هذا الكتاب:
من خلال مخاصمة المناهج الصورية يحاول الكتاب إقامة نظام من التأملات التي تكشف العلاقات المتبادلة بين اللغة والتفسير والتواصل.
التواصل نظام لا يخلو من ثغرات. ينبغي أن نعترف بهذه الثغرات، وأن نستوضحها من خلال كشف الممكنات الكثيرة التي تتمتع بها الكلمات، فالكلمات في حركة مستمرة.
حركة الكلمات تحقق التقدم، وتصبو إلى الحرية، ولكن العجز عن ملاحقة هذه الحركة يؤدي إلى التعصب والطغيان.
كان التعصب الذي يسيطر على المناقشات العامة في مجتمعاتنا موضوع عناية الكتاب.
لذلك عني المؤلف عناية مفصلة بالعجز عن ملاحقة نشاط الكلمات، والنظر إلى التواصل بمنظار بين الالتقاء والافتراق، والبحث عن إيجاد توازن بينهما.
العلاقة بين التحقق والثغرة إذن أحد أهداف الكتاب الكبرى. وبعبارة أخرى يجب أن نجعل من الحرية الفعالة نبراسا يهدينا في البحث عن الثلاثي الماكر المفيد اللغة والتفسير والتواصل.
إن ثغرات التواصل في عالمنا العربي هي بعبارة واضحة أهم ملامح حياتنا الثقافية. ولن تتضح عقولنا اتضاحا كافيا مثمرا بمعزل عن التأمل الجاد في عمق الكلمات التي نستخدمها وبخاصة ما يسمى باسم الكلمات الأساسية، ولكل جيل معجمه من هذه الكلمات، ولا نزال حتى الآن لا نولي الكلمات الأساسية حقها من البحث. فما بالنا نمضي في أنظمة مغلقة. إن كل عناية باللغة بمعزل عن التفسير والتواصل ينبغي أن تكون موضع ريب.
هذا الكتاب:
تختلف صورة النقد العربي باختلاف الأجيال، وليس من المرغوب فيه أن تبطل بعض المطالب غيرها في قسوة... مطالب الأجيال مشروعة، ومبدأ الحوار بيننا وبين النقد العربي لم ينقطع، ولكن السمة العامة للحوار اختلفت.
والكتاب الذي بين يديك يشق طريقا يتميز عن سواه بأنه مشحون بطائفة من الاقتراحات الثائرة التي تتطلب عمق الاهتمام وصبر التأمل. يسعى الكتاب إلى رسم علامات على طريق العلاقة بين النقد والثقافة، علامات توضح جوانب من القلق الجماعي الكامن في الأمثلة والمصطلحات. النقد العربي يوحي بأشياء ثمينة عن العقل العربي لا تطفو على السطح، وهو إسهام أعمق من أن يكون بحثا في تجميل الأسلوب، وهو مساءلة تنتفع بجهد أصول الفقه وتضيف إليها.
الوجه الثقافي الكامن في النصوص حماية لها وحماية للدراسة من ضيق الأفق والاحتراف وإقامة حدود مصطنعة.
النقد العربي بحث عن النماذج الأولية للعقل العربي، النماذج التي أهمتنا في أعماقنا دون أن نعيها وعيا كافيا. وقد عبر عنها المؤلف بطريقة تجريبية من خلال كلمات مثل السلطة والعلاقة بين القبض والبسط، والوجه الأسطوري للاستدلال العقلي، والموقف المزدوج من قوة الكلمة.
هذا الكتاب بحث في التأويل الثقافي.
هذا الكتاب:
هذا كتاب تطبيقي. أسلم عقلي للنص أناوشه، وأستثيره. ومن خلال هذا بدا لي أن الأديب العربي استطاع في ظروف غير مواتية أن يتسلل إلى الرفض أو المساءلة. لكن النص قد يبدو كثيفا تغطيه طبقة عازلة. غير أن طبقات أخرى تحمل طيفا من التشكك والمحاورة. طورا نعزل الأفكار عن الكلمات، وطورا نعزل الكلمات عن الأفكار. يجب أن نفترض أن صور الكتابات الثقافية أيضا يمكن أن تتغير إذا احتفلنا بهذه الملاحظة.
لقد خيل إلينا أن فكرة التقاليد أو الأساليب يمكن أن تقضي على النبرة الشخصية. لكن حوار التقاليد والظروف لا ينقطع. إن حوارا مستمرا يملأ النثر العربي بين المدينة والبادية، بين الاتجاه إلى الشعر، والاتجاه إلى النثر، بين الخيال والتفهم، بين الحماسة والريبة، بين البطولة والقهر. لكن كل شيء رهين بالصبر، فإذا تحلينا بالصبر بدا لنا هذا الثراء الذي يغيب عنا وسط العناية بالتراكيب المجهزة آنا، والمؤثرات التاريخية آنا.
إن النثر العربي ما يزال ينتظر عناء كثيرا، أو أدوات للتأمل توضح معاناة الخلاف في أساليب ظاهرها التوافق والقبول.