الجلسة الثانية لندوة صناعة ثقافة وهندسة حوار مع الآخر

24 نوفمبر, 2013

عادل بدوي

في الجلسة الثانية لندوة صناعة ثقافة وهندسة حوار مع الآخر، والتي أدارها أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور محمد الرميحي تمت مناقشة خمسة أوراق بحثية تمحورت حول التأسيس لثقافة الحوار مع الآخر، أول المتحدثين كان د. وليد عبدالحي ئيس قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك، وقدم ورقة بحثية بعنوان "تأثير العولمة على مستقبل الحوار مع الآخر"، ويتساءل في مقدمتها عن شكل النسق الدولي الذي سيتولد عن هذا الترابط والتشابك بين الكيانات السياسية والاجتماعية؟ وما هو شكل التفاعل بين المجتمعات؟ وهل سيؤدي ذلك إلى «تعقيد» آليات الحوار أم «ييسرها»؟، وأشار إلى أن هذا يستدعي تحديد أبعاد آليات العولمة، ثم تحديد انعكاس كل بعد من هذه الآليات على «التفاعل السلبي أو الإيجابي» بين المجتمعات.

من ناحية أخرى، ومع توافر مقاييس كمية لمستويات التفاعل بين الكيانات الاجتماعية، فإن هناك أبعادا تزيد من التفاعل الإيجابي تعقيدا، بينما هناك أبعاد تعقد هذا التفاعل وتأخذه للبعد السلبي، ففي الوقت الذي يزداد الترابط الاقتصادي بين المجتمعات والكيانات، فإن التفتت الاجتماعي يزداد، وهو ما سندلل على صحته بالمؤشرات الكمية، وهو ما سيعالج من خلال نظرية «التغير والتكيف»، معتمدين على المؤشرات الكمية لمؤسستي كيرني وكوف المعتمدتين لقياس العولمة في أغلب الدراسات الأكاديمية للعولمة.

 

رؤى مستقبلية

وقدم د. فائق مصطفى أحمد من العراق ورقة بحثية بعنوان "الرؤى الاجتماعية المستقبلية في مقالات أحمد أمين" ويقول في ملخص بحثه: يُعّد الكاتب والمؤرخ المصري أحمد أمين (1886 - 1954) واحدا من كبار كتاب المقالة العربية الحديثة، إذ كتب مجموعة كبيرة من المقالات نشرها في المجلات المصرية، ثم جمعها في كتاب «فيض الخاطر» في عشرة أجزاء، وعرف بنزعة إصلاحية تنويرية، لهذا ضمّن مقالاته أفكارا اجتماعية وحضارية وتربوية مهمة، فهو مهموم بما يرى في المجتمع من سلبيات وممارسات ضارة، ومشخص للتحديات التي تواجه مستقبل أمته. من هنا كانت عنايته بـ «التفكير المستقبلي» الذي جعله يرسم - في كثير من مقالاته - صورة للمستقبل تتضمن المشكلات المتوقعة والآمال المرجوة، ووضع رؤى للتحرك نحو هذا المستقبل، حتى أنه كتب مقالات كثيرة ذات عناوين دالة على استشراف المستقبل، مثل «مستقبل الدين» و«أدب المستقبل».

 

التعددية الثقافية

وتحت عنوان  التعددية الثقافية بين الذات والآخر، إشكالية معرفيّة.. وجدلية مفاهيمية"  ألقى د.نادر القنة الضوء على الجدل المفاهيمي بين الثقافة الشرقية والثقافة الغربية، وما يوازيه من جدل آخر بين ثقافة الشمال وثقافة الجنوب، والذي شاعت تسميته في المرجعيات الغربية المركزية على وجه التحديد في الأوساط الأكاديمية والنخبوية بـ «صراع الحضارات» أو «تصادم الحضارات».

وتابع القنة : تؤكد الدراسات الأناسيّة المعاصرة، التي تبث أنفاس الاعتدال وتدعو إلى التوازن، على ضرورة وأهمية الحوار بين المجتمعات الإنسانية على اختلاف اثنياتها وتبايناتها الأيديولوجية، كشكل من أشكال البناء الثقافي الموّلد للإنتاج المعرفي المشترك. بوصف الظاهرة الثقافية مهما تعددت تعريفاتها – وفق تعبير الأكاديمي التونسي توفيق بن عامر – «هي نتيجة النزعة التواصلية الكامنة في كيان الكائن البشري كمونا غريزيا وإراديا في آن واحد». وبالتالي، هي أيضا «نتيجة حتمية لصلة الكائن البشري بمحيطه الطبيعي والاجتماعي ولعلاقته بالكون وبأفراد النوع الذي ينتمي إليه. وتفصيل ذلك أن الإنسان في أول اتصال له بأفراد نوعه، وجد نفسه أمام ثلاثة خيارات: إما مهاجمتهم والعمل على تدميرهم، أو الخوف والهروب منهم، أو التواصل معهم بهدف التعاون على مواجهة الصعاب وإخضاع الطبيعة المحيطة به. وقد أدرك في النهاية أن مصلحته تكمن في الخيار الثالث لأنه الخيار الذي يضمن له تحقيق البقاء».

 

تحديات التنمية

يتناول البحث المقدم من د.عبدالله محمد العجمي أستاذ الأنثروبولوجيا بالجامعة العربية المفتوحة مفهوم الصناعة والتصنيع الثقافي في سياق التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة في عالمنا العربي، وكذلك إيجاد محددات لمعالم الصناعة الثقافية مقارنة بالتجارب العالمية الأخرى، ثم ينتقل البحث إلى بيان الأسباب وراء الاهتمام المتزايد بفكرة وواقع التصنيع الإبداعي في السنوات الأخيرة، بالذات لدى منظمات ذات طابع وأهداف أممية غير ربحية كاليونسكو.

وقال: يربط هذا البحث أنماط التفاعل أو التغيير الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع العربي واتجاهات أو أشكال الإنتاج الثقافي والإبداعي للتدليل على مشكلات أساسية تفرض نفسها في واقع العملية التنموية في بلدان مثل الكويت وبقية دول الخليج العربي. يطرح البحث وجهة نظر أساسية مفادها أن الصناعة الثقافية الإبداعية يمكن النظر إليها على أنها تشكل تحديا، وفي الوقت نفسه محفز لعملية التنمية الاجتماعية الشاملة، كما رسمت إطارها منظمات الأمم المتحدة والكتابات المتخصصة بإدارة التغيير ورسم السياسات البحث، وأخيرا يقدم البحث مجموعة من الخطوط العامة التي نعتقد أنها مهمة كنقاط استرشادية عند وضع خطط السياسة الثقافية المتعلقة بالإنتاج والإبداع الثقافي.

 

الهيمنة وحتمية الحوار

بين استراتيجيا الهيمنة وحتمية الحوار مع الآخر تحدث د  محمد آيت ميهوب أستاذ النقد الأدبي من تونس وينطلق في بحثه من تصور للترجمة يتجاوز المعنى الحرفي المباشر الضيق الذي تقتصر فيه دلالتها على نقل نص ما من لغة مصدر إلى لغة هدف، يكون فيه مقياس النجاح دقة النقل والوفاء للأصل. إن المفهوم الذي نتخذه إطارا لبحثنا هذا يرى في الترجمة نشاطا تثاقفيا إبداعيا متعدد العناصر، متشابك الأدوار والعلاقات، ينطوي بالضرورة في فضائيه الإنجازي والتداولي، فعلا وتلقيا، على علاقة أولى بين ذات مترجِمة وآخر مترجَم، وعلاقة ثانية ملتحمة بالعلاقة الأولى حاضنة لها بين ثقافة المترجِم والمترجَم وحضارتيهما، بما يعنيه ذلك من قيم ورؤى للوجود ومفاهيم وطرائق للتعامل مع الواقع مختلفة بل متناقضة ومتجافية في كثير من الأحيان.

وتابع: الرهان الفكري الذي تطمح المداخلة إلى المساهمة في تحريك السواكن تنبيها إليه ودفعا للباحثين إلى إعادة قراءة دور الترجمة الحضاري على ضوئه هو: تخليص الترجمة من النظرة المثالية الطوباوية التي تتعامل معها على أنها عمل بريء محايد لا ترى منه إلا وجها واحدا من وجوهه، هو وجه التواصل والحوار بين الأنا والآخر ضمن علاقة خطية امتدادية لا توتر فيها. إنّ ما نطمح إليه في هذا المبحث هو قراءة فعل الترجمة ودوره الحضاري في هندسة حوار بين الأنا والآخر قراءة ايبستيمولوجية نقدية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات التاريخية والسياسية والحضارية التي ظهرت بفعل الترجمة في محطات تاريخية كثيرة قديما وحديثا، وجعلته يتأثر بما حكم علاقة الشعوب بعضها ببعض من إستراتيجيا هيمنة ورغبة لاعجة في جعل الذات محور الكون والسيطرة على الآخر.

ويخلص مهيوب إلى أنّ الترجمة سواء أسيء توظيفها أو حسن، ضجت بها حجرات العلماء أو تقدمت صفوف الجند والغزاة، مؤسسة ثقافية حضارية لا تحققَ لوجود الإنسان خارجها، لأنها نافذة الفرد والمجموعة إلى الآخر، إلى الإنسان، بحثا عن الذات نفسها. فالترجمة هي التي تحقق التواصل بين بني البشر، وهي إذ تفعل ذلك تضطلع بدور الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة، أي أنها تخرج إنسانية الإنسان من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل.

يذكر أن منسق مشروع الندوة د. فهد سالم خليل الراشد منسق أول بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو)

أعضاء اللجنة العلمية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم:

- أ.د عبدالله بابكر "موريتانيا" رئيسا

-  د: عبير جمعان الدويلة " الكويت" عضوا

- د. محمد آيت ميهوب "تونس" عضوا

- د. نادر القنة " الكويت" عضواً

- د.  نور الدين صدار "الجزائر" عضواً

Happy Wheels