ندوة "القرين" تبدأ أعمالها بطرح الأسئلة حول أزمة التطور الحضاري

14 يناير, 2014

لماذا يزداد العرب تخلفا فيما الآخرون يتقدمون بشكل مذهل؟ 

اليوحة: ما أسباب أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي على الرغم من امتلاكنا مقومات النمو والتقدم؟

الرميحي: لن نتقدم حتى نعرف أنفسنا معرفة واقعية لا مثالية الحل لن يكون في قفل الأبواب وإطفاء الأنوار

غلام: ألا يعني هذا الاقتتال والعداء والتكفير تراجعاَ في التطور الحضاري العربي؟!

بخيت: لماذا بعض الدول تزدهر وتحسّن حياة مواطنيها وتفشل أخرىبشكل كارثي جدا؟


عادل بدوي

انطلقت صباح الثلاثاء بفندق مارينا، أعمال الندوة الفكرية (أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي - إعادة تفكير) والتي تستمر على مدى ثلاث أيام في جلسات صباحية ومسائية لمناقشة عشرة محاور حول موضوع الندوة الرئيسي.

وقبل بدء الجلسات ألقى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة كلمة الافتتاح، والتي رحب فيها بالمشاركين في الندوة، وحمل لهم باسم راعي الندوة سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح  رئيس مجلس الوزراء الموقر، كل التمنيات بالنجاح في هذا الملتقى ، وكل الإفادة والاستفادة من حواراته ، متمنيا للضيوف طيب الإقامة في بلدهم الكويت، التي تعتز دائما بلقاءات أهل الفكر والرأي والمثقفين العرب في رحابها وعلى أرضها، وسط أجواء من الإبداع والثقافة والحرية والسلام .

وقال اليوحة: اعتادت دولة الكويت تنظيم ندوات فكرية وثقافية ، تُيَمًمُ وجهها صوب مختلف قضايا أمتها العربية والإسلامية ، وذلك إيمانا منها بأن موقعها المتميز في الثقافة العربية ، هو قدرها وإستراتيجيتها ورسالتها في آن واحد، وأن هذا الدور قديم قدم الكويت، ويستمد أصالته من أصالتها، لا سيما بتعمق هذا الدور حتى قبل  استقلال البلاد ونهضتها الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين... وإذا كانت المؤشرات الأولى تؤكد أن إسهامات الكويت في الثقافة العربية  سبقت الاستقلال والثروة النفطية، فإن ما أُنجز في المرحلة التالية  أكد حرص قيادة البلاد على تسخير ما يلزم من إمكانات لمواصلة وتعميق إسهامات الكويت في التنوير الثقافي، وفي تعميق الوعي بالظروف التي تعيشها أمتنا العربية، وبمدى التحديات التي تواجهها، وهكذا كانت رسالة الكويت الثقافية العربية تتكامل وتقوى وتنمو وتتوسع.

وفي اشارة للأساس التي ستبني عليه الندوة نقاشاتها أشار اليوحة الى الندوة التي عقدت قبل أربعين عاما في الكويت، وبالتحديد في شهر أبريل 1974، عقدت الكويت ندوة كبرى شارك فيها العديد من مثقفي العالم العربي وحملت عنوان " أزمة التطور الحضاري العربي" وتشاركت في إقامتها جمعية الخريجين الكويتية وجامعة الكويت، واليوم ومن خلال هذه الندوة.. وبعد مرور أربعين عاما، ترى الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضرورة العودة من جديد لإعادة التفكير والبحث في ما طرحته الندوة السابقة، وأيضا للنظر فيما تحقق من حلول وما لم يتحقق، لعل في ذلك شيئا من التقصي المؤسسي الواجب علينا متابعته.

 

  أسباب الأزمة

وتساءل اليوحة: ما هي أسباب أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي على الرغم من امتلاكه لمجموعة من العوامل التي من المفترض أن تكون دافعاً للنمو والتقدم ؟

ومضى في تكرار الأسئلة قائلا:

هل بسبب اتساع الفجوة الحضارية بما فيها العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية بين العالم المتقدم والأمة العربية؟ أم بسبب الصراع المتواصل بين العقل الفاعل والعقل المنفعل وهو صراع يتوقف على نتائجه تقدم المجتمعات أو تخلفها؟ أم بسبب ظاهرة الاستعمار التي كانت مسيطرة على معظم البلدان العربية ، وتعمل على استنفاد مواردها؟ أم بسبب الصراعات الأيديولوجية والسياسية التي لعبت دوراً كبيراً في نسف أحلام النهضة العربية؟ أم بسبب تباطئنا في الانتقال من حالة الجمود إلى حالة الحركة؟

 

واستطرد قائل: الأسئلة كثيرة، ولكن الإجابات قليلة وعسيرة، على الرغم مما طُرح بشأنها من آراء وحلول، وما كتب عنها من مئات الكتب ...إنني هنا لا أدعو إلى جلد الذات كرد فعل لإخفاقاتنا، لكنني أرى أن نبحث تلك الإخفاقات بموضوعية صارمة، تستند إلى تحليل دقيق بصرف النظر عن النتائج الصادمة التي قد تتمخض عنها... إن النقد المتأني والمدروس للذات لا يؤدي إلى التقليل من شأنها، بل يسفر  بالعكس عن معرفتها واحترامها من جهة، ويؤدي  من جهة أخرى  إلى فهمنا الدقيق لنقاط ضعفنا، الأمر الذي يشكل عاملا من عوامل قوتنا، ويدلنا إلى موضع الداء وتشخيصه كمرحلة حتمية لوضع وصفة الدواء التي نحن في أمس الحاجة إليها، وإلا فسنظل نعيش بعيدا عن مسار التاريخ نجتر مزيدا من الأوهام والأحلام، إنني أعتقد أن الوصول إلى تفسير لاستمرار أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، تحتاج منا إلى جهود كبيرة ، أتمنى من خلال هذه الندوة الكريمة، والتي يتحدث فيها ويُدير جلساتها نخبة من أهل الفكر والرأي، ومن خلال أوراق الندوة والمناقشات التي تليها، أن نخلص معا إلى آراء وأفكار جديدة تساعد على فتح المزيد من الآفاق أمام هذه الأزمة ، بما يتناسب مع المرحلة التاريخية التي تعيشها حضارتنا  والتي تتطلب من أهل الفكر والثقافة يقظة شديدة لما يحيط بنا من ظروف، كما تتطلب حسن إعداد ( فكرياً وثقافياً )، لما ينتظرنا من تحولات وسط عالم تسوده توجهات معقدة من عولمة، و تدفق هائل للمعلومات عبر الحدود والحضارات، وعبر تكنولوجيا تتقدم يومـاً بعد يوم، وإنني على ثقة بأن نجاح هذه الندوة سينعكس إيجابياً على الأمة العربية، تماماً كثقتنا بأن النقاش في الجلسات بين إخواننا المشاركين والحاضرين من الكويت ومن الوطن العربي هو ضمان لنجاح الندوة ونتائجها، فلا نجاح إلا بالحوار والنقاش الموضوعي، فهذا هو المقوم الأول للثقافة.

واختتم اليوحة كلمته بالشكر والامتنان لمعالي الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح – وزير الإعلام ووزير الدولة لشئون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – على دعمه ومباركته ومتابعته للأعمال التحضيرية لهذه الندوة، مجدداً الترحيب بالضيوف على أرض دولة الكويت.


كلمة منسق الندوة

وألقى المنسق العام للندوة د. محمد الرميحي كلمة رحب فيها بمن قدم وشارك في أعمال هذه الندوة المهمة وقال: بالأمس عام 1974 مشبعة بمضامين كثيرة، انتصار في حرب عسكرية هي أكتوبر 1973 ، وانتصار في معركة سياسية هي استخدام النفط للضغط على عالم غير مبال، وجامعة الكويت وقتئذ كانت قد بلغت ثمان سنوات، عامرة بعقول عربية. وجمعية الخريجين في الكويت يطمح منتسبوها الى مشاركة نشيطة في هموم وطنهم وأمتهم.

في ذلك الفضاء عقدت ندوة 1974 ( أزمة التطور الحضاري العربي ) وكان الامل يحدو الامة أن تضيئ مصابيح التنوير، عاد إلى دراسة تلك الندوة كتاب ، وكتبت كتب ، وتناولتها مجلات متخصصة.. دليلا على حيوية ما طرح.

وتابع الرميحي: نعود الى ما قبل، وقد قيل الكثير، نعود إلى تلك الوصايا والافكار، وقد قطعنا من الزمن أـربعة عقود شاهدنا فيها غير المتوقع وغير المعقول! هل نتفاءل وقد قيل الكثير، عندما ننظر الى ما سطرناه قبل أربعة عقود أم نتشاءم؟ أسئلة كثيرة سوف نعرف بعض اجاباتها ونحن نتحاور خلال الايام القليلة القادمة، نتحاور بعمق وبروية باحثين عن اجابات طرحت قبل أربعة عقود وما زالت أمتنا تطرحها.. أمامنا أسئلة صعبة في زمن صعب

كنا نعتقد أننا في ثقافة محصنة فأصبحنا في ثقافة تتعرض للهجوم

كنا أكثر قربا من فلسطين فصارت أبعد

كنا أقرب إلى الديمقراطية فصارت أبعد

كنا نطمح الى أمة فصرنا شعوبا وقبائل وطوائف متطاحنة

كنا نقترب من العقل فزدنا عاطفة

إلا أن المفاتيح هي المفاتيح، لن نتقدم حتى نعرف أنفسنا معرفة واقعية لا مثالية، هل السلامة في قفل الأبواب وإطفاء الأنوار؟ أم نستنير معكم وبكم في مثل هذه الندوة التي تؤسس إلى ما تعرفون؟ إن أول الطريق هو وجود حرية للرأي.

 

كلمة غلام علي حداد

وقبل بدء الجلسات ألقى رئيس اللجنة الثقافية في مجلس الشورى الإسلامي أ.د. غلام علي حداد عادل، قال فيها: يسرني ويشرفني أن أكون من المشاركين في هذا الجمع الكريم وأن أكون واحد من الضيوف والمتحدث بأسمهم في إفتتاحية هذه الندوة.

قبل أربعين  عاماَ أنعقدت لأول مرة ندوة " أزمة التطور الحضاري في العالم العربي "وكان للمفكرين والمختصين فيها آراؤهم وأحاديثهم: والآن وبعد أربعين عاماَ نشهد إقامة ندوة أخرى بنفس العنوان . ومن كان في سن الطفولة عند انعقاد الندوة الأولى فهو الأن في العقد الخامس من عمره ، ويشغل مسؤوليات في شوؤن إدارة المجتمع . فلما يتفق أن تنعقد ندوتان حول موضوع واحد وفي بلد واحد في فترتين زمنيتين بينها أربعون عاماً . هذه الظاهرة تبين أن أزمة التطور لا تزال قائمة مما دفع القائمين على أمر هذه الندوة إعادة فتح ملفها. والواقع يشهد أن أزمة التطور الحضاري في العالم العربي ، بل في العالم الإسلامي لم تخفَ شدتها بل إزدادت تفاقماَ .

لو كان المقصود من التطور الحضاري سيادة حالة الرفاه والسعادة والأمن ، فما نشاهده اليوم هو أن أجزاء واسعة من العالم العربي والإسلامي تحترق من لهيب القتل والدماروإنعدام الأمن . قلما يمر يوم دون أن نشاهد فيه ونسمع أخبار المجازر التي تًرتكب بحق الأبرياء وعمليات التدمير والإرهاب . خلال  العقود الأربعة الماضية لا نرى منطقة في العالم شهدت حروباً بقدر ما شهده العالم الإسلامي . حتى بلد الاستضافة الكريمة هذا أعني الكويت  لم يسلم خلال العقود الأربعة الماضية من عدوان وحرب مدمرة . وأطول معاناة من هذه الحروب وأقساها وأشدها تحملها بلدي إيران .

واليوم يشهد العالم العربي والإسلامي اقتتالاً بين أناس كانوا لقرون متمادية متعايشين في أن وأمان وأخوة ومحبة وسلام بمختلف انتماءاتهم المذهبية والقومية . ألا يعني هذا الاقتتال والعداء والتكفير تراجعاَ في التطور الحضاري ؟! ألا تعني هذه المواجهات بين قيمنا الأصيلة والقيم الغربية المستوردة اشتداد الأزمة ؟! أليس هذه الاعتراضات الشعبية الصاخبةً على فقدان الحرية والعدالة من إفرازات هذه الأزمة ؟

هذا كله يعني أننا نمر في فترة حرجه متأزمة ، وأن السوال الذي طًرح قبل أربعين عاماَ على الندوة الاولى لا يزال اليوم دون إجابة ، ويطرح نفسه علينا لأن نجد مخرجاَ للخروج من هذه الأزمة .

يفرض علينا الواجب أن نتقدم بالشكر لدولة الكويت لإتاحتها فرصة التفكير بشأن " أزمة التطور في العالم العربي " ونأمل بفضل ما يتمتع به هذا البلد من جو ثقافي أن تخرج الندوة بنتائج واقعية مفيدة مثمرة ، خاصة ونحن نعيش ذكرى مولد نبيً الرحمة ورسول المدنية والحضارة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .كما يفرض علينا الواجب أن أتقدم بالشكر لكل من أكد على أهمية هذه الندوة بحضوره ، والشكر موصول للقائمين على أمر هذا التجمع الكريم .

Happy Wheels