الأدب الساخر في الخليج العربي ضمن النشاط المصاحب لمعرض الكويت للكتاب

25 نوفمبر, 2013

واصل المقهي الثقافي المنعقد ضمن أنشطة معرض الكتاب في دورته الـ38 ،ندواته وجلساته النقاشية،وضمن تلك الندوات أقيمت ندوة تحت عنوان "نظرة إلى الأدب الساخر في الخليج العربي ما له وما عليه"،والتي حاضر فيها كل من الكاتب الساخر محمد السحيمي من السعودية ومن الكويت الكاتبين جعفر رجب وأحمد الحيدر وأدارت الندوة وكانت عريفتها جميلة السيد علي.

في البداية قدمت جميلة السيد بعض تعريفات للأدب الساخر والكاتب الساخر قائلة "الأدب الساخر متنوع بين المقال والقصة وما غير ذلك،والكاتب الساخر كاتب مثقف يعبر عن ما في عقلة بدون رتوش".

ثقافة المنع

واستهل الكاتب السعودي الساخر محمد السحيمي حديثه بالإستفسار عن أسلوب المخاطبة الصحيح عند حضور محاضرة مختلطة من رجال ونساء قائلا :" من مصطلحاتي إذا تحدثت إلى جمهور من الرجال أقول "أهلا بكم" وأذا كانوا من النساء أقول "أهلا بكن" وأما وقد اختلطوا على عكس ما تعودت عليه في السعودية فأنا أقول "أهلا بكمن" وهي الدعابة التي تلقاها الحضور بالضحك".

وقال السحيمي: "أبدأ بالأدب الساخر مباشرة وهو ميداني وتوفيق الحكيم يقول (الحياة أوسع من خيال الفنان)"،ثم عرج على قصة المنع من الكتابة وعلق ساخرا"يمنع كتابي من العرض في معرض الكتاب الكويتي ثم أدعى لمحاضرة أتحدث فيها عن الأدب الساخر وهي مفارقة تمدني بدعاية لا تقدر بثمن".

وأضاف السحيمي:"ثقافة المنع والرقابة في عالمنا العربي – السحيمي متوقف عن الكتابة منذ عام تقريبا – جعلتني أرى في الرقيب إنسان يتغابي حتى يكتب عند الله غبيا، ونحن في عالم مفتوح ولا يزال الرقيب يحاول المنع،ولقد كتبت عندما حاولوا منع مقالات غازي القصيبي وقلت أن الرقابة فضحتنا وشبهت الرقابة في عالمنا العربي عامة والسعودية خاصة بصاحبتنا البدوية في لبسها المتدثر والتي تذهب لتقابل صاحبها،وعندما يشرع صاحبها في خلع ملابسها لا تحرك ساكنة أما لو لمس البرقع هاجت وماجت وفضحته على رؤوس الأشهاد".

وتساءل السحيمي متعجبا ... ماذا تراقب؟ فكرة!!! كيف ذلك!!! ولماذا السخرية؟هل للهروب من الرقيب؟ ثم أجاب : إطلاقا.

وعن الكتابة الساخرة قال السحيمي أنها وخاصة الفنية منها،تعتمد على أسلوب النكتة المباشرة (التهريج)،ثم تساءل:"هل نحن أهل الخليج أهل نكتة؟ وأجاب :نعم وانظر إلى أمثالنا الشعبية ستراها منتهى السخرية ثم أعطي مثالا بالمثل العربي الذي يقول (كل فولة ولها كيال) قائلا أن السعوديون عدلوا على هذا المثل بالقول (كل فولة مسوسة ولها كيال أعور)،موضحا أن أهل منطقة شقرة أكثر أهل نجد سخرية وفكاهة،ومؤكدا على ان روح النكتة غزيرة في كل المجتمعات .

وطرح السحيمي سؤالا مفاده ...كيف تكتب فنا ساخرا؟ وأجاب :"لابد من مستوى أخر للإنتقال إلى الأدب الساخر مكتوبا فالأنسان بطبعه جاد ويقول المولى عز وجل "لقد خلقنا الإنسان في كبد"،وشر البلية ما يضحك والكوميديا فن مختلف،وانا أنتقل من الكوميديا المباشرة إلى أسلوب الحالة والقصة،مؤكدا أن الكوميديا والكتابة الساخرة أعلى مستويات الجدية".

وأكد السحيمي على أن أحمد قنديل هو أحد أساتذته المفضلين وكان له برنامج إذاعي اسمه "قناديل" واشتهر بالشعر الحلمنتيشي وهذا ينقلنا إلى مستوى اللغة وكيف يكتب الكاتب الساخر وعرج إلى قول الزمخشري "أبكي وأضحك والحالان واحد".

وختم السحيمي حديثه بالقول أن الجاحظ له روايات يرويها بالعامة وكان يقول"لو جاءتني النكتة قلتها ولو أدت إلى وفاتي.

فن لا يعرفه المرفهون

من جهته قال الكاتب جعفر رجب :"المفترض من الرقيب أن يكون أكثر الناس ثقافة من فرط ما يمنع ويصادر من كتب،إلا أنه لا يتثقف أبدا،وعندما أتحدث عن السخرية أقول ما يقول هيكل (بومة الحكمة لا تحلق إلا في الظلام)،وكلما كان الواقع مترديا كلما زادت السخرية أكثر وضرب أمثلة على ذلك بالمسجونين واليهود ".

وأكد جعفر أنه لا يمكن لإنسان مرفه وغني أن يتمتع بروح الكاتب الساخر أو الكوميديان،وأن الواقع الجيد لا يخلق سخرية،ثم انعطف على الواقع قائلا(كيف نعطي لإفريقيا مساعدات وليس لدينا صرف صحي جيد).

وأضاف جعفر أن أخر ما كتبه على موقع التواصل الإجتماعي تويتر (إيران حصلت على حق التخصيب والعرب حصلوا على حق تخصيب النخل)،معقبا :"لدينا الإمكانيات وليس لدينا التخطيط الجيد".

وطرح جعفر سؤالا أجاب عنه في عدة نقاط قائلا:كيف تكون ساخرا؟ مجيبا:"عندما تريد أن تصبح ساخرا تجنب أن تكتب بضمير الناصح أو المرشد بل يكفيك أن تكون ناقدا وفقط ،ولا تستعلي على الناس،ولابد للساخر أن يكون قارئا جيد وفي مقالاته أكثر تواضعا من الأخرين،ويجب أن لا يكون الكاتب الساخر بوقا للسلطة وإلا أصبح مهرجا في بلاط السلطة".

وواصل جعفر قائلا:"يجب على الكاتب الساخر أن لا يكون فجا فاجرا في كتاباتك،حتى لو تكلمت عن الجنس أو الدين أو السياسة،وان الساخر لا يجب أن يتكلف وإلا أصبح ثقيل الظل،والأفضل أن لا يكون كاتبا ساخرا بل متهكما لأن التهكم مرتبك بالأراء والفلسفة فقط ".

وختم جعفر حديثه بالقول أنه يجب على الكاتب الساخر أن يستخرج مصطلحات ونكات جديدة ،وأنه إذا لم يسب ويمدح من القراء والنقاد فالأصلح له أن يجلس في بيته.

أين المفر من الرقيب

بدوره تطرق الكاتب الشاب أحمد الحيدر إلى الرقيب وقال أن من المؤسف أن يكون هم الكاتب هذه الأيام هو الهروب من الرقابة متسائلا ..كيف تكتب شيء يرضي الرقيب؟.

وحول مفهوم الكتابة والمجتمع طرح الحيدر سؤالا :هل أكتب ما يريده الناس أم أكتب ما أريد أن يعرفه الناس؟،وقال :إتهموني أني قد نزلت بالمستوى الثقافي للقراء وذلك لأنني أوصل المعلومة إلى القاريء بطريقة محبوبة بعيدا عن الطريقة الأكاديمية الصعبة،وأن الكاتب فردا من المجتمع ويجب أن يتفاعل معه ،وأن أشهر من كتبوا أشتهروا لأنهم كتبوا عن واقع مجتمعهم".

وعلق الحيدر على واقع الخدمات المتردية سببها أننا كشعب نستحق ما وصل إليه حالنا،وان الشعوب المتقدمة يستحقون ما وصلوا إليه لأنهم احترموا قوانين بلادهم أما نحن فلا،ونحن لا نسعى للتغيير بالطرق المشروعة.

وختم الحيدر حديثه بدعوة الكاتب السحيمي أن لا يتوقف عن الكتابة وإعادة تشغيل حسابه على تويتر.

مداخلات

أتيحت الفرصة للحضور لطرح تساؤلاتهم وكانت أول المتحدثين الكاتبة ثريا والتي تحدثت عن تجربتها الشخصية في عالم الكتابة الساخرة ، في حين اختلف الشاعر السعودي عبد الله السميح مع السحيمي في تعريف التهريج والسخرية وأن السخرية هي فن الضحك من النفس.

وتساءلت سندس العجيل :"هل سبق تاريخيا أن الكتابة الساخرة أنتجت إصلاحا للمجتمع أو تغييرا طفيفا؟".

وقال علي الخالد أننا كشعب يغلب علينا الشماتة وكثرة الشكاية فما دور الكاتب الساخر في أن ينشلنا من تلك العادات السمجة؟

و رد الكاتب جعفر محمد أن التهكم منهج فكري وهو مبدأ إتبعه سقراط والكاتب الساخر يبقى كاشفا للواقع ، في حين علق السحيمي بقوله أن له موقف من تويتر قائلا"أعوذ بالله من تويتر والمتوتورين"،فهو أسلوب شبابي ولا يجب أن نزاحم الشباب في أسلوبهم،وأكد على أن فولتير مثال على ما فعله الكاتب الساخر في المجتمع والكنيسة،وختم رده بأن التهريج فن أحترمه لكن الكتابة الساخرة أهم وأعقد،والشخصنة أصبحت تغلب على الكتاب الساخرين وغير الساخرين وأن رسالة المثقف هي خلق حالة من الإستفزاز، في حين كان أخر ما قاله أحمد الحيدر هو تساؤل:"هل تأثير المقال فوري أم تراكمي؟ وكيف ينظر القاريء للكاتب الساخر؟.

 

Happy Wheels