هل تُنقذ الأم أنجالي طفلها بأن تحرق جسدها وفق طقس هندوسي قديم؟
هذا هو الامتحان القاسي الذي تتعرض له راوية الرواية، وشخصيتها الأساسية، وتنبني الرواية من منطلقها حتى خاتمتها، على استعادة طقوس تقليدية، متَّبَعة في جزيرة موريس في المحيط الهندي.
هي رواية الأم المعذبة، في بيتها، مع زوجها، في عائلتها الكبيرة، من دون أن تجد منفذ خلاص لها. رواية الشخصية التي يتمُّ التضحية بها، والاستهانة بحياتها، في مجتمع جعلَ من معتقدات بالية (الاحتراق بالنار لإنقاذ الغير) قيمة مطلقة، طاعة لازمة، تفوق وتتخطى الرغبة في العيش، في مواجهة مصاعب الحياة وآلامها في الحياة نفسها.
الرواية تروي عذابات المرأة في مجتمع تقليدي: لكونها زوجة، وأمّاً، لكونها مسبوقة بأدوارها الاجتماعية، من دون أن تقوى على التصرف بحياتها.
الرواية "قدرية" بهذا المعنى، وهو المغزى المستقى من التقاليد الهندوسية، مِمّا يسمى "الكَرْما": البشر يعيشون في دورة، فيتقمصون ويتناسخون في كائنات غيرهم، وفي ظروف زمنية متغيرة. وهي قدرية، أو "كرما" بالأحرى، تتكفل بها جماعات فاعلة في المجتمع، وتنظمها طقوس متناقَلة ومجرَّبة، ويحرسها كهنة مندوبون لمتابعة عمل الدورة.
ولكن، هل ستُقْدِم أنجالي على المشي فوق النار، فوق "غطاء دروبادي"، على التضحية، وفق التقاليد، من أجل "شراء" مصير جديد لوليدها الوحيد؟
سينتقل القارئ العربي، في هذه الرواية، إلى مناخات وأوضاع بعيدة عنه، وإن كانت متماسّة معه، في البلاد الشرقية التي تقاطعَ تاريخُها وجماعاتها مع أوضاع وسياقات إسلامية (قديمة) وعربية (حالية)، إلا أن القارئ سيتحقق من أنه ليس بعيداً، بل هو قريب من بعض المناخات، ولا سيما في الحديث عن متانة البنى التقليدية في تسيير مصير الأفراد والجماعات أحيانا