الرجل الذي كان ينظر إلى الليل
رواية
العدد: 414
ترجمة:
د. محمود المقداد
مراجعة:
د. حمادة إبراهيم
هذا الكتاب
ماذا يصيب المشاهيرَ ذوي المجد والشهرة والثراء عندما يُفْقدون إنساناً واحداً حياته، وعن طريق الخطأ لا تعمُّداً؟ هل ينسحبون من الحياة العامة والأضواء؟ هل يشعرون بخيبة الأمل؟ هل يعودون إلى صفوف الناس للشعور بنبض حياتهم وسماع إيقاعات أمانيهم الصغيرة؟ أم أنهم يواصلون المسيرة متحدِّين الواقع متشبثين بما وصلوا إليه من مكاسب وامتيازات ومن غير شعور بالذنب أو عذاب الضمير؟ لا شك أن هؤلاء فئتان: إحداهما تشعر بتأنيب الضمير ووجع الشعور بالذنب أو التقصير، وثانيتهما توغل في الخطأ ولا تهزها الأرواح المزهقة لا خطأ ولا قصداً، وإنما تعمُّداً أحياناً باسم أوهام يتخيلونها. أولم يقل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته»؟
تمضي هذه الرواية في معالجة ذلك الشعور المتضخم بالألم وتبكيت الضمير والشعور بالذنب الفظيع، لخطأ طبي وقع فيه جراح قلب شهير أودى بحياة مريضه رغماً عنه، فعاقب نفسه بنفسه وانسحب من مدينة الأنوار (باريس) حيث المجد والشهرة والمسرّات، واختار منفى طوعياً له في جزيرة يونانية تدعى (باتموس) في بحر (إيجة)، أهلها بسطاء طيبون، وأجواؤها هادئة، وتعيش على ذكرى (يوحنا اللاهوتي) التي أقام فيها مدة وكتب (رؤياه) الشهيرة، زاعماً – أي الطبيب - أنه طبيب عام، ووضع طاقاته الخلاقة في خدمة مرضى الجزيرة، وبنى علاقات ودية مع أهلها، وبعد ثلاث سنوات من الإقامة، وقع في حب فتاة شابة وصلت إلى الجزيرة مؤخراً مع أمها وأخيها الصغير، وكانت معاقة بسبب شلل أطرافها السفلية منذ سن الـ 12 سنة، وهي الآن في سن الـــ 26، وهي جميلة وذكية. وقد وصلت بالدكتور الشهير إلى كشف كل أسراره وحياته الغامضة قبل قدومه إلى الجزيرة، وتتعرف تفاصيل حياته في مصر وفرنسا، وتعيد إلى نفسه الثقة، ويساعدها بدوره على الخروج من عزلتها وكآبتها لتعود إلى الشعور بأنها إنسان سوي ابتُلي غصباً عنه بما هو عليه من إعاقة. وفي هذه الرواية تفاصيل ومعارف ومعلومات تعجز هذه العُجالة عن الإلمام بها. وأمتع ما في الرواية الوقوف على الطبيعة البشرية، وتحديد المواقف الإنسانية التي لا يمكن للمجتمعات البشرية أن تستمر وتسعد من غيرها.