هذا الكتاب:
سنتمكن قريبا من تحديد احتمال أن يكون مولودنا الجديد عرضة للإصابة بالاكتئاب، أو الحصر النفسي، أو الفصام طول حياته. وسنعرف مدى احتمال أن يعاني هذا المولود صعوبات في تعلم القراءة، أو السمنة أو مرض الزهايمر عندما يتقدم في العمر.
هذا ما يؤكده روبرت بلومين في هذا الكتاب، ويقول إن ذلك سيجعلنا أكثر تفهما للأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة أو الاكتئاب، وسيمكننا أيضا من دعم أطفالنا بشكل أفضل، بل التخطيط لمسار حياتنا نحن على نحو أكثر فعالية. لكنه يخلص إلى بعض الاستنتاجات المستفزة، ومن بينها أن طرائق التربية التي يستعملها الأهل لا تؤثر كثيرا في الحصائل التي يحققها الأطفال عندما تؤخذ العوامل الوراثية في الحسبان.
يدرس بلومين منذ نحو نصف قرن من الزمن، العناصر الوراثية المكونة للشخصية، وهو رائد في دراسات التوائم المتطابقين (الذين يتطابق لديهم ال DNA) الناشئين في أسر مختلفة، وفي مقارنة الأطفال المولودين والمتبنين الناشئين في الأسر نفسها. من خلال هذه الدراسات التي شملت آلاف المشاركين واستمرت على مدى عقود من الزمن. درس بلومين وزملاؤه الحصة التي تسهم فيها كل من الجينات والبيئة على حدة، أو ما يصاغ عادة على شكل ثنائية الطبيعة والتنشئة، في تشكيل الشخصية. ويجد أن الجينات هي الغالبة دوما.
يكتب بلومين، وهو الحجة في اختصاصه، عن الثورة التي أحدثها اكتشاف الجينوم البشري، والتي ستغير من دون شك حياتنا ومجتمعاتنا. ولا يحتاج الأمر سوى معرفة متواضعة بالطريقة التي أسيء بها استخدام علم الوراثة كي نشعر بالقلق. أضف إلى ذلك التعطش للبيانات الشخصية على المنصات الرقمية العملاقة، مثل "غوغل" و"فيسبوك"، وسيتحول القلق إلى رعب. هذا فضلا على استخدام هذه البيانات من قبل أرباب العمل وشركات التأمين. ولا بد للمرء أن يكون مفرطا في التفاؤل (مثل بلومين) كي يعتقد أن مجتمعاتنا يمكن أن تتعامل مع العالم الجديد لعلم الجينوم الشخصي من دون تبعات سلبية. وفي كل الأحوال، يقول بلومين إن "جني الجينوم قد خرج من القمقم، ولن نستطيع إعادته إليه، حتو لو حاولنا".