الجلسة الثانية: بلال بحث في المسرح الكوميدي وخلق التقاليد في الكويت

14 ديسمبر, 2013

في الجلسة الثانية وتحت عنوان (المسرح الكوميدي وخلق التقاليد في الكويت) قدم الدكتور محمد مبارك بلال ورقة بحثية، استعرض فيها مسيرة المسرح الكوميدي في الكويت، وأبرز نجمومه والظروف السياسية والاجتماعية التي استطاعوا ترجمها وتجسدها على خشبة المسرح، ويؤكد بلال في مقدمة بحثه على ضرورة الاعتراف بالدور البارز والمؤثر الذي أسهمت به مرحلة المسرح المدرسي، والجمعيات الأدبية، وفترة مسرح النشمي التي تلتها في الخمسينيات، وذلك بتأسيسها تقاليد بداية المسرح في الكويت، فهذه المراحل يعزى إليها بحق العديد من المؤثرات الفاعلة في ترسيخ تقاليد المسرح في الكويت.

الإنجازات المسرحية

واستعرض بلال الإنجازات المسرحية في الستينيات والسبعينيات، مؤكدا ان مرحلة أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات في الكويت تميزت بالعديد من الإنجازات التي ساهمت في دعم النشاط المسرحي، وبلورت دوره وتوجهاته، كي يصبح النشاط الفني والثقافي الأول، الموجه لخدمة الجمهور وتثقيفه، فمثلا كانت الدولة هي المخطط الأول للمسرح وداعمه المالي، فمن حيث كونها ممثلة بوزارة الإعلام، بادرت بإنشاء الجوانب التنظيرية لتأسيس حركة ثقافية وفنية، تبدت بإصدارات الوزارة من كتب ودوريات، مثل سلسلة «من المسرح العالمي» و«عالم الفكر» ومجلة «العربي» ومجلة «الكويت» ومجلة «التراث»، كما بدأ إنشاء محطة تلفزيون الدولة، والذي كان مختصا ببث الأفلام والمسرحيات العربية، وفي الفترة نفسها تقريبا، صدر قانون المسارح وإنشاء الفرق المسرحية الأربع وهي: «المسرح العربي والمسرح الشعبي والمسرح الكويتي وفرقة مسرح الخليج العربي»، كما تم قبلها الإعداد لزيارة الرائد العربي المرحوم زكي طليمات وتكليفه بوضع تقرير لواقع المسرح في الكويت، ثم الإشراف على فرقة المسرح العربي الجديدة، وكان من أبرز نتائج تلك الإنجازات تنظيم عمل الفرق المسرحية الأربع، بحيث انتظم نتاجها المسرحي ضمن موسم سنوي ثابت، ومن النتائج المهمة أيضا لعملية تنظيم المسرح، اتضاح معالم التيارين الرئيسين في المسرح الكويتي، المتوارثين منذ مرحلة ما بعد بدايات المسرح المدرسي، ومرحلة الجمعيات الأدبية، وهما تيار المسرحية العامية، وتيار المسرحية الفصحى، كذلك شهدت مرحلة أوائل السبعينيات إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية الذي أصبح المصدر الأكاديمي الوحيد لإنتاج الفنانين في منطقة الخليج العربي.

بدايات الكوميديا في الكويت

يقول بلال إن مسرحية «عشت وشفت» هي أولى المسرحيات الكوميدية في الكويت، التي توظف اللغة والموضوع المحلي، ومن رحم ورشة المسرح العربي الذي كان يقوده رائد المسرح العربي زكي طليمات، مع أن أغلب العاملين في مجال الكوميديا في مرحلة الستينيات، يمكن اعتبارهم تأثروا بشكل ما بإنجازات النشمي المسرحية التي استمرت حتى العام 1957، عام ظهور الرائد العربي الكبير الأستاذ زكي طليمات، فإنه يجب الاعتراف بأننا بصدد الحديث عن جيل فني آخر تعامل مع معطيات أخرى، تختلف عن بيئة وتقاليد مسرح النشمي المرتجل، الذي كان يعاني نقصا فنيا واجتماعيا وتنظيميا.

مهرجان المسرح المحلي

كانت مساهمة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بإنشاء المهرجان المسرحي المحلي الأول (العام 1988)، هي أحد الحلول العملية الجزئية لمشكلة خلق ثقافة بديلة لمسرح القطب الواحد السائدة، والتعويض عن غياب المسرح الموازي أو النوعي، وقد استُقبلت هذه المبادرة بالمباركة لدى المهتمين بالمسرح، وكإنجاز يضم إلى إنجازات المؤسسات الحكومية لدولة الكويت الثقافية في الداخل والخارج، ومنذ ذلك التأسيس الرائع لهذا المهرجان، والدولة ممثلة بالمجلس الوطني حريصة على استمراره وتطويره.

وعن مهرجان محمد عبدالمحسن الخرافي للإبداع المسرحي، قال إن هذا المهرجان يمثل واحدة من المبادرات الخاصة الرائدة في إنشاء مهرجان خاص بالإ‍بداع المسرحي، بل إنه يكاد يكون الوحيد في العالم العربي، لم تُقصد بإنشائه المنافسة بقدر ما مثله من روح الامتداد والتواصل، والمساهمة في إحياء الحركة المسرحية في الكويت.

 

المسرح الكوميدي الخاص

يقول د. بلال إن الكوميديا الشعبية  كادت أن تصبح النوع المسرحي الوحيد في مجمل النشاط المسرحي الكويتي، وهو ما يشكل بالضرورة خللا في التوازن النوعي لإنتاج المسرحيات، في القطاعين العام والخاص. ولأن المسرح الخاص يقوم بتمويل نفسه ويعتمد على بيوعات شباك التذاكر، وبالتالي يقدم ما يريده الجمهور، فإنه لم يتوقف، ورصيده المالي والجماهيري في تزايد مستمر، ضمن انخفاض معدلات الثقافة وأزمتها الخانقة، وتراجع دور الجهات المعنية بتطويرها ودعمها، ومع القناعة بأهمية تعدد أنواع المسرح، ومشروعية تواجد الكوميديا الشعبية، إلا أن عدم إيجاد أنواع أخرى من المسرحيات، ضمن ما يسمى بالمسرح النوعي أو المسرح الموازي، ساهم بترسيخ العرف الخاطئ بأنه لا ضرورة لأي نوع آخر من المسرحيات، فالمسرح مكان للتسلية فقط، وحبذا لو كانت من نوع الكوميديا الشعبية الهابطة، والتي يقاس مدى نجاحها الآن بمقدار ما فيها من نكات سمجة، المهم أن يعيش الجمهور في غيبوبة الإضحاك!

 

الكوميديا الحديثة

ويختتم بلال ورقته البحثيه بالقول إن مشكلة المسرح الكوميدي المعاصر في الكويت أنها مازالت تعتمد على المسارح الخاصة التي تحكمها الظروف الموسمية، حيث إنها لا تنطلق أساسا من منطق أدبي أو فني، يهدف بالأساس إلى تطوير الواقع الفني، بل إن هذه الفرق والمؤسسات الخاصة تخضع دائما إلى مبدأ السوق ونظرية العرض والطلب، وتؤسس أعمالها السنوية سواء في إنتاج المسرحيات أو الأعمال التلفزيونية أو السينمائية، على مواسم المناسبات والأعياد، ولأنها تخضع لمتطلبات السوق فإن القائمين على هذه الفرق يفضلون تقديم الكوميديا الساخنة والهابطة على السواء، ويقسمون مواعيد إنتاجهم بين المسرح التلفزيوني، ثم يعودون لبياتهم السنوي منتظرين الموسم القادم!.

Happy Wheels