)، وقد جرى التركيز على الرواية لكونها خطابا تضاديا يرتكز على التضاد مع ما سبق تقنينه فيما يتصل بالمجتمعات والثقافات.
وحول كتابة الرواية، قال د. العدواني: بداية، لدينا مرحلة الاستهلال وفيها نطرح أسئلة الذات التي من خلالها يبدأ الفرد في مراجعة ذاته وإلقاء الأسئلة، مثل: «مَنْ أكون؟ هل يفترض أن أكون روائيا؟ من يكتب الرواية؟»، وهي أسئلة مهمة لتشكيل الذات وتدريبها، من خلال تجارب الكتابة الروائية، مضيفا: عدد كبير من الروائيين كانوا غير مشاهير؛ لذا لا تهم السيرة القديمة، والسؤال: «هل حاولت كتابة رواية؟»، وأيضا «لماذا تريد أن تكتب رواية؟» والإجابة هي بالتأكيد، لأن لديك قصة تحتاج إلى سردها، كما أنك تقرأ أعمالا كثيرة وأنت بحاجة إلى تجربة نفسك في الكتابة، أو لأن لديك ميلا نحو الكتابة وتحبها، كذلك تريد أن ترى قدرتك على إكمال مشروع كتابي، بالإضافة إلى رغبتك في أن تتضمن سيرتك جانبا كتابيا، مستدركا: سيرد علينا أيضا السؤال «هل تشترط الكتابة من أجل المال أو الشهرة؟»، وهنا نجد معظم الكُتّاب الغربيين يصرون على كونهم يكتبون للتعبير عن ذواتهم، وسنجد الإجابة بنعم إذا ما كان السؤال «هل تتمنى الحصول على المال والشهرة نظير روايتك؟»، وفيما يتصل بالرواية فأنت أمام السؤال التالي «ما نوع الشكل الروائي المستهدف: الرواية أم الرواية القصيرة؟»، ومن ناحية الموضوع «أين تريد روايتك أن تُصنّف في مكتبات البيع ونقاط الناشرين في المعارض؟ كلاسيكية، أم تاريخية، أم رومانسية، أم بوليسية... إلخ»، ثم يأتي السؤال: «عن أي ثقافة تريد أن تكتب؟».
وفي ختام الورشة، تحدث الأستاذ الدكتور معجب العدواني عن منظور المدارس النقدية حول الرواية، وقال: المدارس النقدية تناولت النص الروائي بوصفه مجالا للتحليل ومرتعا لأطروحاتها النقدية، وكما هو معروف فإن نقاد المدرسة النقدية يُسخرون أسئلتهم لخدمة اتجاهاتهم وأفكارهم، فعندما يأتي قارئ يصدر عن مرجعية ماركسية سيتناول شخصيات الرواية من منطلق أحوالهم الاقتصادية، وتأثير الطبقة التي تنتمي إليها الشخصيات، أما القارئ ذو المرجعية ما بعد الاستعمارية فسيركز على كيف يتصرف هؤلاء في بلدان مستعمِرة مع شخصيات في بلدان مستعمَرة، متناولا مدرسة التحليل النفسي وكيفية تفسيرها سلوك الشخصيات والأحداث، وتحدث أيضا عن المدرسة التفكيكية، وكيف يمكن للعمل أن يقوّض أو يتعارض مع الحقائق المقبولة عامة، وإعادة بناء الذاكرة والهوية.


تستمر فعالياته ثلاثة أيام

افتتاح معرض الكتاب المستعمل

 

كتبت: سهام فتحي
افتتح معرض الكتاب المستعمل والذي يقام بالتعاون مع رابطة الأدباء الكويتيين، ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي 24 في مكتبة الكويت الوطنية والذي تستمر فعالياته على مدار ثلاثة أيام، بحضور المدير العام لمكتبة الكويت الوطنية كامل العبد الجليل وأمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي والباحث صالح المسباح صاحب مكتبة الكويت التراثية.
ويضم المعرض عددا كبيرا من العناوين المتنوعة بين علم الاجتماع والفلسفة بالإضافة إلى الكتب الأدبية التي تضم الشعر والقصة والرواية وكذلك كتب الدراسات النقدية والدراسات العلمية والاقتصاد والسياسية والعلوم والطب.

العبد الجليل: فرصة لنشر الثقافة والمعرفة
وأكد مدير عام مكتبة الكويت الوطنية كامل العبد الجليل سعادته البالغة بافتتاح أحد أهم الفعاليات في مكتبة الكويت الوطنية وهو معرض الكتاب المستعمل ضمن مهرجان القرين الثقافي 24 وأوضح ان الغرض من هذا المعرض هو إتاحة الفرصة للجمهور والمثقفين والكتَّاب والطلبة والأدباء للاطلاع على الكتب القديمة المستعملة، وأضاف أن هناك الكثير من الكتب المهمة التي ربما لن يجدها القارئ بسهولة في المكتبات العامة ودور النشر لذلك نحاول أن نتيح الفرصة لعرض مثل هذه النوعية من الكتب وبسعر زهيد وفي متناول الجميع لنشر الثقافة والمعرفة والآداب والفنون والعلوم من خلال هذه الكتب المتميزة، وأشار إلى أن هذا المعرض يقام بالتعاون الوثيق مع رابطة الأدباء الكويتية وسيستمر لثلاثة أيام على فترتين صباحية ومسائية لتتاح أكبر فرصة أمام الجماهير للاطلاع وشراء الكتب المشاركة في المعرض.
الرميضي: رابطة الأدباء لا تهدف إلى الربح المادي
ومن جهته قال أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي يسعدنا ان نشارك بالتعاون مع مكتبة الكويت الوطنية في معرض الكتاب المستعمل وهي تعد تجربة مفيدة وفعالة، وأشاد بالدعوة الكريمة التي وجهها مدير عام مكتبة الكويت الوطنية كامل العبدالجليل في تنظيم هذه الفعالية. وتابع ان الكتاب الورقي له أهمية كبرى في حياة الشعوب ويهدف إلى التطوير والثقافة وتهذيب النفوس ويساعد في ترسيخ المعلومات خلافا للكتاب الالكتروني، ولذلك تهدف رابطة الأدباء إلى توصيل الكتب القديمة والحديثة لأكبر شريحة من القراء وبسعر زهيد يبدأ بنصف دينار ولا يتجاوز الدينار حسب حجم الكتاب وأهميته، وتابع ان الرابطة لا تهدف إلى الربح المادي وانما الهدف هو اجتماعي لتحقيق نشر الثقافة بالمجتمع الكويتي، وتابع نتمنى ان يكون صدى هذه الفعالية مؤثر في نفوس وعقول الشباب، وحول نوعية الكتب المشاركة بالمعرض أوضح ان الكتب متنوعة بين القديم والحديث وتشمل كافة المجالات والفنون والعلوم والأدب والشعر والمجموعات القصصية وأن بعضها نادر والبعض حديث وأنه شخصيا يحرص على اقتناء بعضها.

صالح المسباح: المعرض يشتمل على ما يقارب الألف كتاب
ومن جهته أوضح الباحث صالح المسباح صاحب مكتبة الكويت التراثية وأمين رابطة الأدباء الكويتيين سابقا صالح المسباح أن الرابطة اعتادت على إقامة معارض للكتب المستعملة في مقرها بالعديلية وبمناسبة مهرجان القرين تم تطبيق فكرة معرض الكتب المستعملة ضمن فعاليات المهرجان بمخزون الكتب التي يتم اهداؤها للرابطة، واشار الى انه سوف يقام معرض للكتب المستعملة في مقر الرابطة بالعديلية يوم 28 من الشهر الحالي ويستمر لمدة اسبوع، وأشار الى ان المعرض يشتمل على العديد من اصدارات الكتاب والتي تشمل كافة المجالات وأوضح ان المعرض يشتمل على ما يقارب الألف كتاب.


أُقيمت على مسرح الشامية
ورشة التمثيل الحركي «بانتومايم» للأطفال... تعبيرات حركية صامتة

 

خاض المشتركون تجربتهم الفنية وانطلقوا ليؤدوا بعض المشاهد التمثيلية التجريبية
ما بين السعادة والحزن والغضب والمرض جسَّد الأطفال حالات إنسانية مختلفة
الأجواء حماسية بين المواهب.. وتحول مسرح الشامية إلى مباراة في الأداء الجميل

كتب: عبدالحميد الخطيب
فن «البانتومايم» هو الرحم الذي تتخلق بداخله جميع الفنون المسرحية، هذا الفن هو فن تعبيري تمثيلي صامت يعتمد فيه الممثل على جسده لتجسيد أفكاره والتعبير عنها في صورة حركية تعبيرية صامتة.
و«البانتومايم» فن جميل يستطيع الكل فهمه من الأطفال والكبار إلا أنه أُهمل ونسي لقرون طويلة، ولم يتجدد الاهتمام به إلا خلال القرون الأخيرة، ويشهد إقبالا متزايدا لتعلمه من جميع الفئات العمرية.
وفي هذا الصدد يحرص مهرجان القرين الثقافي ضمن أنشطته كل عام على إقامة ورش للتمثيل الحركي «بانتومايم» خصوصا للأطفال، وهذا العام تقوم أستاذة الدراما عبير يحيى بتدريب المشاركين على خشبة مسرح الشامية، وتستمر الورشة لمدة خمسة أيام (من 14 يناير الجاري حتى 19 من الشهر نفسه)، حيث يخوض المشتركون تجربتهم في التعامل مع هذا الفن مع بعض التدريبات الأساسية والتي ينطلقون منها ليؤدوا بعض المشاهد التمثيلية التجريبية.
فما بين السعادة والحزن والغضب والمرض، جسد الأطفال حالات انسانية مختلفة، من خلال تعبيرهم الجسدي وايماءاتهم والتي ادوها ببراعة كبيرة استحقوا عليها التصفيق من ذويهم الذين حضروا ليشجعوهم في هذه الخطوة التي تصقل مواهبهم، فكانت الأجواء حماسية وظهر التنافس لتقديم الافضل، وتحول المسرح إلى مباراة في الأداء الجميل، وهو ما جعل المدربة عبير يحيى تظهر اعجابها المتواصل بالمواهب المشاركة في الورشة.
ويعرف التمثيل الإيمائي الصامت بأنه «التمثيل بلا كلام»، أو «فعل بلا كلام» وهو نمط من أنماط فنون خشبة المسرح، يعتمد على الأداء الإيمائي بدون استخدام الكلام، إذ يرتكز فيه العرض إلى قدرة الجسد المرن في تصوير بيئة الحدث والمكان، في فضاء تجريدي يتكون عادة من مكياج وأزياء.. إلى آخره، ويرافقه المؤثر الموسيقي، وهو من أقدم الفنون التي عرفتها الشعوب وجزء من نشاطها ومازال مستمرا في التواصل المعرفي والجمالي كونه معتمدا على لغة التعبير الفطري المباشر لدى الإنسان من غير حواجز لغوية، مما جعله من أهم النشاطات الفنية وأجملها وأقدمها على الإطلاق.
وجاء في معاجم المصطلحات الأدبية عن «البانتومايم»، أنه فن تصوير شخصية أو حالة معينة باستخدام الإيماءات وتعبيرات الوجه والحركات الجسمانية، كما عرف ايضا بأنه فن يحاكي به الممثل نماذج بشرية أو مشاهد واقعية من الحياة اليومية، وقد يكون مبالغا فيه كأن يحاكي الممثل دخان سيجار، ويعتمد اعتمادا كليا على مهاراته في تغيير ملامح وجهه وإيماءاته والتحكم في حركات جسده.
ولا يستخدم «البانتومايم» في العادة أدوات أو ديكورا أو متممات أو مكملات العرض التقليدية، سوى لغة الجسد وقدرته التعبيرية في خلق الإيهام بالبيئة المتخيلة، ويتم ذلك من خلال رسم الحركة المقاربة، أي الشكل الهندسي للشيء وللفعل ولردة الفعل، ومن ثم تكثيف الواقع بشكل إيهامي، ويتم ذلك من خلال الذاكرة الحسية والانفعالية للفعل ولردة الفعل، ويكون عادة عرضا كاملا طويلا (نصف ساعة) أو قصيرا (خمس دقائق)، أو مشهدا أو جزءا من مشهد في مسرحية لفظية، إذ من الضرورة أن يتقن الممثل (المسرحي، والسينمائي) التمثيل الإيمائي الصامت لأنه يمنح الممثل القدرة في الأداء والمرونة في الحركة والدقة في تشخيص الأدوار وتجسيد الأفكار، فالكثير من الممثلين المحترفين يدخلون دورات وورشا مكثفة للتدريب على التمثيل الإيمائي الصامت.
ومن انواع التمثيل الصامت «البانتومايم»، وهو نوع يعتمد على الإيهام في الحركة، كالمشي والركض وصعود ونزول السلم وتصوير البيئة المتخيلة، معتمدا على إيماءة الوجه واليدين والجذع كله، إذ يتم تخيل كل شيء حتى الأوزان والمساحات والحجوم والملمس عبر الجسد، فلا شيء ماديا حقيقيا هناك.
وفن «المايم» والذي يعتمد على العمل مع أشياء ملموسة، خصوصا وأن بيئة المكان تبنى بروح حقيقية تقترب من الواقع «قبعة، زهرة، أشياء تتحول إلى رموز في يد الممثل»، أي إكسسوار ذو فاعلية درامية دلالية، وهذا النمط من الأداء الايمائي ذو جذور ايطالية قديمة يعود اصولها الى الكوميديا الايطالية القديمة ليتطور هذا الأداء الى أسلوب أدائي كوميدي صامت يشاع استخدامه من قبل المهرجين وألعاب السيرك.
ومواضع التعبير الأساسية لدى الممثل الإيمائي هي «الوجه، الأطراف، الجسد» ومن خلالها يستطيع أن يعبر عن حالة معينة، فالتمثيل الصامت يعتمد بالدرجة الأولى على الحركة أو الفعل، ويعاني أكثر الممثلين من الحالة الذهنية في أثناء التمرين، وان الحالة الذهنية الطبيعية للممثل وما يصاحبها دائما من حرية كاملة في حركة الجسم هما ناتج الاسترخاء التام للعضلات، وللحالة الذهنية والتركيز دور مهم في الإدراك الحسي في التمثيل الصامت، التي تتطلب تركيزا ذهنيا عاليا وتحفزا للطاقة البدنية واسترخاء تاما للعضلات تعينه على الوثوب الحركي والتشخيص والتجسيد الحركي لكل العناصر البنائية للعرض الصامت، فما هو معروف في التمثيل الصامت هو القدرة الإيمائية الناتجة عن الذهن الواثب والجسد المتمكن من أداء الحركات بسرعة ودقة عاليتين، فالحركة والتدريب الرياضي والنشاط ضروريان للممثل الإيمائي.
ومن عناصر العرض الإيمائي الصامت الحديث، العنصر الرئيس في تنظيم صورة العرض، إذ تدخل تحتها عناصر عدة مكونة له، ومحددة لزمان ومكان والفضاء والبيئة، وقد تكون هناك وظائف أخر لهذه العناصر تحددها طبيعة العمل، وقد يتركز عنصر واحد في العرض من دون عنصر آخر وذلك لهدف يبتغيه مخرج العرض، وكذلك لما يتسم به هذا النمط من الفنون من اختزال واضح في مكونات الفضاء على اعتباره نمطا تجريدا ذا دلالات تأويلية ترتكز إلى قدرة الجسد وإيماءاته في تشكيل المعنى وبيئة الحدث، ويعرف على انه الفضاء الذي يضم الكتلة والضوء واللون والفراغ والحركة وهي العناصر التي تؤثر وتتأثر بالفعل الدرامي الذي يسهم في صياغة الدلالات المكانية في التشكيل البصري العام، ويتكون المسرح الصامت من العناصر الحسية التالية: الإيماءة الجسدية، وتقنية الأداء، الديكور المجرد، الإكسسوارات، المؤثر الموسيقي، الأزياء، الماكياج، الإيقاع.
ومواصفات الممثل الإيمائي (الجسدية، والعقلية، والأدائية) فهي: الذاكرة والحساسية، الذكاء، سرعة الإدراك، اللباقة والحكمة، ناقد للفن، متذوق للموسيقى، عارف بفن الرسم والنحت، عارف بمبدأ الانسجام والنسب، متكامل الهيئة الجسدية، سريع الحركة ومرن، حسن الخلق، جاد العمل، متقن العمل من حيث النسب والتوازن ومتناسق الأداء، ذو حس إنساني متقدم، وان يتماهى مع الموضوع المقدم، رياضي ومتمكن من أدواته، مرتبط ببيئته الثقافية، ذو ذاكرة حسية وانفعالية متمرسة، عارف بأعراف التمثيل الصامت وتقاليده، وبمفهوم الإيماءة واليات الإرسال والقراءة.
والممثل الإيمائي، العنصر الرئيس في العملية المسرحية، ويقف في مقدمة عناصر العرض، وتنبع من قدرة الجسد على الأداء في خلق سينوغرافيا العرض وسط الفراغ المكاني والدلالي، فجسده يخلق المكان ويشكل جزءا من الفضاء والفعل عنده هو روح التمثيل، ومن الخطوط والألوان يتكون القلب النابض للمشهد، فدخول الممثل في فضاء التمثيل يحول الفراغ إلى دلالة معرفية وجمالية، وهذا يعني أن جميع العناصر يجب أن تكون منسجمة مع إيماءاته.


افتتح المخيم الربيعي الأول للآثار

سلطان الدويش:
نهدف من هذه الأنشطة إلى نشر الوعي الأثري

 

كتبت: سهام فتحي
افتتح مدير إدارة الآثار والمتاحف الدكتور سلطان الدويش المخيم الربيعي الأول للآثار في متحف الكويت الوطني. ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 24 الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من 10 يناير الجاري حتى 29 من
الشهر ذاته.
وقال سلطان الدويش في تصريح له إننا جبلنا على حب الآثار وتعلقنا بها عشقا أزليا منذ صبانا ومازال مترعرعا في وجداننا ومازلنا مغرمين بالبحث عنها والاعتناء بمفرداتها ودراستها لاستلهام المعاني التي يجسدها هذا التراث الإنساني.
وتعبر عنه دلالاته وشواهده وإبداعاته. فالآثار مصدر التاريخ لكل نبضات الحياة وكل المعارف التي يشهدها الباحثون.
وأضاف أن الآثار تفيض بعبق الأجداد وتهتف بسعيهم من أجل أداء رسالة الإنسان وإسهاماته من أجل عمارة الأرض، وأن أرض الكويت شهدت أجيالا من بني البشر فهي من البلاد القديمة التي عبرها الإنسان الأول واتخذها موطنا له. لقد قامت بها حضارات لا يمكن أن تمر دون أن تترك أثرا لتلك الحقبة.
وتابع أننا شهدنا معالم تلك الأمم في النقوش الصخرية مثل نقش صخرة «امديرة» الذي يرجع لعصور ما قبل التاريخ ونقش صخور الخيران، كما وجد كتابات ثمودية ترجع لعصور ما قبل الإسلام.
وأوضح الدويش أن العديد من الحفريات قد أقيمت في مناطق متعددة على أرض الكويت قامت بها فرق صديقة من جامعات عريقة وكذلك الفريق الكويتي، وكانت النتائج طيبة من خلال الكشف عن مبان وقلاع ومعابد ومدافن وقطع أثرية صغيرة رائعة عرضت في متاحف الدولة.
وبلغ الوعي درجة من الشعور بالمسؤولية تجاه المحافظة على التراث الحضاري للكويت.
وختم الدويش حديثه مؤكدا أن المخيم الربيعي الأول يعد التجربة الثالثة لإدارة الآثار والمتاحف بعد معرض الجرار المرممة ومعرض الاختام الدلمونية، وشدد على أن إدارة الآثار والمتاحف تهدف من هذه الأنشطة إلى نشر الوعي الأثري.

برنامج المخيم
من جانبها قالت الباحثة في طبقات الأرض بمتحف الكويت الوطني العنود الخميس إن المخيم يهدف إلى تدريب الناشئة من طلبة الصفين العاشر والحادي عشر وتعريفهم على آثار دولة الكويت وتاريخها وذلك من خلال فترتين تتضمن كل فترة خمسة عشر طالبا.
وبينت الخميس أنه سيتم تنظيم زيارات ميدانية لهؤلاء الطلبة إلى المواقع الأثرية المختلفة خصوصا بعد إدراج الآثار في مناهج
المرحلة الثانوية.
وذكرت أن برنامج المخيم يمتد على مدى أربعة أيام يبدأ بزيارة إلى متحف الكويت الوطني للتعريف عن تاريخ الكويت ومناطقها الأثرية وزيارة قسم المختبرات فيه فيما يخصص اليوم الثاني لزيارة موقع بهيتة الأثري.
وأفادت بأن اليوم الثالث سيخصص لرحلة إلى جزيرة فيلكا وزيارة متحفها ومواقعها الأثرية في حين يختتم المخيم في يومه الرابع والأخير بزيارة لمواقع الصبية ومركز كاظمة الثقافي.

Happy Wheels