المشاركون في ندوة «أدب الرعب»: أعمالنا ليست «درجة ثانية»

26 نوفمبر, 2013
ضمن فعاليات النشاط المصاحب لمعرض الكتاب
واقع الكتابة الروائية المغايرة: قراءة في أدب الرعب والغموض والجريمة

ضمن فعاليات النشاط الثقافي المصاحب لمعرض الكويت للكتاب في نسخته الـ 38، نظمت حلقة نقاشية تمحورت حول «أدب الرعب»، تحدث فيها كل من عبدالوهاب السيد ود. أحمد خالد توفيق ود. منذر القباني وأدارها الكاتب مشاري العبيد.
تناولت الحلقة النقاشية وعنوانها «واقع الكتابة الروائية المغايرة: قراءة في أدب الرعب والغموض والجريمة» مكونات هذا النوع من الكتابة الإبداعية، محددة أسباب تصنيفه ضمن قائمة «أدب درجة ثانية».
وعقب لمحة ذاتية عن الضيوف قدمها مدير الجلسة مشاري العبيد، تحدث د. منذر القباني عن نشأة أدب الرعب عربيا، محددا بدايته من خلال حكايات «ألف ليلة وليلة» وقصة التفاحات الثلاث، معتبرا أن النصف الأول من القرن التاسع عشر شهد ولادة أدب الجريمة، واستعرض بعض الأسماء المؤثرة في هذه النوعية من الكتابة ومنها آثر كونان دوبل مؤلف حكايات «شارلوك هولمز» الذي كان طبيبا وقد تأثر كثيرا بمهنته في ترجمة أحاسيسه ورسم معالم شخصياته، مستفيدا من استخدام العلامات والأعراض في نسج حبكته الروائية بدقة في مسرح الجريمة، مضيفا: «لا يمكنني الحديث عن أدب الجريمة ولا أذكر أغاثا كريستي الملقبة بالملكة».
ولفت القباني إلى الطفرة النوعية التي شهدها هذا النوع من الأدب مع بداية القرن العشرين، إذ انتقل إلى فضاء أوسع وغموض لا يقتصر على الجريمة فحسب، بل غموض وتشويق في التاريخ والقانون والخيال العلمي والتقنيات، معتبرا الكتابة «المرعبة» من أصعب السرديات، لاسيما أنها تتطلب مزيدا من الإثارة الفكرية والتشويق العميق، كما أن ثمة علاقة يسعى المؤلف إلى تأصيلها بين الرواية والقارئ من خلال البعد الفلسفي المطروح.
وبشأن روايات الرعب الأكثر مبيعا، استعرض القباني مجموعة روايات منها «اسمي أحمر» و«باسم الوردة» نظرا للعمق في العمل والتكنيك المستخدم.
وفيما يتعلق بواقع روايات الرعب في العالم العربي، يأسف القباني لإهمال أدب الرعب عربيا واستحواذ الروايات الاجتماعية على اهتمام القارئ والناقد، مستغربا عدم انتشار هذا النوع من الأدب على الرغم من وجود كتاب كثر منهم جورجي زيدان ومصطفى محمود ونهاد شريف – مؤسس أدب الخيال العلمي – كما أن ثمة فروعا من أدب الرعب غائبة عربيا. وتابع القباني: «أعتقد أن هناك أسبابا كثيرة في مقدمتها ضعف الخيال في العالم العربي، إذ إننا نعاني أزمة خيال وأزمة نقد، حيث لا يتم الاحتفاء بهذا الكم الكبير من الأعمال، إضافة إلى أزمة وسائل الإعلام التي لا تعطي قيمة لأعمالنا، وكذلك غياب التحفيز وعدم وجود جوائز متخصصة في ظل غياب دور مؤسسات المجتمع المدني».
بدوره، تحدث د. أحمد خالد توفيق مدعما حديثه بمادة فيلمية تم عرضها عبر جهاز البروجكتر عن تأثير أدب الرعب على الطفل منذ مراحله الأولى، مشيرا إلى أهمية أعمال الرعب لدى الناشئة، وهو ما دفعه إلى الاتجاه نحو هذا المجال رغبة في استكشافه، لاسيما أن ثمة أبعادا مخيفة قد تحدث للطفل ربما تتسبب في تشكيل مصيره لاحقا، واستعرض بعض المخاوف التي يعيشها الطفل كالخوف من الظلام أو من السقوط من أعلى.
وانتقل توفيق إلى الحديث عن «أيقونة الرعب» ستيفن كينغ، مستشهدا ببعض مقولاته أن الأطفال يتعلمون الرعب بسرعة، خصوصا حينما يصحو الطفل وهو جائع فلا يجد أمه فيترك هذا الأمر رعبا لدى الطفل.
وبشأن الرعب القوطي، أوضح توفيق أنه انتشر في أوروبا وهو يعني «القديم ضد الجديد»، واشتهر ضمن أجواء القلاع، وكان يسمى بـ «الأدب الرومانسي»، بمعنى الهروب من الواقع، مبينا أن نجاح أدب الرعب يتكئ على درجة عدم استعداد الضحية وكذلك على حيوية مصدر الرعب وكفاءته.
وفي حديث عن أعمال الرعب السينمائية، أكد أن هذه الأعمال لم تنل حظها من النجاح لأنها غير متقنة وتحتاج إلى إعادة صياغة وتطوير، مبينا أن الأفلام تتوزع على فئات مجتمعية منها الطبقة الأرستقراطية والطبقة الوسطى والطبقة الكادحة.
أما الكاتب عبدالوهاب السيد، فركز في حديثه على أدب الرعب في الخليج العربي، لاسيما أنه انتقل من صفوف القراء إلى قائمة الكتاب، مستذكرا المراحل الأولى في القراءة حينما بلغ 12 عاما، فلم يكن يجد أعمالا ترضي ذائقته، مشيرا إلى ندرة الإصدارات التي تعنى باليافعين، لكن بحثه الدؤوب وشغفه بالقراءة دفعاه إلى العثور على كتاب «المغامرون الخمسة»، وبفضل كثرة قراءاته في الخيال العلمي تبدلت نظرته تجاه أدب الرعب، وتخلص من الأحكام السابقة أن هذا الأدب لصيق بالتقزز والبشاعة أو رعب الأشباح والجن، لكن من خلال هذه القراءات اتضحت لي الصورة أن أدب الخيال العلمي أنواعه كثيرة وقد تم حصرها بـ 14 نوعا.
وأضاف السيد: «أدب الرعب النفسي هو أرقى أنواع أدب الرعب، ومن منظوري أن كاتب هذا النوع من الأدب خواف وقلق على أموره في الحياة».
واستذكر السيد الكاتب قاسم خضير الذي يعد أول كاتب لرواية رعب في الكويت والخليج، موضحا أنه كتب مجموعته القصصية «مدينة الرياح» في العام 1978 وأثارت ضجة كبيرة آنذاك.
وأبدى عبدالوهاب السيد استغرابه لتصنيف أدب الرعب ضمن أدب «الدرجة الثانية»، معتبرا أن هذه النوعية من الأعمال تحظى بمتابعة من كل الفئات ولها أهمية كبرى في حياتنا، وتذمر أيضا من هجوم الروائيين والكتاب والأدباء على أعمالهم وعدم حضورهم للجلسات والندوات التي ينظمونها.
كما أشار إلى ظهور عدد من الشبان الذين يكتبون ضمن هذا الاتجاه ومنهم محمد القحطاني ومحمد العنزي وسعد البدر.
ثم فتح باب النقاش، وأثار المشاركون في الحلقة النقاشية أسئلة كثيرة تتعلق بأدب الرعب وأسباب عزوف الأدباء عن حضور الندوات الأدبية والحلقات النقاشية.
بدوره، قال الشاعر السعودي عبدالله السميح إن الأثرياء لا يفرطون في أموالهم لدعم الثقافة في بلدانهم، متسائلا عن دور وسائل الإعلام في التسويق لأدب الرعب.
في السياق ذاته، أشار أسامة السمان إلى ندرة الشخصيات التاريخية الملهمة في الموروث العربي خلافا لكثرة حكايات الرعب في أوروبا، مستفسرا عن أفضل وسائل التثقيف التي تدفع الكاتب إلى الوصول إلى لغة أدبية ناجحة، كما لفتت الزميلة شمايل بهبهاني إلى غياب الأدباء وعدم تفاعلهم مع أدب الرعب، مستغربة التصاق صفة أدب المراهقين بهذه النوعية من الكتابة.


سهل العجمي: البرنامج الثقافي متنوع

قال مدير إدارة الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب سهل العجمي إن البرنامج الثقافي يتم انتقاؤه بعناية والترتيب له قبل فترة طويلة لأننا نحرص على تقديم وجبة ثقافية يستحقها جمهور معرض الكتاب، مشيرا إلى أن إدارة الثقافة ترحب بأي اقتراحات لتنظيم أنشطة مميزة من شأنها أن ترتقي بذائقة المتلقي.
وأضاف: «المتابع لفعالياتنا في هذه الدورة يشهد تنوعا ثريا كما كانت الدورات السابقة، فهناك ندوات أدبية وجلسات فكرية وحلقات نقاشية تعنى بكل مكونات المشهد الثقافي، ونأمل أن تنال استحسان الجمهور».



Happy Wheels