الجلسة الثالثة من ندوة"القرين" : التخلف الفكري وأبعاده الحضارية

14 يناير, 2014

ناقشت الندوة في الجلسة الثالثة التي أدارها د.عبد المالك التميمي، قضية "التخلف الفكري وأبعاده الحضارية"، وتم استعراض بحثين، الأول للدكتور رضوان السيد من لبنان، والثاني للدكتور محمد نور الدين أفايه من المغرب، ومداخلة وتعقيب من رئيس اللجنة الثقافية في مجلس الشورى الإسلامي د. غلام علي حداد.

البداية كانت مع الدكتور رضوان السيد الذي عنون ورقته بـ أطروحة «التخلف العربي وأبعاده الحضارية» وقسم الورقة الى أربعة أقسام تناولت المحاور التالية: أولا: مسألة «الحضارة» والحضارة العربية بالذات، في رؤى المفكرين العرب في الأزمنة الحديثة.

ثانيا: التطور الجديد للنظر في المسألة خلال العقود الخمسة الماضية.

ثالثا: طبائع الدولة والسلطة في العالم العربي في ظروف الحرب الباردة، وتأثيراتها في التعامُل مع المسألة.

رابعا: السياقاتُ العالميةُ لمسالة الثقافة في زمن الحرب الباردة، ثم زمن الهيمنة الأمريكية والعولمة.

وفي ربط واسقاط بين ندوة السبعينيات وندوة الآن يقول رضوان السيد: بعد أربعين عاما على مؤتمر الكويت إذن، يبدو التخلُّفُ العربي واقعة وواقعا فاقعا. وهو تخلُّفٌ ذو مستوياتٍ متعددة: تخلُّفٌ عن المسار العالمي لانتظام المجتمعات والدول، وتخلُّفٌ في مجال المشاركة في حضارة العالم وتقدمه النوعي، وتخلُّفٌ في مجال إقامة الدول الوطنية الجامعة والدافعة باتجاه قضايا المواطنة والحريات وإنسانية الإنسان، وتخلُّفٌ فظيعٌ في قضايا التنمية ونوعية العيش، والإهلاك المباشر للإنسان والعمران

ويرى رضوان أنّ الأُصوليات الإسلامية كانت نتيجة أو نتائج للتخلف المفروض على العرب، وأن هذه الأصوليات تأتي في المنزلة الخامسة أو السادسة في تعداد عوامل التأزُّم الحاصل، وقال: إنني لأَجزمُ بأنّ المثقفين العرب لم يقوموا بواجبهم ويكملوا ما بدأه المثقفون العرب في الألفية الماضية، بيد أنها ما أنتجت مشروعا نهضويا، ولا اكتسبت صدقية لدى المهمَّشين من طريق معارضة عسكريٍّ مخرِّبٍ أو قاتل مثلا. وقد بدت فيما بين الستينيات والتسعينيات منصرفة إلى نقد الموروث وليس الحاضر، وإحالة التخلُّف أو الانحطاط على تاريخ الأمة أو دينها أو وعيها الثقافي أو حركياتها العشوائية. وها هُمُ المثقفون العرب يقفون عاجزين أو مشدوهين أو مُرتاعين أو لا مُبالين أمام التأزم الهائل والمذابح والإبادات ومعضلات الحاضر.

واختتم رضوان بالإشارة إلى الكويت نموذجا يترجم كثير من النقاشات الدائرة في الندوة قال : إنّ الملاحظة الختامية التي يمكن قولها في مراجعة أُطروحة مؤتمر الكويت بعد أربعين عاما أنّ الأمم الحاضرة في عالم اليوم قوة وتأثيرا إنما قامت على مؤسستين: مؤسسة الدولة الوطنية أو القومية التي تقود شعبها في تطلعاته وطموحاته. ومؤسسة أو جمهرة علماء الأمة ومثقفيها التي تعيش في الحاضر وتفكّر في المستقبل. وقد افتقد العرب هذين العاملين أو هاتين المؤسستين في الأزمنة الحديثة والمعاصرة، بل إنّ عسكريي الأمة ومثقفيها اشتغلوا ضدَّها، وحالوا دون تقدمها وانتظامها. والأولون بالطغيان الهائل. والمثقفون بالتخاذُل أو عدم الانتماء أو الخَطَل في الفهم!

مراجعات للعقل

وتحت عنوان مراجعات للعقل والتراث والسياسة، استعرض د. محمد نور الدين أفايه ورقته البحثة وبدأها بسؤال حول جذور الضعف المعرفي العربي وقال: هل الضعف المعرفي الملتصق بالفكر العربي راجع إلى ارتهانه للاعتبارات الأيديولوجية، مادامت المسألة السياسية طغت على هذا الفكر منذ بداياته النهضوية إلى الآن؟ أم أن الأمر مرتبط في الأساس «الإبيستيمي» المعرفي العميق الذي تتحرك داخله اللغة والأفكار والمفاهيم؟

ومضى في استعراض ورقته المطولة التي تتمحور حول مظاهر التخلف المعرفي العربي، ويقول في موضع من بحثه: منذ بداية القرن التاسع عشر والغرب يعمل على إجهاض كل محاولات النهوض العربية الإسلامية إلى الآن، وفي كل مرة يجد الوسائل الملائمة لإدامة التأخر التاريخي العربي، الأمر الذي أفرز، عبر امتدادات وتعرجات الزمن العربي الحديث، ظواهر فكرية وسياسية تمكن الفكر العربي من التقاط بعض أسبابها ومكوناتها بطرق عقلانية، وفلتت منه مستويات متعددة من هذه الظواهر، لاسيما ما يتعلق بالتعبيرات الانفعالية والعاطفية لمختلف الخطابات العربية أو التجليات الرمزية والمتخيلة للصيغ والمواقف التي تتخذها هذه الفئة أو تلك إزاء الوقائع العربية.

وفي تعقيب ومداخلة قرأ الدكتور غلام علي حداد ورقة بعنوان "ملاحظات نقدية حول مفهوم "التقدم" و" التخلف "طرح من خلالها تساؤل حول ربط التقدم بالنموذج الغربي، وإذا كان هذا هو المعيار فيجب أن نطبق النموذج الغربي كاملا وتؤمن بنظرته لكثير من المفاهيم والقيم.

Happy Wheels