أنشئ بيت البدر في الفترة من 1837-1847م وتعود ملكيته إلى ورثة عبد العزيز وعبد المحسن يوسف البدر وهما من كبار تجار الكويت. ضم البيت إلى إدارة الآثار والمتاحف التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 1968 م.
وقد استخدم مقرا مؤقتا لمتحف الكويت الوطني عام 1976 م وهو مستغل حاليا كمقر لإدارة التراث الموسيقي. يقع بيت البدر في حي القبلة (محلة البدر)، ويطل على الطرف الغربي من الخليج العربي. يمثل البيت نموذجاً معمارياً مميزاً، يعبّر بوضوح عن المظاهر الاجتماعية والاقتصادية والحضارية التي كانت تسود المجتمع الكويتي في القرن الماضي. كما أنه يتميز من حيث التخطيط المعماري ومواد البناء التي حافظت على بقائها بحالة جيدة على مر العقود.
ومن مواد البناء التي استخدمت في بناء البيت اللبن (الطين) والصخر البحري، وطُليت جدرانه بالجص. وبُني السقف باستعمال الشندل والباسجيل والبواري، ويرتفع السقف أربعة أمتار عن الأرض. أما جدران المنزل الخارجية، فهي مصمتة، ومغطاة بالطلاء وبها قليل من المداخل التي تختلف درجة فخامتها تبعاً للغرض من استخدامها. وتعتبر واجهة البيت المقابلة للبحر هي الواجهة الرئيسية ويوجد على جانبيها دكات (مقاعد حجرية) تستخدم لجلوس الرجال.
ويوجد على الواجهة الأمامية لبيت البدر مدخلان: الأول هو المدخل الرئيسي الضخم المقوس الذي يؤدي إلى ساحة استقبال الرجال إلى اليمين، أما الثاني فهو عبارة عن زوج من الأبواب يؤدي إلى ساحة الأعمال إلى اليسار. ويوجد في وسط كل من المدخلين باب إضافي صغير يعرف بباب ”أبو خوخة“، هو المدخل الوحيد للمنزل إذا ما أغلقت الأبواب الكبيرة. وفي أعلى جدران الواجهة الأمامية يوجد بادجير (ملاقف هواء)، وهي الفتحات التي تعلو سطح البيت، والتي تستخدم كأبراج هواء للتبريد في فصل الصيف، وقد كان استخدام هذه الأبراج شائعا في بيوت الكويت قديماً
وتعد العقود المستخدمة فوق الباب الرئيسي من أبرز المظاهر المعمارية لهذا البيت. فقد بني العقد الواحد على هيئة نصف هلال لتتلاحم مشكّلة قوساً كبيراً يتوسطه شكل زخرفي يمثل نصف وردة ورسم متقاطع جميل على شكل عقد رباعي مثمن الأضلاع. والتصميم الأصلي للبيت يضم خمس ساحات مكشوفة هي: حوش الديوانية، حوش الحريم، حوش المطبخ، ساحة الأعمال، وحوش الغنم
حوش الديوانية
ويمكن الوصول إلى حوش الديوانية بواسطة البوابة الرئيسية للبيت مرورا عبر ردهة دخول طويلة تسمى الليوان، على جانبيها مقاعد طينـية مـبنية للجلوس (دكة توضع فوقها وسائد). وإلى يسار هذه الردهة يوجد باب صغير يفضي إلى حجرة الحراس، التي كان اتساعها يسمح باستعمالها أيضاً كمخزن للبن وغيره من المؤن. وتفضي الردهة في نهايتها إلى الساحة الواسعة الخاصة باستقبال الرجال (حوش الديوانية). وفي وسط هذه الساحة يوجد حوض بركة المياه الذي يتصل بخزان تحت الأرض لتخزين مياه الأمطار. وإلى يمين الردهة توجد شرفة عريضة ذات سقف عال تشرف على الساحة عبر الطرف الشمالي الشرقي. وتقع الحجرة الرئيسية لاستقبال واستضافة الرجال (المجلس) بين الشرفة وحجرة الحراس. وهي تفتح على الشرفة بثلاث أزواج من الأبواب، كما توجد نافذة صغيرة تفتح على صالة المدخل في الجانب الشمالي الشرقي. أما بقية الحجرات التي تحيط بساحة الاستقبال فكانت تستخدم كغرف للتخزين أو للنوم ، وكان هناك اتصال مباشر بين ساحة الاستقبال والشارع الخلفي من خلال زوج من الأبواب الخلفية. وفي الزاوية الجنوبية الشرقية بالقرب من هذه الأبواب بابان آخران يؤديان إلى ساحة المطبخ ومنها إلى ساحة الحريم. وأكثر المداخل أهمية في الساحة، هو الباب ذو القنطرة الجميلة الذي يوجد في منتصف الجدار الشمالي الشرقي. وفي الأصل كان هذا المدخل يؤدي مباشرة إلى الإسطبلات لتسهيل إحضار الخيول إلى ساحة الاستقبال أو سحبها لإيوائها. وفي داخل هذه الساحة وغيرها من الساحات المكشوفة تتوافر مساحات ظليلة تُسمى ”العريش“، وهي مظلات من الحصر ذات أطر خشبية تعلق من الحائط وتمد عبر الجزء المطلوب تغطيته من الساحة
حوش الحريم
وفي منتصف الحائط الشمالي الشرقي لساحة المطبخ هناك باب يؤدي إلى الممر الموصل إلى الشرفة المسقوفة ذات العقود الخاصة بساحة الحريم. وتعلوا الباب قاعة كانت تستعملها خادمات المنزل للنوم هرباً من الجو الحار، يؤدي إليها سلم ضيق ملتوي إلى الجانب الأيمن للممر، كما يؤدي هذا السلم إلى حجرة علوية جنوبية خصصت لنوم مسئولة الخدم في المنزل.
وتحتل الشرفة المسقوفة جانباً ونصف الجانب من ساحة الحريم، وتفتح عليها ثماني حجرات للنوم أُلحقت بست غرف أصغر منها تُستعمل كحمامات ودورات مياه خاصة. وهذه تفصل عادةً بين حجرات النوم وساحتي المطبخ والحيوانات ما عدا حجرة واحدة، وهي التي تقع في شرق الشرفة الجنوبية حيث ألحقت دورة المياه بجانبها الشمالي الشرقي. وفي الركن الشمالي من ساحة الحريم يوجد ممر دخول منحني ينتهي بباب خارجي يفتح على طريق جانبي. أما صف الحجرات الواقع على الجانب الشمالي الشرقي للساحة فقد كان الغرض منه أن يستخدم كحجرات إضافية لنوم أفراد العائلة رغم عدم وجود شرفة مسقوفة أمامه لحمايته من أشعة الشمس. وفي الركن الشرقي هناك ممر معقود يفضي إلى ساحة أصغر تضم حمامات إضافية وحجرة خاصة بالخدم، وسلم آخر يؤدي إلى السطح
وقد بنيت على السطح حجرتان مسقوفتان. تقع الغرفة الأولى في الطرف الجنوبي وتُستغل للنوم وبها بابان يفتحان على الجهتين الشمالية والشرقية والشمالية الغربية، ولها فتحات للتهوية في الناحيتين الأخيرتين. وعلى الجانب الشمالي الغربي شرفة مسقوفة. ويتصل بالحجرة ديوان مفتوح على الجانب الجنوبي الغربي. وتقع الحجرة الأخرى في الركن الشرقي للسطح
حوش المطبخ
لما كانت الأسرة كبيرة وممتدة عبر عدة أجيال وتعيش في بيت واحد، فلابد وأن يكون حوش المطبخ من الأماكن المهمة، والتي تعج بالحركة طوال الوقت. ويقع حوش المطبخ في بيت البدر بين حوش الديوانية وحوش الحريم. وأهم ما فيه هو بئر ماء يحيط بها حاجز عالي من الطوب، بالإضافة إلى غرفة كبيرة بجوار المطبخ تستخدم كمخزن لتخزين الخشب والفحم
ساحة الأعمال
يمكن الدخول إلى ساحة الأعمال الخاصة بصاحب البيت عبر بوابة ضخمة تقع بالقرب من المدخل الرئيسي لساحة استقبال الرجال المواجهة للبحر. وكانت تحفظ فيها البضائع والحيوانات المستوردة حديثاً أو المعدة للتصدير وكذلك الأشرعة والصواري ومعدات الصيد، التي كانت تخزن تحت مظلة داخل المدخل مباشرة. وهنا أيضاً كان بحارة المراكب يقومون بإصلاح معداتهم وقد خصصت لهم حجرتان كمطبخ ودورة مياه .
وتتصل ساحة الأعمال بحوش المطبخ عبر ممر ضيق يبدأ من الشرفة المسقوفة ويتجه إلى الجنوب الشرقي لينتهي بجوار المطبخ. كما كانت تتصل في الأصل بحوش استقبال الرجال من خلال فتحة معقودة تمر عبر الإسطبل. ومن المحتمل أنه كانت هناك حجرات أخرى تطل على الجانب الشمالي الشرقي لساحة الأعمال، ولكن يبدو أنها أزيلت عندما شيد مبنى جديد في هذا الركن من الموقع عام 1937م
حوش الغنم
لم يكن دخول الفناء المخصص للحيوانات ممكناً إلا من خلال باب في ركن المطبخ الشرقي. وبذلك تتكون حظيرة مقفلة لإيواء الغنم والماعز (وكذلك الماشية في حالات نادرة). وكانت توجد بها أيضاً مساحة مظللة تفتح على نفس الفناء. وعند كل فجر وعشي كانت الحيوانات تُقاد عبر ممرات المدينة من وإلى المراعي الواقعة على أطراف المدينة. وكان الطريق الوحيد إلى خارج البيت يمر عبر حوش المطبخ والمدخل الخلفي لحوش الرجال. وقد استعملت الأبواب الخلفية الكبيرة لمرور الخيل أيضاً بينما كانت العادة في كثير من البيوت الأخرى أن يخصص مدخل خاص لساحة الحيوانات. ويستخدم هذا الحوش حالياً، بعد إضافة قاعة استقبال إليه، من قبل عائلة البدر كديوان