النشرة التاسعة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة التاسعة

 

ضمن عروض مهرجان الكويت المسرحي الـ 19

«دوغمائية»
بيان إدانة ضد التزمُّت

 

ميلاد فرقة مسرحية للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب

نصار النصار يشتغل
على فريق عمل
من الكوادر الفنية الشابة

علي البلوشي يصوغ قصيدة شعرية عاصفة برفض الحرب

رغم غياب الحبكة والشخوص والإرشادات شاهدنا عرضًا مسرحيًّا متماسكًا

حضور عالي المستوى للمفردات والدلالات مع غياب الدراما

رازي الشطي حاضر حتى في صَمته واجتهاد
من بدر الحلاق والعناصر النسائية مكسب

كتب: عبدالستار ناجي
قدمت فرقة مسرح الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب مسرحية «دوغمائية» من تأليف علي البلوشي وإعداد وإخراج نصار النصار وذلك ضمن فعاليات المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي في دورته الـ 19 التي تتواصل فى الفترة من 19 إلى 29 ديسمبر الجاري.
يأخذنا الفنان نصار النصار في تجربته المسرحية الجديدة «دوغمائية» إلى نص للكاتب الشاب علي البلوشي والذي يشتغل على كم من المقولات والمضامين والعناوين، وكأننا أمام قصيدة شعرية طويلة عاصفة بالرفض الصريح للحرب وما تخلفه من دمار نتيجة للتزمت من قبل عدد من الدول التي أدخلت شعوب العالم في متاهات ومهاترات ودمار للبشرية الخاسر الأساسي به الأطفال والأبرياء.
نص متسارع المفردات والمضامين وإن ظل المحور الأساسي هو تلك المجموعة من الرجال والنساء التي ساقها القدر لأن تكون من بقايا بشر مزقتها الحروب، وتلك المواقف المسبقة للعدوانية والدمار وهلاك البشرية بكل أطيافها.
بيان شديد اللهجة عاصف بالرفض مغموس بالألم والرفض ضد تلك الحروب التي راحت تشتعل هنا وهناك من أنحاء المعمورة مخلفة كل مضامين الدمار والهلاك.
يبدأ العرض مع ايقاع مجموعة من الجنود الشباب من الجنسين يسبقهم انفجار مجلجل ليتكرر الإيقاع والمشهد وكأننا أمام حدث دائم مكرر لا ينتهى مع موت الإنسان كما جاء في نهاية العرض، بل هو يتكرر لأننا أمام حرب تلد أخرى ومواقف متصلبة عنيدة رافضة للحوار والسلام، ومن هنا تأتي تلك «الدوغمائية»، حيث الدمار والخراب ينعق كنتيجة حتمية لذلك التشدد والرفض للحوار عبر كم من المعطيات الدينية والأيديولوجية التي تزرع كل مضامين الخراب.
والدوغمائية هنا في هذا النص والعرض مشرعة على مصراعيها أمام كم من الاحتمالات والدلالات تبدأ بالمعتقد الأوحد إلى الأيديولوجي والذي أدخل تلك المجموعة لحصاد كل هذا الخراب المجنح القاتل الذي جاء على كل شيء في تلك الأنحاء قبل أن يأتي على الإنسان وحلمه وأمله.
«الكتابة في زمن الحرب خطيرة»... هكذا يقول النص وهكذا يقول المؤلف علي البلوشي في كلمته في الكتيب، وتتكرر هذه الجملة في مواقع أخرى، مشيرين إلى أن الكتابة في كل الأزمنة خطيرة فكيف وهي في زمن الحرب حيث يتحول الكاتب إلى ضمير وشاهد ولكنه لا يمتلك الزمن الكافي لكتابة ما يريد . هنا المحور والعمود الأساسي المتمثل في شخصية الكاتب في زمن الحرب، ولكن ظل هذا المحور وتلك الشخصية بلا قراءات إضافية ولا تعميق، فكان أن ذاب وسط المجموعة وبدلا من أن يصبح محورا بات جزءا من مجموعة هو في الأصل شاهد عليها وهو الراوي لهمومها وفواجعها والكوارث التي لحقت بها من قتل وتنكيل واغتصاب وموت صريح للبراءة.
كل ذلك الحوار المطول والمقولات تظل عناوين وجزءا من قصيدة طويلة عاصفة بالكلمات والمفردات على طريقة «حتى الحيوانات قررت عدم القتال» في معادلة أن الإنسان حملها لتكون الكارثة، وأيضا «أريد صباحا بلا دم وسأقبل أن يكون بلا ضوء».
وتمضي تلك الجمل والمفردات بإيقاعها وهي تذهب في اتجاهات عدة مؤكدة أننا أمام كاتب أراد أن يسير في عمله بشكل يلغي الحبكة والديالوج التقليدي إلى ناصية نص بلا مقدمة أو وسط أو حتى نهاية، ولكن قراءة المخرج نصار النصار وإعداده ذهب بالعرض إلى حيث المقدمة والوسط والنهاية، حيث الموت، بينما التكرار الذي كان في البداية يمهد إلى مزيد من التكرار لبدايات أخرى لطالما ظلت تلك الدوغمائية حاضرة ومسيطرة من قبل كثير من الدول والأفراد صناع القرار والديكتاتوريات.
رحلة العرض تأخذنا إلى ألم الأطفال وفواجع النساء وموت البراءة... كل ذلك يأتي مقرونا بكم من تلك الكلمات الموشاة والمنمقة والمصوغة بعناية على طريقة «زفير الموت له رائحة الزيتون»، ولنا أن نعرف دلالات ذلك الزيتون وما لحق بأهله ليكون زفيرهم شاهدا عليهم وعلى أثرهم وزادهم.
يفلح المخرج نصار النصار في معادلة تفكيك الكلمات والبحث عن حلول بصرية لتلك المضامين مثل مشهد البداية وكم آخر من المشهديات المرسومة بعناية ومنها: الأطفال - الاغتصاب - رسوم النساء - زوجتي – حبيبتي - الذي جسده الفنان رازي الشطي بلياقة عالية، ونشير إلى أننا أمام فنان يمتلك أدواته فقد كان حاضرا حتى في صمته.
مرة أخرى يفلح الفنان المخرج نصار النصار في تشكيل فرقة مسرحية وفريق عمل رائع بل عرض متماسك رصين يذهب إلى الصعب وأيضا الاشتغال على مجموعة من الكوادر الفنية الشابة التي يتطلب وقوفها على الخشبة وبهذه اللياقة كثيرا من الجهد من أجل منحها الثقة، وقبل كل هذا «ألف... باء» الوقوف على الخشبة والتحرك، لذا يذهب النصار إلى الفعل الجماعي المشترك وهو بلا أدنى شك حل ذكي يتجاوز من خلال الفعل الفردي، خصوصا أن النص وتأويلاته تذهب في هذا الاتجاه عدا الشخصية المحورية التى تتحرك بخط متواز بين كونها الشاهد وكونها جزءا من ذلك الدمار القادم من أتون الحرب.
في اشتغال الفنان نصار النصار كثير من البحث بالذات على الممثل لكونه ممثلا في الأصل يعرف مضامين وأسرار هذه الحرفة، لذا تبدو بعض الجوانب الأخرى في العرض بأمس الحاجة إلى مزيد من القراءات الإضافية على صعيد السينوغرافيا والإضاءة والمؤثرات والأزياء وغيرها من تفاصيل العرض الذي حاول النصار أن يغطي كل جزئياته، وهو أمر رغم توفيقه في جانب إلا أنه يظل إلى مزيد من الاحترافية في بقية الجوانب التقنية على وجه الخصوص.
ونعود إلى التمثيل، حيث اجتهادات الفنان بدر الحلاق كانت واضحة وتحمل الثقل الأكبر للنص المملوء بالكلمات والحوارات ذات الإيقاع المتسارع والذي يتطلب لياقة عالية من فنان شاب اجتهد وقدم كل ما لديه.
وهنا أيضا نحن مدعوون لأن نتوقف أمام فريق التمثيل لأننا أمام معادلة المجموعة والتي كانت حاضرة وبقوة وذابت خلالها الفوارق للاشتغال الطويل من هذه المجموعة على يد مخرج لديه مفردات تميزه في هذه الحرفة، وهنا نشير مجددا إلى بدر الحلاق ورازي الشطي وهاني الهزاع وماجد البلوشي وغدير حسن وفاطمة العصيمي وبشاير الشنيفي وهنا نحن أمام مجموعة قدمت الواجبات المناطة بها بمساحة الإمكانيات والطاقات والخبرات التي تمتلكها.
مسرحية «دوغمائية» بيان شديد اللهجة ضد الحرب والتزمت وموقف صريح رافض ويلات الحروب والدمار الذي تخلفه على الإنسان في كل مكان.
تجربة مسرحية تجعلنا نبارك للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب على احتضانها لهذا الفنان الشاب الذي عودنا كلما حضر أن يقدم لنا وجبة مسرحية شابة، وكما من الوجوة الجديدة، وهو هنا يطرز تجربة علينا أن نتوقف عندها بمساحة الإمكانيات والظروف المتاحة، وهنا نقول مجدد برافو للفنان نصار النصار.

فريق العمل

- تقديم: فرقة مسرح الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، - تأليف: علي البلوشي، - إعداد وإخراج: نصار النصار، - تمثيل: بدر الحلاق – رازي الشطي – هاني الهزاع – ماجد البلوشي – غدير حسن – فاطمة العصيمي – بشاير الشنيفي، - موسيقى: سعود السعد – كيبورد – فهد البحري – عود وناي، - مخرج منفذ وإضاءة: فاضل النصار، - دراماتورج: فلول الفيلكاوي،
- ديكور وازياء : اسماء عيسى.

 

 

الندوة التطبيقية أكدت أن العرض أثار الكثير من التساؤلات المفتوحة

«دوغمائية»... الحرب والموت سؤال قديم متجدد

 

نصار النصار: من حقي تقديم ما أريد كمخرج على خشبة المسرح ونتعلم من الفشل
جمال الياقوت: النص يمنح المخرج حرية وخيالًا ويثير الدراما

علي البلوشي: أنا مع نظرية موت المؤلف والمخرج هو الكاتب الثاني للعرض

الموسيقى جاءت هادئة والإضاءة ابتعدت بالمتفرج عن قتامة الحرب
أيمن الخشاب: نحن أمام تجربة جديدة ومختلفة تثير التساؤلات حول المسرح
يوسف الحمدان: نصار النصار يفاجئنا دائمًا بطاقات جديدة ومتميزة

كتب: حمود العنزي
أعقب العرض المسرحي «دوغمائية» ندوة نقاشية في قاعة الندوات في صالة المؤتمرات بمسرح الدسمة، أدارتها أمل الدباس وشارك فيها بالتعقيب الدكتور جمال الياقوت، بحضور المخرج نصار النصار والمؤلف علي البلوشي.

خيال وحرية
وبعد ترحيب الدباس بالحضور، وتوجيه الشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتقديم نبذة عن المخرج والمؤلف، عقب الياقوت قائلا: نحن أمام نص وعرض يثير الكثير من التساؤلات، وتفاجأت بالنص والقضية واضحة جدا وغير تقليدية، وهناك مخرج يفسر ومؤمن بالقضايا، ولا يصلح مخرج مترجم لهذا النص، كونه نصا خاليا من الارشادات، ويعطي خيالا وحرية للمخرج ويثير الدراما، والنص مثير للجدل العلمي والفني، وتفاجأت بالدراماتورغ بالعمل، وفرحت بوجودها كونها مظلومة في وطننا العربي.
وأضاف أن المخرج فسر العرض عن الحرب واللعب على انسانية الحرب، وانتظار الام لابنها الذي يواجه الدم، لافتا إلى أن هناك مقولات كثيرة في النص، والموسيقى جاءت هادئة ورومانسية، وتميزت الإضاءة رغم قتامة العرض حيث اختار مصمم الإضاءة خططا شديدة الجمال، حيث لم نغرق في ظلامية العرض، وابتعد بنا عن قسوة الواقعية.
تجربة جديدة
واستهل المداخلات الدكتور أيمن الخشاب قائلا: نحن أمام تجربة جديدة ومختلفة، حيث وقفنا أمام تساؤلات من قبيل هل هذا مسرح ام لا مسرح وهذا سؤال حتمي، والشخوص كانت تفسر حالاتها والتجربة جديدة من خلال تقديم مسرح خال من الدراما، والفكرة والسؤال لماذا يتابع المتلقي عرضا مسرحيا.
وأكد الدكتور محمود سعيد أن الحرب والموت سؤال قديم متجدد.
وقال الفنان عبدالعزيز الحداد: شكرا للمخرج على هذا العمل، ووجدت ورشة متقنة وممثلين جادين، والمجهود المشترك لفريق العمل يستحق الكثير من التقدير.

طاقات جديدة
وقال الدكتور يوسف الحمدان: شكرا يا شباب، فقد رأينا تجربة تستحق توجيه التحية إلى المخرج نصار النصار الذي يفاجئنا دائما بطاقات جديدة، وعمل كثيرا على المجاميع، ولكن هناك بعض الاسئلة للمؤلف من يعلن موت المؤلف والجواب هو المخرج والمتلقي، وموت المؤلف لا يعني أنه لا توجد حبكة ولا حوارات ولا شخصيات، وتعامل المخرج مع لوحة من الشخصيات.
بينما قال علاء الجابر: سعيد بهذه الفرقة، والنص جميل لغويا به مشاعر ولكن لا حراك دراميا به، والعرض يحتاج الى تفكيك وليس حركة مع الكلام، وكنت انتظر اي مصيبة او حدث يخرجني من الذي أتابعه، متسائلا أين الديكور في العرض.

مونولوج درامي
وشكر الدكتور طالب البلوشي الممثلين على الجهد المبذول على خشبة المسرح، واصفا العرض بأنه معالجة درامية لنص مونولوجي، ومشيرا إلى سعي النصار إلى تقديم عرض درامي من النص المسرحي.

موت المؤلف
وتحدث المؤلف علي البلوشي، قائلا: شكرا لكل من حضر العمل وكل انتقاد أفادني، وهذه تجربة احببت أن امارسها منذ أيام تواجدي في المعهد العالي، وفكرت فيها منذ ثماني سنوات وأنا مع نظرية موت المؤلف، وعندما كتبت النص جردت نفسي من احساسي ومشاعري في كل الوحدات في النص.
وكشف أن النص تم رفضه في البداية كونه مونودراميا في المهرجان المحلي، معتبرا أن المخرج نصار النصار هو المؤلف الآخر للنص ووضعنا اسمه كإعداد، واكبر مستفيد من التجربة هو أنا، واتمنى ان تنال إعجابكم وان لم تعجبكم اشكركم.
من جانبه اعتبر المخرج نصار النصار أن من حقه تقديم أي شيء يريده على المسرح، وقال: حدثني علي البلوشي عن الفكرة دون شخصيات ولكن جربنا كون الحياة تجربة، ونقدم ما علينا والفشل نتعلم منه.
وتوجه بالشكر إلى إدارة العمل على الثقة، وقال إن الممثلين تعبوا معي منذ الصفر، وأشكر جميع المشاركين، وأشكر أهلي حيث يصادف اليوم عيد ميلاد أبنائي، واخيرا أشكر فاضل النصار على جهوده، واشكركم على تحملكم تجربتي.

 


بدأ العد التنازلي لختام الورش التدريبية لمهرجان الكويت الـ 19

د. جمال ياقوت: تجربة مهرجان صناعة المسرح المصغرة ناجحة

 

وجدتُ ترحيبا وتعاونا كبيرا من المجلس الوطني عندما عرضت فكرة الورش
الاهتمام بالتدريب يطور فن المسرح ويزيد الإقبال عليه ويوسع انتشاره

التجربة حققت أهدافها وأتمنى تطويرها وأن تشمل جميع عناصر المسرح
فوجئت بمستوى المتدربين في الورش ورأينا فيهم بذور مواهب حقيقية

كتبت: هنادي البلوشي
استمر المتدربون في تدريباتهم المكثفة مع د. جمال ياقوت والمدربة ميهايلا ميهات، فيما تقترب أعمال الورش التدريبية المصاحبة لمهرجان الكويت للمسرح التاسع عشر من نهايتها، والتي تأتي هذا العام كنموذج مصغر لـ «مهرجان صناعة المسرح» الذي يقام سنويا في اليونان تحت إشراف مباشر من مؤسسه ومبتكره ايفيدوكيموس سولاكيدس.
حول هذه التجربة كان لنشرة المهرجان لقاء مع أحد المدربين وهو المخرج المسرحي د. جمال ياقوت ومدرس تمثيل وإخراج وإنتاج مسرحي في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية الذي قال إنه يقيم تجربة الورش التدريبية هذه بأنها تجربة ناجحة حققت أهدافها، متمنيا أن تكون هناك فرصة لتطويرها وتكبيرها لتشمل كافة عناصر العرض المسرحي، من تدريب للمخرجين والمؤلفين ولعناصر إنتاج الديكور والمكياج والأزياء والإضاءة، لتكون لدينا فرصة لخلق فريق كامل مدرب على مستوى جيد يقدم في النهاية منتجا مسرحيا كاملا.

مهرجان مصغر
وقال: شاركت على مدى السنوات الست الماضية مع الزملاء المدربين في مهرجان صناعة المسرح اليوناني، وهو مهرجان يقام سنويا في أثينا منذ 14 عاما تقام فيه ورش تدريب على التمثيل المسرحي على مدار اليوم ومع 16 مدربا مختلفا في شتى مجالات التمثيل، ويشارك فيه المتدربون بأكثر من ورشة خلال اليوم، وخلال مشاركتي أعجبت بالفكرة كثيرا وقررت مخاطبة الإخوة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هنا في الكويت لتطبيقها ولو بشكل مصغر، ووجدت ترحيبا وتعاونا كبيرا من الطرفين الكويتي واليوناني ممثلا بمؤسس المهرجان الفنان والمخرج اليوناني ايفيدوكيموس سولاكيدس الذي يؤمن بأن المسرح لا يتم صناعته عن طريق العروض بل عن طريق التدريب وصناعة الممثلين، بل وخلق روابط بين المدربين والمتدربين أنفسهم من جهة، وبين المدربين بعضهم مع بعض من جهة أخرى.
وأضاف أن صناعة المسرح تعني الاهتمام بالجانب التدريبي لأنه الجانب الذي يطور عملية الفن المسرحي ويخلق رواجا لها مع الجمهور فيتحول المسرح الى ظاهرة اقتصادية تستقطب الجمهور وتزيد الإقبال على المسرح وانتشاره.

صناعة حقيقية
وأوضح ياقوت أن تسمية المهرجان بـ«صناعة المسرح» جاءت من فكرة أن العالم كله بات ينظر إلى المسرح على أنه صناعة حقيقية تدر أرباحا وتقام حولها ظاهرة تجارية، ولها خط إنتاج وموارد كأي صناعة أخرى في العالم، لافتا إلى أن مفهوم «الإنتاج المسرحي» لا يعني فقط إنتاج الديكور والأزياء كما يعتقد الكثيرون للأسف، بل يعني التجربة ككل من البدايات الأولى لوضع خطة لإنتاج مسرحية ما وإلى إسدال ستار آخر عرض، مرورا باختيار المخرج والمؤلف والممثلين والمجاميع وعمل تجارب الأداء وتدريب فرق العمل وإنتاج العناصر المادية كالديكورات والملابس وحجز المسرح، بل حتى تمتد إلى دراسة الجمهور وميوله ورغباته وكيفية تسويق المسرحية، قائلا: «هو باختصار كل مرحلة متعلقة بالعرض المسرحي، ومن ضمنها إنتاج العنصر البشري وهو الأهم».
وأكد أن الصناعة المسرحية تعتمد على التخطيط، ومفهوم التخطيط ببساطة هو المواءمة بين الموارد المتاحة والأهداف المرغوبة خلال فترة زمنية محددة، أنا في المسرح لدي موارد كثيرة متعددة، بشرية يدخل من ضمنها المخرج والمؤلف والممثل والموسيقي ومصمم الديكور والاضاءة والفنيون...إلخ، ورأس مال متداول وهو النقود، ورأس مال ثابت متمثل في قاعات العرض المسرحي وورش الإنتاج من نجارة وحدادة وخياطة، والمهارة هنا هي استغلال هذه الموارد لأطول وقت ممكن وبأقصى كفاءة، هنا أستطيع أن أحقق أهدافي بتقديم عروض مختلفة، كوميدية وشبابية وتجارية ومجانية وكلها اهداف مشروعة ومن حقي بوصفي مسرحيا أن اقدمها وأن أوفرها في مجتمعي، وكل ما سبق هو تبرير وشرح وتوضيح لماذا يجب أن ننظر للمسرح كظاهرة اقتصادية.

موسم مسرحي
واستعرض ياقوت مثالا واقعيا عن مهرجان أفنيون المسرحي والذي يقام سنويا في مدينة أفنيون الفرنسية منذ أكثر من 7 عقود من الزمن، بدأت بعدد محدود من الفرق والعروض، وانتهى اليوم بتقديم أكثر من 1300 عرض خلال فترة المهرجان الممتدة لشهر كامل سنويا، حتى أن سكان هذه المدينة أصبحوا ينظرون لموسم المهرجان المسرحي على أنه موسم ازدهار تجاري واقتصادي لمدينتهم، ودأب بعض السكان على تحويل منازلهم إلى فنادق، بل إن بعضهم حول منزله إلى قاعات عرض مسرحي.
واستطرد قائلا: لو نظرنا الى المسرح الغنائي المزدهر في لندن مثلا نجد أن تكلفة انتاج العرض الواحد قد تصل الى 50 مليون جنيه إسترليني وتكلفة تشغيله الأسبوعية نحو 10 ملايين، فلماذا لم يتوقفوا رغم التكلفة الضخمة؟ لأنهم يعلمون جيدا أن المسرح يعود عليهم بأرباح مضاعفة عن تكلفة التشغيل والإنتاج.
بذور مواهب
وحول آرائه في مستوى المنتسبين للورش أعرب د. جمال عن سعادته ومفاجأته بمستوى المشتركين، حيث قال: فوجئنا بالرغم من أنهم من خلفيات علمية مختلفة لا علاقة لها بالمسرح، وليس لأي منهم تجارب مسرحية حقيقية سابقا، إلا أنهم يتمتعون بكمية كبيرة من الحب والشغف تجاه التمثيل، ومعظمهم يمتلك بذرة موهبة حقيقية تحتاج لبعض الرعاية لتصبح موهبة في غاية الروعة، لافتا إلى أنه كان من الرائع مشاهدة كم الصدق الذي يقدمه المنتسبون خلال تدريبهم وتمثيلهم لمشاهد معينة وتفاعلهم الصادق الذي ينتهي ببكائهم أو ضحكهم الحقيقي أحيانا، وهنا نشعر بالسعادة لأننا استطعنا تحويل الممثل إلى إنسان صادق.
وأكد أن أحد أهم أهداف الورشة هو نقض فكرة «التمثيل»، وزرع فكرة أن التمثيل هو محاكاة للواقع، ويجب أن يبتعد الممثل عن المبالغات الصوتية والحركية والإيمائية، لأن الممثلين في نهاية الأمر يقومون بأدوار شخصيات بشرية موجودة في الحياة، تتحدث وتمشي وتتعامل بطريقة طبيعية تلقائية ويجب أن تقدم على المسرح بالطريقة نفسها لكي يصدقها الجمهور، مضيفا أن الورش تسعى لـ «خلق الفعل الداخلي» بمعنى أن نعلم المتدربين على التصور التخيلي، أن يتخيلوا أنفسهم مكان الشخصية، والتفكير بمبررات أفعالها، ومشاعرها، وظروفها، وكافة الظروف والملابسات المحيطة بها، ليظهر في النهاية الفعل الخارجي صادقا فيما لو كان تصور المتدرب صحيحا.


مهرجان الكويت الـ 19 احتفل بكتاب «صانع العرض المسرحي»

ظافر جلود: فؤاد الشطي نصير المسرح وسيبقى حاضرا دائما بعطائه وأعماله

 

أحمد الشطي: والدي عمل بدأب لنهضة المسرح ولم يسْعَ يوما إلى مجد شخصي
عبدالله عبدالرسول: أبو أسامة رحل حزينا بعدما شاهد اتحاد المسارح الأهلية ينهار

عماد جمعة: الشطي كان فاكهة المهرجانات.. وكتابي المقبل يستعرض مشواره
جمال اللهو: نتمنى إطلاق اسم الشطي على أحد المسارح الكبرى عرفانا وتقديرا

كتب: فيصل التركي
احتفاء بمسيرته الزاخرة في المسارح العربية، أقيمت صباح أمس، في المركز الإعلامي لمهرجان الكويت المسرحي الـ 19 وقفة مع كتاب «فؤاد الشطي... صانع العرض المسرحي» للإعلامي العراقي ظافر جلود، بمشاركة عدد من المسرحيين الخليجيين والعرب.
بعد الترحيب بضيوفه، أوضح رئيس المركز الإعلامي الزميل مفرح الشمري أنه تم تخصيص هذه الجلسة الاستثنائية، للفنان والمخرج القدير الراحل فؤاد الشطي، الذي أعطى الكثير للحركة المسرحية الكويتية، ويُعد أحد أبرز المخرجين والمؤسسين لمهرجانات عدة، من بينها مهرجان القاهرة التجريبي.

لمسة وفاء
بدوره، تحدث مؤلف الكتاب الإعلامي العراقي ظافر جلود، قائلا: «شكرا على تخصيص هذه الجلسة التي توازي بقيمتها قيمة صانع العرض المسرحي فؤاد الشطي، وهي بمنزلة لمسة وفاء لصديق كريم الخلق طيب القلب ورفيق درب، لكنني لم أحضر جنازته، لحالة الرعب التي انتابتني فور تلقي خبر وفاته».
وتابع جلود: «فؤاد يمثل بالنسبة إليّ الكثير من الأشياء، ولا أنسى مواقفه الإنسانية مع عائلتي، حين كنتُ معتقلا في سجون الطاغية في بغداد العام 1989، حيث كان الداعم الأول لأطفالي».
ولفت إلى أن الكتاب الذي ألفه بعنوان «فؤاد الشطي.. صانع العرض المسرحي» لا يخرج عن دائرة التوثيق لمسيرة الشطي، كما أنه يحمل في ثناياه رسالة فحواها، «أن الشطي سيبقى حاضرا بيننا، لأن بصماته في كل المهرجانات الخليجية والعربية»، معبّرا عن حزنه العميق لفقدان «النصير الدائم للمسرح».
وعمّا إذا كان قد حظي بدعم مادي من إحدى الجهات لطباعة الكتاب، ردّ جلود بأن «طباعة الكتاب غير مكلفة، خصوصا أنه باللونين الأبيض والأسود، لكن هناك فكرة لطباعته مرة أخرى بألوان متعددة»، مشيرا إلى أن حاكم مدينة الشارقة بدولة الإمارات الشيخ سلطان القاسمي قد عبّر له عن حبه للأوفياء، لاسيما الفنان فؤاد الشطي الذي أوصل مهرجان مسرح الشارقة إلى المنصة العالمية، كما وعدني القاسمي بأن الكتاب سيتم توزيعه في المهرجان المقبل لمسرح الشارقة.

صاحب مواقف
وهنا، تناول المستشار في وزارة الثقافة بدولة قطر موسى زينل طرف الحديث، قائلا :«فؤاد كان صاحب مواقف ومبادئ ورؤى تحققت في العديد من الأعمال المسرحية، وإن كان العديد من طموحاته لم يسعفه الزمن لتحقيقها، لكنه يظل صاحب أفضال كثيرة على المسارح في الكويت والخليج والمنطقة العربية بأسرها».
وأضاف: «أما على الصعيد الإنساني فقد كان كريم الخلق والنفس ومعطاء من ذاته، لذلك تجمع حوله الكثير من الأصدقاء في الوطن العربي كافة». واستذكر زينل مآثر ومناقب رفيق دربه الشطي، موضحا أن أول لقاء بينهما كان في المغرب، وذلك لتأسيس مسرح عربي ترعاه المنظمة العربية للثقافة هناك، إلا أن المشروع ذهب أدراج الرياح، بعد أن عجزت تلك المنظمة عن توفير الإمكانات اللازمة. مردفا: «كان شخص أبو أسامة جدليا في كل المهرجانات، بغية التطوير والنهوض بالمسرح العربي بشكل عام».

حنكة وذكاء
أما الفنان طالب البلوشي، فقال: «كان أول لقاء بيننا في مهرجان أبوظبي المسرحي قبل سنوات طوال، والغريب في الأمر أن أبو أسامة هو من كان يُحرك المهرجان بالكامل، رغم أنه مهرجان إماراتي!» مؤكدا أن الشطي كان حتى عندما ينتقد شخصا بعينه، فإن انتقاده عادة ما ينبع من حبه لذلك الشخص، «وأتذكر أنه في أحد المهرجانات في سلطنة عمان حدث هجوم كبير على أحد العروض المسرحية الكويتية، إلا أنه استطاع أن يحتوي الأزمة بكل حنكة وذكاء».

أستاذ المسرح
في حين ألمح الدكتور محمود سعيد إلى أن الشطي كان أستاذا بكل ما للكلمة من معان، «ونتاج هذا الرجل امتد لتلاميذه، ومن خلال متابعتي لمشواره في بعض اللقاءات والحوارات التي جرت معه شعرتُ بأنني أمام رجل واعٍ جدا، ولا يتحدث إلا بلغة المسرح».
في السياق ذاته، تحدث المخرج عبدالله عبدالرسول، قائلا: «وجودي في هذه الجلسة ينبع من شعوري بالوفاء لهذا المعلم الكبير، وأنا حزين جدا لعدم حضوري جنازته، لأنني كنت في مهمة رسمية خارج البلاد».
واعتبر عبدالرسول أن الشطي من أهم المؤسسين لمهرجان الكويت المسرحي في العام 1989، فضلا عن سعيه بدأب لتطوير المهرجان، «لكنه للأسف مات حزينا للغاية بعدما شاهد الاتحاد الكويتي للمسارح الأهلية وهو يتلاشى، بالإضافة إلى حزنه على هدر حقوق المسرحيين».
ولفت إلى أن «أبو أسامة» هو أول مخرج مسرحي كويتي يحصل على جائزة الإبداع في بغداد العام 1986، كما أنه أول مسرحي كويتي يُكرَّم في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي. متطرقا إلى عملين من روائع الشطي لم يأخذا حقهما، وهما «طار الفيل» و«خروف نيام نيام».
الدكتور السيد علي إسماعيل، قال: «إن بيت الفنان القدير الراحل فؤاد الشطي أول بيت دخلته في الكويت، وهو دار كرم وضيافة وقبلة لكل الفنانين العرب» مؤكدا أن الشطي أول من ابتكر المهرجانات المسرحية في دول الخليج.

فاكهة المهرجانات
في غضون ذلك، لم يُخف الزميل عماد جمعة مواكبته لمشوار «أبو أسامة» بعدما رافقه في كثير من محطاته ورحلاته، واصفا إياه بـ«فاكهة المهرجانات»، منوها إلى أنه بصدد طباعة كتاب جديد يستعرض من خلاله مشوار الفنان الكبير الراحل، وسيكون بعنوان «الشطي... فارس المسرح العربي».
وفي خطٍ موازٍ، قال الفنان جمال اللهو: «الشطي كان له فضل كبير على معظم المهرجانات، من بينها مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، عطفا على استضافته كل الفنانين العرب في منزله». متمنيا من الدولة إطلاق اسم فؤاد الشطي على أحد المسارح الكبرى في الكويت، لما قدمه من أعمال أثرت الحركة الفنية في البلاد.
الفنان عبدالله العتيبي، قال: «هو الأب الحنون بالنسبة إليّ، والصديق الوفي للجميع، فلا يقبل إطلاقا أن يتحدث أحدهم بالسوء عن أي شخص، حتى إن كان الحديث ضد عدو له».

أعمال خالدة
أما الناقدة البحرينية زهراء المنصور فقالت: «يبقى أرشيفه الثري حاضرا، وتظل أعماله الفنية خالدة». بينما تطرق محمد حجازي - رفيق درب الشطي - إلى أن الفنان الراحل كان يخفي آلامه ومعاناته بداخله، ويطلُّ علينا دائما بوجهه البشوش».
بدوره، عبّر ابن الفنان الراحل، ورئيس مجلس إدارة فرقة المسرح العربي أحمد الشطي عن شكره وامتنانه لكل من حضر في هذه الوقفة الإنسانية، كما خصّ بالشكر الإعلامي العراقي ظافر جلود لما تناوله في كتاب «فؤاد الشطي.. صانع العرض المسرحي»، مؤكدا أن والده عمل بدأب لجودة المسرح ولم يسعَ لمجد شخصي على الإطلاق. ملمحا إلى أنه أنجز الكثير من الأشياء التي يحاول البعض أن يقفز عليها.

 


من ضيوف المهرجان

عبدالله ملك يلقي الضوء على الحالة
المسرحية في البحرين.. ودول مجلس التعاون

 

كتب: محبوب العبدالله
هو أحد الفنانين المسرحيين في مملكة البحرين الشقيقة، متخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت – الدفعة الخامسة عام 1981 وعضو فرقة مسرح «أوال»، يتحدث في هذا اللقاء عن الحالة المسرحية في البحرين ويقارن بينها وبين الحالة في الكويت فيقول أولا إنه الآن رئيس اللجنة الاستشارية لمهرجان خالد بن حمد – نجل ملك البحرين – وهو مهرجان شبابي يتبنى نشاطات الأندية والمراكز الشبابية وذوي الاحتياجات الخاصة، ويقام سنويا بهدف تشجيع أنشطة الشباب، بدعم من سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة. ومن بين فعاليات المهرجان نشاطات مسرحية شبابية. وعن رؤيته لحالة المسرح في الكويت بعد حضوره الدورة الحالية لمهرجان الكويت المسرحي السنوي، ومسيرة الحركة المسرحية في دول مجلس التعاون الخليجي التي يبدو أنها في حالة تعثر حاليا، قال ملك: نحن دائما في دول الخليج العربية نقول إن أقوى المهرجانات المسرحية التي تقام في دول المنطقة هو مهرجان الكويت المسرحي.
والمسرحي الذي يريد أن يتابع سينوغرافيا صحيحة، وإضاءة صحيحة، وتمثيلا صحيحا سيجدها في مهرجان الكويت المسرحي، وصار هناك منافس لمهرجان الكويت المسرحي هو مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وهو من المهرجانات القوية، ويبرز فيه التنافس والجهد الإبداعي في مجال الإخراج. ولكن الكويت هي التي تعطي المواهب الفنية ليس لها فقط بل لكل دول المنطقة.
ونحن دائما نكون سعداء حين نتلقى الدعوة لحضور مهرجان الكويت المسرحي، لأن وجودنا في هذا المهرجان ينشط ذاكرتنا، ويمنحنا المجال لأن نشاهد تجارب مسرحية جديدة ونتفاءل بمتابعة عروض جميلة وباهرة، ولكن يبدو، وبعد متابعتنا حتى اليوم لعروض هذه الدورة من مهرجان الكويت المسرحي هذا العام، أن العروض الأربعة المتبقية في هذه الدورة هي التي ستكون فيها المفاجأة والتنافس، لأن كل ما شاهدناه منذ بداية المهرجان من عروض لم يدهشنا، إذ لم نفاجأ بعرض ولم ننبهر بعرض.
وكل ما قدمه أصحاب هذه العروض هو جهود طيبة واجتهادات، ولكن نتوقع أن نرى أكثر في دورة المهرجان هذا العام، لأننا لسنا في مهرجان آخر بل في مهرجان الكويت المسرحي، وما أزعجني قليلا – خاصة أنني أتابع وأحضر دورات هذا المهرجان منذ سنوات – أنني كنت في السابق إذا جئت متأخرا أُضطر إلى أن أشاهد العرض واقفا لعدم وجود أماكن نتيجة الحضور الكثيف من الجمهور. ولكني الآن ألاحظ أن هناك انحسارا قليلا من الجمهور ويمكن أن يكون السبب إعلاميا.
وهذه حالة قد يكون لها أسبابها، ولكن مع هذا نظل سعداء بدعوة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي تبدو جهوده واضحة من خلال تنوع نشاطات وفعاليات المهرجان، وهي تتنوع بين الفعاليات المصاحبة والتي تتوزع بين الندوات الصباحية والندوات التطبيقية بعد كل عرض مسرحي، والورش المصاحبة لدورة المهرجان هذا العام بالذات وهي متخصصة وذات فائدة ولا بد من الإشادة بدور مدير المهرجان أحمد التتان ومن معه من زملاء وعاملين، فهم يقدمون مهرجانا ناجحا بكل المقاييس، وندعو الله أن تستمر هذه التظاهرة الفنية والثقافية السنوية، وتبقى الكويت تقوم بدورها في ريادة الفن كما كانت وستبقى.
> وكيف هو حال المسرح في البحرين في ظل وجود فرق أهلية وأخرى خاصة ذات أهداف مختلفة؟
لدينا حاليا في البحرين خمس فرق أهلية ، ولديكم في الكويت 4 فرق أهلية عريقة، وللعلم فإن فرقة مسرح «أوال» في البحرين أخذت قانونها الأساسي ولائحته التنظيمية من فرقة مسرح الخليج العربي في الكويت.
ولكن وللأسف فإن الفرق المسرحية الخمس غرقت في البحث عن عروض مهرجاناتية، ونادرا ما تقدم عروضا جماهيرية التي يسمونها تجارية.
ونحن نحاول في مسرح «أوال» أن نعيد أمجاد هذه الفرقة والمسرحيات الشعبية التي كنا نقدمها في السنوات الماضية والتي كان لها جمهورها وحققت نجاحا وانتشارا، وكانت لنا زيارات لدول الخليج، ومن بين هذه المسرحيات في العام 1975 مسرحية «توب توب يا بحر» التي عرضناها في الكويت على مسرح كيفان، ومن قبلها في العام 1971 عرضنا مسرحية «سبع ليالي» في الكويت بدعوة من فرقة مسرح الخليج العربي.
وللأسف فإن ثلاثة أرباع الإنتاج الذي تقدمه الفرق الخمس في البحرين يذهب إلى المهرجانات وهو نتيجة الهوس الذي أصاب الجميع من المسرحيين. ولكن هناك مسرح «البيادر» أو مسرح «جلجامش» وأحيانا مسرح «أوال» يحاولون أن يقدموا مسرحيات نوعية للجمهور.
> وهل أثرت الدراما التلفزيونية وانتشارها وسيطرتها على حالة المسرح في البحرين كما حدث في بعض دول المنطقة؟
نحن أصابنا مرض في البحرين ليس بسبب التلفزيون وسيطرة الدراما التلفزيونية، وذلك لأن إنتاجنا التلفزيوني قليل، حتى أننا خلال ثلاث سنوات مرت لم يكن لدينا إنتاج تلفزيوني في البحرين.ونحن نختلف عن الكويت والسعودية، وحتى دبي إنتاجها التلفزيوني قليل بالمقياس إلى ما ينتج في الكويت والسعودية تلفزيونيا.
وهذا يعود إلى عدة أسباب بينها عدم وجود صالات للعرض المسرحي سوى صالة واحدة، وعدد الأيام التي نحصل عليها قليلة جدا، كذلك الشباب المسرحي الجديد لا يدخلون المسرح الجماهيري لأن هناك مؤسسات خاصة تستقطبهم والتي لديها جمهورها.
والمسرح الأهلي الذي نعرفه من قبل وقدم مسرحيات مثل «صاح الديك»، و«شياطين ليلة الجمعة»، و«حفلة على الخازوق» و«سبع ليالي» لم يعد موجودا، وانتشرت العروض التجارية مع مناسبات الأعياد وتُصدَّر إلى البحرين وقطر والإمارات.. وهناك بعض عروض المهرجانات التي يكون فيها عدد الجمهور أقل من الممثلين. وهذه الظاهرة صارت موجودة ومنتشرة في أكثر من بلد خليجي للأسف.

 


جمعيةُ المهندسين نظَّمت محاضرة «جزيرة فيلكا بين الإرث والتطوير»
اليوحة: نسعى إلى جعل المواقع الأثرية معالم سياحية تُسهم في التنمية

 

المجلس الوطني حريص على المحافظة على الإرث الثقافي والحضاري
سارة أكبر: عازمون على تطوير جزيرة فيلكا ولدينا خطة لجذب الزوار إليها

كتبت: فرح الشمالي
تحدَّث الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحه عن دور المجلس في الحفاظ على المواقع الأثرية في جزيرة فيلكا والتابعة للجنة التراث العالمي في اليونسكو، وذلك في ندوة «جزيرة فيلكا بين الإرث والتطوير» بمقر جمعية المهندسين الكويتية، والتي أدارها د. محمد الجسار وبمشاركة م. سارة حسين أكبر عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية.
معالم سياحية
وأكد اليوحه أن المجلس الوطني يسعى إلى جعل المواقع الأثرية معالم سياحية ثقافية وتُسهم في التنمية الاقتصادية لدولة الكويت، ولكن يجب عدم استغلالها لأهداف تجارية، وأشار إلى أن النظرة التجارية تختلف عن النظرة الاقتصادية في فهم كيفية التعامل مع هذا الإرث التاريخي الموجود على جزيرة فيلكا.
وبيَّن أن جزيرة بوبيان، وهي أكبر الجزر الكويتية، تتضمن محمية طبيعية تدخل ضمن نطاق مهام المجلس الوطني في الحفاظ على الإرث الثقافي والطبيعي، وتليها جزيرة فيلكا من حيث المساحة، ولكن ليست بأكملها صالحة للسكن، لتضمُّنها العديدَ من المواقع الأثرية والتي مازالت تُكتشف من قِبل البعثات التنقيبية.
منطقة الحضارات
وتطرق اليوحه إلى الإرث التاريخي لجزيرة فيلكا واعتبارها منطقة الحضارات، لما تحتويه من آثار تعكس وجود هذه الحضارات، منها حضارة دلمون 3000 سنة ق.م، والحضارة الهلنستية اليونانية 400 سنة ق.م، وأيضا الحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية وكذلك التاريخ الحديث، لذلك أول بعثة تنقيبية استقبلتها دولة الكويت كانت في العام 1958، وهي البعثة الدنماركية في جزيرة فيلكا ومدتها خمس سنوات وكلفت الدولة آنذاك مبالغ ضخمة، ثم تلتها اتفاقيات أخرى مع مجموعة من بعثات التنقيب حيث مازلنا مع البعثة الدنماركية والبعثة الفرنسية والبعثة الإيطالية للمواقع الإسلامية والبعثة السلوفاكية للمواقع الدلمونية، والبعثة الهولندية للتنقيب عن الآثار المغمورة في المياه، والآن توجد البعثة الخليجية لباحثين خليجيين في المواقع الإسلامية لفيلكا.
وأكد اليوحه أن تحديد المواقع الأثرية وأهميتها وتشييد هذه المواقع، وتوقيع الاتفاقيات والاستمرارية في عمليات البحث والتنقيب في جزيرة فيلكا هي العناصر الأساسية للحفاظ على الإرث التاريخي المهم في دولة الكويت.
فجوة زمنية
وعن الدور الفعال لسكان فيلكا الأصليين في قضية تطوير الجزيرة كنوع من الاستدامة الاجتماعية أشار الأمين العام إلى أن هناك فجوة زمنية منذ هجرة سكان فيلكا الأصليين إجباريا في فترة الاحتلال العراقي الغاشم 1990 حتى الآن، وهذا الفراغ الزمني أفقدنا مراحل زمنية مهمة تربط الإنسان بالأرض، كما أفقدنا الدور الإنساني في التنمية والتطوير، وأعرب عن أسفه لأن فيلكا ومواقعها مازالت مهملة من قبل السكان والمسؤولين.
أما فيما يخص الوضع الراهن لجزيرة فيلكا فقال اليوحه إنه تم إدراج موقع سعد وسعيد على القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو في العام 2013، وأُجريت زيارة تقييمية لمركز التراث العالمي في الكويت في العامين 2014 و2017 وكانت المحصلة هي استنتاج أن القيمة العالمية الاستثنائية المحتملة تتمثل في العديد من المواقع في فيلكا، كما دُعيت بعثة من المجلس الدولي للمعالم والآثار في مارس 2017، وكان الاستنتاج أن المشهد الحضري التاريخي يحقق قيمة المكتشفات الأثرية مع ارتباط العناصر العمرانية المختلفة في الجزيرة والمشهد الطبيعي، وأن غزارة وتنوع التراث اللامادي لجزيرة فيلكا عنصر جوهري بذات الأهمية للعناصر التراثية المادية ويسهم في تعزيز القيمة العالمية الاستثنائية.
فريق كويتي
ومن جانبها أكدت المهندسة سارة أكبر عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية أن من المهم تنفيذ فكرة مراكز مختصة بدراسة الآثار والتنقيب لتهيئة وإعداد فريق كويتي لتطوير علم الآثار في فيلكا والمحافظة على إرثها التاريخي والحضاري.
وتابعت أكبر: إن هناك خطة لجزيرة فيلكا ومنطقة الحرير، نسعى من خلالها إلى تطوير وإعداد فيلكا كمنطقة حضارية أثرية حيوية تجذب الزوار ومأهولة بالسكان وتتضمن مراكز تعليمية مهمة في تخصصات تحتاج إليها الدولة، مشيدةً بدور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تنشيط السياحة الثقافية وتطويرها، ولافتةً إلى أن هذه نقطة مهمة في التنمية الثقافية والاقتصادية.
وقالت: نحن اليوم لدينا تصور نسجل من خلاله البيانات عن كل جزيرة بحد ذاتها، فكل منطقة في الجزر الكويتية الخمس مع الشريط الساحلي تحتاج إلى أن تدار وتطور بطريقة مختلفة عن التطوير في الوقت الحاضر.

Happy Wheels