الندوة التطبيقية لمسرحية معزوفة الذاكرة

16 ديسمبر, 2013
الندوة التطبيقية لمسرحية «معزوفة الذاكرة»
المتحدثون:
المعقب د. هاني أبو الحسن
المخرج فيصل العميري
المؤلف فيصل العبيد

قدمت فرقة المسرح الكويتي، بقيادة المخرج والممثل فيصل العميري، عرضا عصف بأفكار وسمع وبصر الحضور والنقاد، وأثار زخما ولغطا، وظهر هذا واضحا جليا في الحلقة النقاشية التي أقيمت عقب العرض، لرصده وتأمل أبعاده وإرهاصاته، وهي الندوة التي شهدت حضورا يعتقد أنه الأكثر عددا ومتابعة.
المسرحية حملت اسم «معزوفة الذاكرة»، وأدار جلستها النقاشية الناقد والصحافي عبدالستار ناجي، وعقَّب عليها د. هاني أبو الحسن، وذلك في وجود المخرج فيصل العميري والمؤلف فيصل العبيد.
في البداية قال مدير الجلسة عبدالستار ناجي: إننا نراهن على لغة الاكتشاف... وتمنى من أصحاب المداخلات أن تذهب رؤاهم إلى اكتشاف التجربة في النص والرؤية الإخراجية، ثم قدم سيرة ذاتية مختصرة عن المعقب د. هاني أبو الحسن.
تجريدي فانتازي
وقال د. هاني أبو الحسن: إن عرض الليلة تجريدي فانتازي يقدم لقطة زمنية فاصلة في مكان يرمز إلى السجن، والسجن مكان استثنائي له مخارج للصرف الصحي، حبست فيه نماذج من البشر، هي شرائح توجد حولنا كالشرطي والمجرم والمرأة الحامل والصحافي والمرأة التي تبحث عن زوجها، وتحمل بين أحشائها طفلا هنا هي نموذج مصغر من المجتمع.
وأضاف أبو الحسن: إن شريحة الصحافي الانتهازي هنا، والذي تجرد من الإنسانية ويبحث فقط عن الخبر وهو شريحة أخرى، والعرض ينتقد دور الأمة الذي تمثله المرأة، ودور الإعلام، حيث ينطق الصحافي بلسانه بكل ما يخالف عمل الإعلام، ويدخل داخل القفص مكان المرأة.
وأوضح أن فقدان البصر لدى المجرم يشير إلى انعدام الرؤية عند المجرمين، والعمل يتحدث عن شرائح محددة وليس التعميم، ثم يعرج على نموذج الشرطي، وكيف يأخذنا إلى مدى تلاعبه بنتائج التصويت.
وأشار أبو الحسن إلى أن الخشبة قسمت إلى مستويين، ومنحدر، وهو ما خلق ثلاثة أزمنة مختلفة، لكن ذلك أدى بطبيعة الحال إلى إضعاف الحركة نوعا ما، والعمل قائم هنا على الفلاش باك، إذ لجأ العميري إلى التمثيل داخل التمثيل، والحكي السردي، وكان هناك زمنان في العرض المسرحي.
وألمح إلى أن هناك ضعفا فاضحا في مخارج الألفاظ لدى الممثلين، برغم تميزهم وكونهم كانوا سكارى في أول مشهد، وهي حيلة من المخرج هدف منها إلى المبالغة والأداء الدراماتيكي المفتعل.
وختم د. أبو الحسن تعقيبه بالقول إن ختام العرض جاء برسالة مباشرة حيث وجب قتل الإعلام الفاسد، وموت الأمة كلها تاركة الطفل في يدي الشرطي ليبدأ عهد جديد مع الطفل، مشيرا إلى أنه لن يعقب على استخدام الأمطار في الختام، برغم أنها جاءت متقدمة جدا لكن خارج سياق العمل، وأنهى محييا المؤلف على هذا المستوى المتميز، والمخرج وكل فريق العمل، والتمس العذر لهم على ضعف الإيقاع في بعض الأحيان.
مداخلات
تصدرت الناقدة والممثلة مجد القصص المداخلات، فكانت أول المتحدثين قائلة: «من حيث التمثيل فالممثلون الخمسة الأوائل ظهورا كان اداؤهم أقل من المتوسط، وسليمان المرزوق في دور الأعمي جاء أداؤه ضعيفا، ولغته العربية ركيكة، مما عاد بالسلب على العميري وأطفأ وهجه، في حين أهدرت حنان المهدي فرصة عمرها بأداء جاء جيدا وليس ممتازا، وأشارت إلى أن اللعب كان على ثلاثة مستويات جاءت جميلة ومدهشة وخاصة الجزء العلوي من المسرح، في حين تم إهدار المشهد الأخير من دون داع، وكان خطابيا ومفردة المطر شيء جميل لكن غير مبررة».
واستحسن محمد عبد الرسول الإضاءة، ووصفها بالموفقة، وأعطت تباعدا للزمن من حالة إلى حالة، وقال إن الديكور كان جيدا وكذلك السينوغرافيا. في حين رأى أن العميري لم يستغل الجانب الأيمن من المسرح بالشكل المطلوب، وثمن اشتغال المخرج على أداء الممثل؛ مؤكدا أن روعة النص تأتي من جماله وعمقه الفلسفي.
من جهته هنأ د. محمد الحبسي فريق العمل لأنه نقلنا بالنص إلى كل الأزمنة. والسجن هنا ترجم أشياء كثيرة... والعميري بطبعه يعشق الاشتغال على الفضاء الخارجي، وإن رأى الأداء الدرامي شابته بعض الإطالة في الحوار، وامتدح الاشتغال على مستويات المسرح، وإن تم اهمال الجوانب.
د. علاء الجابر رأى أن العرض ممتع والنص جيد واللغة مميزة من المؤلف والعميري بذل جهدا. وأشار إلى أن مستويات المسرح تمثل في الحفرة وفوق الخشبة والجلوس، وأن السينوغرافيا خدمت المخرج والفلاش يوحي بأن المشاهد مركبة وليست موصولة في حين استشعر أن الشخصيات لم تكن مقنعة وسليمان المرزوق لم يكن موفقا في نطقه اللغوي والمشهد الأخير لم يكن مقنعا فمن شخص فاقد الذاكرة إلى خطيب بليغ والمطر كان حيلة جمالية وتساءل عن قيمتها في الفعل الدرامي.
بدوره قال حسام عبدالهادي إن العرض يفضح الفساد في المجتمع العربي، متصورا أن السينوغرافيا كانت أهم من الأبطال، مشيرا إلى أن لياقة الممثلين لم تسعفهم، وتشابك الأدوار أظهر بطء الإيقاع، والموسيقي جاءت مناسبة، في حين رأى أن المطر كان يمكن استبداله بالليزر.
أما الناقد العراقي عزيز خيون فقال إن هدف المسرح هو الجمال ومحاربة كل قبيح وهذا ينطبق على العرض إذ جاء أنيقا وجميلا، مؤكدا أن فيصل العميري يعطي أملا في المسرح العربي.
ورأى مهندس الديكور عدنان صالح أن العمل قدم الصحافة بشكل سيئ، في حين شدد د.يوسف حمدان على أن العميري لم يفسح المجال لرؤيته الإخراجية كي تحلق، وأن اسم المسرحية «معزوفة الذاكرة» لكننا لم نر أي معزوفة، والنص سردي مثقل بالكلمة أكثر من الفعل والاشتغال على الصورة كان مفتقدا للغاية والمونولوج الأخير أصبح تيمة تقليدية.
رد المخرج والمؤلف
استهل المخرج فيصل العميري حديثه بالقول: «وددت لو أن أحدا ينيرني أو يثبت من عزيمتي فيما خص منطقة المجارير في العرض التي كانت فيها حنان المهدي، ومهمتي في هذا المكان أن أزيد لأبناء جيلي الحراك والوعي المسرحي».
وأكد العميري أنه وزملاءه اشتغلوا على هذا العرض كثيرا معلنا عن ثقته المسبقة أنه لم يكن في استطاعته ملامسة الحضور فكريا الليلة وإنما أراد أن يقدم قصة.
Happy Wheels