بن
حسين والبشائر العمانية... ملحمة فنية
الفن
الشعبي
في بيت
العثمان
احتضن
بيت العثمان حفل الفنون الشعبية - ضمن مهرجان القرين الثقافي في دورته الثامنة
عشرة - والذي أحيته كل من فرقة حمد بن حسين الكويتية وفرقة البشائر العمانية، كي
يجسدا شكل فرقة واحدة من خلال عدة أغان تنقلوا فيها بين العديد من الألوان
والإيقاعات. التي تقتصر على دول منطقة الخليج، وذلك بحضور الأمين العام م. علي
اليوحة ومدير المهرجان سهل العجمي والمايسترو أحمد حمدان ورئيس فريق الموروث
الشعبي أنور الرفاعي بالإضافة إلى عدد كبير من ضيوف المهرجان.
ورغم
موجة البرد الشديدة، التي كانت تمر على البلاد الا فإن الجمهور لم يتحرك وبقي
ساكنا كل في مكانه لمدة ساعة ونصف الساعة قدمت فيها فرقتا بن حسين والبشائر
العمانية أروع الاعمال التي تفاعل معها الحضور، وانطلق الحفل بأغنية من الفن
العاشوري وهو أحد الفنون الشعبية التي تقدم في مناسبات الأعراس، بعدها استمتع
الجميع بالعرضة البحرية والتي تتميز بطقوس لها علاقة بمناسبتها.
ثم
قدمتا ثلاثة أنواع من الفن الحدادي وهي: حدادي مخالف والحساوي والحجازي، تلاها فن
الصوت حيث قدمت الصوت الشامي والصوت العربي الذي يتميز بالثراء من حيث الألحان
وتنوع الأشكال والأوزان.
واختتمت
فرقة بن حسين وصلتها من خلال الليوة الكويتية كما اختتمت البشائر العمانية أيضا
بالليوة العمانية، والليوة كما هو معروف في الخليج من الفنون الجماعية التي تؤدى
بحركة جماعية واحدة وتحتاج إلى تمعن وإدراك وتتبع خطوات الراقصين فيها، وتعتمد على
العديد من الآلات مثل الصرناي، وطبل المساندو والبانو.
افتتاح
معرض الكتاب في مجمع الأفنيوز
اليوحة:
هدفنا دعم القراءة
في
المجتمع
العنزي:
نسعى لإقامة المعارض
في
المجمعات
كتبت:
فرح الشمالي
ضمن
فعاليات مهرجان القرين الثقافي الثامن عشر افتتح الأمين العام للمجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة معرض الكتاب في مجمع الافنيوز صباح
يوم الخميس التاسع عشر من يناير الجاري ويستمر المعرض حتى مساء السبت القادم
بالتعاون مع مكتبة ذات السلاسل بالأفنيوز، حضر الافتتاح عبدالهادي العجمي الأمين
العام المساعد، ومنصور العنزي مدير إدارة النشر، وسعد المطيري مدير إدارة المعارض
وأحمد سالم مدير ادارة مكتب الأمين العام وعدد من الحضور.
تضمن
المعرض مجموعة من إصدارات المجلس المختلفة منها سلسلة عالم الفكر وسلسلة عالم
المعرفة والثقافة العالمية والمسرح العالمي وإبداعات عالمية وجريدة الفنون، كما
تضمن المعرض منارات للكتاب والشعراء الكويتين وغيرها الكثير، بالإضافة إلى
الإصدارات الخاصة بكتب المبدعين الكويتين في مختلف المجالات والتي يسعى المجلس
لتشجيعها والمشاركة بها في المعارض المختلفة.
وأكد
الأمين العام علي اليوحه على أن الهدف من المعرض هو دعم القراءة في المجتمع
الكويتي باعتبارها أهم مصادر العلم والمعرفة، وقال: يأتي معرض الكتاب ضمن
الفعاليات الثقافية لمهرجان القرين الثامن عشر ويتضمن عرضا لأعداد من الإصدارات
الخاصة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وهي عالم المعرفة وعالم الفكر
وإبداعات عالمية والثقافة العالمية ومجلة الفنون والمسرح العالمي بالإضافة إلى بعض
الكتب التشجيعية لمقتنيات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وأيضا بالتنسيق
مع ذات السلاسل للتشجيع على القراءة في دولة الكويت، وبهذه المناسبة نحاول قدر
الإمكان ان نقدم هذه المنتجات الثقافية بأسعار رمزية لا تتجاوز نصف الدينار مما له
علاقة بإصدارات المجلس الوطني والإصدارات التشجيعية، وسيقام في المعرض نشاط ثقافي
للطفل وهو مشروع القراءة وعرض القصص لنحاول قدر الإمكان الدفع باتجاه تشجيع
القراءة والاهتمام بالأطفال والتوعية بأهمية القراءة لنمو الفكر والمعرفة وهي أهم
عنصر لتنمية الموارد البشرية ونتمنى لمعرض الكتاب ان يحوز إعجاب القراء والحضور
وان يشاركوا معنا في تحقيق الهدف من هذه الفعالية.
وذكر منصور العنزي مدير إدارة النشر ان معرض
الكتاب هو النشاط الأول لإدارة النشر ضمن مهرجان القرين الثقافي فقال: كعادتنا
نحاول قدر الإمكان من خلال إقامة هذا المعرض في المجمعات التجارية ان نعرض إصدارات
المجلس الوطني ومقتنياته الثقافية ونرحب بالزوار ونستمتع بهذه الأجواء لأن هذا
المعرض تحديدا حرصنا على أن يكون متميزا عن باقي المعارض التي أقمناها في الفترات
السابقة، وأشكر إدارة مجمع الافنيوز على ترحيبهم باستضافة نشاط معرض الكتاب مما
يعطينا الدافع لان نستمر في هذا النشاط والمميز في هذا المعرض هو التعاون مع مكتبة
ذات السلاسل وتخصيصها ركنا خاصا للطفل لما للطفل من أهمية في أنشطتنا وتنظيم
برنامج قراءة القصص الشيقة للأطفال تقوم فيه مشرفة بقراءة قصص للطفل بأسلوب مميز،
لتقديرنا أن هذه القراءة المسموعة لها تأثير كبير في غرس حب الكتاب في نفوس النشء،
وعن الفعاليات القادمة لإدارة النشر قال العنزي : إدارة النشر تحرص تماما كونها
مسؤولة عن مطبوعات المجلس الوطني وهي دائما قريبة من جميع إدارات المجلس وأنشطتها
الثقافية ونحن نحرص في جميع فعاليات المهرجان نحرص على إقامة جناح خاص لإصدارات
المجلس الوطني كوسيلة لجذب الانتباه للكتاب.
وعن
مشاركتهم في معرض الكتاب ضمن فعاليات مهرجان القرين قالت هبة المنصور مديرة
التسويق والعلاقات العامة في مكتبة ذات السلاسل: نحن نتشرف بمشاركتنا في معرض
الكتاب مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كفعالية من فعاليات مهرجان
القرين الثقافي وهو يشعرنا بأن مكتبة ذات السلاسل لها تأثير قوي وفعال في دولة
الكويت، وسعيها في تشجيع القراءة لدى أفراد المجتمع لذلك بدأنا بفئة الأطفال
بتخصيص ركن خاص للأطفال يحتوى على مجموعة قصص باللغتين العربية والانجليزية حتى
ننشئ جيلا قارئا مثقفا ومحبا للقراءة والعلم فقمنا بعمل برنامج ثقافي ترويحي خاص
للطفل يحتوي على أنشطة ومسابقات حتى يكون للقراءة تأثير واضح عليهم.
روائع
عوض دوخي...
أمتعت
الحضور
كتب:
محبوب العبدالله وسماح جمال
غلبت
حماسة الجمهور المتعطش لسماع أغنيات الفنان الراحل عوض الدوخي على منارة وحفل
الراحل الذي أقيم على مسرح متحف الكويت الوطني، ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي
في دورته الثامنة عشرة، وكان لافتا تشوق الحضور إلى بداية الحفل الغنائي وانزعاجهم
من الوقت الطويل الذي استغرقته المنارة التي سبقت الحفل.
ونعود
إلى بداية الأمسية، فقد بدأت بكلمة الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون
والآداب المهندس علي اليوحة التي أشاد فيها بالإرث الفني الغنائي والموسيقي الذي
تركه الراحل عوض الدوخي، وأعتبر أن فهمه العميق وحبه الشديد للموسيقى كانا من
العوامل التي ساعدته على ترك بصمة واضحة، واستطاع أن يترك موروثا من الأغنيات
مازال يردد إلى الآن.
وتابع
اليوحة: منارة عوض الدوخي هي الثالثة والعشرون التي نقيمها، وتعتبر تعريفا للأجيال
الجديدة بالراحل الكبير أكثر من كونها تكريما له، فالدوخي كانت له علامات بارزة
سجلت باسمه كدوره في إدخال «الكورال» النسائي للكويت، وكان أول من «خلجن» الأغنية
العربية من خلال تقديمه لعدد من أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم بصوته حتى لقب بـ
«كلثوم الخليج»، مع العلم أن أم كلثوم كانت تحترم وتعجب بالصورة التي قدم بها
الدوخي أغنياتها، وكانت لا تعتبرها تشويها لتراثها بل يرى أنه يقدمها بصورة قريبة
من مجتمعه الخليجي والكويتي.
هذا
وكرم الأمين العام المهندس علي اليوحة الفرقة الوطنية الموسيقية بدروع تذكارية،
تسلمها المايسترو أحمد الحمدان، كما قدم درع تذكاري كذلك لمحمد عوض فرحان الدوخي.
بدأت
المنارة بتقديم عريفها الدكتور عبدالله الرميثان متحدثين عن عوض الدوخي وهما
الدكتور فهد الفرس والدكتور يوسف الرشيد.
البداية
كانت مع الدكتور يوسف الرشيد، الذي قال: أتحدث عن أحد الأساتذة وعن ذكرياتي معه،
وأتمنى أن يتم توثيق تطور الفنون بشكل رسمي، وتحديدا الفنون الحديثة، لأن المستوى
الحضاري للدول يقاس بفنونها.
كما
تحدث الرشيد عن صعوبة الألوان الأغنية التي قدمها، واستشهد بواقعة حدثت، وكان
شاهدا عليها، عندما حضرت الفنانة نازهة نجدت للكويت لتقدم حفلا ولم تستطع أن تغني
أغنية عوض الدوخي «ألا يا صبا نجد»، وحققت أغنياته انتشارا عربيا مثل «صوت
السهارى» التي غنتها الفنانة فايزة أحمد، وكانت تطالب بغنائها في كل حفلاتها.
من
جانبه، قال الدكتور فهد الفرس الفنان عوض الدوخي فنانا موهوبا منذ طفولته، وكان
للعائلة الفنية التي نشأ فيه أثر في تكوينه، إلى جانب الأصدقاء الموهبين الذين
أحاطوه كسلطان حمد الذي لازمه منذ الطفولة لدرجة أنهما اشتريا عودا معا وكانا
يتبادلانه ليتعلما عليه ويطورا في العزف معا.
وأشار
الفرس إلى تأثر الدوخي بالفنان محمد بن فارس، وقال: إن عوض الدوخي عندما قدم أغنية
«ومن جزئي» لمحمد بن فارس كرر نفس خطأ أستاذه ولم يصوبه، وهذا دليل على تقليده
لأستاذه.
ليلة
صوت السهارى
عوض
دوخي
وأعقب
الندوة النقاشية حفل موسيقى بقيادة المايسترو أحمد حمدان الذي بدأ بمقطوعه موسيقية
«مقطوعة نظرة» من تلحين احمد حمدان، ثم قدم المطرب مشعل حسين أغنيتي «ألا يا صبا
نجد» من كلمات عبدالله ابن الدمينة وألحان أحمد الزنجباري، وأغنية «أحاول» كلمات
خالد العياف وألحان مرسي الحريري.
ثم
قدمت الفرقة الموسيقية مقطوعة «الفجر نور»، من كلمات وألحان يوسف الدوخي، وتلتها
أغنية «يا بوفهد» التي لاقت تشجيعا وحماسا من الجمهور وغنتها بسمة، وهي من كلمات
وألحان عبدالعزيز البصيري.
وقدم
الفنان محمد البلوشي أغنية «وسط القلوب»، من كلمات وألحان يوسف الدوخي، وأغنية
«عذروب خلي» من كلمات جاسم شهاب وألحان عوض الدوخي.
ثم
جاءت رائعة «صوت السهارى» من كلمات يوسف دوخي وألحان عوض الدوخي، وقدمها الفنان
عادل الرويشد، وأتبعها بأغنية «يا بنات الحي»، وهي من كلمات بدر الجاسر وألحان عوض
دوخي.
واختتم
الحفل بالمقطوعة الموسيقية «رد قلبي»، وهي من ألحان نجيب رزق الله، وقدمها عازف
الكمان القدير مبارك بوعيد (صولو) ولاقت تجاوبا من الجمهور الكبير، وكررها للمرة
الثانية بناء على إلحاح الجمهور.
فرقة
الغناء العربي في «الكسليــك»... أطربت وأمتعت الحضور
كتبت:
سماح جمال
ضمن
فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ 18، أقيم حفل لفرقة الغناء العربي بكلية
الموسيقى في جامعة الروح القدس في «الكسليك» لبنان، على مسرح عبدالعزيز حسين
الثقافي، وبحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
بدأ
الحفل بتكريم مدير إدارة الموسيقى في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فيصل
جاسم درويش لرئيس الفرقة الأستاذ الدكتور يوسف طنوس.
الفرقة
قدمت مجموعة من الأغنيات التي أطربت وأمتعت الحضور، وبدأتها بموشحات قديمة (لما
بدا يتثنىو وما احتيالي)، وتبعتها بعدد من الأغنيات للأخوين رحباني، رفيق خوري،
زكي ناصيف، وديع الصافي، وإيلي شويري، وصاحبتها الأوركسترا المكونة من عازف
القانون نهاد عقيقي، وعازف الكمان طوني فنيانوس، وإيقاع فادي يعقوب، وناي يوسف
سعد، وعود جوزيف روحانا، وكونترباص زاهر السبعلي، وبيانو مع العازفة ميشال
الشمالي.
وقدمت
بعض الأغنيات بأداء منفرد كـ «بلغه يا قمر»، «لو كان قلبي»، «يا من حوى» بصوت رفقا
فارس صاحبة الخامة الصوتية الحساسة والمرهفة التي كلما غنت لعبت على وتر مشاعر
الحضور المستسلم لعذوبة صوتها.
و«بكتب
اسمك يا بلادي» بصوت إيلي ايليا، «قولي قولي يا نسوم» غنتها جانيت شربل، «زعلت
حليمة» بصوت مارسال بدوي، و«اشتقنا كتير» بصوت جوزيف فدعوس. وباعتلاء ريتا بوصالح
مقدمة المسرح لتغني «دقوا المهابيج» نالت تفاعلا جماهيريا وتصفيقا مع مقاطعها.
هذا
وتضمن برنامج الحفل أغنيتين «تريو» هما «ليل بساحتنا» و«المصالحة» للأخوين رحباني
وغنتها رفقا فارس، رفيق، مارسال بدوي ليكون «تريو» أشبه بقصة استعراضية قدموها
بأصواتهم، لجمهور كثيف امتلأت به القاعة وظل متفاعلا معهم من بداية السهرة إلى
ختامها.
فرقة
الغناء العربي كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس في «الكسليك» لبنان هي فرقة
تعنى بالتراث الموسيقي العربي التقليدي (موشحات، ادوار، قدود...) وبالتراثيات
الفولكلورية للبلدان العربية، إلى جانب الغناء اللبناني والعربي الأصيل، الفرقة
التابعة لكلية الموسيقى في جامعة الروح القدس في الكسليك. تتألف في معظمها من طلاب
الغناء العربي في الكلية، وتضم حاليا حوالي خمسين منشدا من شابات وشباب.
وسجلت
الفرقة أكثر من خمس عشرة أسطوانة مدمجة حول التراث الغنائي العربي واللبناني
أصدرتها كلية الموسيقى، منها عشر أسطوانات ضمن مجموعتين تحت اسم «شرقيات».
عبدالرحيم
الخصار ودخيل الخليفة
حلّقا شعراً بالأمسية الأولى في «القرين»
كتب:
محبوب العبدالله
ضمن
نشاطات فعاليات مهرجان القرين الثقافي الثامن عشر هذا العام، أقيمت مساء الثلاثاء
الماضي على مسرح مكتبة الكويت الوطنية الأمسية الشعرية الأولى بمشاركة الشاعرين
عبدالرحيم الخصار من المغرب، ودخيل الخليفة من الكويت.
وغابت
عن الأمسية الشاعرة المصرية غادة نبيل وقدم الأمسية الشاعر عبدالله الفلاح بكلمة
قال فيها: «الشعراء أمراء الكلام» هذا ما قاله الخليلُ بن أحمد، ليأتي سان جون
بيرس بعد مئات السنين ليقول: «على الفلاسفة أن يتعلموا من الشعراء». بالطبع لم يكن
يقصد الشعراء الذين تنطبق عليهم كل مواصفات المقبرة، بل أولئك الذين سيبقون على
كتف العالم! الذين يشعلون الشعر ليضيئوا عيوننا.. ويضيئوا أرواحنا أيضا.
لا
أعلم إن كنتم تؤمنون معي بأن لا شيء يمنحنا الخلاص مثل الشعر.. وإن كنت أتفق مع
ديستوفسكي في أن مثل هذا الجمال يمكن أن ينقذ العالم.
ربما
هذا ليس مهما في هذه اللحظة تحديدا، على الرغم من أن فرناندو بيسوا ينصح بأن تكون
شاعرا في كل ما تفعله، مهما كان بسيطا وقليل الشأن، وكن شاعرا خارج النص قبل أن
تكون شاعرا فيه. كن شاعرا في مأكلك ومشربك وسلوكك وحبك وذهابك وإيابك ونومك. كن
شاعرا على الدوام.
لذا
كان على الخليل بن أحمد الفراهيدي أن يقول: «الشعراء أمراء الحياة» (أو الفعل).
انتبهوا
وتخيلوا الحياة بلا شعر، هناك من يسأل: ماذا لو فقدنا قدرتنا على كتابة الشعر؟..
ذلك يعني أن الحياة أوشكت على الانتهاء!
في هذه
الأمسية يطل علينا شاعران لكل منهما تجربته الخاصة يبنيان لنا أوطانا، ليعيدا
ترميم أرواحنا.. وتكفي قصدة واحدة لنعانق حريتنا. نتأمل وجوهنا فيها، ومن لا يجد
في قلبه موطئ قدم فهو بحاجة للحظة قلب.
تلمسوا
قلوبكم قبل أن نبدأ.
لأن
هناك نهرا لم تتحدث عنه كل كتب الجغرافيا سيصب في قلوبكم.. وهو نهر الشعر.
وشاعرنا
الأول عبدالرحيم الخصار الذي يكتب مسكونا بهواجسه وأحلامه وكوابيسه، يحمل العالم
في قصيدته، التي تصقلنا بكلماتها، تكفي هذه الكلمات لنقرأ كيف أن بإمكان شاعر مثله
أن يدفعنا لنعانق الضوء.. قصائده البسيطة، العميقة، العصية، المدهشة، تغوص في
الذات والحضور الإنساني.. مأخوذ بالحياة ودهاليزها.
في كل
قصيدة يذهب للاحتفاء بالحياة ولكن بشكل مختلف.. له لغة خاصة آمن بأن الشاعر أكبر
من مسرح اللغة، مدركا أن الشعر ضرورة وغاية.
نجد في
قصائده مناخات شعرية وبنايات وتراكيب لا تتنازل عن جماليتها.. وما إن تمر بنا
بصوتها الشعري حتى نحفظها ونحتفظ بها عن ظهر صمت.
من
يقرأ، أو يستمع لقصيدة عبدالرحيم الخصار، لن يداهم قلبه ظلام.
لذا
أترككم مع الشاعر عبدالرحيم الخصار...
وألقى
الشاعر الخصار قصيدته الأولى بعنوان «الأمازيغي» وجاء فيها:
أنا
حفيد الملك الأمازيغي القديم
الذي
مات غدرا بطعنة من أيدي الرومان
هوايتي
أن أضرم النار في الجليد
وأبني
المصائد لطيور لا تصل الأرض
وبعده
قدم الشاعر الثاني دخيل الخليفة.. وقال عنه:
شاعرنا
الآخر دخيل الخليفة هو شاعر مختلف، كتب قصيدته خارجا عن المألوف.. متجاوزا النمطية
التي كرسها الكثير من أبناء جيله.
لهذا
نرى أن قصيدته تمثل حالة الاغتراب، المعاناة، وإن جاز الوصف بالإمكان أن أصف حالة
الكثير من هذه القصائد بأنها ثورة قلق.. وكأن هذه الروح التي يكتب بها لا تكف عن
النشيج.
وتأتي
الصحراء بلونها الأصفر ثيمة أساسية في الكثير من قصائده، قبل أن «تخرج من فضاء
القميص».. كان دخيل الخليفة في كل قصيدة يؤثث لنا المنفى بأمنيات تحمل وجع
الاغتراب..
وفي كل
مرة يطرق الخليفة باب الشعر، تفتح الأسئلة على مصراعيها، رغم أن الأجوبة تبقى
معلقة في العراء.. يأخذنا دخيل الخليفة من أبواب قصائده إلى أسئلة على قدر كبير من
الجرأة، وعلى الرغم من بساطتها إلا أنها تفضح واقعنا المرير في بعض جزئياته. ومن
باب إلى باب.. يأخذنا إلى لفتات إنسانية آسرة وجرح عميق، لنجد فرحا أقل من خطوة،
وأحيانا مطرا بلا غيوم، وربما نسمع صوت مطر يبكي.. وربما أيضا يدفعنا للضحك حد
البكاء. عندما نشاهده في قصيدة ما.. ينحت أحلامه على وجه الريح.
وأترككم
لتصافحوا قلب دخيل الخليفة.
وقرأ
الشاعر دخيل الخليفة قصيدته الأولى «في شوارع نيويورك» أهداها إلى منى كريم في
أميركا في غربتها الجميلة.. وقال فيها:
الإشارة
خضراء
والروح
ترقص بين التفاصيل
مسحورة
بمذاق الشوارع
حبلى
بارث الرماد
خلعت
القميص القديم
وما ظل
من صدأ لينوح
مناظر
الغيوم أنيقا كعادته
وتبعه
الشاعر عبدالرحيم الخصار بقراءة مقاطع من قصيدة طويلة قال فيها:
سوف
أستعيدك ليل نهار
كي
تجلسي بجانبي على الأريكة
التي
تقادمت
وتخبريني
لماذا زرعنا ورودا
كثيرة
في الليل.
واستمر
الشاعران في قراءة قصائدهما وسط ترحيب وتصفيق جمهور الحاضرين، وتجاوبهم مع المعاني
الشعرية التي تدفقت في قصائد الشاعرين معبرة عن الحب والحياة والمشاعر الإنسانية.
ختمها
الشاعر دخيل الخليفة بمقاطع شعرية قصيدة قال فيها:
وحدة
في
القلب
جذع
نخلة ينام عاريا على الضلوع
في
القلب
مر ـ
دون ضحكة ـ قطار
في
القلب عصفور بكى.
وطار..!
جوع
مر بي
جائعا
وعلى
جُرف قلبي اتكا
تصفحني..
عندما
لم يجد فيّ نهرا
بكى..
«طقوس
وحشية»..
المرأة
والرجل كلاهما كابوس الآخر
كتب:
المحرر الفني
عرض
ضمن فعاليات المهرجان مسرحية «طقوس وحشية» التي نالت جوائز عدة في مهرجان الكويت
المسرحي الأخير،كما نالت اسحسان الجمهور والنقاد لدى عرضها في مملكة الأردن
الشقيقة.
ويثير
العرض الذي قدمته فرقة المسرح الكويتي أكثر من إشكالية: الأولى أنه ينتمي إلى مسرح
العبث أو اللامعقول، والذي ارتبط بمجموعة من الكتاب، معظمهم أوروبيون، تحت وطأة
مآسي الحرب العالمية الثانية، وانتشار مدارس مثل الدادية والسريالية، علاوة على
أفكار فرويد. لكن، وبغض النظر عن ارتباط هذا بحدث لم نعشه نحن على ذاك النحو
المروع، يبقى توظيف مسرح اللامعقول في الصالات العربية أشبه بـ «الشعر المستعار»
أو «الباروكة» الجميلة، لكنها ليست من صميم هويتنا ولا ذائقتنا، وتظل الفرجة عليه
من مسافة ما.
الإشكالية الثانية تتعلق بالمخرج والممثل فيصل
العميري، الذي يطبع كل عمل يقدمه سواء أكان مخرجا أو ممثلا، ببصمته الخاصة، حيث
أصبح متخصصا في هذا اللون دون سواه، فهو أكثر فنان كويتي شاهدت له في السنوات
الماضية ست أو سبع مسرحيات لا تخرج عن النطاق ذاته مثل: سامري، الهشيم، مونولوج
غربة وغيرها.. هنا يقع العميري من دون أن يدري في فخ النمط، مثل الممثل الذي ينجح
معه «أفيه» فيظل يلح عليه في بقية مشوار عمره، لا أستطيع أن أقول إن عمله الجديد
«طقوس وحشية» أفضل من الأعمال المشار إليها، ولا أقل.. فهو على الوتيرة ذاتها من
التقانة في التنفيذ والأداء وتقشف السينوغرافيا، دون أن يذهب بنا العميري في مناطق
أخرى داخل هذا الاتجاه، أو حتى يطوعه لثقافتنا وهويتنا وذائقتنا، وبرغم أنه يستعين
أحيانا بنصوص أجنبية، وأحيانا أخرى بنصوص عربية مثل نص «طقوس وحشية» للكاتب
العراقي قاسم مطرود، فإن النص نفسه أشبه بتطبيق لعناصر مسرح العبث الغربي، دون أي
إشارة، ولو ضئيلة، تضعه في سياق عربي ما! فنحن هنا أمام «تقانة» أكثر منها وهجا
إبداعيا.
الإشكال الثالثة تتعلق بعملية الهدم المتوالية
في هذا المسرح، بدءا من تجاوز المنطق الأرسطي في البناء الدرامي «مقدمة، وسط،
نهاية»، فهو لا يعرض حدثا متناميا ذا حبكة، بل حالة إنسانية بلا يقين، بلا تواصل،
وبلا معنى، تجسد شعور الإنسان العميق بأنه يقف وحده مرعوبا إزاء الكون كله. وصولا
إلى التقشف في العناصر الشارحة كالإضاءة والديكور والأزياء وتعبيرات الممثل، فكلها
يتم تغريبها وتحريك الدوال في أكثر من اتجاه، لتوليد أكثر من تأويل.. وانتهاء بلغة
الحوار المتشظية، اللاتواصلية، التي تخلق المعنى وتهدمه من دون توقف. مثل هذا
المسرح، يكاد يحيد جميع عناصر الخشبة إلا في أضيق نطاق، لتأطير المشهد البصري
الخانق مثل غرفة أو العابر مثل محطة قطار، وفي هذا العرض كنا أمام مكان أشبه بصالة
في بيت أو غرفة كبيرة، ليس فيها سوى كرسي تجلس عليه امرأة، وأضيف في الخلف إلى جهة
اليسار، سرير، وستارة سوداء. ومع تقشف السينوغرافيا، يصبح الرهان كله على أداء
الممثلين وقدرتهم على تجسيد الارتباك والقلق والرعب، بلغة هي أصلا مفككة.
عملية
الهدم هذه، تضع المتلقي في مأزق، لأنها لا تخدعه بشعارات مؤدلجة، ولا تهدهد أحلامه
بحكاية، بل تصدمه بحالة ما، إما أن يحبها أو يكرهها، يتورط فيها بعمق عبر تداعي
خيالاته الخاصة وذكرياته، لملء فراغاتها، وإما ينفصل عنها كليا وهو ما ظهر لدى
شريحة لا بأس بها من جمهور العرض ظلت تعبث بالهواتف وتتنحنح وتتبادل الأحاديث
الجانبية! خصوصا مع سقوط العرض في بعض المناطق في فخ الرتابة.
على
أهمية الإشكاليات الثلاث، قدم المخرج علي الحسيني عملا متقنا، ولعب «فيصل العميري
ـ الرجل» وحنان المهدي «المرأة» و«عيسى ذياب ـ الرجل الشبح» أدوارهم باقتدار، حيث
اشتغل العميري والمهدي عبر تبادل الحوار الكابوسي على تقمص العديد من الشخصيات
التي ترتبط بمأساة ما، هما بشكل أو بآخر طرفان فيها، مثل السائس والأب والشرطي
والقاتل والزوج والمجنون، في مقابل الزوجة والمدرسة والأم والطبيبة ربما.. ومع
تبادل تلك الأقنعة، يصعب تحديد طبيعة العلاقة الثنائية بين الطرفين، هل هي الزوجة
التي قتلها زوجها بعد أن ضبطها بجرم الخيانة؟ هل هو زوجها أم الشرطي الذي يحذرها
من تعرضها للقتل؟ هل هو مريض وهي طبيبة تعالجة للاستبصار بأزمته؟ ليس مهما تأطير
العلاقة بينهما، إذ يكفي أننا في كابوس، وداخل هذا الكابوس المرعب ترى المرأة
بوضوح الرجل الذي تسبب لها في ألم هائل، فيما يرى الرجل المرأة التي تسببت له في
ألم هائل.
سواء
أكنا في غرفة أم في سجن أم في مصح للمجانين، فإن هذا الكابوس يجعل التوتر والرعب
بين الرجل والمرأة أبديا، كلاهما يريد قتل الآخر، كلاهما يريد في أعماقه أن يقتله
الآخر كي يستريح، كلاهما يريد أن يصرخ من أعمق أعماقه كي يغادر كابوس وجوده.
في مثل هذا الفضاء المقبض، اكتفى مصمم الإضاءة
بلون واحد هو الأصفر بدرجاته المختلفة، وحركه على نحو مكثف وفق حركة الممثلين لرصد
انفعالاتهم، وجاءت الموسيقى الوترية لتعبر عن تلك المشاعر الإنسانية المتناقضة في
رقتها وضعفها ووحشيتها.
وعلى بساطة السينوغرافيا فإنها حفلت بعدد لا بأس
به من الدوال البصرية مثل قضبان السجن، حبل المشنقة، الساطور، نار عود الثقاب..
وربما تلك هي أدواتنا المفضلة حين نمارس طقوسنا الوحشية بضراوة، ليس عبر كابوس رجل
وامرأة، بل في واقعنا التعس نفسه.