كلاسيكيات فاغنر في دار الآثار ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي

09 يناير, 2014
ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي العشرين، نظمت ديوانية الموسيقى في دار الآثار الإسلامية أمسية موسيقية بمناسبة مرور 200 عام على ذكرى المؤلف الموسيقي وقائد الأوركسترا الألماني ريتشارد فاغنر وذلك في مركز الميدان الثقافي. 

 تضمن برنامج الأمسية التى قدمها العازف البولندي بارتك رايباك وشاركته في جزء منها العازفة السورية سحر ملحم.  قدم رايباك مقطوعة لغز لفرانس ليست – ريتشارد فاغنر "موت حبيب أيسولد" ثم كلود ديبوسي – متتاليات صغيرة – ابحار موكب الحاشية - رقصة من العصر الباروكي ثم شاركت العازفة سحر ملحم رايباك في اداء سوناتا من مقام B  الصغير رقم 3 مصنف رقم 53 بأربع حركات مختلفة (شوبان).
وتحتفل الدار خلال هذه الأمسية بمناسبة مرور مائتين عام على رحيل الموسيقار فاغنر، من أهم مؤلفاته 
للأوركسترا: أنشودة زيغفريد الريفية (1870). وكتب بعض القطع للجوقة الغنائية، وأغنيات مختلفة، وبعض القطع الموسيقية للبيانو، ومن أهم مؤلفاته النظرية: 
في الموسيقى الألمانية (1840)، وحول قيادة الأوركسترا (1869)، والدين والفن (1880)، وحياتي (1865-1880). 

قبل 200 عام، وتحديدا في 22 مايو 1813 ولد ريتشارد فاغنر، الموسيقار الألماني الأكثر إثارة للخلاف. موسيقاه لا تزال حتى يومنا هذا تبهر متذوقي الموسيقى الكلاسيكية، وشخصيته لا تزال تقسم الآراء بشأنه. ورغم ربطه دائما بمدينة بايرويث حيث وصل مسار حياته إلى ذروته، فإنه ارتبط أيضا بإقليم ساكسونيا حيث ولدت أول المشاعر المرتبطة بمؤلفاته الموسيقية، وحيث كذلك تشكلت أفكاره وآراؤه. 
ويبدو أن فاغنر نفسه يعقّد الأمور. فنرى في شخصيته رجلا معاديا للسامية سبق هتلر في هذه الأفكار، لكنه كان أيضا مهووسا «بالرغبة الخلاقة للتدمير». كتب في نشرة «الثورة» خلال عام 1848: «أريد تدمير نظام الأشياء التي تجعل من ملايين الناس عبيدا لدى عدد قليل من الناس الذين هم من عبيد قوتهم وثرائهم الذاتي».

لكن الخلاف قائم حتى حول صلاحية أعمال فاغنر الضخمة، وهذا هو في الواقع الأمر الجوهري، لأنه في كل عام يتم الاحتفال بفاغنر (بالإضافة لإدانته) في مدينة بايرويث وغيرها بطريقة مغرورة مبالغ بها أحيانا. هذا على الأقل ما يعتقده بعض النقاد الأوروبيين الذين يتساءلون: من سيكون قادرا على التمتع بتلك الساعات الطويلة من الانتاج الأوبرالي؟ ومن لديه الجرأة الكافية لتقديم أوبرا من أعمال فاغنر بضمير مرتاح وأداء رائع كما هو مطلوب دائما؟ لا شك بأن مسارح مثل هذه هي قليلة العدد، حتى في أوروبا نفسها.

أما من يتجرأ على خوض هذه التجربة، فيعتمد على أسباب منطقية وواضحة: ريتشارد فاغنر لم يكن مؤلفا موسيقيا وكاتب أوبرا فحسب، بل شخصية فنية طال تأثيرها الأدب بشكل عام والفلسفة، شخصية تعكس صورة محددة للتطور الذي حدث في القرن التاسع عشر. ويرى متخصصون ونقّاد موسيقيون أنه يتم غالبا ربط شخصية فاغنر بكثير من التحيّزات المبسطة، حيث يتم تقديمه كمؤلف أوبرا طويلة تتناول الأساطير الجرمانية، أو يتم ربطه بشكل آلي بالإيديولوجية النازية بسبب استعمال موسيقاه وأعماله الأخرى من قبل النظام النازي. هذا الأمر دعا ببعض المسارح المرموقة في أوروبا لعدم الاكتفاء بعرض مؤلفاته لوحدها، بل إرفاقها بسلسلة من النشاطات الأخرى التي تضيء على حياة هذا الموسيقار.

لقد وضع فاغنر أسس الموسيقى الحديثة ومنه انطلقت المحاولات الحداثية. وكما كتب ناقد الموسيقى الحداثية فريدريخ هريتزفيلد، فانه نادرا ما نجد عملا فنيا فرديا يرسم طريق المستقبل بشكل بارز، ولهذا السبب أيضا قد يكون مفيدا التعرف الى موسيقى فاغنر عن كثب، رغم المعاناة الحقيقية أو المزعومة التي يمكن أن تثيرها موسيقاه – أو الحيثيات المرتبطة بها ـ في نفوسنا.


توفي ريشارد ڤاغنر مخلفاً إرثاً موسيقياً عظيماً يضم 12 أوبرا ودراما موسيقية جميعها مهمة، وبعض القطع الموسيقية والغنائية المختلفة، وبعض المؤلفات الأدبية.

Happy Wheels