افتتاح الندوة الفكرية للمهرجان السينمائي الثاني لدول مجلس التعاون «الواقع السينمائي في الخليج: الواقع.. والتحديات»

07 مايو, 2013

افتتحت الندوة الفكرية للمهرجان السينمائي الثاني لدول مجلس التعاون  أعمالها بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة والأمناء المساعدين عبد الهادي العجمي وبدر والدويش، وضيوف المهرجان من السينمائيين الخليجيين والعرب ونخبة من المثقفين والإعلاميين الكويتيين.

وتحت عنوان «الواقع السينمائي في الخليج: الواقع.. والتحديات» تناقش الندوة تاريخ وواقع السينما في الخليج، وتعرض موجز تاريخي عن السينما في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في ثلاثة جلسات تعقد على مدى يومين في فندق شيراتون الكويت، ثم تختتم الندوة اعمالها بحلقة نقاشية لبحث تحديات الواقع السينمائي الخليجي  ومناقشة قضايا محورية مثل التمويل والرقابة والتوزيع وسؤال الهوية.

تناولت الجلسة الأولى التي أدارتها الإعلامية أمل عبد الله، التجربة السينمائية في كل من دولة الكويت ومملكة البحرين، حيث تحدث عن السينما في مملكة البحرين الباحث أمين صالح، ومن الكويت الباحث عمر التميمي.

 

السينما في البحرين

 

يقول أمين صالح في ورقته البحثية: عندما نتطرق إلى السينما في البحرين، لا بد أن نشير، عبر النظرة التاريخية، إلى خلفيات المشهد والمكونات التي غرست حالة الشغف بالسينما.

لقد تعرفت البحرين على العروض السينمائية التجارية في وقت مبكر قياسا إلى بقية الدول الخليجية، كان ذلك في أوائل الخمسينيات، عندما شهدت البحرين افتتاح عدد من دور العرض السينمائي، التي كانت تعرض الكثير من الأفلام الهندية والمصرية والأمريكية، ذات الطابع التجاري، والتي عادة تلقى رواجا عاليا، بسبب الافتقار إلى وسائل الترفيه والتسلية الأخرى في تلك الفترة.

في العام 1968 أُسست شركة البحرين للسينما، التي احتكرت امتلاك دور العرض، وشيدت صالات أخرى جديدة أكثر تطورا وفخامة، واجتذبت بعروضها جمهورا واسعا أخذ يتزايد برغم المنافسة الشديدة من التلفزيون والفيديو.

مع دخول أشرطة الفيديو إلى السوق البحرينية بات بإمكان المتلقي أن يعثر على ضالته من الأفلام العالمية التي لا تعرض تجاريا في منطقتنا.

كما يحسب للمراكز الثقافية التابعة للسفارات الأجنبية في البحرين دورها في تمكين المشاهد البحريني من حضور إبداعات سينمائية لافتة، من خلال احتفاليات وأسابيع الأفلام التي تقام بين فترة وأخرى.

في موازاة ذلك، أُسس نادي السينما في السبعينيات، حيث كان يعرض أفلاما ذات نوعية مختلفة عن الأعمال السائدة. لكنه توقف بعد سنوات قليلة، ليعاود نشاطه في بداية الثمانينيات، عبر تأسيسه من جديد، بعناصر مختلفة، ولتستمر فعالياته حتى يومنا هذا. وقد استطاع النادي إصدار ثمانية أعداد من نشرة سينمائية متخصصة، لتتوقف بعد ذلك نهائيا.

في ما يتصل بالإنتاج المحلي للأفلام، كانت شركة البحرين للنفط (بابكو) أول جهة تبادر إلى إنتاج أفلام سينمائية وثائقية وإخبارية تصور مظاهر من الحياة اليومية في البحرين، إضافة إلى الأحداث العامة والاحتفالات والأنشطة الرسمية والأهلية، وذلك بدءا من العام 1961.

في العام 1966 بدأ المخرج والمنتج خليفة شاهين، الذي يعد من رواد السينما في البحرين، والذي تخرّج من معهد الفنون في المملكة المتحدة عام 1965، بدأ في إنتاج وإخراج أول جريدة سينمائية في البحرين، كما حقق عددا من الأفلام الوثائقية.

وبسبب عدم توافر جهات منتجة وممولة للأفلام السينمائية، وانعدام أي دعم مادي من مؤسسات حكومية، مثل وزارة الإعلام أو هيئة التلفزيون، والافتقار إلى قنوات من خلالها يمكن التواصل مع جهات أجنبية تسهم في التمويل، كان يتعيّن على بسام الذوادي أن ينتظر أكثر من عشر سنوات حتى ينجز فيلمه الثاني زائر (2003)، ثم حكاية بحرينية (2007).. وحتى هذه اللحظة لايزال الذوادي يبحث عن منتج لفيلمه الرابع.

في العام التالي، 2005، ازداد عدد الأفلام المنتجة في البحرين، وبلغ عددها 17 فيلما دراميا قصيرا.. مع ظهور مخرجين جدد بعضهم توقف ولم يستمر مثل: علي رحمة، ونزار جواد، وجعفر حمزة، وفريد الخاجة. والبعض الآخر واصل العمل السينمائي مثل: محمد إبراهيم، إبراهيم الدوسري، وعبدالله رشدان.

مع استمرار مسابقة «أفلام من الإمارات» وإقامة مهرجانات جديدة مثل: مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان الخليج بدبي، استمرت عجلة إنتاج الأفلام في البحرين على الوتيرة ذاتها، والحماس ذاته، ضمن ظروف صعبة ومتقشفة، ومن غير دعم من أي جهة رسمية أو أهلية، معتمدين الشباب على إمكاناتهم المادية الخاصة، الفقيرة والمتواضعة، وعلى استعداد الفنيين والممثلين للعمل المجاني دعما ومساندة للشباب من جهة، وللمساهمة في خلق سينما جادة ومتقدمة تنسجم مع الطموح الفني والرغبة في الإبداع.

في العام 2006، تم تصوير 15 فيلما دراميا قصيرا و4 أفلام وثائقية. من المخرجين الجدد نذكر علي العلي بفيلمه «اليقظة» بعده حقق: الحل الجذري (2007)، شهوة الدم (2007)، عباس الوطن (2007)، صرخة ألم (2008)، مريمي (2009)، ليلى (2010)، إلى جانب إخراجه عددا من المسلسلات التلفزيونية الناجحة.

ويختتم صالح ورقته البحثية متسائلا: هل يحق لنا كنقاد (الآن على الأقل) أن نأتي إلى هذه الأفلام (التي لا تدّعي الاحترافية ولا تزعم النضج الكلي) مسلحين بأدواتنا النقدية – الحادة والحازمة غالبا – لنحلّل ونشرّح ونقيّم عناصرها وتقنياتها ومحتواها كما نفعل عادة مع أفلام المحترفين، فنحكم عليها – ربما – بالفشل والضحالة والسذاجة، وبالتالي نعرّض أصحاب هذه التجارب إلى سلسلة من التوبيخ والاستهزاء والإذلال، والتي قد تفضي بمنتج الفيلم إلى الإحباط واليأس، وربما الاعتزال المبكر، إن لم يملك الثقة بالنفس، وافتقر إلى الحصانة الفكرية والنفسية التي تساعده على تقبّل النقد بمرونة وبوعي، لكن، من جهة أخرى، هل حداثة التجربة وطراوتها، بحكم البدايات، تشفع لمخرج الفيلم كل أخطائه وشوائبه ونواقصه؟ هل تكون ذريعة للتغاضي عن ضعف عمله أو سلبياته؟

ويختتم مجيبا: بالطبع نحن لا نتوقع أن تكون كل التجارب متميزة وعميقة، لكن مع الوقت، مع ثبات وتأصل الشغف بالسينما، مع توافر الرعاية والاهتمام والدعم، لا بد لنا أن نشهد إنتاج أعمال مهمة، متميزة، ذات غنى وتنوّع في الرؤية والأسلوب والمعالجة والطموح.

السينما في الكويت

وتحت عنوان "تحديات السينما في الكويت" قدم الباحث ورئيس مجلس إدارة نادي الكويت للسينما سابقا عامر التميمي ورقة بحثية بدأها بلمحة تاريخية عن بداية الاهتمام بالسينما في الكويت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مؤكدا ان زخم السينما في الكويت بدأ يأخذ منحى متصاعدا في ثمانينيات القرن الماضي وبرز عدد من السينمائيين الجدد ومنهم عامر الزهير الذي اجتهد في إنتاج الأفلام الوثائقية التي تدور حول قضايا وطنية ذات تأثير على مجرى الحياة. كذلك برز عبد المحسن حياة الذي ملك رؤية سينمائية عصرية وعالج الكثير من القضايا الوطنية من خلال أفلام متميزة، ومن تلك القضايا البيئة والمرور. وقد تحسن الاهتمام بالسينما في الكويت بعد تزايد أعداد العاملين المحترفين والهواة في السينما، ومخاطرة آخرين في الإنتاج السينمائي بالرغم من تواضع إمكاناتهم المالية.. ولم يتوقف البعض على عمليات الإنتاج المحلية بل شارك عدد منهم في الإنتاج والتمثيل في أفلام خليجية وعربية.

وقال إن فترة الاحتلال كانت مثار اهتمام من قبل السينمائيين الكويتيين وقد أنتج عدد منهم أفلاما قصيرة، معظمها وثائقية، سجلت أحداثا جرت خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الكويت، وركزت على جرائم الاحتلال وتخريب البيئة وحرق آبار النفط وجرت محاولات لتوثيق جريمة الاحتلال وتداعياتها وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية على المجتمع.

وحول دور الدولة ودعم السينما يقول التميمي: يمكن للدولة أن تقوم ببناء مدينة سينمائية متكاملة تكون مثل استوديوهات هوليوود أو استديو مصر أو غيرها من مدن سينمائية. وتكون هذه المدينة متاحة للعمل السينمائي للكويتيين وغيرهم مما يعزز القدرة على الإنتاج السينمائي المتميز. وربما تقوم الدولة بتحصيل إيجارات مقابل الاستخدام التي ستكون مؤهلة بكامل البنية التحتية والمرافق الحيوية.

كذلك يمكن للدولة أن تعزز المشاركة بين المنتجين المحليين والشركات السينمائية العالمية من خلال الأعمال المشتركة التي يمكن أن تتوافر لها فرص الإنتاج المحلية. وهنا يجب أن نشير إلى أهمية تطوير مؤسسات الإنتاج المحلية لتتحول إلى شركات مساهمة فعالة برؤوس أموال مناسبة يما يمكنها من مواجهة التكاليف الكبيرة، ويمكن لهذه الشركات أن تدرج في سوق الأوراق المالية بعد حين وبعد أن تحقق ثمار أعمالها.

 

دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب

اختتم التميمي ورقته البحثية بالحديث عن دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في رعاية السينما في الكويتن ويقول إن السينما تعتبر فنا أصيلا من الفنون الإنسانية، ولذلك فإنه عندما تأسس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فقد افترض أن يشمل برعايته السينما في الكويت. قد لا يكون الاهتمام الذي منحه المجلس للسينما كافيا ومواتيا، إلا أن ذلك يجب ألا يؤدي إلى البحث عن وسائط وآليات أخرى. بدأ المجلس، مؤخرا، في الاهتمام بالسينما وشكل لجنة متخصصة من أصحاب الشأن للبحث في إقامة مهرجان سينما كويتي لعرض الأفلام الكويتية والخليجية ويساهم في دعم الأعمال السينمائية الوطنية. ويجب أن تثمن هذه الخطوة والبناء عليها من أجل تعزيز الاهتمام الرسمي بالسينما الكويتية ودعم السينمائيين في البلاد. ولا شك في إن إقامة المهرجان وغيره من فعاليات وتعزيز المسابقات السينمائية برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتأكيد مشاركة وجهود الجهات ذات الصلة مثل شركة السينما الوطنية الكويتية ونادي الكويت للسينما وأي جهات مهتمة سوف تؤدي إلى بروز أعمال سينمائية مهمة وتفاعل أكبر من المواطنين مع هذه الأعمال من خلال العروض والتسويق المحلي والعربي والعالمي. كذلك لا بد من أن يطور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من أعمال الإدارات المختصة بالسينما ضمن جهازه الإداري وتطعيمها بالمختصين المؤهلين. كما أن على المجلس أن يتفاعل مع المؤسسات التعليمية، مثل وزارة التعليم العالي، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، لدعم الجهود من أجل إقامة معهد السينما وتشجيع الطلبة المتميزين للالتحاق به.

إن التحديات التي تواجه السينما في الكويت يجب ألا تعالج بخفة. هناك الكثير من المعوقات المجتمعية والإدارية والمالية التي تحول دون تطور مهم للسينما في الكويت، لكن هذه المعوقات يجب أن تزيد من التحفيز على تجاوزها وتأسيس لمنظومة سينمائية متكاملة تستفيد من المؤسسات والأجهزة القائمة، ولا تحاول أن تتجاوزها. إن البناء على ما هو قائم والإصلاح الإداري المناسب والمتسق مع متطلبات التطوير هو الأسلوب الناجع لبناء سينما حديثة وفعالة في البلاد. أيضا، يجب عدم القفز على الحقائق الثقافية والاقتصادية التي تشكل محددات للأعمال السينمائية، بل يجب أن يتم التعامل مع هذه المحددات بواقعية ووضع استراتيجية فعالة للتمكن من تجاوزها خلال فترة زمنية معقولة.

 

المداخلات

 

عماد النويري اشار الى ان هناك من الرويات الكويتية التي تصلح لتكون افلام قصيرة ناجحة ولكن العيب هو عدم وجود كاتب سيناريو متخصص كما اشار الى اهمية انشاء  صندوق دعم مالي لانتاج الافلام، وتساءل عن اسباب توقف مهرجان البحرين السينمائي الذي اقيم عام 2000 ن وبدوره رد الباحث أمين صالح انه كان مهرجان نابع من مجهود فردي.

وقالت نجوى الغانم من دولة الامارات العربية المتحدة ان النشاط السينمائي نشاط انساني جماعي يتطلب مجهود اكثر من النشاط الفردي كال"الكتابة او الموسيقى"، مشيرة الى دور الدولة في  دعم الصناعة السينمائية بدولة الامارات العربية المتحدة.

اقترح طارق الشناوي من مصر انتاج فيلم عربي خليجي عالمي يكون من احد أهداف المهرجان للتوقف عند دور الإعلام في صناعة السينما وتحقيق التواصل المشترك بين دول الخليج وباقي الدول العربية.

وقالت أمل الجمل من مصر إن استناد السينما على الرواية لم يكن من أسباب جودة الصناعةن وشددت على أهمية دور الدولة في دعم صناعة السينما واستدلت بتجربة دول الامارات العربية في تعزيز المهرجانات ودعم الشباب.

واشار مصطفى المسناوي من المغرب إلى ازدهار صناعة السينما في المغرب بفضل رعاية الدولة ووجود دعم مالي لانتاج الأفلام وصندوق دعم وصيانة دور العرض السينمائية.

 

مداخلة الأمين العام المهندس علي اليوحة

في ختام الجلسة الصباحية الأولى تحدث الأمين العام للمجلس الوطني المهندس علي اليوحة، مرحباً بالضيوف والمشاركين في الندوة والمهرجان، كما شكر الباحثان عامر التميمي وأمين صالح على ما قدماه من تجسيد لواقع صناعة السينما في الكويت والبحرين، الامر الذي ينسحب على الواقع السينمائي في معظم دول الخليج ، مشيرا إلى أن غياب الدعم المالي واللوجسيتي، وغياب الخطط ابرز التحديات التي تواجه صناعة السينما في الخليج.

وقال اليوحة إن القطاع الحكومي مطالب بتقديم مساهمات جادة لدعم صناعة السينما في الخليج، وقبل هذا لابد من وجود رؤية وخطة واضحة يتم من خلالها تشجيع القكاع الخاص على الدخول في معترك الاستثمار في صناعة السينما على أن تكون الحكومات راعية وداعمة في هذه الخطة التي يجب أن يتكاتف فيها الجميع من أجل نهضة سينمائية مأمولة.

Happy Wheels