النشرة الثامنة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة الثامنة

 

«تقرير المواطن» أُعِدَّ ليجيب عن 80 سؤالا تشمل ما يدور من قضايا في الساحة
«ديوان المحاسبة»: جميعنا مسؤولون
عن حماية المال العام والحفاظ على الممتلكات

كتب: مهاب نصر
في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات التنديد بجرائم الفساد والاعتداء على المال العام أو التقصير في حمايته من التبديد يتساءل الناس عن دور الأجهزة الرقابية، ومنها بلا شك «ديوان المحاسبة» الذي، بحسب الاسم، منوط بإشراف رقابي على الإنفاق الحكومي. من هنا كانت أهمية الندوة التي استضافها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن أكثر فعالياته حضورا وشعبية، ألا وهو معرض الكتاب. وبذا يسمح لأكبر عدد ممكن بالتعرف عن قرب على مهام الديوان وتقاريره، وطبيعة العمل فيه والدور الذي ينهض به. حاضر في الندوة أ.عبير المهدي وأ.هند البلوشي اللتان تعملان بتدقيق ضمان الجودة في ديوان المحاسبة.
خطوط عامة
بأسلوب شيق ومبسط وباستخدام الشرح بطريقة الباور بوينت رسمت المهدي والبلوشي الخطوط الرئيسة لعمل الديوان وأهمية التقرير الذي يعده باسم «تقرير المواطن» وهو التعريف بمهام الديوان، وتعزيز المساءلة المجتمعية وحماية المال العام.
وقالت المهدي والبلوشي إن التقرير أُعِدَّ ليجيب عن 80 سؤالا تشمل ما يدور من قضايا في الساحة، وما يتداول بين المواطنين من أسئلة واستفسارات في محافلهم أو عبر شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرتين إلى أن التقرير أعد بطريقة مبسطة وباستخدام الإنفوغرافيك.
«حرمة المال العام» في الدستور
وأكدت المحاضرتان أن دستور البلاد قد أشار في مواده إلى حرمة المال العام، ومن ثم الحفاظ عليه، بدءا من ممتلكات الأفراد ونهاية بممتلكات الدولة ومشروعاتها. وبينتا أن كلا منا منوط به تلك الحماية: المواطن بصيانة ممتلكاته، والموظف بالإخلاص في العمل والتفاني فيه، والتحرر من المصالح الخاصة، وعدم استخدام الموارد العامة من أجل تحقيق مآرب ومكتسبات خاصة، بالإضافة إلى السعي إلى تحقيق أهداف مؤسسات الدولة واحترام القانون واللوائح.
نموذجان للتقارير الرقابية
وقدمت المحاضرتان نموذجين مهمين لتوضيح دور الديوان في الإشراف الرقابي على المال العام، وذلك من خلال ما أثير حول تأخر مدينة صباح السالم الجامعية، وما أثير أيضا بشأن تخصيص الحيازات.
فيما يتعلق بالمثال الأول كشفت المحاضرتان عن التأخير المتعاقب لمشروع المدينة الجامعية والتي كان من المخطط أن ينتهي العمل بها في العام 2014، ولكنه تأجل إلى العام 2025، موضحتين أن الأسباب بعضها يعود إلى الجهات الحكومية وبعضها إلى الإدارة الجامعية والبعض الآخر إلى المقاول. بالنسبة إلى الإدارة الجامعية يبدو أن التقديرات الأولية للمشروع لم تكن مكافئة للتكاليف الفعلية، وقد تضاعفت ميزانية المشروع بسبب البطء والتقدير غير الدقيق، كما هناك أسبابا تنسب إلى الحكومة من حيث بطء الإجراءات الإدارية والروتين، إضافة إلى مشكلات برزت في عمل المقاول، حيث تجلت بعض العيوب الإنشائية.
قدمت المحاضرتان نموذجا آخر من التقارير التي يعدها ديوان المحاسبة حول قضايا مطروحة ومنها قضية «الحيازات».
أوضحت المحاضرتان البلوشي والمهدي الغاية من تخصيص الحيازات حيث التشجيع على الاستثمار في الزراعة وتربية الدواجن، أو تربية نحل العسل، وغيرها من المشروعات الاستثمارية التي تنمي الإنتاج المحلي خاصة في المجال الغذائي.
ولفتت المحاضرتان إلى ملاحظات ديوان المحاسبة على بعض الممارسات التي أخلت بطبيعة المشروع وغاياته. فمنها منح القسائم من دون طلبات، ومنها تخصيص الحيازات لمواطنين دون السن المحددة (21 عاما)، ومنها أيضا منح أكثر من قسيمة لمواطن واحد. كما لوحظ أحيانا عدم استخدام الحيازات في الأغراض المنصوص عليها والمخصصة لها، بالإضافة إلى عدم التفتيش على تلك الحيازات بشكل منتظم.
وهكذا كان سعي الديوان، من خلال تحديد المشكلات، متمثلا في توصيات بضرورة تطبيق القانون والعدالة، والتحقق من حال الحيازات وذلك ضمانا للأمن الغذائي.


وكيل «العدل»: نقلة نوعية للمعرض من حيث نوعية المعروض وعدد المشاركين
أكد وكيل وزارة العدل عبداللطيف السريع أهمية معرض الكويت للكتاب في نشر مختلف الثقافات، ومنها الثقافة القانونية، لما له من أهمية كبيرة في التوعية.
وقال السريع، في تصريح صحافي عقب زيارته جناح وزارة العدل وجولة في أروقة المعرض وأجنحته المختلفة: إن المعرض يمثل نقلة نوعية بما يعرضه من كم هائل من العناوين تتعدى أكثر من 80 ألف عنوان ومشاركة 26 دولة على مستوى العالم.
وأضاف أنه يفتخر بوجود هذا المعرض الأكبر من نوعه من حيث التاريخ والحجم والكم الهائل من الكتب المعروضة لكل شرائح المجتمع ولمختلف الأعمار بمشاركة واسعة من العديد من الجهات الحكومية العربية، وأيضا القطاع الخاص الحاضر بقوة، من خلال العديد من دور النشر، فضلا عن مشاركة العديد من مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام.
وقال السريع: نحن سعداء بمشاركتنا في المعرض، لافتا الى ان مشاركة مختلف الجهات الحكومية، وخصوصا وزارة العدل، يعد مكسبا لنشر التوعية في كل المجالات التي تتعلق بأعمال تلك الوزارات.
ولفت إلى أن الوزارة تشارك سنويا في المعرض نظرا لأهميته في نشر الثقافة القانونية وما تمتلكه وزارة العدل من معلومات تتعلق بالأحكام بمختلف أنواعها، إضافة إلى عدد من الكتيبات المعروضة عن الأحكام الدستورية ومجالات القضاء. وأشار إلى أن المعرض يضم أيضا أمورا تتعلق بالاستشارات الأسرية وأسباب الطلاق والتوعية بالزواج وأهميته وكتبا تتعلق بالتسجيل العقاري والتوكيلات وأهميتها وأنواعها وخطورتها، والآلية التي يتم اتباعها في عمل التوكيل.
وقال السريع: إن الكتب المعروضة في جناح الوزارة ليست مخصصة فقط لرجال القانون، وإنما هي لعامة المواطنين ممن يرغبون في الاستزادة من المعلومات القانونية والتعرف على أحكام المحكمة الدستورية، لافتا إلى ان الجناح يضم نسخا تاريخية لأحكام صادرة منذ سنوات طويلة تم تجميعها في كتاب واحد، لافتا إلى أنها تعد مرجعا أساسيا للقانونيين.


البابطين: محفل ثقافي دولي .. ونسعى إلى المحافظة على الكتاب

‎شدد الأمين العام لمؤسسة عبدالعزيز البابطين الثقافية، عبدالرحمن البابطين، على حرص المؤسسة على المشاركة في معارض الكتب، وعلى رأسها معرض الكويت، نظرا إلى أهميته والاهتمام المحلي والدولي الذي يحظى به على الخارطة العالمية للثقافة والكتاب.
وقال: «يستقطب معرض الكويت للكتاب زوارا من جنسيات مختلفة، سواء عربية أو أجنبية، كما أنهم يتوزعون بين أصحاب دور نشر وأدباء ومثقفين وهواة أيضا، أي أنهم ينتمون إلى أطياف اجتماعية متنوعة تهتم بالثقافة والمعرفة، وبالتالي نحاول أن نصل إلى أكبر شريحة ممكنة منهم وتوفير الإصدارات التي تلبي احتياجاتهم وأذواقهم، حتى أن المؤسسة تسعى إلى توسيع أعمالها الثقافية مستقبلا من خلال إقامة ندوات ومحاضرات وأمسيات شعرية ضمن فعاليات المعرض، مع العلم أننا نلمس تطورا وتقدما في المعرض سنة تلو الأخرى، ما يشجع ويدفع للمشاركة السنوية في هذا العرس الثقافي، وبذل مزيد من المجهود بغية تسليط الضوء على أهمية الكتاب والقراءة والثقافة».
وأكد أن ركن مؤسسة البابطين الثقافية الحالي يضم حوالي 500 إصدار خاص، أهمها دواوين شعرية ودراسات أدبية ونقد للشعر، ولكن الأبرز من ذلك، هو توافر معاجمها، والتي تعد مشروعها الأساسي الذي استغرق ما يقارب الـ ٢٥ عاما، وأوضح «يتكون المعجم من 3 نسخ تطلبت أعواما طويلة من التحضير والعمل؛ بدءا بمعجم المعاصرين الذي احتاج إلى 4 سنوات عمل، ويضم أعمال أكثر من 3 آلاف شاعر، ثم معجم البابطين للشعراء العرب في القرنين الـ 19 والـ 20 الذي يجمع في صفحاته أعمال أكثر من 7 آلاف شاعر، وأحدثها معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدولة والإمارات لأكثر من 9 آلاف شاعر».
‎وفي السياق نفسه، شدد البابطين على أن المؤسسة حريصة على اختيار نوعية الإصدارات وقيمتها الثقافية والمعرفية، واختيار الكتاب المميزين، خصوصا في زمن التكنولوجيا، وأوضح «نحاول قدر المستطاع نشر التوعية وتسليط الضوء على أهمية الكتاب والقراءة الورقية، لأن المفاهيم اختلفت حاليا، أو يمكن اعتبارها تغيرت، إلا إن تثقيف الأطفال والناشئة والمحافظة على قيمة الكتاب من خلال المؤسسة غير الربحية والتي يسعى إليها عبدالعزيز البابطين، قد يكون مفتاحا لإبقائه مطلوبا ومنتشرا، واعتباره مرجعا أساسيا للثقافة والتطوير على المستوى الفردي والمجتمعي».


العامري: عميد المعارض الخليجية .. ومشاركتنا إضافة مميزة
يعتبر معرض الكويت الدولي عميد المعارض الخليجية، ويعد الأقدم في منطقة الخليج العربي، وبالتالي يمثل زخما للثقافة الفكرية العربية، كما يجسد أصالة العلاقات الخليجية المتميزة، خصوصا تلك التي تجمع بين الإمارات العربية المتحدة والكويت... بهذه الكلمات عبر رئيس هيئة الشارقة للكتاب احمد العامري عن أهمية معرض الكويت للكتاب، خصوصا انه رابط ثقافي بامتياز، وقال: «هناك رابط مهم بين الإمارات العربية المتحدة والكويت، وتأتي هذه المشاركة لتفعيل هذه العلاقات بين كتابنا وأدبائنا الذين أتينا معهم إلى الكويت، كي يتكلموا عن خبراتهم وانجازاتهم الثقافية والفكرية مع أقرانهم هنا»، للتأكيد على ان هذا الرابط مثمر وناجح، وذلك من خلال ندوات شعرية وأخرى مرتبط بالقصة والرواية منضوية ضمن الفعاليات المواكبة للمعرض، مثل أمسية شعرية تحمل عنوان «نسج الكلم» يقدمها الشاعر طلال الجنيبي والشاعرة شيخة المطيري، وبالتالي شدد على ان الهيئة تسعى إلى إضافة لمسة جديدة ونكهة مميزة في معرض الكويت الدولي، خصوصا أن المشاركة الإماراتية متنوعة وعديدة وتجمع أكثر من طرف ومؤسسة، مثل دار أبوظبي للكتاب، في حين أن هيئة الشارقة تشارك بعدد من الإصدارات، مثل منشورات القاسمي، وإصدارات دار الثقافة والإعلام ومجموعة كلمات، وأكد أن هنا وسيلة لتعريف زوار الكويت بمنحة الترجمة والترويج لمعرض الشارقة للكتاب ومدينة الشارقة للنشر التي تعد أول مدينة نشر حرة على مستوى العالم.
وفيما يخص الطلب على الكتاب الورقي، أوضح العامري أنه لمس خلال معرض الشارقة للكتاب الأخير الذي أغلق أبوابه منذ أيام قليلة أن الكتاب لايزال مطلوبا على مستوى الإمارات والعالم في الوقت عينه، رغم التغيرات المحيطة، وظهور الطفرات التسويقية، كالكتاب الرقمي والصوتي، إلا أن الطبعة الورقية تبقى الأساس، ويجب علينا الترويج لها ونشر ثقافة القراءة والكتاب وأي شيء مرتبط به«.


أكد أن رواياته لا تعالجه كحالة جسدية بقدر ما تبحث عن آثاره النفسية
البراري: الموت ثيمة أساسية
في أعمالي الروائية والمسرحية
القلق بمنزلة العمود الفقري لرواية «أعالي الخوف»

أنا أنزعج عندما أقرا رواية أو كتابا أو مسرحية فيها جانب إرشادي
كتب: مدحت علام
أقيمت محاضرة بعنوان «أسئلة الحياة وهاجس الموت» ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكويت للكتاب في دورته الـ43، وقد حاضر فيها هزاع البراري من المملكة الأردنية الهاشمية، وأدارتها الروائية إستبرق أحمد. وقد حضر المحاضرة الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، د. عيسى الأنصاري، والأديبة ليلى العثمان، وجمع من المهتمين.
وقال البراري إن الموت يعتبر ثيمة أساسية في أعماله الروائية والمسرحية، لأنه يرى أن الموت جزء من الحياة ولا ينفصل عنها وبالتالي يتعامل جماليا مع فكرة الموت على قسوتها وما فيها من خوف، وما فيها من مساحة كبيرة من المجهول، مشيرا إلى أن رواياته لا تعالج الموت كحالة جسدية بقدر ما تبحث في آثار هذا الموت النفسية على الأحياء والأموات، لأنه حتى في رواياته هناك شخصيات ميتة لكنها حاضرة وتتنفس في الرواية وأيضا هي تؤثر وتتأثر بالأحداث. وأضاف البراري أنه من هنا يرى أن الثقافة والحضارة الإنسانية هي ناتجة من الخوف من الموت، ومحاولة رفض الموت وبالتالي هنالك مجمل الاختراعات والاكتشافات التي تمت في البشرية هي تقاوم فكرة الفناء والموت، ومن هنا فالكتابة الروائية أيضا تقاوم فكرة الفناء وتبحث عن الخلود بشكل أو بآخر.
وبين البراري أن رواية «أعالي الخوف» تثير أسئلة حادة وتدخل لمنطقة الاشتباك الفكري والنفسي مع ما يلاحق الإنسان من هواجس وأسئلة لها علاقة مباشرة بأسئلة الحياة والموت، بالإضافة إلى سؤال فكري عميق ينبش في تفاصيل الحياة المعاصرة وهواجس الفرد ضمن تلك القدرية القاسية التي تلاحق مصائر الشخصيات. وتابع بأن الرواية تطرح أسئلة ليست برسم الإجابة، بل تكتسب أهميتها من كونها لا تبحث عن إجابة مباشرة، لكنها تبقى تحوم في فضاء الأحداث لتشكل بوصلة إلى مدى الصراع الداخلي الذي يحاصر الإنسان الفرد ويجعل منه كائنا مشتبكا مع المحيط وغير متصالح مع تكوينه الداخلي. وأوضح البراري قائلا «فهي إذا رواية الأسئلة التي لا تفضي إلا لمزيد من الأسئلة الجارحة، ولكن الحالة الفكرية التي انبثقت منها هذه الأسئلة تذهب لمعالجات جديدة ومختلفة لتكون الغاية تعرية حالة إنسانية أو أكثر من دون اشتباك مع محرم لغايات الإثارة والتشويق».

الحرية والموت
وأشار البراري إلى أن القلق بمثابة العمود الفقري لرواية «أعالي الخوف» وأن الحرية والموت والكلمة كلها عوامل منتجة للقلق، فالقلق ينبت الخوف، والخوف يفجر القلق، وهما وجهان لعملة واحدة، ونحن تلك العملة. وأضاف أن رواية «أعالي الخوف» تستثمر اللحظة الاغترابية التي هي مكون رئيس من سيكولوجيته الشخصية ليشكل منها صراخا يعصف بشخوصها التي يتنازعها الأمل واليأس المدمر فلا تعثر على إجابات يقينية لما يعصف بها من التباسات وشكوك. وقال البراري «من هنا فإن الرواية أكثر جرأة في طرح أسئلتها وتكييفها على نحو يؤكد استيطان الخوف في الشعور الإنساني الذي لا يلبث حتى يكتشف أنه يعيش في أعلى الوهم وفي المنطقة الحرجة وجوديا وهو يواجه اللامعقول في مسارات حياته».
وتابع البراري: يكتئب بعض الأشخاص عندما يقرأون أعماله ويعاتبونه بطريقة أو بأخرى حتى أن أحد النقاد قال عن رواية «تراب الغريب» في إحدى الندوات أن هذا عمل غير مخصص للمتعة بمعنى أن الشخص الذي يريد أن يقرأ كتابا قبل النوم ليسترخي ويستعد للنوم فإنه إذا قرأ هذا الكتاب فإنه لن ينام أبدا، لأنه سيكون محاطا بالأسئلة، وبالأفكار والفلسفات. وبين البراري أنه يحاول أن ينقع أعماله ونصوصه بميثولوجيا الموت.
وأثار البراري تساؤلا وهو «هل هذا معناه أن الموت هو الغالب وبالتالي لا أمل في الحاضر؟» وردا على تساؤله قال «بالتأكيد لا، المعيار مختلف تماما، وأن تنظر إلى الحياة بشقيها الموت والوجود أن تنظر إلى نفسك بطريقة أو بأخرى، وتنظر إلى امتدادك بهذا الكون، أنت ورثت هذا الكون، وستورثه، وبالتالي على الصعيد الشخصي أيضا أنا محاط بميزات كثيرة، وبمساحات فقد كثيرة منذ الطفولة، واعتقد أنه لا شخص منا لم يعان من هذا الفقد، ومن هذه الميزات التي تنهش دواخله، وهذا يؤكد رؤيتي الشخصية ودائما أقولها إن الأحياء يعيشون موت الميت أكثر من الميت لأن الميت انقطع عن الحياة، ولم يعد موجودا في هذه الحياة لكن موته بقي عند من يعرفه، عند محبيه، عند أصدقائه، نحن نعيش نتذكرهم، نتألم من أجلهم، نحزن، نفتقدهم، فهذه المعايشة التي نعيشها، نحن نعيش موت الآخرين، لأنه في موتنا نحن، سيعيشه غيرنا وسننتهي من هذه الحياة، وننقطع، لكن الآخرين سواء من عائلتك، ومن أفرادك، فبالتالي نحن نتلقى الموت من الآخر، ونعيشه، وهنا هذا يؤكد أن الموتى لا يغادرون الحياة، هم حاضرون يتفاعلون معنا، ويؤثرون فينا حتى إنك في بعض القرارات الشخصية تخشى أن بعض الموتى الأعزاء عليك كان يرفض هذا الاتجاه، فمن أجله تقوم بهذا القرار، وهو ميت منذ عشرات السنين، لكنه لازال يؤثر فيك، ويغير فيك، ويتحكم في قراراتك بشكل أو بآخر، إذا في الموت حياة، وفي الحياة موت، وفي الكتابة تعبير عن كل هذا الحاضر».

أداة تغير
وقال البراري «أيضا جانب آخر غير مساحة الفقد التي نعيشها، على الصعيد الشخصي، ما تمر به المنطقة العربية في الفترات الأخيرة من مآس وحروب وكوارث ودماء لا تنتهي وموت مجاني يستفحل في حياتنا اليومية، ماذا سيكتب الكاتب عندها، سيأخذ من كل هذه المحيطات، وسيكتب منها وإلا هو كاتب معزول عن مجتمعه، معزول عن محيطه، يغرد في برج عاجي، وحيدا غير قادر على التأثير». وطرح البراري تساؤلا على الحضور وهو «متى يؤثر الكاتب في الناس؟» وأجاب «عندما يشعر القارئ أن هذه الكتابة تشبهه، ويكاد يرى نفسه في النص، وإن شعر القارئ بهذا الشكل استطعت أن تؤثر فيه، وإن أثرت فيه أنت حققت هدف الكتابة، لأن هدف الكتابة ليس هدفا جماليا وشكليا وترويحيا فقط، لكن بالإضافة إلى ذلك هو أداة تغيير، هو أداة ربما توجيه».
وتابع البراري حديثه قائلا «أنا لا أرى الكتابة باعتبارها إجابات عن الأسئلة أبدا، وليس من مهمة الكتابة الإبداعية أن تجيب عن أي سؤال موجود، لكن مهمتها الأساسية أن تفجر كما غير منتهٍ من الأسئلة، فالعلم هو الذي يجيب عن الأسئلة، لأن الكتابة هي مزيج من التاريخ والفلسفة، وعلم النفس، وكل العلوم الأخرى موجودة في الكتابة». وقال البراري «أنا أنزعج عندما أقرا رواية أو كتابا أو مسرحية فيها جانب إرشادي أي يدل الناس على الخير، فهذه ليست مهمتك، تلك مهمة المصلحين والمرشدين والمعلمين، رجال العلم، ورجال علم الاجتماع من الممكن أن يشتغلوا في هذا الجانب، لكن عليك في كتابتك أن تفجر كما من الأسئلة».

الموتى لا يغادرون الحياة هم حاضرون يتفاعلون معنا

البراري في سطور

* كاتب وروائي أردني
* المؤهل العلمي: بكالوريوس علوم اجتماعية، الجامعة الأردنية
* يعمل أمينا عاما لوزارة الثقافة، وعمل سابقا مستشارا لوزير الثقافة ومديرا لمديرية الدراسات والنشر، وزارة الثقافة.
* عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتَّاب الأردنيين.
* حاصل على العديد من الجوائز.
* كاتب زاوية ثابتة في جريدة الرأي بعنوان «خارج النسيان».


معجم ميشيل فوكو جوديث ريفال


ترجمة وتقديم: الزواوي بغورة
الناشر: دار سؤال ـ صوفي


يتميز العمل الفلسفي لفوكو بالتعقيد، والتنوع في مجالات البحث، والأسلوب الباروكي baroque في الكتابة، والانفتاح على الاختصاصات المختلفة، والذهاب والعودة، والتغيير في الاصطلاح، والتوجه الفلسفي تارة والصحفي تارة أخرى؛ باختصار لا شيء يجعله يشبه التقليد أو الميراث المعتاد الذي نصفه بالنسق الفلسفي. ويندرج معجم ميشيل فوكو في هذا الاختلاف، فهو يقوم وفي الوقت نفسه باستعمال المفاهيم الفلسفية الموروثة من قبل المفكرين الآخرين، بعد أن يحول من معناها الأصلي في بعض الأحيان، ويبدع مفاهيم نادرة، ويرفع كلمات عامة ومتداولة إلى مستوى المفهوم الفلسفي. ثم إنه قاموس ينبثق من ممارسات، ويعرض نفسه على أنه تعميم لتلك الممارسات، لأنه عبارة عن أدوات للاستعمال، وحرفيا، وكما يحب أن يذكرنا بذلك فوكو، إنه (علبة أدوات). وأخيرا، فإنه قبل أن يثبت المعجم في الكتب، فإنه ينحت ويصنع في مختبر العمل الفلسفي، وفي المدونة الكبرى من النصوص التي جُمعت منذ عدة سنوات تحت عنوان: أقوال وكتابات، والتي تقدم من هذه الناحية تصورا مناسبا لطريقة إنتاج المفاهيم التي تتضمن عمل الفكر. لهذا السبب، فإننا في معظم الحالات، رجعنا إلى نصوص هذه المدونة: أقوال وكتابات، وليس إلى مؤلفات ميشيل فوكو. كما يجب الإشارة أيضا إلى أن مختبر الفكر هذا ليس هو المكان أو المجال الوحيد الذي تبدع فيه المفاهيم، ولكنه يكون في الغالب، وذلك من خلال حركة الذهاب والإياب الحاضرة دائما عند فوكو، المكان الذي يصبح فيه في مرحلة ثانية موضوعا للنقد الداخلي. وهذا يعني أن المصطلحات تنتج وتثبت، ثم تختبر وقد تترك أو تتحول وتتوسع من خلال حركة دائمة من الاستئناف والانتقال.


أسطوانة مشروخة


المؤلف: محمد طارق
الناشر: تشكيل للنشر والتوزيع


هذا الكتاب عبارة عن حكايات على القهوة، في اجتماعات عائلية، في المواصلات، في النادي، في Posts على الفيسبوك..
من أول صفحة في الكتاب أنت بقيت واحد من الحكايات دي، سواء مرت عليك قصص زي دي، أو عشت قصة منهم؛ ولو ماكنتش واحد من الاتنين دول فأنت كده كده طرف في القعدات دي، والكرسي بتاعك هو الكتاب اللي في إيدك..
بالمناسبة: الكتاب ده مش هيحسسك بالأمل، ولا هيحسسك بالبؤس، هو هيخليك تشوف واقع العلاقات بتاعتنا سواء كنت فارق أو متفارق، عاشق ولا موجوع، جاني ولا مجني عليك..
هتشرب شاي بلبن مع الناس اللي علاقتهم نجحت مع أسطوانة لــ«فيروز» وهي بتقول: «أنا لحبيبي، وحبيبي إلي»..
والقهوة السادة مستنياك مع أصحابك اللي علاقاتهم انتهت بالفراق وبيحكوا ليه العلاقة انتهت، وركز علشان أسطوانة «أم كلثوم» هتشتغل وهي بتقول: «وعرفت أعند، حتى الهجر قدرت عليه، شوفت القسوة بتعمل ايه».
ببساطة: هنا أسطوانات أنتيكا مختلفة بين السعادة والحزن، الفراق واللقا والصدفة؛ أسطوانات كتير مختلفة ..
ولأن الحياة مش كاملة مهما كان، فالأسطوانة الأنسب واللي لازم نؤمن بيها هي «الأسطوانة المشروخة»؛ حتى لو جميلة، في النهاية هتفضل «أسطوانة مشروخة»..!


التجربة والخطأ

المؤلف: إبراهيم الولي
الناشر: دار الحكمة – لندن

كنت قد بينت في الطبعة الثانية من كتابي (إسقاطات السياسات الدولية على الشرق الأوسط خلال مائة سنة 1916 – 2014م) أن ما جاء فيه كان شبه رؤوس أقلام قصدت من ورائها إثارة اهتمام القارئ العربي عموما للتوسع في بحث فقراته في عصف فكري، وقد فصلت ذلك بأن أفردت فصلا عن الفوضى الخلاقة، قلت فيها إن من بشروا ونفذوا تلك الفوضى على الشرق الأوسط إنما كانوا يعملون – ربما دون علمهم – بأسلوب عمل تطبيقي هو عندي التجربة والخطأ Trial and Error فهم كانوا براغماتيين ولكن دون الالتفات جديا لما ستفرز عنه هذه العمليات من مسؤوليات أخلاقية وقانونية جسام سيأتي فيما بعد وصفها في فصل مقبل. فما هي التجربة والخطأ وكيف أرى تطبيقاتها على حياتنا كبشر!
- أولا: لست أراني مجافيا للحقيقة أن قلت إن عملية التجربة والخطأ هي ليست نظرية Theory أو مبدأ Doctrine وإنما هي أسلوب معرفي فلسفي يكاد يغطي جميع مناحي حياة البشر والحيوان بل والآلات إن شئت. وهي حق لكل إنسان بأن تتوافر له الفرص المناسبة لاستخدامها كخيار خصوصا عند ممارسة حقوقه السياسية... فكيف يكون ذلك!
- ثانيا: كان حريا بنا تسمية هذا الأسلوب في العمل: التجربة وتصحيح الخطأ أو على الأقل حذفه، فهذا عندما يكون هدف مستخدمها فاضلا، فإن لم يكن الأمر كذلك، فقد يكون مؤديا إلى نتائج صفرية، رابح وخاسر، فذلك ما يقع في أغلب الأحيان في السياسة والعلاقات الدولية حين يقصد مستخدمها الإضرار الكامل بمن تقع عليه. إذن هناك «تجربة وخطأ» مقصودة و«تجربة وخطأ» غير مقصودة.. وتجربة بلا خطأ، وحتى خطأ من دون تجربة، فذلك هو الخطأ. ولعلي أضيف أن بعضها فاضل بل وقدسي أحيانا، وبعضها، للأسف الشديد، شرير سيئ. لعل القارئ الكريم سيرى معي من التفصيل ما يبرر ما سأورد.


مفاتيح السياسة الروسية

المؤلف: ستيفن وايت
الناشر: شركة المطبوعات
للتوزيع والنشر

لم تعد روسيا الاتحاد السوفييتي، لكنها لاتزال تشكل سبع مساحة العالم، إذ تمتد على قارتين وتغطي 11 منطقة زمنية مختلفة. كما أنها عضو مؤسس في الأمم التحدة وتحتل أحد المقاعد الدائمة في مجلس الأمن، وتعد إحدى أهم الدول ذات القدرات العسكرية الفائقة والتقنيات العسكرية المتقدمة جدا، وتتمتع بأحد أضخم اقتصادات العالم، إذ لديها مخزون من الموارد الطبيعية يعد بين أكبر الاحتياطات في العالم وهي تشكل جزءا مهما من توازن الطاقة مع الكثير من الدول الأوروبية والدول الأبعد. لذا فإن طريقة حكم روسيا مسألة تهم العالم أجمع مباشرة، وليس الروس فقط.
ركزت نسخة سابقة من هذه الدراسة على «سياسة روسيا الجديدة» في وقت كان لايزال من المألوف التحدث عن «الانتقال إلى الديموقراطية». لكن هذا الكتاب الجديد والمختلف تماما يركز على النظام البوتيني الذي ظهر في مستهل القرن الجديد، وسط توافق عام على أن ما أشيع بداية وعلى نحو متفائل عن توجه روسيا السياسي كان مغلوطا، أو على الأقل يعوزه النضج. لكني آمل أن يكون أكثر من مجرد دراسة عن المؤسسات الحكومية التي تشكلت خلال هذه السنوات: لأن مسألة الحكومة بالكاد يمكن فهمها من دون الإمعان في التغييرات التي كانت تحدث وسط مجتمع بات أكثر انقساما بكثير، ووسط اقتصاد ينتقل من ملكية الدولة إلى ملكية مختلطة أكثر تعقيدا، ووسط علاقات روسيا مع سائر دول العالم.
هذا الكتاب يستند إلى سنوات من الخبرة في مجال تدريس الطلاب المتخرجين وغير المتخرجين في مؤسستي في اسكتلندة، وفي إيطاليا (جامعة أوريانتال في نابولي وقريبا في مركز بولونيا في جامعة جونز هوبكنز)، وفي الولايات المتحدة. ويستند كثيرا إلى الصحافة المطبوعة التي اطلعت على أغلبها في قاعة المنشورات الدورية في المكتبة التاريخية في موسكو. ويرتكز على المصادر الإلكترونية، فقط حينما كنت أعجز عن تفادي ذلك، ليس لأنني ضد التقدم والتطور، بل لأن مثل هذه المصادر لا تحتوي (عادة) على مراجع بأرقام الصفحات أو صوراً بيانية، وقد تختفي أو تمسي غير متوافرة، وفي عدد محدود ولكن مقلق من الحالات قد تختلف النسخة الإلكترونية عن النسخة المطبوعة. كما استخدمت في شكل ملحوظ مجموعة من الدراسات الاستطلاعية، التي لم تجر في روسيا فقط، بل أيضا في جمهوريات سوفييتية سابقة أخرى، بين العامين 1993 و2010 (التفاصيل متوافرة في ملحق منفصل)، واستخدمت أيضا الأرشيف والمقابلات و(كما هو جلي) الكتب المطبوعة من مختلف الأنواع، بعد أن جمعت الكثير منها خلال زياراتي المتكررة إلى المدن الروسية الكبرى.
إنه كتاب جاء ثمرة تعاون وثيق مع أكاديميين آخرين من دول كثيرة وامتد لسنوات طويلة. تعاونت مع أولغا كريشتانوفسكايا من معهد العلوم الاجتماعية في الأكاديمية الروسية للعلوم، حيث عدنا إلى السنين الأخيرة للعهد السوفييتي، مع تركيز خاص على النخبة السياسية. وعملت عن كثب، وعلى مدى سنوات، مع إيان ماك أليستر من الجامعة الأسترالية الوطنية، وقبله مع ريتشارد روز من جامعتي ستراثكلايد وأبردين، على تحليل بيانات الاستطلاع. في جامعة غلاسكو، أدين خصوصا لبيل ميلر، الذي عرفني بالتحليل الكمي للسياست ما بعد السوفييتية، ولسارة أوتس التي تشاطرت وإياها ما هو أكثر من الاهتمام العلمي بالتواصل السياسي. ما كنت لأنجز هذا العمل من دون المستوى العالمي الذي حصلت عليه من مكتبة جامعة غلاسكو. وأدين بالفضل لصندوق ليفيرهولم على منحته البحثية الكبيرة التي وفرت لي وقتا كنت بحاجة إليه لإنجاز هذه الدراسة، ولهيئة البحوث الاجتماعية والاقتصادية لدعمها المستمر عبر منحتها ذات الرقم 000 – 22 – 2532 (وهي منحة مشتركة مع هيئة البحوث الأسترالية)، ومنحتها ذات الرقم 062 – 23 – 1378 (تشكيل التسلطية الانتخابية)، ومنحتها ذات الرقم 062 – 23 – 1542 (خلافة بوتين). وقد سمحت لي منحتا هيئة البحوث الاجتماعية والاقتصادية بتعيين تانيا بيليتسكايا وفالنتينا فيكليونينا كمساعدتين في البحث، وأنتهز هنا الفرصة لأشكر لهما حسن الاطلاع وحس الفكاهة ومساعدتهما العملية.


يحكى أن
عن الذات والحرب والثورة


المؤلف: أسعد طه
الناشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر

وعدتني أمي أن موعدي بعد العصر، تعرف هي أن ذلك أجمل المفاجآت لي، قبل أن تصفر شمس السويس الحامية بقليل، كانت تكوي ملابسي وتهيئني للخروج، سبع سنوات ربما أو ثماني كان عمري حينها، أخرج ممسكا بيد والدي، يدلف بي إلى شارع جانبي حيث نشرب كوبين من عصير القصب وسط احتفاء البائع ثم نكمل المسير.
نصل إلى الهدف، يجلس والدي خارج المكتبة مع صديقه صاحبها الخواجة اليوناني، يحتسيان القهوة ويتسامران، فيما أنا أستمتع وحدي بوجودي داخلها بين عشرات الكتب التي لا أستطيع فك طلاسهما، إلا الصور ربما، غير أني سعيد في خلوتي، لا يزعجني إلا دخول مشتر.
وعندما يحين وقت الانصراف يصر والدي على أن يشتري لي قصة أختارها، مازلت أذكر جيدا قصة الحمار الذي كان يتمرد على صاحبه، فيتمرغ في التراب ويتناثر ما يحمله من بضاعة، فيقرر صاحبه تأديبه، يحمله أكياس الإسفنج، وعند المكان المعتاد ينزل الحمار في الماء فيزداد وزن حمولته، كل شيء أذكره حتى رسومات هذه القصة، ليتها معي الآن.
والدي شخص مدهش، وأنت لم تعرف ذلك من مظهره، سيحتاج الأمر أن تتعامل معه مرات ومرات لتعرف مثلا حبه للغته العربية التي درستها وتخرج في كليتها «دار العلوم»، لكنه لا يتعامل معها من منطق الوظيفة أو المهنة، ولكن من منطق العشق.
ستأخذك الدهشة أكثر عندما تسمعه يحكي حكاية، كان أصدقاؤه يزورونه في بيتنا، يدخلون إلى الصالون يجلسون يثرثرون ويملؤون الدنيا صخبا وضجيجا، ثم فجأة لا تسمع همسا، فنعرف نحن أهل الدار أن والدنا يحكي، وما أن ينتهي حتى ينفجروا في ضحك هستيري.
حتى في حكاياته الطريفة لا يبتذل، يحكي النكتة بوقار شديد، تأخذك جديته، تتخيل أن امرا مريبا سوف يقصه عليك، لكنه يفاجئك بخاتمة مبهرة مضحكة.
في صغري أيضا كنت أصغي لأختي وهي تحكي عن صديقتها، التي تشاهد فيلما سينمائيا فتقصه في ضعف مدته الزمنية، إنها تحكي كل شاردة وواردة، تصف بدقة متناهية تفاصيل المشهد، الملابس والخلفية والإضاءة والمؤثرات الصوتية، قدرة غير عادية على السرد.
ولما كبرت قليلا كنت أسأل نفسي دوما عن سر الحكاية في القرآن، إنه كتاب مقدس نزل من العلي القدير، لكن الحكاية نفسها تذكر مرة ومرة ومرة، اقرأ تفسيرات متعددة، لا تقنعني كثيرا، أستغرب، أواصل القراءة وأستمتع.
لاحقا أدركت أن الحكاية أشبه بالسحر، بقدر ما يتقنها حاكيها بقدر ما يتسمر أمامها القارئ أو السامع أو المشاهد، فتفعل به الأفاعيل، ثم تمر الأيام لينقلها لمن هم بعده، وكأنها أمامه يجب حفظها وتسليمها للأجيال المتتالية.
الحكاية هي الأسلوب الأمثل والمحبب للنفوس، نسمعها صغارا من آبائنا وأمهاتنا، ونسردها كبارا على أطفالنا لينقلوها إلى أطفالهم، ويشترك الجميع في أنهم يدسون فيها ما شاء لهم من أفكار يريدون تمريرها.
من بوسعه أن ينسى مثلا ألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة بن شداد، أبا زيد الهلالي، بل وعلي بابا والأربعين حرامي، والسندباد، والحكواتي وحكاياته التي يسردها في المقاهي وأماكن تجمع الناس في سهراتهم.
الحكاية لجأ إليها الفرد ولجأت إليها الشعوب، وفي ذلك استوى الجميع على وجه الأرض وعلى مرور الزمان، فكانت تسجيلا للتاريخ، وتوثيقا للأحداث الكبرى، ورسما لا يُمحى لثقافات الشعوب وعاداتها وتقاليدها، ودعوة غير مباشرة لقيمة ما، فكانت القصة والرواية والموال الشعبي والشعر والزجل والأفلام السينمائية، أما الأفلام الوثائقية فإن هناك من يقول إنها شأن آخر، غير أني أعتقد أنها ليست سوى حكاية.

 


هل النقد علماني؟
التجديف والإساءة وحرية التعبير

ترجمة: إبراهيم بن عبدالرحمن الفريح
الناشر: جداول للنشر

تبرز مفاهيم الحرية والعلمانية والنقد وحرية التعبير باعتبارها مفاهيم مركزية في الفكر الإنساني، وفي العصر الحديث تحديدا، حيث دار حولها نقاش طويل وجدال متواصل، ورغم هذا فماتزال هذه المفاهيم ملتبسة وباعثة لكثير من الجدل حول ماهيتها وتطبيقاتها وتمظهراتها في الحياة اليومية.
يشكل كتاب هل النقد علماني (Is Critique Secular) ضمن هذا السياق، أحد الكتب بالغة الأهمية التي تنشغل بهذه المفاهيم من خلال مساءلة علمانية النقد المفترضة، ومناقشة قضايا تتصل اتصالا وثيقا بالإسلام والعلمانية والتعددية الثقافية والعلاقة بين الغرب والمجتمعات الإسلامية.
تتخذ مقالات الكتاب من قضية الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وردة فعل المسلمين – والغرب – عليها، نقطة انطلاق لها. إلا أنها تركز على مسألة حرية التعبير وقيودها، والعلاقة بين النقد والعلمانية والدين، متخذة من حادثة الرسوم سبيلا لاستقراء الأطر التي تُفهم من خلالها هذه المسألة، ولإبراز الصراع بين الرؤيتين الدينية (الإسلامية) والعلمانية (الغربية). ولعل إحدى القضايا المهمة في هذا الكتاب، هي مساءلة الإطار العلماني (الغربي) الذي تحاكم الظواهر من خلاله وبه، والمدفوع بنزعة الهيمنة الغربية باعتبارها إطارا كونيا.
يعيد الكتاب النظر في أسس هذا الإطار الذي تتشكل ضمنه العلاقة بين النقد والعلمانية، مثيرا العديد من الإشكالات؛ فهل يلزم للنقد أن يكون علمانياً؟ وهل العلمانية نقدية لا محالة؛ بحيث تميز نفسها بكونها ناقدة لذاتها وعقلانية، في مقابل الدين الذي يبدو جازما واثقا، يستلزم الإيمان والتصديق والاتباع؟ ويبين الكتاب كيف أن التفسيرات الطاغية في الغرب لسؤال الرسوم والتجديف، قد موضعت هذا الصراع ضمن ثنائية النقد الغربي العلماني المرتبط بالعقل والحرية، والتقييد الإسلامي المرتبط بالإكراه والتشدد وانعدام التسامح. ويتبع هذا ثنائيات تقابل بين الدين والعلمانية، يظهر الإسلام ضمنها باعتباره ممثلا لنقيض الغرب العلماني الليبرالي الديموقراطي.


في مفهوم الأزمة

 

المؤلف: إدغار موران
الناشر: دار الساقي


كثيرا ما يستخدم مصطلح الأزمة كمكون أو حتى كتفسير لكنه لم يخضع أبدا للمساءلة.
يحمل مفهوم الأزمة داخله اختلال التوازن وغياب اليقين. يمكن أن يتعلق غياب اليقين بسبب الأزمة لكنه متعلق دائما بمستقبلها. هل سوف تُمتص؟ هل ستتفاقم؟ هل ستسبب تراجعا أو تقدما... أو الاثنين معا؟ أو عودة إلى الوضع القائم؟
كما يشمل غياب اليقين طبيعة الأزمة نفسها: هل هي مجرد فوضى أو أزمة، مهما كانت، أزمة أعصاب أو أزمة عالمية؟ هل لها ملامح خاصة؟
حاولت أن أثبت أن الأزمة، إضافة إلى اختلال التوازن وغياب اليقين اللذين تحملهما، تتمظهر في الإخفاق في ضبط نظام الكبح أو كبت الانحرافات (ارتجاع سلبي feed-back negative) للحفاظ على الاستقرار، ومن هنا، تتطور الانحرافات التي لا تعود مكبوتة وتصبح اتجاهات فعالة. والأخيرة إذا ما تطورت تهدد بعمق أكثر النظام المتأزم. في النظم الفيزيائية يُشكل تطور الانحرافات ارتجاعا إيجابيا يدمر أو يفكك النظام. أما في النظم الحية، وبخاصة الاجتماعية، يقود تطور الانحرافات إلى تحولات رجعية أو تقدمية، وحتى إلى ثورة.
تُحفز أزمة مجتمع ما مسارين متناقضين: الأول البحث عن حلول جديدة تحفز الخيال والإبداع، والثاني البحث عن الخلاص بالعودة إلى استقرار ماض وبالتعلق بمنقذ قدري وكذلك بإدانة أو حرق مذنب ما. يمكن أن يكون هذا المذنب قد تسبب في أخطاء أدت إلى الأزمة او أنه مذنب خيالي، أي كبش فداء، يجب التخلص منه.
من اللافت أنه عندما تتفاقم الأزمة وتتواصل من أزمة إلى أزمة، فإن انحرافات الأزمة الأولى تصبح هي القاعدة. ولكن بما أن الأزمة تستمر بطريقة جديدة، فإنها (أي الانحرافات الأولى) تُغلب بانحرافات جديدة بالنسبة إليها، ويقع التخلص منها أو تكون ضحية، أي يصير منتصرو أزمة أولى مهزومي الأزمة الثانية.
أتمنى أن تكون الإشارات التي يحملها هذا الكتاب مفيدة للقارئ العربي الذي يواجه أزمات عدة ومتراكبة. لا يمكن لهذه الإشارات أن تشكل تشخيصا أو خط سلوك لكنها تحرض العقل على أن يكون حاضر الانتباه دائما إلى الانحرافات التي تتطور، والتحولات الرجعية أو التقدمية، والظواهر النفسية التي تحفزها الأزمة للبحث عن حلول.

الدولة والمجتمع – هلاك القرى وازدهار المدن


المؤلف: د. محمد شحرور
الناشر: دار الساقي

يستعرض هذا الكتاب بالدراسة والتحليل قانون سير التاريخ للدول والمجتمعات كما ورد في التنزيل الحكيم، وكذلك مسيرة تطور المجتمعات الإنسانية من عصر الأمومة إلى الأبوة وصولا إلى عصر المساواة والتعددية. ويشرح لنا أن كل مجتمع أحادي متخلف يحمل بذور هلاكه وعذابه في ذاته، بل هو الذي يعطي الأسباب للخارج للتدخل، كما الحال بالنسبة إلى الاستعمار.
وبعد أن يؤكد أن التنزيل الحكيم لا يدعو إلى إلغاء التعددية والملكية الخاصة، يقدم إلينا مفهوما أساسيا في حركة سير المجتمعات يرتكز على أن التاريخ الإنساني يسير إلى الأمام ونحو التطور والتعددية وهلاك التخلف والأحادية، وذلك مع حديث عن نشوء المدن وصراع سلطة المعرفة وسلطة القانون، إضافة إلى نقاش حول ثنائية الشورى والحرية في التنزيل وقضايا أخرى.
د. محمد شحرور باحث ومفكر سوري. حائز دكتوراه في الهندسة المدنية. بدأ بدراسة القرآن عام 1970، ويعتبر اليوم مرجعا أساسيا في العلوم القرآنية بعدما أوجد نهجا جديدا وعلميا لفهمها. من إصداراته عن دار الساقي: «الإسلام والإنسان»، (جائزة الشيخ زايد للكتاب 2017)، «تجفيف منابع الإرهاب»، «نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي»، «الكتاب والقرآن»، «الدين والسلطة»، «الإسلام والإيمان».

شعر السميسر


إعداد: إسماعيل بن حمد بن عبدالله السالمي
الناشر: دار الكتاب المصري – دار الكتاب اللبناني

السميسر لم يكن مداحا، أو لم يصل إلينا من شعره في المديح إلا أبيات في ابن شرف وبيتان في المعتصم أقاما وأقعدا من كتب عنه، ولكن ليس من ذاتهما وإنما من السبب الذي قيلا فيه. ولئن كان السميسر ليس فيلسوفا أو زاهدا، فلا شك أن ما وصلنا من شعره يصور حالته النفسية سواء أكانت بما قال في وصف حاله بين المجتمع، أم ما قاله في الهجاء أو الثورة أو الزهد؛ فإنه شاعر آمن الجميع بذلك، وأنه نقل إلينا وصور حالة الأندلس في زمنه خير تصوير، ونرى ذلك أيضا في شعره المتناص مع آيات القرآن الكريم، فهو حافظ للقرآن، شارب لمبادئه، متأثر بمفرداته ومعانيه.
وما وصل من الشعر الأندلسي في الهجاء، أقذع، وفي السياسة والثورة كان شعره بأبياته المقطعة أسرع وأعمق في الرؤية والتعبير.
ولئن وصف بأنه شاعر هجاء فماذا هو عبدالله بن الحداد وغيره من شعراء وشاعرات الأندلس؟ وإن كان كتابه الذي قدح به، واستعيذ بالله منه، فإن الكتاب ومن خلال الجملة التي رواها هنري بيريس لا نراه أو نتخيله إلا كتابا تناول فيه أساليب الهجاء والقدح مع الأدباء نثرا أو نظما. وجملة كتب الأدب تناولت هذه المواضيع بإسراف وإباحة، وقد يكون السميسر في عنوانه للكتاب «شفاء الأمراض في أخذ الأعراض» بصراحته ومفرداته التي دائما ما يستعملها سولت للجميع بهذا القيل والقال، فلو كان عنوان الكتاب بهذه الصيغة: «رسالة في ما قيل في الأعراض» فما هو رأي مؤرخي الأدب، لا بد أنه سيكون من أجل الكتب، وأول من خصص كتابا مفردا لهذا المقال.


على باب سجن أبي العلاء


المؤلف: معروف الرصافي
الناشر: دار الوراق


تكمن أهمية هذا الكتاب بكونه يتناول ثلاثة من أهم أعلام الفكر العربي، هم: الفيلسوف الساخر «المعري»، والشاعر الثائر «الرصافي»، والكاتب اللامع «طه حسين»؛ فإذا ما عرضنا لهؤلاء أمام جمهور قرائنا الكرام فإنما نريد أن نضع أمامهم صورة أدبية جميلة تضم بين جوانحها أفكار ثلاثة مبدعين أعزاء على نفوسهم، ولهم في حلبة التجديد الاجتماعي باع طويل.
لقد نشر الأستاذ طه حسين في سنة 1939م كتابا سماه «مع أبي العلاء في سجنه»، شرح فيه بلغة سلسلة جملة صالحة من آراء أبي العلاء ومذاهبه في حياته، وعللها حسبما رآه واقتنع به؛ وقد قرأ الرصافي سنة 1942م هذا الكتاب فلم يوافقه في بعض استنتاجاته وتعليلاته، فكتب رسالة يرد بها على الأستاذ طه حسين، ويشرح بها آراء أبي العلاء ومذاهبه في حياته كما تراءت له، وعلل ذلك ببراهين منطقية كثيرة. ففي آراء أبي العلاء كما في فنه وشعره ونثره، درر ثمينة ذات وزن كبير وقيمة لا تُقدر، بل ولها أكبر مساس بالمشاكل الإنسانية الكبرى التي تصطرع على ساحة الحياة الاجتماعية في كل مكان وزمان، ولذلك كان الأولى أن تعطى هذه المشاكل كل عناية وتدرس بشكل يقر بمفهوماتها من ثقافة الجمهور العربي ويمكنه من الاسـتـفادة منها.. وهذا أثمن وأجدر.

أفق المعنى

المؤلف: خالدة سعيد
الناشر: دار الساقي

أفق الحداثة هو أفق مفتوح يستقبل الأسئلة والتحليل والنقض. فلا نهائيات، بل رؤى واحتمالات، من هنا التعارض بين الحداثة والعقائد التي ترفع الحدود الصارمة أمام الأسئلة والتصورات.
في هذه الدراسة تحاول المؤلفة الإضاءة على عدد من التحولات الفكرية والنصية الفنية التي حفزها وعي التغير، والمفارقات التي واجهت الرؤية الحديثة والموقف الحديث في الأدب العربي المعاصر، سواء منه الشعري أو النثري، من جبران خليل جبران وبدر شاكر السياب ويوسف الخال، إلى نازك الملائكة ومحمد الماغوط وأبوالقاسم الشابي ومحمود درويش وغيرهم.

أيخمان في القدس
(تفاهة الشر)


المؤلف: حنة أرندت
ترجمة: أحمد زعزع
الناشر: دار الساقي

«يتناول أعظم المشكلات في زمننا، مشكلة الإنسان العالق في نظام توتاليتاري حديث»
The New Republic
تحولت تغطية حنة أردنت لمحاكمة أدولف أيخمان، وهو مسؤول نازي كان متخفيا في الأرجنتين، إلى كتاب مثير للجدل، أعلنت وجوه صهيونية ويهودية موقفا معاديا له قبل صدوره.
أكثر من 121 جلسة جهد فيها الادعاء لتضخيم دور أيخمان خدمة لما أراده بن غوريون، رصدتها أرندت بعين الناقد، ما جعلها متهمة بـ «التعاطف مع المجرم النازي». فقد رأت أنه «أتفه» من أن يفكر في معنى ما يفعله، حاصرا نفسه في آليات التنفيذ. كما نُظر إليها بريبة بسبب انتقادها دور «المجالس اليهودية» وتسهيلها سوق اليهود إلى مذبحهم.
يرصد الكتاب محاكمة «مشهدية» هي أقرب إلى عرض مسرحي، وكل ذلك مع هامش بسيط جدا للمجازفة بصدور حكم غير متوقع.
حنة أرندت (1906 – 1975) فيلسوفة أمريكية من أصل ألماني. من أبرز علماء الاجتماع السياسي في القرن العشرين. صدر لها عن دار الساقي: «في العنف» و«أسس التوتاليتارية».


جديد إصدارات مركز البحوث والدراسات الكويتية


كتب: محمود حربي
يقدم جناح مركز البحوث والدراسات الكويتية مجموعة من الإصدارات التي تؤرخ لفترات مهمة في تاريخ دولة الكويت على مر العصور،.. وهنا نبذه عن أهم تلك الإصدارات.
الغوص على اللؤلؤ
في الكويت والخليج العربي
صدرت العديد من الكتب عن مهنة الغوص على اللؤلؤ في الخليج العربي، ولايزال هذا الموضوع في حاجة إلى مزيد من التوثيق. يتضمن هذا الكتاب جزأين أولهما: توثيق ما يتعلق بمهنة الغوص في الخليج العربي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وثانيهما يعد أول جمع لأخبار مواسم الغوص على اللؤلؤ في الكويت تم تقصي البحث عنها في تقارير المعتمدية البريطانية في الكويت، وتغطي تلك الأخبار السنوات الممتدة من عام 1904 إلى عام 1950.
الأناشيد الملحنة الفائزة
يوثّق هذا الإصدار جانبــــا من جوانـــب النهضـــة التعليميـــة في الكويت ممثلا بالتربية الموسيقيــة والأناشيــــد التي كانت مقررة على مراحل التعليم العام في الكويت، ويتضح من قراءة هذا السجل مقدار ما تحتويه الأناشيد من المبادئ التي ترسخ القيم الأخلاقية والروحية، وتنمية الولاء الوطني، وما يحقق الاعتزاز بالعروبة والإسلام، بالإضافة إلى تربية الذوق والحس الجمالي عند المتعلمين وجميعها مبادئ حرصت عليها دائرة المعارف آنذاك.
العين والأثر في عقائد أهل الأثر
كتاب «العين والأثر في عقائد أهل الأثر» للشيخ عبدالباقي الحنبلي (صورة مطبوعة الهند التي طبعت عى نفقة فهد خالد الخضير في العام 1906، ويليها متن الكتاب بخط الشيخ عبدالله خلف الدحيان)، أعاد المركز نشر هذه الصورة لمطبوعة الكتاب وصورة متنه المنسوخ بخط اليد ليبرز بالدليل طبيعة المجتمع الكويتي المحب للخير، الساعي إلى كل تطور، الراغب في نفع الآخرين بكل نافع من علم وغيره، ويقدم لونا من ألوان حرص الأسر الكويتية الكريمة ورجالات الكويت المرموقين على نشر العلم وتزويد طلاب العلم في الكويت وغيرها بمثل هذه الكتب التراثية القيمة بمبادرات فردية منهم.
الكويت في العصور الإسلامية
يُبرز هذا الكتاب التحولات التاريخية في أرض الكويت خلال العصور الإسلامية الوسطى، ونمو المجتمعات بها، وضمورها، وتقلباتها في النمط المعيشي بين بداوة وشبه بداوة وتحضر. وقد تم توظيف النتائج الأثرية لتكون في سياقها التاريخي المناسب لرسم صورة أوضح لدور أرض الكويت، وتفاعلها مع الدول، والأحداث الكبرى في الجوار. وهو يُسلط الضوء على مستوطنات، ومحطات أرض الكويت الواقعة على خطوط السفر؛ مثل كاظمة، والشجي، ووادي الباطن، والعدان، بالإضافة إلى المستوطنات في جزيرتي فيلكا، وعكاز، فيما بين القرنين السادس والتاسع الميلاديين، ويبحث أسباب اندثار الحياة الحضرية، وهجرة بني تميم وبكر في نهاية القرن التاسع الميلادي.

مشروعات السكك الحديدية في الشرق الأوسط
هذا الكتاب الذي نقله إلى العربية أ. د. محمد المرزوقي سعيد بقسم التاريخ – جامعة الكويت، والذي يتضمن مجموعة من المقالات المتعلقة بهذه المشروعات نُشرت باللغة الفرنسية في ذلك الوقت، تتناول جميعها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتلك المشروعات، وتبين حقيقة الصراع المحتدم بين الدول التي سعت إلى تلك المشروعات من أجل مصالحها الاقتصادية، وتكشف عن ذلك الصراع الذي امتدت دائرته لتشمل كثيرا من مناطق النفوذ في كثير من المناطق، وتلقي الضوء على موقف الشيخ مبارك من جعل الكويت محطة لنهاية خط سكة حديد بغداد.

الكويت وجمهورية الهند
(تاريخ من التعاون البناء)
ترتبط الكويت مع الهند بعلاقات تاريخية اقتصادية قوية؛ فكانت رحلات التجارة من الهند وإليها هي أحد أسس الاقتصاد الكويتي قبل اكتشاف النفط.
وقد استمرت تلك العلاقات بين البلدين بشكل إيجابي بعد استقلال البلدين، فتعززت العلاقات التجارية والصناعية، وأسهمت الكويت في دعم الاقتصاد الهندي من خلال الاستثمارات الكويتية والقروض والمساعدات المالية التي كانت تقدم إلى الهند. ويوثق هذا الكتاب المراحل المختلفة التي مرت بها العلاقات الكويتية الهندية؛ معتمدين في كل ذلك على السجلات الرسمية للبلدين الصديقين.

أرشيف المدرسة الخيرية المباركية

يكشف هذا الإصدار عن أرشيف متكامل لإنشاء أول مدرسة نظامية في الكويت عام 1912م، وذلك من خلال استقراء عدد من الوثائق المهمة التي قدمتها أسرة الخالد الكريمة لمركز البحوث والدراسات الكويتية، ويكشف من خلالها عن مادة جديدة ومعلومات تنشر لأول مرة عن إنشاء هذه المدرسة؛ منها ما يتصل بدور عالم جليل من آل الصباح هو الشيخ ناصر المبارك الصباح، الذي قاد الدعوة إلى التبرع للمدرسة، وتابع بناءها واستقدام المدرسين المميزين إليها، وكذلك الدور الذي قام به رجال آل الخالد الذين حافظوا على أموال المدرسة، واستثمروها دون مقابل، وتواصلت تبرعاتهم لها، والاهتمام بها نحو خمسة وعشرين عاما.
وقد بلغت صفحات هذا الأرشيف ما يربو على 650 صفحة، تضم كل ما يتصل بهذا العمل الوطني الكبير.

المنصور حاضر عن تجربة ذات السلاسل في نشر الرواية


كتبت: فضة المعيلي
تحت رعاية وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب محمد ناصر الجبري، وفي إطار مشروع رخصة الرقيب من 22 أكتوبر وحتى 21 نوفمبر 2018، وضمن فعاليات محاضرات الاسبوع الخامس، أقيم في مكتبة ذات السلاسل مساء الثلاثاء 20 نوفمبر لقاء مفتوح عن المكتبة في المجتمع المدني مع سعود عبد العزيز المنصور، أدار اللقاء المهندس عبد العزيز الجناحي مستشار وزير الإعلام.
رحب سعود المنصور بالحضور وأخذهم في جوله داخل المكتبة ثم تحدث عن دور المكتبة في المجتمع المدني ودور الرقابة في الحفاظ على الهوية والمبادئ العامة والقيم الدينية وتحدث عن تجربة ذات السلاسل في نشر الرواية حيث إنها من نوعية الكتب السائدة لدى الشباب حاليا وتحدث عن الكتب التاريخية وضرورة الاعتناء بها.
وتفاعل الحضور مع اللقاء ونوقشت قضايا عديدة منها مستقبل الكتاب الورقي وهل يمكن أن ينتشر الكتاب الرقمي والكتاب الصوتي؟
وأكد السيد سعود المنصور على استمرارية الكتاب الورقي لفترة من الزمن وقارن بين تداول الكتاب الرقمي والصوتي في أوروبا وأمريكا وفي سوق الكويت.
ثم تحدث صالح الغازي مدير النشر في ذات السلاسل عن القيم التي تدار بها ذات السلاسل من قرابة نصف قرن وآلية النشر ودورها في جودة المحتوى وقراءة الأعمال من لجان متخصصة و تفصيلا في الترجمة حيث إنها جسر التواصل مع الآخر واعتبار اختلاف الثقافات واصدارات الشباب حيث تتبني ذات السلاسل الكتاب الشباب سواء بقراءة العمل والتوجيه لمزيد من القراءة أو بالتوجيه للتعديلات الدرامية أو اللغوية أو بالنشر، كما تحدث عن اصدارات الاطفال والتي تعتني الدار باختيار محتوى يستند على القيم لكتاب مميزين ولرسامين موهوبين وكلها أعمال تحتاج لتخطيط طويل المدى.
وفي مداخلة الاستاذة منيرة المطيري أكدت على جودة محتوى الكتب اصدارات ذات السلاسل.
ووجه المهندس عبد العزيز أسئلته ومنها:
هل يمكن للناشر أن يرفض طبع كتاب دون آخر؟
وأجاب الغازي أن ذلك وارد طبقا لأهداف ومعايير كل مؤسسة.
ما الاجراءات التي يقوم بها الناشر لإحضار كتاب اجنبي للسوق الداخلي؟
وشرح سعود المنصور بالتفصيل الاجراءات المتبعة وآلية العمل الطويلة التي تهدف لوصول محتوى مفيد للقارئ.
واختتم سعود المنصور بالشكر للحضور والتأكيد أن كل كتاب يدخل المكتبة هو نتيجة جهد ودراسة ونتاج نقاشات طويلة سواء مع لجان رأي من جيل الشباب أو الكبار وأكد على دور المكتبة في الحوار بين الثقافات وتنمية المهارات وتنمية المجتمع.
واختتم الحوار بتوصية المهندس عبد العزيز الجناحي بالأخذ بآلية النشر التي تنتهجها ذات السلاسل كنموذج لمحتوى يتسم بالجودة ويفيد المجتمع.


في حفل توقيع كتابه الجديد «مقاربات نقدية في الخطاب المسرحي الكويتي»

د. القحطاني: الكتاب يتناول آخر ما وصل إليه المنظِّرون في المسرح

في جناح رابطة الأدباء في معرض الكويت للكتاب في دورته الـ 43، أقام د. فيصل محسن القحطاني، حفل توقيع لكتابه «مقاربات نقدية في الخطاب المسرحي الكويتي». وقال د. القحطاني إن الكتاب يركز في فصوله الخمسة، على تكوين الخطاب في المسرح الكويتي، وأهم وأبرز الخطابات قبل الغزو العراقي وبعده، وأخذ بعض النماذج، وأيضا الدراسة تشتمل على خطاب الشباب الكويتي في رهانات الحاضر الآن، أو ما يعيشونه في الواقع والرهانات القادمة. كذلك تطرق د. القحطاني إلى خطاب الصورة من خلال المسرح ما بعد الدراما. وتمنى د. القحطاني أن يكون الكتاب بمنزلة حافز للكتابات النقدية أكثر، وخاصة أن الاهتمام بالنقد المسرحي أو الأدبي لدينا بدأ يقل، وتلك الظاهرة غير محمودة. وأضاف د. القحطاني أن الكتاب يتناول أو يصل إلى آخر ما وصل إليه المنظرون في المسرح، وهو ما بعد الدراما الذي تحدث فيه عن خطاب الصورة وكيف أن الصورة تشكل دلالاتها ومعانيها من خلال الصورة نفسها، وليس من خلال الحوار والنص، مشيرا إلى أن ذلك فيما يتعلق بخطاب الصورة وكيف تتقدم مشهديات على حساب الكلمة وعلى حساب النص المكتوب، لافتا إلى أن هذا ما يميز الدراسة حيث إنها تتطرق إلى حديث المسرح.
وفي ختام الكتاب قال د. القحطاني «إن المقاربات النقدية المتعددة والمتنوعة في تناولها – والتي اشتملت على خمسة فصول في هذا الكتاب – كان مقصدها الوقوف على ماهية الخطاب المسرحي الكويتي الحديث، وهذه المقاربات على رغم إنها كانت تستهدف المسرح الكويتي الحديث، فإن بعضا منها تناول بالتحليل مسرح المرحلة السابقة للمسرح الحديث بهدف البحث عن بدايات تأسيس الوعي بالخطاب المسرحي الكويتي، وهو ما أنتج وأرسى قواعد الخطابات المسرحية المعاصرة».
وتابع د. القحطاني «وبعد ملامستنا لهذه المقاربات وخصوصياتها، يمكن أن نخلص إلى بعض الملامح التي تميز المسرح الكويتي اليوم، وفي مقدمتها تلك المكانة التي وصل إليها المسرحيون الكويتيون في مواكبة التحولات الفكرية والجمالية التي يعرفها المسرح العالمي اليوم، مما تمخض عنه تقديم منجز مسرحي يحترم ذائقة جمهوره، ونقصد بذلك العروض التي تقدم في المهرجانات، والملتقيات الفنية والفكرية، أو بعض العروض الخاصة التي استطاعت المزج بين القيمة الفنية الجمالية، والقيمة الربحية».
وتضمن الكتاب كلمة لأمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي الذي قال «يعد المسرح الكويتي رائدا في منطقة الخليج العربي، وقدم أعمالا فنية وأدبية جميلة حصدت النجاح، والانتشار الواسع، وقد شاركت أسماء مبدعة في إثراء الأدب المسرحي، حيث كتبت نصوصا هادفة وتحمل مضامين راقية».
وأضاف الرميضي في كلمته «أن رابطة الأدباء الكويتيين تولى أدب المسرح اهتماما كبيرا منذ تأسيسها عام 1964 وحتى يومنا هذا، وتمثل ذلك عبر الفعاليات المتنوعة التي تنظمها كالندوات والعروض المسرحية التي تقام في مسرحها، والدراسات المهمة التي تنشر عبر صفحات مجلة البيان والصادرة عن الرابطة».


المعيلي أطلقت «حكايات شعبية روسية» و«الأمير»

في جناح «ذات السلاسل»، أقامت الزميلة فضة المعيلي حفل توقيع لإصداريها المترجمين وهما «حكايات شعبية روسية»، و«الأمير» لنيكولا ميكافيلي. وعن «حكايات شعبية روسية» تقول المعيلي إنه عبارة عن مجموعة من الحكايات من الأدب الفلكلوري الروسي، والتي تحمل في طياتها تاريخا، ومعرفة، ومعتقدات عريقة من قرون ماضية، وتتميز بتقاليد غنية في سردها. وقد ركز الموروث الروسي الشعبي القديم بشكل أساسي على القصص الخيالية على نمط الـ «يوتوبيا» الذي يوجه إلى الأخلاقيات الفاضلة، والمثالية، ففي تلك القصص ينجح الأبطال والبطلات ليس فقط في علاج خلل في النظام الاجتماعي الذي دفع بهم للخروج في المغامرة، بل إنهم يجملون العالم من حولهم. وتضيف أنه بشكل عام تخاطب القصص وتعالج مغزى إنسانيا عاما، بحيث توفر مجالا، وحلولا، ومسارات يمكن اتباعها، ونهايات سعيدة يمكن الحصول عليها. وخلاصة القول إن القصص الشعبية الروسية تعمل على تسلية وإمتاع الكبار، والصغار، ومساعدتهم على فهم الماضي، والحاضر. أما كتاب «الأمير» لنيكولا ميكافيلي فيعتبر رغم تباين الآراء حوله، نقلة نوعية في الفقه السياسي، فقد أحدث جدلاً كبيراً بعد نشره في كل أوروبا، لما تناوله من تعريف لأخلاقيات السياسة. وقد سبق ميكافيلي غيره في التطرُّق إلى هذا الجانب السياسي، وتناوله بهذا الشكل. ونظراً لأهمية هذا الكتاب الكبيرة، وما احتواه من نظريات في الحُكم والإمارة فقد اتخذه الكثير من الحُكام مرجعاً لسياساتهم، وملهماً لهم في رسم طريقهم للوصول إلى السُّلطة والحفاظ عليها. وبجانب ترجمة الكتاب فقد ألحق بدراستين نقديتين، حتى تتحقق الإفادة القصوى للقارئ، ومن ثم يتمكَّن من فهمه بصورة أكبر وأعمق.


رواية جديدة للكاتب وليد قرضاب
«الجذع الصامت».. صرخة
من أجل عالم أكثر إنسانية

«الجذع الصامت» عنوان لافت لرواية جديدة صدرت عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع في بيروت، للكاتب والصحافي اللبناني وليد قرضاب تصادفه في قاعة 5 جناح 52 بمعرض الكويت الدولي للكتاب.
رواية تميزت بأسلوبها المختلف بشكل لافت عن المألوف، حيث ابتدع الكاتب نهجاً جديداً ليصل فيه إلى القراء لاسيما الشباب، معبراً عن هموم الكثيرين منهم، وطارحاً قضايا كثيرة وكبيرة تواجه المجتمع العربي الذي عرّته الحروب والأزمات المتتالية، ونال منه الإرهاب، حتى أصبح التوحش مرادفاً أو صفة للبشر بدلا من الحيوان، ولم يعد للإنسان من مكان وسط هذا التدني بالقيم الأخلاقية والتعدي على الجمال باستنساخ القبح في كل شيء.
قراءة هذه الرواية تجعلك تدرك حجم المأساة من خلال صور وأحداث رسمها قرضاب بسريالية وخيال واسع مازجاً بين العلم والدين والأساطير الميتافيزيقية، طارحا تساؤلات كبيرة ونظرية حاول إيجاد البرهان عليها من خلال أحداث عاشتها الشخصية المحورية «نورس» الذي أجبر قسراً على الاغتراب بسبب الأزمات في بلاده، ومن خلال هذه التجربة يدلل الكاتب بشكل ضمني على قضايا اللجوء والوحدة والاحتلالات والاستيطان واللعب بالديموغرافيا على رقعة جغرافية مزقها الجهل قبل أن تمزقها الحروب.
ويقول الكاتب وليد قرضاب الذي يعمل في قسم الأخبار الدولية في جريدة القبس الكويتية، إنه تأثر بشكل كبير بما يراه يوميا من أحداث دموية وفظائع ترتكب بحق الأطفال والنساء والشيوخ، فرسم كل هذه الأحداث في صور نثرية قصيرة مستخلصاً في نهايتها عبرة أو طارحا إشكالية معينة. وأضاف انه أراد من خلال عمله هذا توجيه رسالة من أجل الإنسان ومن أجل عالم أكثر إنسانية وعدالة، مستدركاً بأن الكائن البشري مهما فعل ومهما واجه من مشاكل ومهما تجبّر أو تكبّر فنهايته الموت، لذا عليه أن يمشي درب الحياة المرسوم له بتواضع مغلبا العقل والحكمة والمحبة على الغرائز والأحقاد.
وقرضاب (36 عاما) من مواليد الجاهلية الشوف، وحاصل على إجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية كلية الإعلام والتوثيق، وهو ناشط حقوقي وكشفي وبيئي، وهذا ما تبرزه أيضا روايته لناحية الحديث المتكرر عن الطبيعة والشجر والنهر وحياة الخلاء ودفاعه عن النمل والكائنات البيولوجية التي لها فائدة كبيرة لانتظام دورة الطبيعة، وفي هذا الإطار يقول قرضاب إنه مع هذا القتل والدمار الذي نشهده اليوم ضد الطبيعة والإنسانية، وجب علينا تحمل المسؤولية لإعادة الانتظام إلى مجتمعاتنا وتغليب صوت العقل والعودة إلى الأصول والجذور لنعيد صقل الإنسان في داخلنا بعد أن انحـرفـنا كثـيرا. ويخـتم الكاتب بقوله إنه أراد أن من خلال تجربته الروائية الأولى أن يبعث بـرسـالة محبة إلى القارئ يدعو فيها إلى التسامح والعفو وعدم التصنع والعودة إلى الأصالة والطبيعة بعيدا عن رائحة الدم.

 

دورة تدريبية بالتعاون مع جمعية المترجمين الكويتية

الترجمة الأدبية وتحدياتها ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب

 

كتبت جويس شماس
توضيح ماهية الترجمة الأدبية، تحدياتها المختلفة مثل طبيعة الاختلاف اللغوي والبيئة الثقافية وأساسيات ترجمتها والتزام المترجم بالنص وممارسة الإبداع الذاتي... من أهداف الدورة التدريبية حول الترجمة الأدبية بالتعاون مع جمعية المترجمين الكويتية التي أقيمت ضمن فعاليات الأنشطة المرافقة لمعرض الكويت الدولي للكتاب الـ ٤٣، بمشاركة رئيسها الدكتور طارق عبدالله فخر الدين واختصاصي اللغويات الدكتور يحيي علي أحمد ورئيس نادي القصة العربية والمترجم والكاتب بدر ناصر العتيبي، الذين تكلموا عن الترجمة الأدبية في مجال النثر الثقافي مثل القصة القصيرة والرواية، وقدموا أمثلة تطبيقية لنماذج من الأدب العالمي والكويتي المترجم وتحليلها وربطها بالدلالات الثقافية، مع توضيح كيفية تجنب الوقوع في مستنقع الحساسيات الثقافية والاجتماعية المتعارضة، كما أعطوا نبذة عن تجاربهم الخاصة وخبراتهم الشخصية التي اكتسبوها من خلال عملهم في هذا المجال وتشاطروها مع الحضور المكون من مترجمين ودارسين، خصوصا أنها فرصة للهواة للتعرف بشكل سريع على أهم إشكاليات الترجمة الأدبية ودور المترجم في هذه العملية وكيفية التغلب على صعوباتها.
أوضح رئيس جمعية المترجمين الكويتية الدكتور طارق فخر الدين أن هذه الدورة هي الأولى من نوعها في الكويت، ولكنها مهمة جدا لأنها أدرجت، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي الكتاب الذي يعتبر مهرجانا ثقافيا بكل ما للكلمة من معنى، مضيفا: «نواجه الكثير من المشاكل في الترجمة، لذلك نحتاج إلى أنشطة ودورات خاصة بالترجمة، من أجل تطويرها وإنجاحها في الكويت، خصوصا أن إشكالياتها وعوائقها لاتزال كبيرة وواضحة، وتطول جوانب عدة كالاختلافات الثقافية والاجتماعية والمصطلحات والصياغات، غير أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم التقاء المترجمين بعضهم مع بعض وتبادل الخبرات والمعلومات والتجارب»، لذلك يعد تأسيس جمعية المترجمين الكويتية بداية لحلها والطريق المثالي من اجل تطويرها ووضعها على السكة الصحيحة، ويشدد على أن الترجمة أسهمت إسهامات مهمة جدا في هذا العصر، كونها مفتاح الانفتاح على الثقافات الأخرى في الحياة اليومية والمهنية على حد سواء، ويضيف أن الترجمة الآلية المتوافرة على الانترنت قد تكون صحيحة بنسبة عالية وتصل إلى ٨٠ في المئة بيد أن المترجم هو الشخص الاختصاصي للقيام بهذه المهمة، تحديدا عندما يتعلق الأمر بترجمة النصوص الأدبية والثقافية.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور فخر الدين إلى أن الترجمة هي نقل للمعلومات، غير أن أسلوبها وطريقتها تختلف بين نص وآخر، ويوضح «يجب أن تكون حرفية في النصوص العلمية والطبية والقانونية، مع الحرص على الدقة والشفافية وعدم ترك أي ثغرة أو فجوة قد تغير المعنى أو تحرفه، وبالتالي لا يحق للمترجم أن يتدخل ويغير في صياغة المعلومات»، في حين أن الأمر مختلف عند ترجمة النصوص الأدبية كالرواية والقصة، «في ظل ازدهار الترجمة الآلية، يسيطر المترجم البشري على ترجمة الأعمال والنصوص الثقافية والأدبية، لأنه الشخص المناسب لهذه المهمات»، لان المترجم الآلي يفشل بها، على عكس البشري، خصوصا عندما يكون متمكنا ويمتلك قدرات أدبية معينة ويجمع على سبيل المثال بين الترجمة وموهبة الكتابة، ويقول «ستظل ترجمة النصوص الأدبية حكرا على الإنسان، والثقافة تنقذنا من استبداد الآلة، كما انها وسيط ناجح يمد جسور التواصل بين الحضارات والثقافات».
وعن الفروقات بين النصوص الأصلية والمترجمة، يؤكد رئيس جمعية المترجمين الكويتية إن «نسبة الفاقد» موجودة بينهما، بيد أن الأمر يعتمد على المترجم ومهارته وقدرته على إعطاء العمل حقه، كما يتوجب عليه ان يكون متمكنا ومتأنيا في الوقت عينه، حرصا منه على نقل المعلومة وإيصالها بالطريقة المناسبة، لان «المترجم هو ابن عم الكاتب».
ومن ناحيته، تكلم رئيس نادي القصة العربية والمترجم والكاتب بدر ناصر العتيبي عن تجربته في مجال الترجمة وكيفية انخراطه في هذا العالم الواسع، والذي تطلب منه سنوات طويلة من العمل والبحث والتطوير الذاتي ليتمكن من ابتكار قاموسه الخاص والشخصي، ويقول إن النقطة الأساسية للنجاح والإبداع في أي عمل تنطلق من فعل «الحب»، ويشرح أن القصص التي يكتبها الأجانب عن الكويت محببة إلى قلبه، وبالتالي يستمتع بترجمتها واكتشافها بدافع وطني وشخصي في الوقت عينه، كما كشف انه احتاج لسنوات طويلة كي يضع قاموسه الخاص، ويقول «بدأت بداية بالكتابة باللغة الانجليزية ثم الترجمة في وقت لاحق، في حين أن حبي للهند وحضارتها دفعني لقراءة كل ما هو مرتبط بها عبر السنوات، وبما أنها كانت مستعمرة بريطانية سابقة فإن مراجعها كانت باللغة الانجليزية، ما زاد من معرفتي وخبرتي بها، على رغم أن بعض مصطلحاتها خاصة»، أي انه غاص في اللغة وتعلمها من اجل الهند وأصبح يمتلك مخزونا لغويا كبيرا، ويقول «أي إنسان هو مشروع مترجم بالفطرة، وقد يتحول إلى اختصاصي عندما يعمل على تطوير إمكانياته وقدراته، كما أن الترجمة مصدر غنى الاختصاصي والأديب والشخص العادي، لأنهم يستفيدون من الترجمة، فالقراءة والثقافة تزيد من مقدار الوعي والمعرفة والانفتاح والاطلاع على المعلومات، بغض النظر عن القيمة اللغوية»، ويضيف «أحيانا لا يجب أن تكون ترجمة النص مثالية، غير أن نقل المعلومة والحصول عليها هما الغاية الأساسية، ولذلك، أحرص على شراء الكتب والنصوص المترجمة كي اقرأ وأزيد من معلوماتي، لكن من المهم ان تكون لغة المترجم الأساسية هي الأقوى كي ينجح».
أما بالنسبة إلى الفروقات الثقافية بين الشعوب، فيوضح العتيبي أن هنالك بعض المحاذير الاجتماعية والثقافية التي لا تناسب المجتمعات العربية، ويقول «أواجه صعوبة أحيانا في ترجمة بعض النصوص غير المناسبة، وعلى سبيل المثال، لا تجذبني بعضها وأضعها جانبا لفترة من الوقت قبل أن أعيد ترجمتها، لأنها تحمل في معانيها بعض الإحراج، وبالتالي أحاول ترجمتها بما يتناسب مع معاييرنا الاجتماعية».


في محاضرة «اوقاف الحرمين الشريفين في الأرشيف العثماني»

د. صابان: الأوقاف التي تتجاوز الالاف
كانت تتعاون في خدمة الحرمين الشريفين

أقيمت محاضرة بعنوان «أوقاف الحرمين الشريفين في الأرشيف العثماني» قدمها أ. د سهيل صابان من جمهورية تركيا، وأدار المحاضرة أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي. وقد حضر المحاضرة الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، د. عيسى الأنصاري، وجمع من المثقفين والأدباء. وتم خلال المحاضرة عرض نماذج من سجلات الصرة المحفوظة في الأرشيف العثماني، الموضحة لمختلف الأوقاف الخاصة بالحرمين الشريفين.
في البداية قال الرميضي إنه يوجد أرشيف مهم جدا وهو الأرشيف العثماني، ويتميز بأنه أرشيف غني وقد زاره مرات عديدة، واستفاد الكثير من المعلومات التي تعتبر بعيدة المنال عنا كباحثين وقراء. ومن ثم عرف الرميضي بالمحاضر أ. د سهيل صابان وقال «باحث متخصص في التاريخ العثماني وتوثيق الجزيرة العربية من الأرشيف العثماني بإسطنبول، شارك في مؤتمرات دولية عديدة وندوات محلية وإقليمية كثيرة عن تاريخ الجزيرة العربية في العهد العثماني وألقى محاضرات عدة في النوادي الأدبية والمراكز الثقافية والمكتبات العامة بالمملكة العربية السعودية، نُشر له تسعة وعشرون كتابا وأكثر من مائة وخمسين بحثا في مجلات أكاديمية محكمة وثقافية عامة».
من جانبه قال د. صابان «الوقف في الإسلام أحد وسائل التقرب إلى الله تعالى، امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله، إلا من ثلاث...» منها صدقة جارية. ولذلك فقد تنافس المسلمون في تأسيس الأوقاف، وتسابقوا في تنويعها، وأبدعوا في أنواعها، ولم يأت عصر من العصور إلا وازدادت الأوقاف زيادة كبيرة، شملت معظم مناحي حياة الناس، مما يحتاجون إليه في يومهم وليلتهم، من المكتبات والكتاتيب إلى المنازل ودور العجزة، من تعبيد الطرق وشق الأنفاق إلى الغابات والبساتين والحدائق بل تخطى ذلك إلى الحيوانات أيضا. وقد ضربت الحضارة الإسلامية أروع الأمثلة في الأوقاف، حتى سميت بحضارة الوقف. وكان معظم الأعمال التي تقوم بها الدولة لخدمة الناس في الوقت الراهن، كانت الأوقاف تقوم بها. وهذا يدل على شمول الأوقاف لمعظم القطاعات الخدمية على وجه الخصوص.
وأضاف د.صابان «وبما أن الدولة العثمانية امتداد لتلك الحضارة فقد وصل الوقف الإسلامي فيها إلى أوجه. وتنوعت تلك الأوقاف وتوزعت على معظم مناطق الدولة، وكان القسم الأعم الأكبر منها للحرمين الشريفين دلالة على تعلق المسلمين بأقدس بقاع الأرض وأطهرها. وكان الواقفون من كبار رجال الدولة من السلاطين إلى قواد الجيش، من آغاوات دار السعادة إلى شيوخ الإسلام والعلماء. كما تنوعت أوجه صرفها، لتشمل معظم القاطنين في الحرمين الشريفين والعاملين فيهما والقائمين على مختلف مصالح الناس، من عبيد العين إلى العاملين في عين زبيدة، من قراء أجزاء القرآن الكريم إلى المتضرعين إلى الله بالأدعية لصاحب الوقف، من القاطنين في الأربطة إلى القائمين بتنظيف مكة المكرمة وعرفات ومزدلفة ومنى، ومنهم القائمون بإزالة جيف الحيوانات الميتة في مواسم الحج».
وبين د. صابان قائلا «كما تنوعت الأوقاف في معظم المناطق الخاضعة للحكم العثماني، فكان بعضها في أوروبا، ومنها ما كان في رومانيا في بلدة «مكشوار، والقريم، في بلدة كفه»، والبوسنة والهرسك وألبانيا، وبعضها في آسيا الصغرى ممثلة بالأناضول وبخاصة في إسطنبول وبورصا وديار بكر، وبعضها في العراق: في الموصل، وبغداد والبصرة وبعضها في سورية: في حلب ودمشق وحماة، والكثير منها في مصر: القاهرة والإسكندرية والصعيد، إضافة إلى بلدان شمال أفريقيا.. الخ. بل قلما نجد بلدا من البلدان الإسلامية في القارات الثلاث المشار إليها، إلا وبها وقف أو عدة أوقاف، حبست للحرمين الشريفين».
تعاون وتعاضد
وأضاف د. صابان «كل تلك الأوقاف التي تتجاوز الالاف، كانت تتعاضد وتتعاون في خدمة الحرمين الشريفين، إضافة إلى ما تقوم به الدولة من أعمال ترميم وبناء وتشييد للحرمين الشريفين. والجدير بالذكر أن أعمال التنظيف لهما كانت من جيب السلطان القائم على حكم الدولة، وليست من أوقاف الحرمين الشريفين، إذ إن المبالغ التي تكلفها أعمال النظافة في الحرمين الشريفين كانت مقسمة على مائة سهم، 99 منها للسلطان والأسرة العثمانية الحاكمة، أما الواحد في المائة المتبقي فكان لكبار أركان الدولة وغيرهم ممن يريد الإسهام فيه، كما يتضح ذلك في السجل الموسوم بالفراشة يعني النظافة في الأرشيف، الذي يضم أسماء المشتركين فيها».
وأوضح د. صابان «ومن جهة ثالثة تنوعت عين تلك الأوقاف ما بين القرى والأراضي الزراعية، وما بين الطواحين والعقارات والدكاكين والمباني السكنية، وما بين النقود العينية، التي كان يتم استثمارها لمصلحة الحرمين الشريفين، ثم يجمع ريعها جميعا من نظارة أوقاف الحرمين الشريفين التي تأسست في إسطنبول عام 1586م (994 هـ)، وإرسالها مع قافلة الحج إلى مقر توزيعها وبالترتيب: القدس الشريف، المدينة المنورة، ومكة المكرمة.


ضمن فعاليات معرض الكتاب

«نادي سين» للسينما يعرض «The Bookshop»

كتب: مهاب نصر
يحرص المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خلال الفعاليات التي يقدمها معرض الكويت للكتاب، المقام برعايته، على أن يوفر للجمهور أشكالا متنوعة من الثقافة والفنون استثمارا لهذا الحدث السنوي الكبير، وللجمهور الحاشد الذي يتوافد إلى أرض المعرض. كما أن المجلس يهتم، باعتباره المؤسسة الكبرى الممثلة للثقافة، بالتعاون أيضا مع جهات المجتمع المدني، والأنشطة الأهلية. من هنا جاءت مشاركة «نادي س» للسينما، الذي توافر له جناح خاص في المعرض.
شارك «نادي سين» في الفعاليات الثقافية من خلال عرض الفيلم البريطاني The Bookshop. وأجواء الفيلم ليست بعيدة عن معرض الكتاب، إذ تنهض قصته المقتبسة عن رواية على فكرة المشروع الثقافي الفردي والنضال من أجله.
أنتج الفيلم في العام 2017، وهو من تأليف وإخراج إيزابيل كويكست. ويرتكز السيناريو على رواية تحمل الاسم نفسه من تأليف الكاتبة بينيلوب فيتزجيرالد.
الفيلم الذي صور في أماكن متعددة، منها برشلونة بإسبانيا، حصل على ثلاث جوائز من لجنة «جائزة جويا»، وهي جائزة يتم منحها بشكل سنوي من قبل الأكاديمية الإسبانية للفنون والعلوم السنيمائية، وشملت هذه الجوائز أفضل مخرج، وأفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس.

صراع من أجل الثقافة
تدور الأحداث حول امرأة تقيم مكتبة في مبنى قديم كان غير مأهول من قبل لسنوات، بعد أن تقوم بإعداده وإحيائه، لكن إحدى المتنفذات في البلدة ترغب في وضع يدها من أجل ابنها على هذا المكان، وتتمكن بسلطاتها وعلاقاتها من تمرير قانون يسمح للمجالس المحلية بشراء المباني القديمة التي بقيت مهجورة مدة خمس سنوات، وهكذا يتم الاستيلاء عنوة على البناية التي أقامت فيها البطلة مكتبتها، ويتم طردها منها.
يقدم الفيلم صورة غير نمطية، وبعيدة عن الرومانسية التقليدية، التي ترتبط بالحياة في إقليم صغير. فالمرأة الأرملة «فلورنسا» التي تريد تحويل المكتبة إلى مركز للفنون تتعرض إلى الكثير من المشكلات، ويمارس أهل الإقليم الكثير من الحيل من أجل إعاقة خطتها. تركيز الفيلم ليس منصبا على قضية سحب المشروع، وإنما على القتال من أجل الكتاب ومن أجل الثقافة، حيث تحصل البطلة على دعم أحد مواطني المكان الذي أعجب بمشروعها ونضالها. كما يلفت الفيلم بدرجة ما إلى الصراع، أو ما يعد «حربا باردة» بين الأجيال والطبقات في بريطانيا. الفيلم من بطولة إيميلي مورتيمير، وبيل ناي، باتريسيا كلاركسون، إنتاج إسباني لعام 2017.

Happy Wheels