يقع المتحف في المبنى الجنوبي من المدرسة الشرقية المطلة على ساحل البحر ، حيث قام المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب من خلال قطاع الاثار والمتاحف والشئون الهندسية بصيانة وترميم وتجهيز هذا المبنى بالشكل الذي يجعله مؤهلً لاقامة متحف بحري يجمع بين جناباته ملامح البيئة البحرية التي عاشها الكويتيون
إن هذا الصرح الثقافي إنما يعتبر تجسيداً صادقاً للحياة البحرية الكويتية القديمة ، بما يحتويه من مقتنيات بحرية ونماذج تمثل أنواع الانشطة التي كانت سائدة في تلك الفترة ، وتؤكد على عمق العلاقة التي ربطت الكويتيين بالبحر قديماً وتُظهر مدى إعتمادهم عليه في تأمين حياتهم في فترة ما قبل ظهور النفط ، كما تبرز قدرة الاسلاف والاجداد على العطاء والبناء والابداع
: نشأة الكويت كأمة بحرية
قبل أربعة قرون كانت الكويت قرية ساحلية صغيرة يسكنها لفيفي من صيادي الأسماك وبعض البحارة الذين كانوا يبحرون في رحلات للغوص على اللؤلؤ في مياه الخليج وكانوا يحصلون على أساسيات المعيشة وبخاصة الأرز والقمح والتمر من شط العرب وكذلك من مؤانى ساحل فارس القريبة منهم . وبعد قرن من نشأة هذه القرية وصل إليها العديد من الأسر ( العتبية ) ومن بينها كانت أسرة الصباح التي استطاعت أن تحكم هذه البلدة التي كانت تسمى آنذاك ( القرين ) وذلك برضاء من أهلها وبموافقتهم وتحت حكم هذه الأسرة ( الصباح ) تطورت القرين ونمت تجارتها البحرية وبخاصة تجارة اللؤلؤ الذي مارس أهلها البحث عنه وبيعه في الأسواق العالمية كما ازدهرت تجارتها مع العديد من الموانئ البحرية على الخليج . ثم ازدادت خبرات سكان القرين البحرية والتجارية وأصبح لهم أسطول من السفن الشراعية السفارة التي كانت تبحر إلى موانئ الساحل الهندي الغربي وإلى الساحل الجنوبي لشبة الجزيرة العربية وكذلك إلى موانئ الساحل الأفريقي الشرقي وذلك بغرض التبادل التجاري مع تجار هذه الموانئ المختلفة كانت نتيجة ذلك أن أصبحت القرين محطة ( ترانزيت ) لإعادة تصدير البضائع المستوردة من الهند واليمن إلى سكان البادية في شمال شرق الجزيرة العربية وحين بحكم الكويت الشيخ مبارك الصباح ( 1896 – 1915م) زاد عدد سكان الكويت إلى حوالي 50.000 نسمة وزاد نشاطها البحري والتجاري إزدهارا كما أصبحت حرفة الغوص على اللؤلؤ في أوج نشاطها وكان دخ اللؤلؤ يزيد على ثلث إجمالي الدخل القومي ومما ساعد على إزدهار تجارة القرين أو ( الكويت كما أصبحت تسمى لاحقا) وجود تجار فيها اشتهروا بحسن المعاملة وبالأمانة والصدق كما اشتهر صناع السفن الشراعية فيها بجود سفنهم كما شهدت لهم بذلك جميع الموانئ المطلة على الخليج والمحيط الهندي وحين أفل نجم الغوص على اللؤلؤ وضعفت تجارة إعادة التصدير للبادية ( المسابلة ) استمر أطول السفن الشراعية الكويتية السفارة في نشاطة الموسمي ورحلاته إلى الهند وأفريقيا حتى الخمسينيات من القرن العشرين حين أصبح دخل الكويت من (النفط ) مسيطراً على الاقتصاد المحلي مما أدى إلى وضع حد لمعظم الأنشطة البحرية الكويتية وأصبحت الكويت إلى يومنا هذا تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط كمصدر وحيد للدخل. ومن الجدير بالذكر اكتشاف أقدم نموذج قارب بحري في العالم بمنطقة الصبية شمال الكويت يعود للألف الخامس قبل الميلاد.
: صناعة السفن الشراعية
حين استقر سكان الكويت في بلدتهم المطلة على ساحل البحر بدؤوا يصنعون السفن الشراعية المختلفة الأشكال والأحجام كانت سفنهم صغيرة نسبيا وكانوا يستخدمونها لصيد الأسماك ولإحضار المواد الغذائية الأساسية من شط العرب ثم بدؤوا في صنع سفن لرحلات الغوص على اللؤلؤ داخل الخليج وحين بدأت تجارتهم مع الهند تتسع وتتطور قاموا بصنع سفن للسفر الشراعي مثل ( البغلة ) و( البوم السفار) الذي أثبت أنه من أفضل ما صنع من سفن شراعية عابرة للمحيطات ولقد كانت الهند المصدر الأساسي للأخشاب اللازمة لصناعة السفن في الكويت فحين كانت سفن الكويت تنقل البضاعة إلى الهند ( مثل التمر ) تعود محملة بالأخشاب اللازمة لصنع المزيد من السفن كما كانت تحضر المواد الحديدية اللازمة وغيرها من متطلبات هذه الصناعة وذلك من الهند أيضا حتى قماش الشراع كل يستورد منها
ولقد قام الحدادون الكويتيون بإمداد صناعة السفن بما تحتاج إليه من لوازم حديدية فكانوا أكبر سند لهذه الصناعة المزدهرة والشهيرة
ومما ساعد صناعة السفن في الكويت على الازدهار وجود طبقة من صناع السفن الكبار الذين يطلق عليهم ( الاستادية ) وهؤلاء العرب جاء بعضهم من البحرين ومسقط ولنجة ومن جزيرة قشم كذلك واستقروا في الكويت وأصبحوا يعرفون بالبحارنة وكان لهم حي خاص بهم في القسم الشرقي من بلدة الكويت القديمة وكان هؤلاء الصناع يصحبون معهم أولادهم كل يوم لتعلم مبادئ هذه الحرفة الشاقة التي تتطلب الكثير من التمرين والتدريب لذا نشأ صناع السفن هؤلاء وهم لا يحسنون القراءة والكتابة أما عن مهارتهم واخلاصهم وتميزهم عن غيرهم من الصناع فقد شهد لهم بهذا العديد من الرحالين الأجانب الذين زاروا الكويت
ومما ساعد صناعة السفن في الكويت على الازدهار وجود طبقة من صناع السفن الكبار الذين يطلق عليهم ( الاستادية ) وهؤلاء العرب جاء بعضهم من البحرين ومسقط ولنجة ومن جزيرة قشم كذلك واستقروا في الكويت وأصبحوا يعرفون بالبحارنة وكان لهم حي خاص بهم في القسم الشرقي من بلدة الكويت القديمة وكان هؤلاء الصناع يصحبون معهم أولادهم كل يوم لتعلم مبادئ هذه الحرفة الشاقة التي تتطلب الكثير من التمرين والتدريب لذا نشأ صناع السفن هؤلاء وهم لا يحسنون القراءة والكتابة أما عن مهارتهم واخلاصهم وتميزهم عن غيرهم من الصناع فقد شهد لهم بهذا العديد من الرحالين الأجانب الذين زاروا الكويت .
ولذلك فكل سفينة تصنع كانت فريدة في حد ذاتها ولا يمكن صنع نسخه مطابقة لها تماما ولقد بلغت شهرة صناع السفن الكويتيين درجة جعلت العديد من تجار الخليج يأتون إلى الكويت لصنع سفن لهم فيها كما سافر العديد من كبار صناع السفن الكويتيين إلى بلدان خليجية أخرى لصنع السفن فيها وصنع بعضهم العديد من السفن في ساحل المليار الهندي كذلك
ولقد استمرت صناعة السفن في الكويت حتى نهاية القرن العشرين ثم توقفت نظرا لوفاة كبار الأستادية ولصعوبة الحصول على الأخشاب اللازمة من الهند كما حلت مواد مصنعة مثل الفيبرجلاس محل الأخشاب وأثبتت أنها أنها أقل تكلفة من غيرها من المواد وكان ذلك عاملا أخر ساعد على موت هذه الصناعة التي كانت مفخرة الكويت وأهلها خلال ثلاثة قرون خلت
الماء العذب في الكويت
يدرك قليل من الناس اليوم المعاناة التي تكبدها أهل الكويت في سبيل الحصول على الماء العذب الصالح للشرب وللطبخ قبل ظهور النفط في الكويت فأرض الكويت صحراء بمطلة على البحر لا ماء عذب فيها إلا القليل الموجود في بعض الآبار المتفرقة والموجودة خارج أسوار المدينة أو ما يجود به المطر من ماء قليل خلال فصل الشتاء
ولكن أهل الكويت آنذاك لم يصعب عليهم شيء في سبيل العيش داخل مدينتهم فحين زادت الحاجة إلى الماء العذب نتيجة لزيادة عدد السكان بفيها بنوا سفن نقل الماء وهي تشبه ( البوم ) في الشكل وفي داخلها خزانات خشبية محكمة معدة لتخزين الماء فيها ففي كل يوم تبحر العشرات من هذه السفن إلى شط العرب وتعود محملة بالماء العذب الذي كانت ينقل ويوزع على المنازل بوسائل نقل مختلفة
ومع ذلك لم تنته معاناة الكويتيين في سبيل الحصول على الماء العذب فحين تشتد الرياح وتسوء الأحوال الجوية فإن سفن نقل الماء الذاهبة إلى الشط يقل عددها فيصبح الماء العذب نادرا في المدينة وبخاصة في أشهر الصيف الحارة ولقد كان من المألوف أن ترى جمعا من المواطنين (رجالا ونساء ) وهم واقفون على الساحل والأوعية في أياديهم ينتظرون وصول بوم الماء لكي يحصلوا على عدة جالونات منه تكفي للشرب أو للطبخ .
ولكن حين تسلم الشيخ عبد الله السالم الحكم في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين أمر بإنشاء مقطرات لماء البحر لتأمين المياه العذبة للمواطنين ففي عام 1953 م تم تقطير مليون جالون من الماء العذب يوميا وتوسع العمل بعد ذلك توسعا كبيرا في إنشاء محطات تحلية مياه البحر مما أدى في نهاية الأمر إلى أنتهاء المعاناة التي كان يتكبدها الجيل الماضي جيل الأباء والأجداد في سبيل الحصول على الماء العذب.