النشرة السادسة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة السادسة

 

 

عرض قدمته فرقة تياترو من تأليف
فلول الفيلكاوي وإخراج عبدالعزيز العنزي

 

البارج..
من يستحق قلب «فضة»؟

 

إبداعات السينوغرافيا أثرت المشاهد
الدرامية
سلاسة الإضاءة وجماليات التعبير
في المشاهد

 

اللغة جاءت منتمية إلى اللهجة المحلية من دون أن تفقد شاعريتها وجمالها

 

واقعية النص لا تتماشى مع طبيعة الأزياء في العرض وتغطية الوجوه
المعالجة مالت إلى الترميز والإسقاطات رغم واقعية القصة

 

كتب: د. شريف صالح
في رابع عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي في دورته العشرين قدمت فرقة تياترو مسرحية «البارج» من تأليف فلول الفيلكاوي وإخراج عبدالعزيز تركي العنزي.
ابتداء يؤسس المعنى اللغوي للعنونة لدلالات الظهور والارتفاع والمكانة.. ويشير إلى تراتبية خاصة بعالم البحر.
ومن ثم يتضافر العنوان مع استهلال فرقة الماص الشعبية بالمواويل البحرية و«أوه يا مال» لهوية العرض ويؤطر الفضاء المرئي والمتخيل بالحياة في الخليج.
ومن ثم يتمايز العرض عن عروض أخرى فضلت التعمية على الفضاء وتجريده وتركه قابلا للتأويل والانتساب إلى أي مجتمع آخر.
وهذا أمر يحسب لصناع العرض أنهم آثروا الاشتغال على فكرة ترتبط بمجتمعهم وبسؤال الهوية.. وتقيم علاقة تعاقدية واضحة المعالم مع الجمهور المعني بالنص وتساؤلاته.
تدور القصة حول «فضة - حصة النبهان» الشابة الجميلة في مجتمع محافظ والتي تعيش قصة حب مع شاب فقير وغريب عن الفريج أو الحي.
هل بالإمكان أن تعبر «فضة» عن حبها بهذه السهولة؟ هذا ما أكدت عليه فضة في مونولوج الاستهلال عن الحب وشجاعة التعبير عنه لأنه ليس عيبا ولا حراما.
لكن طبيعة المجتمع وتراتبيته تحيط فضة بمجموعة من الرجال المؤثرين في مصيرها. الأول هو ابن عمها «سالم - هاني الهزاع» الذي لا يحبها لكنه يعتبرها جزءا من إرثه.. وجزءا من شكله الاجتماعي الطامح إلى قيادة السفينة والحصول على لقب «نوخذة».
أما الرجل الثاني فهو «صالح - نصار النصار» الذي يحبها ويتمنى رضاها عنه رغم أنها واجهته صراحة بأنها لا تحبه.. ولا تراه في أحلامها.
أما الرجل الثالث فهو الأقوى والأكثر نفوذا. إنه النوخذة الأكبر صاحب السفينة أو «البارج - عصام الكاظمي».
إذن يرمز الرجال الثلاثة إلى أصوات العقلانية والطمع والمادية والتقاليد الذكورية التاريخية. بينما يرمز الغريب ويدعى «سيف» إلى العاطفة وقرار الحب العصي على التفسير المادي أحيانا.
ولا تخوض «فضة» صراعا مباشرا مع الشخصيات.. صحيح أنها أجرت أكثر من مواجهة مع ابن العم وابن الخال.. ومع حبيبها نفسه حيث حاولت أن تثنيه عن قرار الذهاب إلى البحر. لكنها رغم هذه المواجهات لا يبدو أنها تدير صراعا.. بل أقرب إلى كونها شخصية رومانسية منفعلة.. تعيش تحت وطأة فكرة مثالية غير قابلة للتحقق وفق شروط وإكراهات الواقع.
وتتوالى المشاهد سريعة نسبيا.. لتنويع المواجهات بين فضة والرجال الأربعة.. أو بين الرجال بعضهم وبعض.
كما أضيفت إلى العرض شخصية «حصة - إيمان فيصل» التي شكلت جوا مرحا بخفة ظلها.. وكسر الرتابة والجدية وربط الصالة بالعرض. وقدمت أداء لافتا إلى جانب حضور زملائها الأكثر خبرة.
وكان من الواضح أنه اشتغال المشهدية المتتابعة بطبيعتها السردية لا يصل بنا إلى ذروة المواجهة المفترضة بين «فضة» وذكور مجتمعها. بل إلى اجترار أقرب إلى الاستعادة من الماضي.
فنحن أمام «فضة» وقد أصبحت عجوزا ابيضَّ شعرها وانهزمت في حبها وفقدت حبيب العمر تحت وطأة قواعد المجتمع الصارمة التي لا تسمح للحب بأن ينمو ويتحقق.
وتم تمرير مشهد زفاف «فضة» من «البارج» دون تأكيد مباشر على ذلك.
وباستقراء النص سنجد أنه يتقاطع مع نصوص كثيرة منها «العرس» الذي قدمه من قبل المخرج هاني النصار وكذلك نص «نورة» الذي قدمه قبل أربعة عقود المخرج الراحل فؤاد الشطي. كما يذكرنا قطعا برواية «وسمية تخرج من البحر» للكاتبة ليلى العثمان. ومنها أيضا نص «البوشية» لإسماعيل عبدالله. كما لا تخفى العلاقة بالنص الخالد «روميو وجولييت».
ففي مثل هذه الأعمال تتم موضعة قصة الحب الرومانسية لكشف الصراعات الطبقية.
ومما يُحسب للعرض أنه اتساقا مع الاشتغال على فضاء وحكاية مرتبطة بهوية محلية.. جاءت اللغة منتمية إلى اللهجة المحلية من دون أن تفقد شاعريتها وجمالها. على رغم تعاليها أحيانا. ومباشرتها أحيانا أخرى.
على مستوى السينوغرافيا اشتغل الفضاء على هيكل السفينة المفرغ بأحباله وتمركزه ووضعه في صلب جميع المشاهد حتى لو كان محيدا خارج بعض المشاهد.
وكانت الإضاءة سلسة جدا في التعبير عن هذا الفضاء والانتقال بين المشاهد والتلوين ما بين الألوان الصفراء والحمراء والبيضاء.
وعلى بساطة السينوغرافيا لكنها عبرت بفاعلية عن طبيعة العرض وتحولاته.
ويمكن القول إن السفينة لم تكن فضاء خاملا وساكنا بل مع تحريكها مثل البوصلة كان الزمن ذاته يتبدل ويتحول.. والفصول تتغير. وكأن هذا التكوين المادي بكل معالمه هو في الوقت نفسه له حمولته الزمنية.
وفيما حول مجسم السفينة كان الدخان الأزرق بكل غموضه وسحره.. وإحالته إلى فضاء البحر واتساعه.
بالنسبة إلى الموسيقى كان الاعتماد على الموسيقى الحية الشعبية التي قدمتها فرقة الماص حيث جلست في خلفية الفضاء.
وعلى رغم واقعية القصة لكن المعالجة مالت إلى الترميز والإسقاطات ومحاولة تجاوز الحكاية الرومانسية البسيطة.. وهو ما يظهر على سبيل المثال في مواجهة سيف مع ابن العم وابن الخال.. والكلام عن الفقر والتفاوت الطبقي كأنه قدر.. وأن من يصنع الفقراء هو طمع الأثرياء.
كما لا تتماشى واقعية النص مع طبيعة الأزياء في العرض وتغطية الوجوه.
وكأن المعالجة هنا لا تريد استعادة حكاية تراثية قديمة لمجرد التلذذ بها وإنما لتحميلها أفكارا وإسقاطات خاصة باللحظة الراهنة.
صحيح أننا نعيش في عصر التكنولوجيا.. وصحيح أن المرأة الكويتية والخليجية حققت نقلات مهمة في سبيل نيل حقوقها لكن بنية المجتمع الذكوري مازالت كامنة ومهيمنة. ولا فكاك من العودة إليها والنقاش بشأنها.
مازال الحب مجهضا.. والقصة القديمة التي ترويها لنا «فضة» العجوز.. مازالت تعاني منها عشرات الفتيات في اللحظة الراهنة وإن تباينت التفاصيل.
ومازلنا في حاجة إلى نقد ونقض الوعي الذكوري.. من يستحق امتلاك قلب حصة.. هل هو قريبها أم الرجل الثري والنافذ..أم الغريب الذي يهواه قلبها؟
من هنا يمكن فهم مقولة العرض على أن الحب لا زمن له.. وأننا مازلنا أسرى لتقاليد عتيقة تحول دون الإصغاء إلى قلب المرأة.
ومازال الرجال يتصورون أن من حقهم امتلاك قلبها بما يملكون من ثراء أو بحكم رابطة الدم.
وعلى مستوى رمزي آخر.. يمكن للتأويل أن يتجاوز قصة الحب إلى معنى الوطن نفسه بوصف «فضة» هي الوطن نفسه. الوطن المحكوم بعلاقات النفوذ والثراء والدم وليس بعلاقة الحب.
وأيضا لا ننسى المقولة التي ترددت وشدد عليها المخرج في بطاقة العرض وهي: لا تخلي خوفك من الغريب خل خوفك من القريب.. في إشارة إلى علاقتنا بالآخر واختلاق عداوة غير مبررة معه.

 


في ندوة العرض التطبيقية .. إشادة بالنص والإخراج وبأداء حصة النبهان وإيمان فيصل

 

البارج .. حكاية الوطن أم حكاية فضة؟

 

شرجي: المؤلفة انحازت بخيارها منذ السطر الأول
إلى الثقافة البيئية الاجتماعية لدول الخليج

 

نجاد: يُحسب للعرض أنه الأول الذي نسمع فيه موسيقى حية

 

رشيد: هناك جيل جديد يبشر بتحريك المياه الراكدة ويكمل المسيرة
الدباس: وجود الجوقة على المسرح خدم العرض
النبهان: ليس من المستغرب اللغة الشاعرية عند شخوص العرض فالإبداع للجميع

 

كتب: محمد شوقي
عقدت الندوة التطبيقية لمسرحية «البارج» لفرقة تياترو للإنتاج المسرحي من تأليف فلول الفيلكاوي وإخراج عبدالعزيز التركي، بعد انتهاء العرض افتتح مدير الندوة عبدالله ملك الندوة قائلا: قضينا أمسية جميلة ذهبت بنا إلى الماضي، وكشفت مشاعرنا الحقيقية ودقت على أبواب وأماكن الإحساس وكشفتنا على حقيقتنا فمهما تبدلنا وتحضرنا وكثرت الوسائل التكنولوجية إلا أننا دائما يجرنا الحنين إلى الماضي والجمال والتراث.
وتساءل كيف لا يكون عرض البارج متميزا وهو من صاغ عبارات بنت فيلكا فلول الفيلكاوي التي عرفت معنى البحر ومن هو الغواص وما هو العشق لمن يعيشون على الساحل. أيضا المخرج عبدالعزيز التركي شاب تمرس وتمكن من أدواته أكاديميا، صاغ الحكاية بطريقته وأسلوبه فهو مخرج واعد وإضافة إلى من جسد هذه الشخصية الرئيسية في العرض.
من جانبه قال أستاذ التمثيل والإلقاء في كلية التربية الأساسية بالجامعة المستنصرية - بغداد د. أحمد شرجي: تحية كبيرة لفريق عمل البارج والمؤلفة والمخرج والممثلين، وسوف يكون تعقيبي على العرض من شقين: الأول ثقافة النص المسرحي أو انتماء النص، فهل كل حكاية بسيطة يمكن أن تكون عرضا مسرحيا جيدا، فلقد انحازت المؤلفة بخيارها منذ السطر الأول إلى الثقافة البيئية الاجتماعية لدول الخليج من خلال أغنية سامري كخلفية لحوار فضة، وهنا حددت المؤلفة خيارها الثقافي للنص المسرحي، ومن ثم إذا رأينا نسيج النص من خلال حكاية بسيطة نجد فضة فتاة يتيمة تعيش في بيتها لها ابن عّم ولها ابن خال، وبالتالي هناك دائرة علاقات هذه الدائرة تلزمها وفقا للعادات والتقاليد أن تتزوج ابن العم أو أحد أقرباء العائلة، لكن فضة اختارت لغة القلب مثل مولانا ابن عربي وبالتالي ففضة هي الوطن بالنسبة لي الكيان القائم بذاته ترمز إلى شيء محدد، وبالتالي تخلل هذا النص المسرحي مجموعة من العلامات الاجتماعية التي لا يمكن قراءتها من غير وجهتها الاجتماعية داخل المجتمع.
وتابع شرجي: بالتالي هذا النص بحكايته البسيطة خلق لنا جدلية، وإن كانت تفتقد إلى الحرفة الدرامية من ناحية الكتابة الأمر الذي لا يشكل مسلبا أساسيا في النص طالما هناك مخرج يستطيع أن يلاحظ ضرورة تفجير النص والتوتر الدرامي على الخشبة. وعلى مستوى العرض ككل فثقافة العرض بالرغم من أن المخرج سعى إلى فض حالة التشابك في النص فالعرض ظل مرتبطا بوجدان المتلقي وثقافته من خلال الهيمنة السمعية وأغاني البحر والموال، لكن هذا الافتراض والترميز من خلال الزِّي لم يستطع الهروب من سلطة النص والحكاية والبيئة والمجتمع والثقافة لنص فلول الفيلكاوي وبالتالي ظلت الرمزية العالية تدور حول فضة الوطن الذي اختارت الغريب والانفكاك عن سلطة العائلة والمجتمع. فلقد أرجعنا العرض لثقافة النص وبالتالي إحدى الملاحظات والتساؤلات الرئيسة على النص ما هي دلالات وعلامات الزِّي داخل العرض المسرحي والملفوظ الذي كتب بشعرية جميلة جدا، ومن ثم خلق لنا الرمزية العالية التي يتبعها المخرج بصور عالية الدهشة وتراكيب جميلة من خلال استخدام مفردة المركب برمزيتها بينما هو هيكل مجرد من مغاليق وظل مفتوحا وبالتالي تتحول السفينة إلى وطن كنّا نركب على سفحه، لكن أيضا هذا السفح معرض لهزات رأس المال، ويعني النوخذة الذي يتصرف في مصائرنا في كل جوانب حياتنا حتى أحلامنا، وبالتالي يقف حجر عثرة أمام طموحات الشباب وأحلامهم. وما يحسب للعمل المسرحي الجرأة العالية في الكتابة وتركيب المشاهد وهذا يحسب للجيل الكويتي الجديد الذي يفكر بصوت عال يسمح له المجتمع.
وأشار شرجي إلى أن هناك منظومات اشتغالية داخل العرض تقسم إلى أنساق النسق الأول تمثل في حصة النبهان وإيمان فيصل بشكل عام المنظومة الأدائية جاء العرض خفيفا ومتواصلا، كما لم نسمع كثيرا من الصراخ فهناك ممثلون واعدون وممثلات رائعات استطعن أن يفرقن بين المشهد البكائي والمشهد الرومانسي والأداء الحركي والحسي والأفيه والقفشة، وبالتالي يحسب للمخرج الوقوف على هذه التفصيلة فالتنوع الأدائي خلق جمالية عالية داخل العرض المسرحي يقف معها مخرج وممثلون وسينوغرافيا عالية استطاعوا ببساطة أن يقدموا لنا تراكيب تكوينية من خبرة مشهدية تحسب لهم.
وتابع: الملاحظة الوحيدة في المجموعات، فرغم اجتهادهم الكبير لكن لم يكن هناك اتصال بينهم وبين الآخر، فالمخرج أعطاهم وظيفة حركيّة تنتهي متى ينتهي العمل.

 

مداخلات
وبفتح باب المداخلات في مداخلة للدكتور أحمد عامر، قال: العمل ناجح بالنسبة لي وذلك لأنه خلا من أي فذلكة إبداعية فخرج علينا بسيطا لم نجد سينوغرافيا ترهق الممثلين أو لغة صعبة على المتلقين فهي اللغة الكويتية المحلية المعروفة.
وحيا الدكتور أحمد نجاد كل المشاركين في العرض، لكن أود أن أقول الملاحظة الموجهة إلى الديكور في محلها خاصة أن المركب المفرغ كان من الممكن أن تسمح برؤية ما خلفها بدقة لتصبح جزءا منه، ويحسب للعرض انه الأول الذي نسمع فيه موسيقى حية لكن كانت هناك صعوبة في حركة المسرح، كما كان هناك ذكاء في أن تكون في حركة دائرية ولم تكن ساكنة، فهذا العرض يمتاز بأنه مسرح للجمهور ومسرح للمهرجانات معا.
وفي مداخلة د. حسن رشيد، قال: أرى شيئا جيدا في فعاليات المهرجان ألا وهو وجود جيل جديد يقدم ذاته ما يبشر بجيل جديد يحرك المياه الراكدة ويكمل الدور الأساسي، وكما نرى في العروض اختلاف الرؤى والأفكار وأحيي الممثلة إيمان فيصل فهي نجمة مستقبلية.
وفي مداخلة د. أمل الدباس، قالت: أبارك لفرقة تياترو هذا العرض فهو عرض جزل وبسيط أدى الغرض المطلوب، فوجود الجوقة على المسرح خدم العرض والأصوات الغنائية أيضا، كما استمتعت بأداء الممثلين كافة لاسيما حصة النبهان وإيمان فيصل الصاروخ التمثيلي القادم في الكوميديا وهذا لا ينفي قدرتها على تجسيد الحالة التراجيدية في لحظات التعبير عن معاناتها كأنثى.
وفي مداخلة الفنان جاسم النبهان، قال: ليس من المستغرب اللغة الشاعرية عند شخوص العرض فالإبداع للجميع، كما أن العاملين على السفن قديما كانوا من حفظة القرآن الكريم بمعنى أنهم مثقفون بالفطرة.
وفي مداخلة مالك القلاف، أكد أن فكرة النص عميقة قد تكون بسيطة أو خفيفة لكن من يعارض فكرة الحب فنحن في حاجة لمثل هذا المضمون. الأمر الآخر أن العرض تراثي بسيط يؤكد أننا العرب لدينا قضايا فلسفية تراثية كغيرنا.
وفي مداخلة عبدالناصر الزايد، قال: عرض البارج عبارة عن كتلة من المشاعر المتنوعة والمتداخلة والمتناسقة في نسق إبداعي واحد، فكل عناصر العرض متناسقة فكانت الصورة في مجملها متناسقة وأحيي الموسيقى وتناسقها مع الأداء الصوتي، فهناك تناغم ومشاعر حميمية رومانسية ولم يأت ذلك من فراغ بل نتاج جهد.
وفي مداخلة فايز العامر، قال: هذا عمل ممتاز قدمه مخرج كفء كنت أتمنى أن يتم توظيف شخصية النهام على السفينة لكي تكتمل إلى جانب الشخصيات الأخرى، وأشيد بالمؤلفة والمخرج الذي أبهرني بمشهد العاصفة فالكل أبدع.
وفي مداخلة عمر غباش، قال: أودّ أن أشيد بفرقة تياترو التي قدمت لنا عملا جيدا من خلال نخبة من الممثلين، فالسينوغرافيا كانت متوهجة في العرض، واستخدام السفينة وتحركها فيه دلالات وهو عمل أسميه السهل الممتنع الذي يصل للجمهور العام.
وفي مداخلة عبيد راشد، قال: تؤرقني أن تكون السيدة رمزا لأي شيء فالنص يحكي قصة حب بسيطة والكاتبة تناولت قضية حساسة لكن من زاوية صحيحة وبسيطة، فالعرض في مجملة تجربة لشباب جديد ونلاحظ حضورا ممتازا للشابات في الكويت داخل العروض المسرحية وهذا لا يقرأ إلا من خلال التطور الثقافي والاجتماعي في الكويت.
وفي مداخلة د. أحمد صقر، قال: رأيت عملا تلقائيا تفاعلنا معه بشكل جيد فصناع العرض جميعهم هم مستقبل المسرح في الكويت، فلقد نقلوا لنا البيئة التراثية الكويتية بشكل مبسط للجميع.
وفي مداخلة ليلى أحمد، أكدت سعادتها ببطولة الممثلتين حصة النبهان وإيمان فيصل وأدائهما الرائع والمتناغم الذي لم يجعلنا نشرد عن العرض إضافة إلى الموسيقى والصوت وغيرها من العوامل فالعمل غير كئيب وكان هناك سيطرة على العمل من البداية إلى النهاية.
وفي تعقيب المؤلفة فلول الفيلكاوي قالت: أحب أن أوجه الشكر لفرقة تياترو وأشكر أمي وزوجي المخرج علي البلوشي، كنت معكم 45 دقيقة مدة العرض قلت خلالها كل شيء.
وعقب مخرج العرض عبدالعزيز التركي قائلا: أشكر القائمين على المهرجان، كما أشكر كل فرد في المسرحية فكثير من الموجودين لا يعرفون أن هذا العرض تعرض لحادثة استثنائية أثرت على أنفس الشباب ومجهودهم لكنهم تغلبوا على كل الصعاب ليقولوا ما يريدونه اليوم من خلال العرض.

 

 

في ختام الندوة الفكرية بمهرجان الكويت المسرحي الـ 20

 

لغة الخطاب في العرض المسرحي الخليجي وأفق التوقعات

 

د. أحمد مجاهد: ما يعانيه المسرح الخليجي من إشكالية بين مسرح النخبة ومسرح المهرجانات تعاني منه الكثير من الدول العربية

 

علي مهدي: يجب مساعدة المسرح الخليجي على إيجاد لغة تكون عابرة للقارات وتتماس مع الآخر

 

د. سارة بولند: عبدالله العابر من مخرجي المسرح الكويتي الذين اهتموا بتقديم التراث الشعبي الخليجي

 

أمل عبدالله: المسرح الخليجي لم تعد له تلك الصفة في المضمون .. ربما باستثناء اللهجة الخليجية

 

مرعي الحليان: الخطاب المسرحي الخليجي خصوصا في الآونة الأخيرة رحل إلى تخوم مغايرة

 

عبدالله العابر: هناك تجارب كويتية واعدة وأرفض التقوقع على الشأن المحلي داخل الأعمال المسرحية الكويتية

 

ياسر مدخلي: السينوغرافيا كونت ثقلاً مهماً في تدعيم الخطاب المسرحي اللفظي وبذلك تكون شريكاً رئيساً في تكوين الخطاب المسرحي

 

علاء الجابر: مصطلح الخطاب المسرحي يتكون من عناصر مختلفة ويحتاج إلى تفكيك

 

كتب: محمد أنور
اختتمت فعاليات الندوة الفكرية المقامة ضمن أنشطة مهرجان الكويت المسرحي في دورته الـ 20، اليوم الثاني من الندوة الذي أداره الكاتب والناقد المسرحي د. علاء الجابر (الكويت) وتحدث فيه الفنان والمخرج المسرحي ياسر بن يحيى مدخلي (السعودية) مشاركا ببحث عن «آلة الدهشة: المسرح آلة عتيقة لصناعة الدهشة»، بينما قدم الفنان والكاتب مرعي الحليان (الإمارات) بحثا عن «لغة الخطاب في العرض المسرحي الخليجي»، وتحدثت الباحثة
د. سارة خالد بولند (الكويت) عن «عنصري أفق التوقعات والتغذية المرتجعة ودورهما في تلقي خطاب العرض المسرحي الخليجي». مدير الندوة علاء الجابر بدأ بالحديث عن إشكالية مصطلح الخطاب المسرحي، حيث رأى أن هذا المصطلح يتكون من عناصر مختلفة، وأن المصطلح يحتاج إلى تفكيك، لكي تتم قراءته خلال توغلاته في هذه العناصر حتى يمكن فهمه، الجابر منح الباحثة الكويتية د. سارة بولند منصة الحديث حيث فرقت في ورقتها «عنصرا أفق التوقعات والتغذية المرتجعة ودورهما في تلقي خطاب العرض المسرحي الخليجي.. عبدالله العابر أنموذجا» بين مصطلحي «التأثير» و«التلقي»، فأشارت إلى كون التأثير يرتبط بالنص المسرحي، أما التلقي فيرتبط بالقارئ أو المتلقي المشاهد، أو المرسَل إليه أو المستقبِل.
طرحت بولند في ورقتها البحثية مجموعة من الإشكاليات، وأجابت عنها من خلال مباحث ثلاثة، الأول: من قضايا تلقي لغة خطاب العرض المسرحي الخليجي «أفق التوقعات والتغذية المرتجعة»، الثاني: أفق التوقعات لنماذج من عروض عبدالله العابر، والثالث: التغذية المرتجعة لنماذج من عروض عبدالله العابر.

 

أفق التوقعات
وأشارت بولند إلى مصطلح «أفق التوقعات» الذي أثار اهتماما كبيرا في النقد المعاصر على مستوى النص والعرض، أو بمعنى أدق على كل ما هو مقروء ومسموع ومرئي، ذلك أن أفق التوقعات يعد من أهم المصطلحات النقدية التي بحثت في أهمية ودور المتلقي للإبداع، ولأن أفق التوقعات قد يسمى أفق الانتظار يعني أن هناك من يتوقع من مشاهدة هذا العمل أو ذاك أن يحقق توقعا، سواء لحصيلة المشاهد التاريخية أو الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية أو بمعنى إجمالي محصلته المعرفية، وأن مشاهدة هذا العرض سوف تأتي متوافقة مع أفق توقعاته، وقد يحدث العكس بأن ينكسر أفق التوقعات.

 

لغة الخطاب في أعمال العابر
وفيما يتعلق بسبب اختيارها للأكاديمي والمخرج عبدالله العابر أنموذجا لدراسة خطاب العرض المسرحي الخليجي، حيث أشارت إلى أن عبدالله العابر يعد من مخرجي المسرح الخليجي عامة والكويتي خاصة الذين اهتموا بتقديم التراث الشعبي الخليجي، وكلها تحمل دلالاتها البصرية والسمعية وكل ما يحظى به التراث الشعبي من أغان وملابس وبيئة مكانية صحراوية وساحلية وكثير من العادات والتقاليد كلها تتضح من خلال عناوين مسرحياته، وأن الإقدام على مشاهدة عروض «العابر» تضعنا بشكل مسبق ونحن قادمون إلى المسرح في أفق توقع محدد ومعين ومسبق وعلينا وعلى المخرج أن يحقق توحدا وتوافقا في أفق توقعاتنا وتوقعاته حيال العرض أو أن ينكسر أفق توقعاتنا أمام أفق توقعاته التي بنى عليها عرضه المسرحي مما يخلق حالة من القبول للجديد المطروح من قبل المخرج أو رفضه، لأنه قد لا يوافق أفق توقعاتنا وثقافتنا أو أن نبحث في العمل وأسلوب عرضه ومعالجته الجديدة عما قد يوافق أفق توقعاتنا.
وتناولت بولند ثلاثة من الأعمال المسرحية للعابر، حيث رصدت مصادر التغذية المرتجعة في خطاب العرض المسرحي فيها، من خلال المصادر البصرية والسمعية والإعلام، لتنتهي الباحثة إلى النتائج التي تمخضت عنها الدراسة، ومنها أن لغة الخطاب في عروض «العابر» تعكس نوعا من أفق التوقعات وافق في معظمه أفق توقعات المتلقي دون أن يلغي آفاقه الأخرى في الانتظار، وأن عروض العابر تحقق في معظمها لغة الخطاب البصري والسمعي الذي توافق مع أفق التوقعات وتنتج تغذية مرتجعة، وأن التغذية المرتجعة وأفق التوقعات تحققا بوصفهما آليتين من آليات قراءة لغة خطاب عروض «العابر» التي وظف فيها التراث مما حقق لغة سمعية بصرية في عموم خطابات العروض المسرحية الثلاثة، كما عكست لغة خطاب العروض الكثير من الموروثات الشعبية السمعية والبصرية مثال الزغاريد، الأغاني الشعبية، الطبول، العصا ودقات الأرض، أصوات المجاميع، فن القادري، الزار، الرقصات الشعبية.

 

آلة الدهشة
الفنان والمخرج المسرحي السعودي ياسر بن يحيى مدخلي وصف في ورقته البحثية «آلة الدهشة: المسرح آلة عتيقة لصناعة الدهشة» المسرح بآلة الدهشة التي تأثّرت بتطور البشر، وكان لزاما على محترفيها أن يواكبوا الذوق وينتصروا له، بما تنتجه المسرحيات نصوصا وعروضا، ولكنها صدئت في حقب زمنية كان الهامش نصيب المسرح الذي قبع في الظلّ عقودا، وأيضا تلك الفترات التي اختطف فيها المسرح ليقدَّم لصانعيه فقط في مهرجانات يستعرض فيها المسرحيون بعضهم أمام بعض.
مدخلي أشار أيضا إلى أن هذه الآلة عندما عادت إلى الضوء ونفضت غبار التجريب وخرجت من القاعات المزخرفة إلى العامة وسمع نغمة تشغيلها الناس، أقبلوا عليها مشدوهين أمامها، وحتى إذا كنا نتخوف من هذا التطرّف المسرحي الجديد الذي يأخذه من الجمود الغارق في الرمزية إلى منصات الإضحاك والترفيه.
وأكد مدخلي أن صناعة المسرح تبدأ بفكرة مدهشة، تنمو معها قصة وشخصيات وصراع وحوار.. وتلي كتابة المؤلف كتابة مخرج يبث الروح في النص لنراه مجسدا على المسرح، والممثل يقوم بكتابة جديدة حبرها إحساسه وتجليه، وكذلك الجمهور، وإن الدهشة السمعية، اللفظية هي نمط المدهش في العصور السابقة التي تحتفي بالكلمة والموسيقى وتحترم النطق والإلقاء، والدهشة الجديدة في هذه الآلة والتي تنتمي إلى عصرنا هذا هي الدهشة البصرية، هذه التقنية التي تغزو بيوتنا ومقار الأعمال والشوارع وتدهشنا بالجديد هي ذاتها التي أعادت ترتيب مفاهيم الدهشة، هذه التقنية التي تؤثث الإطار البصري/ السمعي للمسرحية تنتمي إلى جسد السينوغرافيا، التي كونت ثقلا مهما في تدعيم الخطاب المسرحي اللفظي وبذلك تكون شريكا رئيسا في تكوين الخطاب المسرحي.

 

كيف يمارس المشهد براعته؟
وتساءل مدخلي كيف يمارس المشهد براعته؟ وأجاب مدخلي بأن «السينوغرافيا» هذا المصطلح القديم الجديد الذي ولد من فن الزخرفة على حد تعبير مارسيل فريد عن المسرحيين القدماء، لكننا قد ننشغل في جدلية تفسير هذا المصطلح أكثر من الاشتغال عليه فنيا، وأكد أن المدهش في السينوغرافيا، أننا قادرون على جعل فضاء العرض منتميا إلى أي مكان وأي زمان نريد، والدهشة تكمن في تلك المفاتيح الفلسفية التي تطور التصميم السينوغرافي.
وانتقد مدخلي كسل المسرحيين الذي معه تكاد تنطفئ هذه الدهشة المسرحية، غير منتبهين لدهشة تُنتج اليوم في عروض اليوتيوب، وتطورات السينما بجانب العروض المرئية الأخرى، التي فازت بالمتلقي في عصر الترفيه والمتعة، وإننا في خطابنا المسرحي لن نجد المُشاهد إلا من خلال فهمنا للقاسم المشترك مع منافسينا الجدد، القاسم المشترك المتمثل في الدهشة البصرية التي تحققها ثورة تقنيات الألفية، على غرار المسرح الخليجي، حيث نجد اتجاها مختلفا للعروض المسرحية الشبابية التي تنشأ بين فقر الإمكانيات ووفرة الخيال، حيث يرصد المسرح الخليجي دائما ما يرصد الحراك العالمي، ويشاهد تطوراته وبالذات شباب المسرح الخليجي الذين رصدوا الإنتاج العالمي، وخرجوا من العباءة الأكاديمية والتقليدية لمواكبة أشكال متقدمة بحثا عن جمهور حقيقي.

 

السينوغرافيا في الخليج
استعان مدخلي ببعض النماذج المسرحية الخليجية ليشير إلى أن السينوغرافيا في الخليج مازالت مهمة جادَّة تؤرق صُنّاع المسرح، ومُنتجي الدهشة لوعيهم بأهمية الصورة وضرورة الشكل كبوابة للوصول إلى المضامين، وأنهى مدخلي ورقته بالحديث عن أهم ملامح هذه التجارب المسرحية، السينوغرافيا بوابة عبور المتلقي إلى العرض، في ظل هذه الثورة البصرية التي تناكف المسرح وتزاحمه وتستحوذ على الجمهور، بل وأتاحت له أن يكون جزءا من صناعة التمثيل وإنتاج العروض المرئية الأخرى، السينوغرافيا ليس فنانا ارتجاليا بل هو مؤلف.. وحكَّاء بلغة الأشياء، وأنه تقول مع النص ولا تُكرر ما يقال، وأن المخرج الواعي لمبدأ التكامل بين عناصر العرض المسرحي، سيكون جريئا في إلغاء بعض الجمال على حساب التكثيف والجزالة، وأن الاشتغال على السينوغرافيا يسبق البروفات بأسابيع وربما أشهر، وأخي يرى مدخلي أن السينوغرافيا المدهشة تقتدي بالخيال.

 

شفرات العرض المسرحي
الورقة الثالثة قدمها المسرحي الإماراتي مرعي الحليان وحملت عنوان «لغة الخطاب في العرض المسرحي الخليجي» حيث بدأها باقتباس مقولة أنتونين آرتو: «إذا أقلع الناس عن عادة ارتياد المسرح، فذلك لأننا قد اعتدنا شكلا روائيا ووصفيا للمسرح، مسرح يقوم على سيكولوجية رواية الحكاية»، وأشار فيها الحليان إلى أنه بالوقوف على لغة الخطاب في العرض المسرحي، فإن الاستعمال الحرفي وغير الحرفي للغة يحيل إلى ما هو جلي وواضح وإلى ما هو ضمني، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالخطاب الإبداعي، فاللغة في إطار السياق تحيل إلى دلالاتها المتقاربة والمتضادة وتجعل من قراءة الدلالة مفتوحة على مجال واسع وغير مستقر، إذ إن كثيرا ما تتجاوز اللغة معناها الحرفي في العرض المسرحي بالاتكاء على الاستعارة، فالمسرحة في النهاية غايتها القصوى إنتاج معنى، وهذا المعنى المنتج أولا سوف يتحول إلى معنى آخر مع تفاعلات العملية الدرامية خلال العرض، وهو الاشتغال الحقيقي لفن المسرح.
وأشار الحليان إلى أن مضامين أي عرض مسرحي هي عناصر غير مادية يتم البيان عنها بعبارات لغوية، وغير لغوية، إذ تتداخل جملة من اللغات، أهمها سيميائية العرض، المشاهد والمنظور.. تترابط لتنتج شفراتها الخاصة لتعبر عن قضايا ينقلها ما نصطلح عليه بالخطاب العام للعرض المسرحي، حيث تجتمع الدلالات الجزئية فيما بينها مُشَكِّلة ما يصطلح عليه بالقيمة الكلية، حينها ترتقي مفردات الجملة، جملة النص/ جملة العرض، إلى مرتبة الخطاب، وهذا الأخير يتحدد كفعل تام يتحقق من خلال وضعية يحددها مشاركون في مكان وزمان معينين، لكن في الوقت نفسه، فإن الخطاب المسرحي، لحظة التلقي، وأمام جمهور متعدد المرجعيات والخلفيات، لا يتوحد ولا يستقر، فالإحالات تفتح المجال لتشكله واختلافه بين أفراد الجمهور، مما يمنع محاولة التوفيق بين مختلف وجهات النظر أو توحيد هذه الاختلافات للوصول إلى تعريف يتفق عليه الجميع.

 

نبش المسرح الخليجي
وأكد الحليان على أن تطور العرض المسرحي الخليجي واكبته العديد من القراءات والدراسات عبر تاريخه، لكن جلها تناولته من منظور الببليوغرافي، التوثيق، الجمع والحصر، ومن بينها القليل الذي تبحر في مفاصل خطاب العرض، واعتمد الأسلوب البنيوي في تفكيكه واستبار مرتكزاته، لكن في عموم الدراسات البحثية نجد إسهابا في تناول الخطاب الأدبي، خطاب النص متغافلا خطاب العرض/ خطاب الفرجة وما يدور في فلكها من خطابات ضمنية، متغافلا البصري وما يتضمنه من لغة ذات خطاب مهم أو غير مهم.
ولهذا رأى الحليان أن الدخول إلى عوالم العرض المسرحي الخليجي من باب الفرجة ومن باب البصري والبحث عن ملامح هذا الضمني ومستواه الفني والإبداعي، يعد دخولا شائكا وغير آمن وغير أمين (على حد قوله)، تلك الأمانة التي تقتضي فحص عملية إنتاج المعنى في إحالات السينوغرافي، والسيميائي في العرض وليس في إحالات النص الأدبي، مؤكدا أن تلك الدراسات أغفلت كثيرا هذا الجانب، أو أهملته، واهتمت بسياقات المنطوق في العرض المسرحي الخليجي فقط، وأشار إلى أن غياب هذا النقد التحليلي التفكيكي البنيوي انعكس بشكل مباشر على اشتغالات المخرجين وهم ينحتون تجاربهم في صناعة الفرجة البصرية للعرض المسرحي الخليجي، ولهذا توصم التجربة المسرحية الخليجية بعيوب لها علاقة بالبصري، والبايومكانيك المايرهولدي، وبخلط الأساليب بوعي أو من دون وعي.

 

في اتجاه الاشتغالات الحداثوية
لكن الحليان عاد وأكد أن الخطاب المسرحي الخليجي وخصوصا في الآونة الأخيرة رحل إلى تخوم مغايرة، خصوصا مع ازدياد أعداد المسرحيين الذين درسوا النظريات والأساليب الحديثة، واحتكوا بالفعل المسرحي في أنحاء العالم عبر السفر، وعبر المهرجانات التي تقام هنا وهناك، وبدا واضحا أن هناك قفزات نوعية، تحديث بنائية الفرجة المسرحية وخطابها البصري، والحديث ليس على مستوى إدخال التقنيات الحديثة على العرض، بل اشتغالات الجسد، والاشتغالات الجروتسكية، اشتغالات على بيئة العرض، منصة الأداء، وهو ما أكد معه على خروج العروض من ثوب العرض الخليجي التقليدي الذي تعارف عليه قديما إلى الاشتغالات الحداثوية.
وطرح الحليان سؤالا محرجا على حد توصيفه: ما هي السمات الأدائية عند الممثل الخليجي؟ وأجاب بأنه قد يبدو سؤالا محرجا، لكنه رأى أنه سؤال مشروع، لأسباب عدة، ومنها ما لا يبهرنا في هذا الجسد الذي يقترب من التخشب، هذا الجسد الذي لا تبرز فيه سوى عضلة اللسان، عضلة المنطوق، في مقابل المسرحة التي تتطلبها العملية الإبداعية في المسرح الحقيقي، مسرحة هذا الجسد واستنطاق خطابه المباشر/ خطابه الضمني؟ وهو ما أشار إليه الحليان بأنه سؤال عارض، يلقيه بين السطور، حتى يؤشر إلى ما ينقص خطاب العرض المسرحي الخليجي.

 

توثيق المسرح الخليجي
الجابر حاور الباحثين الثلاثة حيث توجه بالسؤال إلى سارة بولند إن كان يمكن قياس أفق المتلقي والتغذية المرتجعة من خلال الاستبيانات كما فعلت في دراساتها، وهو ما أكدت معه بالإمكانية حيث طبقت ذلك على أعمال عبدالله العابر ونجحت في رصد أفق المتلقي في أعماله، بينما تساءل الجابر عن تردد كلمة الدهشة في ورقة ياسر مدخلي الذي علق بانبهاره بالتطورات التي وصلت إليه السينوغرافيا ودورها الكبير في صناعة الدهشة المسرحية، ثم وجه الجابر السؤال إلى الحليان عن سبب غياب الأمثلة عن ورقته التي وصفها بالمهمة بينما ركز على المهرجانات، وقال الحليان هنا تكمن أزمة التوثيق لخطاب المسرح الخليجي، فالمسرح الخليجي تناول جميع القضايا لكن لم يتم توثيقها ولم أرد استهلاك الورقة في الأمثلة، لا يوجد توثيق لهذه الدرر التي توجد في المهرجانات.

 

مداخلات مثيرة للجدل
عكست مداخلات الحضور حالة من الجدل حول ما جاء في الندوة سواء ما يتعلق منها بالعنوان أو بعض المصطلحات الواردة في الأوراق البحثية مثل أفق التوقع والسينوغرافيا والصراع بين مسرح المهرجانات والمسرح الجماهيري، فقد دعا المسرحي المصري د. أحمد صقر إلى وجود ورشة مفتوحة للجمهور المتلقي الحريص على التعرف على أدبيات الفن المسرحي، كما أشار إلى أنه لا يمكن نقد العمل من مشاهدة واحدة بالإضافة إلى المجاملات والعلاقات الشخصية التي تعتري عملية النقد.
من جهته ثمن المسرحي الإماراتي عمر غباش دور الفكر الجديد في مهرجان المسرح والمحاور التي طرحتها الندوة متسائلا إن كانت هناك دراسات حقيقية تحلل الخطاب المسرحي الخليجي، كما أكد على أن تتمثل أصالة الفكرة في لغة الخطاب في معالجة القضايا العالقة بذهن المشاهد العربي والتي تتماس مع واقعه.
الفنان المصري سامح الصريطي أكد أن المهرجانات تأتي لاحقة للنشاط المسرحي السابق، لكن ما يحدث حاليا أن الفرق تنتج أعمالا مسرحية خصيصا للمهرجان وهو ما يعني العكس، مؤكدا أنه يجب على المهرجانات أن تشترط أن تكون الأعمال المشاركة قد عرضت للجمهور والنقاد، وتساءل الصريطي عن مصطلح المسرح الخليجي وهل هو منسوب للمنتج أو المبدع أو المتلقي أو الموضوع؟
المسرحي السوداني علي مهدي أشار إلى ضرورة مساعدة المسرح الخليجي في إيجاد لغة تكون عابرة للقارات وتتماس مع الآخر في قارات العالم، بينما تساءلت الإعلامية الكويتية أمل عبدالله عن المقصود بلغة الخطاب وإن كان هو الحوار أم اللهجة أم المضامين التي يوحيها العمل الفني؟ ومن الذي أسس لنظام الوأد؟ مؤكدة على أن المسرح الخليجي لم تعد له تلك الصفة في المضمون، ربما باستثناء اللهجة الخليجية وحدها التي تشير إلى صفة الخليجي.
بينما أكد المسرحي البحريني عبدالله ملك على أن هناك بعض الأسس التي وضعها المسرحيون ستحل معضلة تناول الخطاب، مثل بريخت الذي وضع شروطا لو التزمنا بها لوجدنا حلولا مسرحية، مشيرا إلى أن فترة الستينيات، العصر الذهبي في مصر والسبعينات في الكويت، والسبب كان هناك كتاب كبار من الشعراء وكبار الأدباء يمتلكون من الوعي الثقافي ما يقدمونه للمسرح من موضوعات تمس المشاهد، فكان يذهب للمسرح الآن منافسات لحصد جوائز المهرجان وأصبح المتلقي الضحية.
المسرحي المصري أحمد مجاهد تحفظ على عنوان الندوة الذي أوقعه شخصيا في مأزق، ففرق بين اللغة والخطاب، وأن ما يعانيه المسرح الخليجي بين مسرح النخبة ومسرح المهرجانات تعاني منه الكثير العربية ومنها مصر، سطوة الديكور في العروض المشاهدة وحصر السينوغرافيا في الديكور مسألة ملتبسة، واختلف مع وصف بولند للمخرج بالمتلقي الأول، حيث اعتبر أن المخرج هو المتلقي الوحيد والمهيمن.
بينما أشار المسرحي المصري د. سيد علي إسماعيل إلى أن الشيء الباقي لتوثيق عروض المسرحيات هي النشرة المصاحبة للمهرجانات، مشيرا إلى أن معرض الكويت المسرحي يقام في دورته الـ 20 دورة وتساءل هل تم الاحتفاظ بهذه النشرات طوال السنوات السابقة؟ وأضاف: «نحن نضيع توثيقنا بأيدينا»، وطالب بابتكار أن يتم عرض العمل الفائز في أي مهرجان لمدة شهر في بلده للجمهور وهو ما يساهم في إعادة الجمهور للمسرح.
الأكاديمي والمسرحي د. عبدالله العابر أشار إلى أن النظرة إلى جماليات العرض المسرحي تختلف من زمن إلى آخر، ولا يمكن قياس عروض العصر الحالي بمعايير السبعينيات، مشيرا إلى أنه يجب النظر إلى التجربة الكويتية في زمنها، وهناك تجارب كويتية واعدة رافضا التقوقع على الشأن المحلي داخل الأعمال المسرحية الكويتية.
أما د. علي العنزي عميد المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت فأكد على أن التجربة المسرحية الخليجية ثرية لكنها تعاني ازدواجية الشكل والمضمون، ولكن لغة الخطاب تعني القدرة على حل العقد والشفرات، يجب إتقان القواعد كمحترف لكي تقوم باللعب عليها، وأشار إلى أننا نحن نعاني من الاستسهال في المنهج الكتابي الذي لا تسبقه قراءة كافية، حيث إن التأني والتأمل والعمق نفتقده في مسرحنا الخليجي، مؤكدا أن الموهبة موجودة ولكنها تحتاج إلى عمل.
الأستاذة بالمعهد العالي للفنون المسرحية الدكتورة سعداء الدعاس تحفظت عن عنوان الندوة الذي أثار الجدل حيث أكدت أن اللغة والخطاب يشيران لغويا إلى المعنى، مؤكدة في آخر كلمتها أننا نعاني غياب الحقيقة.

 

 

 


تمنَّى زيادة عدد العروض المشاركة في مهرجان الكويت

 

د. أحمد شرجي: المهرجانات المسرحية تخلق متلقيا واعيًا يرتقي بمجتمعه

 

كتبت: فرح الشمالي
هنأ الفنان المسرحي العراقي د. أحمد شرجي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتميز مهرجان الكويت المسرحي على مدار عشرين عاما، وما يحققه من تواصل مسرحي وسعي إلى خلق أجيال مسرحية شابة تنويرية تنبع من ثقافة البلد والمسرح بشكل خاص. وبيّن أن ديمومة المهرجان عشرين عاما أمر يُحسب للقائمين على المهرجان والجهة المنظمة له.
وقال: سعيد جدا بحضوري المهرجان لأول مرة وفاجأني الكم الهائل من الجمهور الغفير واهتمامه بهذا النوع من العروض المسرحية، كما أعجبت بمستوى العروض المسرحية وتنوع الفعاليات المصاحبة للعروض من ورش مسرحية وندوات فكرية نقاشية ثرية. وأكمل: حقيقةً أتمنى الاستمرارية لمهرجان الكويت المسرحي، وأتمنى أيضا زيادة العروض واتساع رقعة المهرجان بشكل أكبر، فلا بأس أن تكون هناك أخطاء من هنا وهناك، ولكن المهم أن نعلن عن جيل مسرحي جديد سيكون حتما رافدا حقيقيا لتطور المسرح في الكويت.
ويرى شرجي أن كثرة المهرجانات المسرحية لا تقيس مدى تطور الحركة المسرحية، وقد لا تكون ظاهرة صحية إن لم تكن هناك أرضية حقيقية للتفاعل في هذه المهرجانات، حيث تسهم العروض المسرحية في تطور المسرحية، وليست عروضا صُنعت في أيام. فقط للمشاركة في المهرجان، ولكن التنامي أو اتساع رقعة المهرجانات في بلدان متعددة هو لزيادة الوعي الجمعي من خلال متابعة المتلقي، فإذا لم تصنع هذه المهرجانات فنانيين مسرحيين، فبالتأكيد ستخلق متلقيا واعيا يساهم في النهوض بالحركة المسرحية.
وتحدث عن الحركة المسرحية في العراق قائلا إن هناك مشهدا مسرحيا مغايرا لجيل ما بعد العام 2003. هذا الجيل الذي جاء مختلفا بهوية وخصوصية مختلفة، مغايرا تماما للأجيال السابقة التي كانت تعتمد على الترميز بحكم النظام الرقابي والتبعية والأمنية... إلخ.
وقال إن الجيل الحالي مفتوحة أمامه كل وسائل الميديا من برامج السوشيال ميديا واليوتيوب وغيرها، فأصبحت مهمته عسيرة في خلق أفكار وصناعة عرض جديد مختلف يعتمد على خطاب سياسي غير سطحي وغير مباشر، فأتمنى لهم التواصل المهم والدائم في المسرح، ولكن لا يمكن الحكم على هذا المشهد المسرحي الجديد نقديا إلا بعد سنوات من التنظير لهذه التجربة إن كانت حققت نقلة نوعية واختلافا في منظومة الأداء وعلى مستوى الوعي وتشكيل العرض.
وذكر أن نقابة الفنانين العراقيين، برئاسة الدكتور جبار جودي، تسعى إلى إعطاء الفنان العراقي مكانه الحقيقي داخل المجتمع العراقي والحكومة العراقية، لكونه يُعتبر صوتا مؤثرا داخل مجتمعه، كما تسعى النقابة إلى دعم التواصل بين الفنانين ومشاركاتهم الخارجية، وتأسيس نظام نقابي مدعوم حكوميا من خلال التأمين الصحي ونشر الوعي الجمعي داخل المجتمع العراقي.
وبين د. أحمد شرجي أن هناك سلبيات ظهرت على المشهد المسرحي العربي، أهمها ابتعاد العرض المسرحي عن الجمهور، فالناقد أصبح يتعالى على العرض المسرحي، ويتعالى على المتلقي بتلغيم المقالة النقدية بكم هائل من المصطلحات التي لا يفهمها المتلقي البسيط وأحيانا لا يفهمها صناع العرض أنفسهم.
وأضاف: إن العرض المسرحي المغرق بالرموز وعلامات لا يفهمها سوى صناع العروض يخلق هوة ومسافة بين المسرح وجمهوره، لذلك لم تعد هناك عروض مسرحية تستمر في عروضها أكثر من أيام، مما يفقد العرض المسرحي أهميته ودوره في تواصله مع الجمهور والارتقاء به فكريا.
وذكر أن ما يعيب العروض العربية هو عدم وجود تخطيط مسبق واستراتيجيات تضعها وزارات الثقافة، ومن خلال إجازة مجموعة عروض قبل عام، وتلزم الفرق المسرحية بتقديم هذه العروض في أماكن متعددة مما يجعل المسرح عاملا مؤثرا في نهوض المجتمع، وليس فقط تنظيم عروض بهدف المشاركة في المهرجانات.
وعن إصداره الأخير (ثقافة العرض المسرحي) الذي صدر قبل شهور قليلة عن دار ومكتبة عدنان، قال د. شرجي إن الكتاب يتناول العلامات الثقافية في العرض المسرحي، وهو يطرح سؤالا إشكاليا عن العرض المسرحي الذي ينتج في حاضنة مسرحية ما، وكيف سيكون إذا انتقل إلى سياق ثقافي آخر؟ فهل يُفهَم بتركيبته داخل الثقافة المنتجة بمفرداته وعلاماته؟!
وأضاف أن الكتاب ذكر مثالا عن الثقافة الكويتية لعرض المسرحي سليمان البسام، والذي قدمه المخرج الهولندي ماتايسر رومكر الذي درس تحولات العرض المسرحي على مستوى التشكيل البصري والعلامات والشفرات في المنطقة العربية، وذات النص لوليم شكسبير في المنطقة الأوروبية: هولندا، فكيف إذا تبادلنا العرضين وعُرض العمل الكويتي في هولندا والعكس، فهل ستُفهم العلاماتُ التي قصدها سليمان البسام بنفس القصد الاشتغالي داخل العرض المسرحي بثقافة أخرى أم مختلفة؟!

 


أشاد بنجاح المهرجان في تقديم العديد من المواهب الشابة

 

د.أحمد صقر: الكويت لديها وعي وإيمان بأهمية المسرح للمجتمع
نحن اختلقنا أزمة النص لنكون في حالة مرضية

 

كتبت: فرح الشمالي
أبدى أستاذ النقد المسرحي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية الدكتور أحمد صقر، سعادته بحلوله ضيفا في الدورة العشرين لمهرجان الكويت المسرحي، مشيدا بنجاح دوراته السابقة في تقديمه العديد من المواهب الشبابية في مجال التأليف والإخراج والسينوغرافيا والتمثيل، وحرصه على تنوع الفعاليات من خلال إقامة ورش تدريبية ومجموعة من الندوات الفكرية المتطورة من حيث موضوعاتها ومضامينها ومستوى النقاش، متمنيا أن يحافظ هذا المهرجان على مستواه المتميز والمختلف عن المهرجانات الأخرى.
وقال: في رأيي أن المهرجان أصبح علامة ناجحة على مستوى الكويت والخليج والوطن العربي، كونه يركز وبشكل أساسي على إعطاء المسافة كاملة لجيل الشباب في تقديمهم تجارب مسرحية برعاية الجيل الذي سبقهم من فنانين كبار ورعاة المسرح في الكويت.
وأضاف: الآن في الكويت وبعد مهرجانات متصلة أصبحت العروض المسرحية المقدمة مجالا للنقاش والاتفاق والاختلاف بروعة ما يقدم على مستوى الفكر من خلال المؤلفين والمخرجين حيث أصبح المخرج واعيا جدا بأدواته كذلك هناك تحقق لدور السينوغرافيا بالوعي والمهارات.
وأشار د. صقر الى أن المهرجانات المسرحية لها مزايا عدة نذكر أهمها هو الاطلاع على تجارب الغير والاستفادة منها بالإضافة إلى الاستماع إلى ندوات نقدية وهذا يضيف إلى المهرجان ويضعه في المكان الصحيح بين المهرجانات الأخرى، الندوة الفكرية في هذه الدورة أثارت عددا كبيرا جدا من التساؤلات والاستفسارات وفتحت الأبواب على نقاط جديدة من خلال محاور النقاش، وهذا بحد ذاته لا يضيف فقط الى أهل التخصص ولكن لكل عشاق ومتذوقي المسرح والجمهور العادي عندما يستمع إلى هذه الندوات تضاف إلى حصيلته معلومات جديدة عن فن المسرح والنقد ومن هو الناقد وكيفية التعامل مع العمل المسرحي.
ويرى أن هناك تميزا دائما في المشهد المسرحي الكويتي خلال عمله كأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت لأكثر من ١٣ عاما، وخلال متابعته للحركة المسرحية الخليجية وإشرافه على رسائل ماجستير ودكتوراه في هذا التخصص، بالتالي هناك رصد عن قرب للحركة المسرحية الكويتية والإقبال الجماهيري الشديد عليها.
أهمية المسرح
وقال صقر: يوجد وعي بأهمية المسرح ودوره في المجتمع وأصبح طالب المسرح يحتك بالحركة المسرحية الكويتية ويشارك بمهرجانات خارجية وهذا ما يستفزه لكي يطور أدواته، مما يدخله حالة عشق مع المسرح لذلك إن معظم ما يقدم من أعمال نتاج جيل الشباب وهذا يعتبر علامة من علامات النجاح لخريجي المعهد.
وأوضح أن العائق المادي هو أهم عائق يواجه المسرحيين والمسرح العربي، فالمهرجان لكي يعرض أعمالا مسرحية يحتاج الى ميزانية عالية جدا، وتحديد ميزانية للفرق المشاركة قد لا تكفيها لتغطية نفقات العروض، وبناء عليه يجب أن نتوقف عند هذه الجزئية فهناك بعض المهرجانات المسرحية ببعض الدول قد تتوقف أو تتقلص أيامها أو عروضها أو تقلص دعوات المشاركين فيها بسبب الميزانية، على الرغم أن الحكومات العربية والخليجية تحديدا لديها وعي بدور المسرح وتقدير أهميته.
وعما يمر به المشهد الثقافي والمسرحي في مصر، قال د. أحمد صقر إن أي بلد يمر بتحول سياسي تصاحبه ظروف اقتصادية كما هو الحال في مصر بعد ثورة ٢٠١١، ففي أعقاب هذه المرحلة هناك شبه توقف سواء في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية وقطاع الثقافة، ومع عودة استقرار البلد تدريجيا بدأ مسرح الدولة يتعافى ويشارك إلى حد ما في المشهد الثقافي والمسرحي وهذا الأمر يتم رصده في عدد ما يقدم من عروض في مسرح الدولة، وإقامة المهرجانات المسرحية، أما بالنسبة للقطاع الخاص فمازال هناك تخوف من الخسائر المالية.
أزمة نصوص
وعن أزمة النصوص المسرحية قال صقر: أنا ضد هذه الجملة فنحن اختلقنا أزمة لنكون في حالة مرضية على كل ما يقدم من عروض، وبعد إطلاق مصطلح موت المؤلف المسرحي لم يعد هناك أب شرعي للنص، بل أصبح اليوم بما يسمى دراماتورجي أي معالجة النصوص وإعادة طرحه برؤية قد تبقي على فكر المؤلف لكن تغير في بنية النص وفي شخصياته وهذا ممكن أن يُفعل في نص غير موجود مؤلفه ويعاد تقديمه في قالب جديد. لذلك من الممكن للمخرج ومن خلال السينوغرافيا أن يقوم بعمل مسرحي بلا مؤلف مثل المسرح الصامت والمسرح الراقص ومسرح الصورة.

 


العرض الأول لمسرحيته ضِمن مهرجان الكويت المسرحي الــ 20

 

أحمد العوضي: «هاديس» رسالة لعلاج الخطايا وعدم تحولها من نعمة إلى نقمة

 

أحترم النقد وأتعلم منه وأعتبر جميع العروض المشاركة فائزة

 

«هاديس» كلمة يونانية .. وتعني في الأساطير من يختص بالعالم السفلي

 

بهرني الحضور والتفاعل مع العرض منذ بداية مَشاهده

 

كتب: يوسف غانم
حظيت مسرحية «هاديس» بأنها كانت أول عروض مهرجان الكويت المسرحي في دورته العشرين على مسرح الدسمة. تصدى لها مخرج شاب عمل جاهدا مع جميع المشاركين من فنانين ومهندسي ديكور وإضاءة وأزياء على تقديم عمل يليق بالمهرجان وبالعروض المشاركة، وكذلك بثقة فرقة المسرح الكويتي وفي مقدمتهم رئيس مجلس إدارته الفنان القدير أحمد السلمان.
العرض نال إعجاب الجمهور واهتمام النقاد الذين أبدوا إعجابهم بالكثير من الإيجابيات فيه، كما أشاروا إلى بعض النقاط التي كان من الممكن تجاوزها وتحاشي السلبي منها والتركيز على الإيجابي، ويكفي العرض ما حظي به من إعجاب الجمهور الذي تابع نصا جريئا، وشاهد تمثيلا في الكثير من الإبداع.
وعلى هامش العرض التقينا مؤلف ومخرج العمل الشاب أحمد العوضي، ليحدثنا عن «هاديس» والتحديات التي واجهته وفريق العمل وقضايا أخرى... فإلى التفاصيل:
بدايةً لماذا «هاديس» وما المقصود هنا؟
في الحقيقة أردتُ طرح أفكار يمكن أن تكون في أي مجتمع وفي أي بيئة، و«هاديس» مأخوذة عن الأساطير الإغريقية القديمة والعالم السفلي، وما فيه من أمور عجيبة وغريبة، وفيها الكثير من الأمور الفلسفية التي حاولنا إسقاطها على الواقع وتجسيدها على خشبة المسرح، بمعالجة فنية أدبية مناسبة قدر الإمكان.
وماذا تعني كلمة هاديس التي اخترتموها عنوانا للمسرحية؟
«هاديس» كلمة يونانية وفي الأساطير أنه من اختص بالعالم السفلي وكان يتم تصويره ككهل يركب عربة تجرها الأفاعي، وكانت حياته تعيسة كمملكته، وكان يمثل ناحية الاختطاف، كما يفعل الموت بالكائن الحي.
وما الرسالة التي ترغبون في إيصالها للجمهور؟
ربما تكون الإشارة إلى الخطايا التي يرتكبها الإنسان والتي لا تُغتفَر، إضافة إلى العلاقات الإنسانية وما يشوبها من حقد وانتقام وخيانة، وهل بإمكان البشر الغفران والتسامح والصفح عمن يخطئون في حقهم.
ومَن أبرز المشاركين معكم في هذا العمل؟
بدايةً أقول وبكل فخر إنني سعيد بالعمل مع نخبة من الشباب المبدعين، والذين بذلوا جهدا متواصلا منذ بداية الانطلاق وحتى العرض، ففي التمثيل الأبطال سماح وعلي الحسيني ولولوة الملا وبدر الشعيبي وغادة وحمد بوناشي ويوسف بوناشي ممثلا ومساعدا للمخرج، وعلي قاسم مساعد مخرج، ومحمد الزنكوي في التأليف الموسيقي والمكساج، وعبدالله النصار في تصميم الإضاءة، وعبدالعزيز الجريد في المكياج، وفيصل العبيد الذي أبدع في الديكور، ومدير الإنتاج عبدالله فريد والإشراف العام الفنان أحمد السلمان، كما أشكر كل من كانت له أي بصمة في إنجاز هذا العمل.
وكيف وجدت الحضور وتجاوب الجمهور خلال العرض؟
حقيقةً بهرني الحضور والتفاعل مع العرض منذ بداية مشاهده، وهذا الأمر يدل على سعة أفقهم وحبهم لمشاهدة شيء مختلف، فالعرض يطرح أفكارا جريئة في مجتمعاتنا، وتطرقت فيه إلى سبع قضايا هي نعم وكيف يمكن أن تتحول إلى نقم، كما يعالج قضايا متنوعة أهمها المتعة في الحياة وما يمكن أن تؤدي إليه من الخطيئة والتسامح والعقاب في تصوير مسرحي حاولنا قدر المستطاع النجاح فيه، ونتمنى أن نكون قد وفقنا، والكلمة الأخيرة تبقى للجمهور.
وهل التركيز فقط على الخطايا والذنوب؟
لا بالتأكيد، فالعرض لا يقتصر على ذلك، بل يجمع سبع حكايا مختلفة في وقت واحد، وذلك من خلال سبع شخصيات أيضا تؤدي أدوارها وتظهر أهمية النعم وعدم تحويلها إلى نقم، وهذه هي فكرة العمل.
في رأيك هل هذا العرض مناسب للمجتمع الكويتي أو الخليجي؟
أنا لم أقصد مجتمعا محددا ولا بيئة اجتماعية أو دولة بعينها، فابتعدت عن الرموز سواء في الملابس أو الديكور، وكذلك في اختيار العبارات والكلمات، والتي تقبل الإسقاط في أي مجتمع، وأرى أن هذا الأمر قد يكون أحد أسس نجاح أي عرض لكي ينتشر، ولكي يبدو وكأنه مصمم لمجتمع أو فئة بعينها، ونحن في النهاية نقدم مسرحا وهذا هو النص وفكرته التي عملنا عليها.
وكيف وجدتَ مهرجان الكويت المسرحي في هذه الدورة؟
حقيقةً إن مهرجان الكويت المسرحي، ومن خلال متابعتي له ومشاركتي أيضا، يشهد تطورا كبيرا سواء من حيث العروض المقدمة واختيار الأعمال المشاركة، وكذلك من خلال التنظيم وحرص قيادات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وفي مقدمتهم أمينه العام كامل العبدالجليل، وكذلك الأمين العام المساعد لقطاع الفنون د. بدر الدويش ومدير المهرجان فالح المطيري على تقديم الأفضل والحرص على إبراز هذا المهرجان بأفضل صورة، فلهم جميعا كل الشكر والتقدير.
وكذلك نلاحظ الإقبال الجماهيري الكبير أيضا على العرض وشغف الجمهور بالمسرح والذي يدل على أن المسرح يبقى «أبو الفنون»، كما يدل على الوعي الثقافي لدى الناس وعلى اختلاف أعمارهم.
وماذا عن الشباب ومشاركاتهم؟
يشكل المهرجان فرصة كبيرة للشباب لإظهار إبداعاتهم والتميز بما يقدمونه من أعمال، ولعل مثل هذه المهرجانات تُعتبر الخطوة الأساسية للانطلاق والتعريف بهم، فالكثير من الفنانين الكبار انطلقوا من المهرجانات ومن عروض كانت تبدو بسيطة.
المشاركة العربية والخليجية، هل تحقق الفائدة منها؟
بالطبع، فهذه المشاركات من الفنانين والكتاب والنقاد والمسرحيين تشكل فرصة للاستفادة من الخبرات وتبادل التجارب، كذلك الاستفادة من النقد وإبداء الملاحظات التي يقدمونها من خلال التواصل عبر الندوات أو بشكل مباشر، وهذا الأمر يعود على الجميع بالفائدة والخير.
وهل تطمحون إلى الفوز بجوائز المهرجانات؟
الواقع أن الفوز بالجوائز يدل على النجاح، لكني أعتبر جميع المشاركين بأي مهرجان هم من الفائزين، لأن أعمالهم تم اختيارها للمشاركة، وبالتالي فهي قد حققت الشروط المطلوبة وتتمتع بمستوى مناسب للعرض، كما أن للجان التحكيم وجهات نظرهم التي تُحترم.
المسرحية تعرضت لبعض نقاط الانتقاد، ما رأيك فيها؟
أي عمل مهما يكن يجب أن يتعرض للنقد والانتقاد، وأنا أتقبل ذلك بكل رحابة صدر، بل أشكر كل من انتقد أي جزئية في هذا العمل، وفي أيٍّ من أعمالي، بحيث أستفيد من أي خطأ لأتجاوزه في المرات المقبلة، وأعالج ما يمكن معالجتُه في العروض، وهذا هو الطبيعي، ولكل إنسان وجهة نظره، كما أن لكل شخص حريته في فهم الرسائل الموجهة على طريقته ووفقا لرأيه واقتناعاته، وهذا من باب الحرية التي نحترمها جميعا، كما أرفض النقد الذي يحمل شيئا من التجريح الشخصي سواء لي أو لغيري، لكي يحقق الغاية الإيجابية منه.
كلمة أخيرة؟
أشكر الجمهور الكريم على حضوره، كما أشكر ضيوف المهرجان من الأشقاء الخليجيين والعرب، وكذلك إدارة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وإدارة المهرجان وفرقة المسرح الكويتي، وجميع الزملاء في مختلف مواقع العمل.

 

Happy Wheels