هذا الكتاب:
هذا الكتاب هو محاولة طموح لتخليص التنوير من النقاد الذين انتقدوه بقسوة، ومن المدافعين الذين هللوا وصفقوا له من غير نظرة نقدية إليه، ومن مفكري ما بعد الحداثة الذين أنكروا وجوده، ومن المؤرخين الذين قللوا من شأنه، أو حطوا من قدره، وفضلا عن ذلك من الفرنسيين الذين تحكموا فيه، واستولوا عليه عنوة، ولتخليص التنوير من هؤلاء، فإن المؤلفة تعيده، في جزء منه، إلى البريطانيين الذين أعانوا على إيجاد تنوير يختلف عن تنوير الفرنسيين أتم الاختلاف.
يقدم الكتاب بشكل مختصر صنوف التنوير الثلاثة، وبذلك فإن التنوير البريطاني يمثل "سوسيولوجيا الفضيلة"، ويمثل التنوير الفرنسي "أيديولوجيا العقل"، ويمثل التنوير الأمريكي "علم سياسة الحرية". فلقد كان فلاسفة الأخلاق البريطانيون علماء اجتماع، كما كانوا فلاسفة، واهتموا بالإنسان في علاقته بالمجتمع، ونظروا إلى الفضائل الاجتماعية من أجل بناء مجتمع سليم وإنساني. وكانت لدى الفرنسيين رسالة أكثر سموا هي: جعل العقل المبدأ الذي يحكم المجتمع، وكذلك الذهن، وذلك لـ "عقلنة" العالم، إذا جاز هذا التعبير. وحاول الأمريكيون، بصورة أكثر تواضعا، أن يخلقوا "علما جديدا للسياسة" يقيم الجمهورية الجديدة على أساس سليم للحرية.
إن جوهر هذا الكتاب هو شرح -وعرض تقويمي- للتنوير البريطاني، مع التنوير الفرنسي، والتنوير الأمريكي اللذين يخدمان بوصفهما مغايرين للتنوير البريطاني.