النشرة الرابعة - الخامسة


اضغط هنا لتحميل pdf النشرة الرابعة - الخامسة

 

 

أعمال الندوة الرئيسية لمهرجان القرين
الـ 25... تواكب الأحداث وتضع الحلول

 

باحثون وأكاديميون وضعوا «الإعلام
الجديد» على طاولة البحث لمعالجة الأزمات الثقافية

 

 

علي اليوحة: الكويت تتمتع بوضع اجتماعي وسياسي مزدهر يحتضن التعددية وترعاه القيادة السياسية المستنيرة

 

د. محمد الرميحي: ثورة التقنية مهدت كي يتطور الإعلام الجديد تطورا أثَّر
في حياة الناس

 

عمر بنعياش: الانتقال الأكبر والأهم الذي شهده المغرب على الإطلاق هو الانتقال الرقمي
ليلى النقيب: تطورات الأحداث في مصر أدت إلى تراجع في مستوى التنوع الإعلامي المرئي والمسموع

 

محمد حبيبي: الإعلام الجديد يُعد أكثر الظواهر المؤثرة فيما شهده ويشهده المجتمع السعودي من تحولات وانفتاح
بيبي العجمي: الكويت تأثرت بالمفاهيم الجديدة التي طرحتها التطورات الهائلة في مجالات الإعلام الجديد

 

آن الصافي: التواصل هو آلية التفاعل بين الفرد وذاته ومن حوله
علي العنزي: مسرحنا لايزال غارقا في إشكاليات وتفصل بينه وبين الغياب شعرة

 

عيسى إدريس: أصبح الجمهور العريض الذي ميّز العصر الذهبي للتلفزيون شيئا من الماضي
حسن زكي: الإعلام في صوره الثلاث استطاع خلخلة القيم والموروث في أكثر المجتمعات تماسكا

 

سعاد العنزي: الإعلام الرقمي أصبح واقعًا نتعايش معه في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية كل يوم
أسامة الرنتيسي: الإعلام الرقمي وفَّر فرصة
غير مسبوقة للمجتمعات الهشة والمهمشة

 

عزت القمحاوي: كل متصل بشبكة الإنترنت أصبح مراسلًا
حمود الشايجي: الحكم في وسائل التواصل الاجتماعي يقوم على مفهوم «الكم»

 

علي دشتي: الإعلام التقليدي أو ما يسمى بالصحافة المحلية كان له تأثير كبير في الرأي العام
أمجد منيف: التطورات المصاحبة لظهور الإعلام الجديد أحدثت طفرة هائلة في الاقتصاديات الحاكمة للإعلام التقليدي

 

كتب: محمود حربي وعادل بدوي
تطورات سريعة ومتواصلة لحقت بالإعلام في مختلف أشكاله وأهدافه، أدت إلى طفرات هائلة في المنظومة الإعلامية، تلك التي أسست لمفاهيم جديدة، وأطفأت مفاهيم أخرى كانت راسخة في الوجدان الإنساني بشكله العام.
وعلى هذا الأساس، رأى مهرجان القرين في دورته الـ 25 أن يواكب هذه التطورات، وأن يكون له حضوره، من خلال استضافة مفكرين ومثقفين وإعلاميين وأكاديميين، يبدون آراءهم وتصوراتهم حول هذا الواقع الجديد الذي يعيشه الإعلام في كل حالاته، وذلك بتنظيم الندوة الرئيسية تحت عنوان «الإعلام الجديد والأزمات الثقافية».
وانطلقت أعمال وجلسات الندوة في فندق «راديسون بلو» بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة، والأمين المساعد لقطاع الثقافة د. عيسى الأنصاري، وعدد كبير من المفكرين والباحثين المشاركين في الندوة وضيوف المهرجان ووسائل الإعلام المختلفة.
وفي حفل الافتتاح، ألقى اليوحة كلمة رحب فيها بضيوف الكويت والمشاركين في أنشطة وفعاليات مهرجان القرين الثقافي، ثم ألقى الضوء على مسيرة «القرين» في يوبيله الفضي، وعن أنشطة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وخصوصا الإصدارات التي حصلت على جائزة الشيخ زايد للكتاب كأفضل الكتب العربية.
وقال اليوحة: «أرحب أجمل ترحيب بكم جميعا، سواء من لبى دعوتنا وشرفنا بحضوره من خارج الكويت، أو من شاركنا الحضور من الإخوة والزملاء في الكويت... اليوم لدينا مناسبة خاصة، هي الاحتفال بمرور ربع قرن على بدء مشروع مهرجان القرين الثقافي، وهو مشروع يمثل عرسا ثقافيا يستمر ثلاثة أسابيع من كل عام، تتضاعف فيه الجهود من أجل وضع برنامج ثقافي مميز وكثيف بغية إشاعة ثقافة مبدعة ومتسامحة وخلاقة، وعلى مر هذه السنوات حضر إلى الكويت من جهة وشارك من جهة أخرى مئات من الكتَّاب والفنانين والروائيين والنحاتين والمؤرخين والمثقفين والموسيقيين وغيرهم من أهل الثقافة بمعناها الواسع والشامل، جميعهم شاركوا على مدى ربع قرن في هذه التظاهرة الثقافية المميزة. وهذه الندوة هي جزء من مشروع القرين الثقافي، كما أنها علامة مميزة دائما في صلب هذا المشروع ونسميها «ندوة القرين الثقافية»، هذا المشروع الثقافي الثري هو واحد من جملة مشاريع المجلس الوطني المختلفة والمتعددة طوال العام، بما فيها فصل الصيف، الذي يوفر فيه المجلس نشاطات ثقافية متنوعة لأبنائنا الشباب، إلى جانب إصدارات المجلس المتنوع».
وأضاف: «كل ذلك الجهد الوافر والكبير، هو بفضل وضع اجتماعي وسياسي مزدهر في الكويت، بحيث يحتضن التعددية وترعاه القيادة السياسية المستنيرة وعلى رأسها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد - حفظه الله - وسمو ولي عهده، كما لا تتأخر الحكومة عن تذليل العقبات لإنجاح هذا الجهد. واستجابة للرأي المستنير والرؤية الحكيمة لصاحب السمو الأمير فقد أقيمت في الكويت في السنوات الأخيرة مجموعة من المنشآت الثقافية منها مركز جابر الأحمد الثقافي المميز في مظهره المعماري وفي برامجه الإبداعية، ومنها أيضا مركز عبدالله السالم الثقافي، وكلاهما يمثل معلما مميزا من معالم الكويت اليوم، وأتمنى أن تتاح الفرصة لمن يرغب منكم في زيارة هذين المعلمين الكبيرين. ويتعين علي في هذه المناسبة أن أنوه بأن الجهد الثقافي في الكويت يلقى دعما كبيرا من دار الآثار الإسلامية التي ترعى – في مركزين مختلفين – عددا كبيرا من النشاطات الثقافية المميزة والثرية على مدار العام، تعزيزا للمشهد الثقافي ورفعا للوعي الاجتماعي والفني للجمهور بكل شرائحه، إلى جانب الجهود الكبيرة التي يبذلها القطاع الخاص في الكويت، مقدما عددا من النشاطات التي تمثل إثراءً للعمل الثقافي، وهذه كلها مراكز تنويرية تتجاوز نشاطاتها دولة الكويت إلى خارج حدودها، لتمتد آثارها إلى محيطها العربي بكل ربوعه».
واستطرد في قوله: «ندوتكم اليوم هي إكمال من نوع ما لعدد من الندوات حول هذا الكم الكبير والمؤثر، والذي يعرف بالثورة التقنية وتأثيرها في الثقافة، وقد عقدنا في العام الماضي والذي قبله ندوات فكرية تقارب هذا العنوان الكبير، عدا أن ندوات القرين عالجت الكثير من القضايا الفكرية التي أصبحت اليوم متوافرة ومطبوعة في كتب يسعدنا في المجلس أن نوفرها لمن يرغب، وهي موضوعات أثرت ولاتزال تثري الساحة الثقافة بعمق وتجرد».
من جانبه، ألقى منسق الندوة د. محمد الرميحي كلمة رحب فيها بالضيوف، وشكر الأمين العام واللجنة التحضيرية وفريق الإعداد من منتسبي المجلس الوطني الذين كان لجهدهم خلف الستار الأثر الكبير في التئام هذه الندوة.
وأوضح أن كل ندوات القرين الثقافية، موجودة في مطبوعات، وآخرها متوافر للجميع «اقتصاديات الثقافة وتنمية المعرفة»، مع عدد من العناوين ذات الثقل الثقافي الوازن.
وقال: «مفهوم الإعلام الجديد معنا منذ فترة، وربما منذ ظهور وانتشار البث الفضائي في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وقد تطور هذا المفهوم مع الثورة الرقمية، بل أصبح الإعلام القديم يعتمد على تدفقات الإعلام الجديد ويستخدم وسائله! ومنذ ذلك التاريخ ووسائل ذلك الإعلام تتطور وتؤثر (سلبا أو إيجابا) في تشكيل المجتمعات ثقافيا، وتُنشط التفاعل بين الأفراد والجماعات والمجاميع، على مستوى رأسي، ولكن الأكثر على مستوى أفقي، كما أثر تأثيرا عميقا في التشكيل الثقافي والمعلوماتي والسلوكي للنسيج الاجتماعي العربي».
وأردف د. الرميحي: «اليوم تجتاح العالم ثورتان، ثورة التقنية البيولوجية، وثورة تقنية الاتصال، وكلتاهما سوف تؤثران في تشكيل العقل البشري بعمق ولفترة طويلة مقبلة، ومنه نحن العرب. ولأن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت مهتم بتنمية الشأن الثقافي داخل الكويت، وعلى النطاق العربي، فإن ندوة القرين هذا العام قد خُصصت من أجل بحث معمق في تأثير الثورة التقنية في الاتصالات على الثقافة بشكل عام من أكثر من زاوية سوف تتناولها الأوراق والمناقشات».
وأوضح أن «ثورة التقنية مهدت كي يتطور الإعلام الجديد تطورا أثر في حياة الناس، شعوبا وأفراد ودول، وأصبحت تلك المنصات الجديدة، مكانا لما يمكن أن يسمى ساحة حرب قائمة على قدم وساق، فهي تحمل معلومات وأخبارا وتحليلات، كما تحمل من الإشاعات ومن الآراء السلبية ومن الأخبار الكاذبة، ما بدأت الحكومات والشعوب تضيق به من جهة، كما أصبح ساحة للمهضومين (أو من يظنون كذلك) لإحياء أو تغذية عناصر عدم الاستقرار في الأنظمة السياسية والاجتماعية، كما تحمل من المخاطر على الأمن القومي للكثير من الدول، مما أوجد جوا ينشر من الرقابة والمنع وهي خطوات تواجه المقاومة والنقاش الساخن».
وتابع قائلا: «الأمر إذن جد خطير. نحن أمام معادلة بين أن يتاح للجمهور أن يُسمع رأيه ويؤثر في محيطه، ويشكو مخاوفه، وبين أن ينشر بين الناس الغث والضار ويشيع التجهيل والخرافة والتشويه ويؤسس لعدم الاستقرار، بين استعادة إدراكنا للزمان والمكان والوسائل، بين عالم مسطح (على رأي فريدمان) ومجتمع مسطح تقع مناقشات هذه الندوة».
وكشف أننا «أمام معادلة اجتماعية جديدة وهي الحتمية الرقمية، والمعادلة هي صلب نقاشات الندوة هذا العام، وسوف تضع أمامنا أهمية تدارس خطورة ما يعرف بـ «الشعبوية» الاتصالية التي اعتمدتها الكثير من المؤسسات والأشخاص المهتمين بتكبيل أو تكتيل الرأي العام، بل وحتى ابتزازه، ما مدى الأضرار (أو الفوائد) من هذه الحتمية الرقمية ولكن الأهم، كيف نعظم الفوائد ونحاصر الأضرار مع قياس مستوى وعوامل المناعة المجتمعية من الحتمية الرقمية (إن وجدت) في فضائنا العربي؟ وأمام مجتمع واحد بسبب هذه الحتمية الرقمية، من خلق مجتمع المتظاهرين إلى هروب الفتيان والفتيات إلى ترويج المخدرات (كل تلك الأحداث بسبب التشبيك الرقمي). وتتفرع مجالات المناقشة، لفهم تقنيات تشكيل الرأي العام، والتفاعل بين المجتمع وثوابته، وبين القيم القديمة والقيم الجديدة التي يروج لها الإعلام الرقمي (الجديد)، كما سوف ينظر لقاؤنا هذا مدى عمق تأثير هذه التقنيات على الاقتصاد المحلي والإقليمي. وفي خلق أيقونات مليونية وفاشينستات، وما إذا كانت هناك قيمة مضافة في كل ذلك! وهل هي نابعة من قدرتنا أم هي تابعة للغير مقلدون لا مبتكرون؟».
وتحدث د. الرميحي عن العصر الراهن الذي «يرتدي فيه الشر أقنعة جديدة!»، وكشف أن المجلس سيقوم بتسجيل مناقشات الندوة، ويضمها مع الأوراق البحثية التي كتبها نخبة متخصصة، كي تصدر في كتاب لاحق يضاف إلى الإصدارات المميزة والخاصة التي انطلقت من ندوة القرين الثقافية على امتداد ربع قرن.

 

المحور الثاني
تناول المحور الثاني من الندوة - للفترة المسائية من اليوم الأول - «الإعلام الجديد وتأثيره على المجتمع في البلدان العربية»، في جلسته الأولى ناقش باحثون تجارب من مصر والمغرب والسعودية، والجلسة الثانية تناولت تجربة الكويت والإعلام الجديد بين التشريع والثقافة.
الحالة المغربية تصدى لها الباحث عمر بنعياش، عبر ورقة بحثية بعنوان «الإعلام الجديد وتأثيراته في المجتمعات العربية»، والتجربة المصرية تحدثت عنها الباحثة ليلى النقيب، والتجربة السعودية تناولها د. محمد حبيبي، وتناولت د. بيبي العجمي التجربة الكويتية وتأثير الإعلام الجديد فيها، وحول الإعلام بين التشريع والثقافة قرأ د. عبدالحسين شعبان بحث د. سليمان عبدالمنعم نظرا لاعتذاره.
يقول د.عمر بنعياش في ورقته البحثية: عرف المغرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين ثلاثة انتقالات كبرى؛ الانتقال السياسي من دولة مستعمَرة إلى دولة مستقلة (حدث ذلك في العام 1956)، والانتقال الديموغرافي الكبير الدي جعل سكان المغرب يتضاعفون ثلاث مرات بين العامين 1960 و2014 من حوالي 11 مليون نسمة إلى أزيد من 33 مليونا. وشهد المغرب على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين استقرارا سياسيا مشوبا ببعض الأزمات بين نظام الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، والمعارضة السياسية، والذي تُوج في العام 1998 بما سمي بالتناوب التوافقي وتحمل المعارضة الاشتراكية مسؤوليتها في تدبير الشأن العام، والذي يعتبره بعض المحللين انتقالا ثقافيا وسياسيا مهما.
وأضاف: عرف المغرب في العقدين الأولين من الألفية الثالثة انتقالا كبيرا آخر تجلى في تحول الثقل الديموغرافي من البوادي إلى الحواضر، بحيث أصبح جل سكان المغرب يعيشون في المدن. ويبقى الانتقال الأكبر والأهم الذي شهده المغرب على الإطلاق هو الانتقال الرقمي، والذي يندرج فيه موضوعنا الموسوم بـ «الإعلام الجديد» وتأثيراته في المجتمع المغربي.
وتحت عنوان «الإعلام الجديد بين التوسع والانحسار»، تناولت د. ليلى النقيب التطورات التي حدثت في الإعلام المصري خلال العقدين الأخيرين. كان التركيز على الإعلام المرئي والمسموع؛ لارتباطه بمجال خبرتي العملية.
وتشير إلى أن ما يشبه الطفرة حدثت في مجال الإعلام المرئي والمسموع خلال العقدين الماضيين تتصل باتساع الحدود التي يُسمح فيها بالتغطية الإعلامية من جانب، وبالاختلاف الذي حدث في محتوى الإعلام المسموع تحديدا في توجهه إلى شرائح أوسع من الناس، على عكس الشائع من أن الإعلام المسموع ينحسر ويضعف أثره.
وتناولت الورقة أثر الأحداث السياسية والمحلية والإقليمية على المادة الإعلامية، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي، وما تلاها؛ إذ أخذ الإعلام يرتدي ثوبا أكثر تحررا؛ خصوصا الفضائيات التي أصبحت أقرب إلى الناس وأكثر تعبيرا عنهم، كما أصبحت البرامج تستقبل كل الآراء. ولأول مرة أصبح التلفزيون يعبر عن حالة حرية فيها كثير من التنوع والأفكار، سواء المتحررة أو المتشددة، أو لنقل المختلفة عن المألوف بصورة عامة، في مزج سيمفوني جديد على ما ألفه الشعب المصري الذي تميز إعلامه لفترات طويلة بمحاولة الحياد، وتجنب الخوض في مناقشات سياسية أو دينية.
وأضافت: لكن تطورات الأحداث، بعد ذلك، أدت إلى تراجع في مستوى التنوع الإعلامي المرئي والمسموع، وانتقل مركز الثقل إلى وسائل الإعلام الجديدة المتمثلة في السوشيال ميديا، التي تُعد أكثر واقعية، وتسعى إلى التعبير عن النبض العام بشكل أكبر من الوسائل الأخرى، مثل الفضائيات والجرائد، لأنه يصعب التحكم فيها بنفس سهولة التحكم في الإعلام المرئي والمسموع، على الرغم مما لهذه الوسائل من مساوئ، منها الشائعات وتضخيم الأحداث.
وتناول د. محمد حبيبي أثر الإعلام الجديد في المجتمع السعودي، في ورقة تحت العنوان نفسه يقول في ملخصها: ما من شك في أن الإعلام الجديد، بكل تقنياته ومنصاته، يعد أكثر الظواهر المؤثرة - إلى حد كبير - فيما شهده ويشهده المجتمع السعودي من تحولات وانفتاح كبيرين يكادان يساويان، في حقبة السنوات العشر الأخيرة، كل ما مر به المجتمع السعودي من تحولات منذ توحيد المملكة العربية السعودية؛ ذلك أن المجتمع السعودي يعد من أكثر المجتمعات تفاعلا مع وسائل الاتصال الحديثة، كما أنه من أكثر المجتمعات سرعة في التأقلم مع هذه الوسائل. ولا نكون مبالغين إن قلنا إن المجتمع السعودي يشهد في وقتنا الراهن أوسع جملة من التغيرات نتيجة حالة الانفتاح الكبير على التقنيات الرقمية الحديثة.
وتبدي الأعداد الكبيرة للمتفاعلين في المجتمع السعودي مع وسائل الإعلام الجديد - وفق ما تظهره الأرقام والإحصائيات - تزايدا كبيرا يشكل في تناميه وتضاعف أعداده، خلال أقل من عقد من السنوات، ظاهرة جديرة بالدراسة في حد ذاتها. إذ تشير الدراسات المختصة في هذا الشأن، من حيث الأرقام والإحصائيات، إلى تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية 14 مليون مستخدم للهواتف الذكية ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك في بدايات العام 2012. وهذا وقت يعد مبكرا لم تكن فيه بعض وسائل ومنصات التواصل قد أخذت مكانتها الكبيرة في الانتشار والذيوع بين جميع شرائح المجتمع. ولم يكن المجتمع قد حسم أمره فيما يتعلق بالتحول عن عادات تلقي المعلومة والخبر والمعرفة من وسائل الإعلام التقليدية الضاربة بجذورها منذ بدايات ظهور الصحافة والتلفزة وغيرها من الوسائل الإعلامية التقليدية. إلى جانب أن الأجهزة الذكية نفسها، ومنصات التواصل الاجتماعي، لم تكن مع بدايات العام 2012 على ما هي عليه اليوم من تطور كبير في تقنياتها وخدماتها.
من جانبها، تحدثت د. بيبي العجمي في معرض حديثها عن الكويت ومدى تأثرها بالإعلام بالجديد، مشيرة إلى «المعلوماتية المجتمعية: نظرة جديدة لأبحاث الإعلام الجديد وتأثيراته على المجتمع» مستعرضة الحالة الكويتية في المشهد العربي ومدى تأثر المجتمعات بالإعلام الجديد وأدواته.
واستعرضت النقيب الأبحاث التقنية والتحليلية والنقدية المنشورة خلال الـ 25 عاما الماضية. ومع توافر الفرص لاستخدام منصات الإعلام الجديد لخدمة المجتمعات، تطرح التساؤلات عن ماهية الأبحاث التي اعتمدتها المجتمعات الأكاديمية لفهم التغيرات المجتمعية، وما المفاهيم الجديدة التي طرحتها التطورات الهائلة في مجالات الإعلام الجديد.
وقدم د. سليمان عبدالمنعم ورقة بحثية بعنوان «الظواهر الذكية تحتاج إلى تشريعات ذكية... الأمن السيبراني مثالا»، ونظرا لتعذر حضوره فقد قرأها نيابة عنه د. عبدالحسين شعبان بإلقاء ملخص البحث والرد على المتداخلين.، ويقول ملخص البحث: مثل كل اختراع بشري ثوري وكبير كشبكة المعلومات الدولية (إنترنت)، كان لا بد للعالم أن يدفع ثمن تطوره. حدث هذا من قبل حين اخترع الإنسان السيارة، والطائرة، واكتشف الطاقة النووية، وتوصل إلى أسرار «الشيفرة» الجينية الوراثية؛ فكانت المخاطر والأضرار الناشئة عن سوء استخدام هذه الاختراعات والمنجزات جزءا من ضريبة الذكاء الإنساني. ولهذا، كان لا بد من تنظيم استخدام هذه المنجزات العلمية وحظر التجاوزات والاستخدامات غير المشروعة لها. والقانون هو إحدى أدوات هذا التنظيم، بل لعله أهمها. بالطبع لم يخل الأمر، ولايزال، من صعوبات وتعقيدات في التنظيم القانوني لهذه الظواهر لاسيما فيما يتعلق بشبكة المعلومات الدولية (إنترنت) باعتبارها المنجز البشري الأكثر إثارة للجدل في الوقت الحاضر.
وقال: في البداية كان الترحيب هائلا والفرحة عارمة؛ فقد جاءت شبكة الإنترنت لتؤذن بالسقوط النهائي للحدود والحواجز الجغرافية واللغوية والسياسية بين البشر، وتجعل من حق الإنسان في المعرفة، وحرية إبداء الرأي والتعبير، والحق في الحصول على المعلومات وتداولها حقوقا عالمية تستعصي على الحرمان والتقييد المحليين. كانت المكاسب الإنسانية هائلة لاسيما بالنسبة إلى الشعوب الفقيرة التي كان الفرد فيها يشق للحصول على كتاب جديد أو رواية عالمية أو معلومة أو إحصائية أو مشاهدة فيلم هوليوودي أو فرنسي، أو الاستماع بيسر وسهولة إلى تراث موسيقي لبيتهوفن أو موتسارت فأصبحت شبكة الإنترنت تتيح كل هذا وأكثر منه، بل وأصبح بوسع أي شاب متابعة برامج تعليمية وتدريبية في مختلف المجالات، والحصول أحيانا على شهادة إلكترونية معتمدة.
سرعان ما اكتشفت البشرية أن هذه العوالم الواسعة الرحيبة للفضاء الإلكتروني تنطوي في الوقت ذاته على مخاطر وأضرار، بقدر ما تقدمه من فرص وآفاق. فبفضل شبكة الإنترنت أصبح في مقدور البشر، على اختلاف أماكنهم ولغاتهم وألوانهم وأعراقهم، كأنهم في غرفة واحدة، ووسط كل هذا بدا ضروريا وملحا وجود تنظيم قانوني لكل هذه الظواهر التي تتجلى إحداها في «الإعلام الإلكتروني» الذي اصطلح على تسميته بـ «الإعلام الجديد»، فالسمة العامة لهذا الإعلام الإلكتروني الجديد أنه يستعصي على التنظيم القانوني السائد الذي صدر أساسا لتنظيم الإعلام التقليدي المكتوب والمرئي والمسموع، وبالتالي أصبح مطلوبا وجود تنظيم قانوني جديد بقدر جدة الإعلام الإلكتروني، وذكي بقدر ذكائه؛ حتى يستطيع أن يعكس خصوصيته.

 

المحور الثالث
وفي المحور الثالث من ندوة «الاعلام الجديد والازمات الثقافية» – الفترة الصباحية من اليوم الثاني – ناقش الباحثون «تأثير الإعلام الجديد في تشكيل الرأي العام»، والمحور الرابع تضمن نقاشا حول «اقتصاديات الإعلام الرقمي الحر». بينما تناول المحور الخامس «الإعلام الرقمي بين الديكتاتورية والديموقراطية».
أدارت الجلسة الصباحية د. غدير أسيري، وتم فيها مناقشة 5 أوراق بحثية تغطي المحورين الثالث والرابع فيما يتعلق بتشكيل الرأي العام واقتصاديات الإعلام الجديد، وكانت البداية مع الكاتبة السودانية آن الصافي التي قدمت ورقة بعنوان «تأثير الإعلام الجديد على تشكيل الرأي العام»، لتؤكد من خلالها أن التواصل هو آلية التفاعل بين الفرد وذاته ومن حوله، وقالت: «كما نعلم فإن بيئة التواصل عادة ما تحتوي على 3 أركان مهمة: المرسل والمستقبل، ونص التواصل وصيغته، وعوامل محيطة ببيئة التواصل. كل ذلك يتم في حلقة عبر عوامل ومعايير تتحكم في مدى نجاح إنشاء ووصول الرسالة وتحقيق الغرض منها».
وتحدثت الباحثة عن تقنية تطبيقات الإعلام الجديد، وتقنية تطبيقات الإعلام الجديد من أين وإلى أين؟ وثقافة وآلية المستقبل الفردي والجمعي، وكونية الإنسان والعقول خلف وأمام صناعة الإعلام الجديد، ومعايير الجودة في المحتوى والتقييم بين الفرد والمجتمع.
وتحدث د.علي دشتي من الكويت عن التجهيل والعشوائية والتخطيط في الإعلام الجديد، فقال: «تاريخيا الإعلام التقليدي أو ما يسمى بالصحافة المحلية كان له تأثير كبير في الرأي العام، وكان له دور في تحديد الأولويات، أو ما تسمى Agenda Setting، هذا التأثير اليوم تحول إلى الفضاء بما يعرف بالإعلام الجديد أو شبكات التواصل الاجتماعي، بدأ الإعلام التقليدي يفقد هذا التأثير مع هبوط قراء الصحف ليكسب مستخدمو التواصل الاجتماعي وأصحاب البرامج الاجتماعية، مثل فيسبوك، والحكومات القوة للتأثير في الرأي العام؛ فمن مهنة متخصصة في كتابة الخبر وتحريره إلى عالم «الأخبار المفبركة» Fake News والأكاذيب والشائعات مما لها تأثير كبير في بلورة الرأي العام».
وتحت عنوان «الإعلام والمغالطات المنطقية... صناعة المعنى»، جاء بحث د. عيسى إدريس من الكويت، حول المغالطات المنطقية في العلام الجديد، إذ يقول: إن معالم بيئة الإعلام التي نعيش فيها تحدد ما نعرفه عن العالم، وتحدد بدرجة كبيرة فهمنا للواقع، كما أن الأشكال الجديدة للإعلام قسمت الجماهير، وجعلت استهلاك المادة الإعلامية يختلف على نطاق واسع عبر مختلف شرائح الجمهور، وأصبح الجمهور العريض الذي ميّز العصر الذهبي للتلفزيون شيئا من الماضي. أمام جمهور متنوع وشره لاستهلاك الوجبات الإعلامية المتدفقة، تصبح معركة صنع المعنى (الرأي العام) معركة محتدمة ومستمرة، وهنا لا بد من التساؤل عن دور الجمهور نفسه في دعم هذه السطوة الإعلامية على الفضاء العام للمجتمع، تتناول هذه الورقة البحثية هذا الدور من خلال سؤالين، الأول: ما الآليات المعرفية والنفسية وكيفية «صنع المعاني»، وتشكيل المعتقدات والاتجاهات التي يُنشطها المحتوى الإعلامي في «عقل الجمهور»؛ للتمكن من «خداعه منطقيا»؟ وللإجابة عن هذا السؤال توضح الورقة أدوات تقديم المحتوى الإعلامي عبر وسائطه المتعددة كخطاب المشاعر والمغالطات المنطقية، وكيفية توظيف الإعلام لها بغية فرض محتوى معين، وخلق وهم بأن هذه الوسائط نفسها هي الفاعل والمصدر.
ويتناول السؤال الثاني: أساليب كشف وتجنب المغالطات والحالات التي تصح فيها ولا تعود مغالطة، من خلال طرح التساؤل التالي: ما أشكال الوعي الذاتي (الحاسة النقدية) حيال «مصادر» المعلومات في البيئة الإعلامية الجديدة؛ من أجل تحقيق معرفة أعمق بتأثير الإعلام؟
الأثر الثقافي للإعلام الجديد على المسرح نموذج من التأثير على الجوانب الثقافية، وقد بحث في هذه المسألة د. علي العنزي، وقدم ورقة بعنوان «المؤسسة المسرحية الخليجية والميديا» قرأ ملخصها على الندوة د. أيمن بكر، ويقول في ملخصها: لطالما أثيرت مسألة نقدية مسرحية مهمة، تركت من دون أن يجيب أحد عن معطياتها، وذلك حينما طُرح سؤالان جوهريان جديران بالاستحضار والتأمل في الدورة العاشرة لمهرجان الفرق المسرحية الأهلية الخليجية، مؤداهما: «هل يمكن قبول الحديث عن العولمة والفضائيات والانفجار المعلوماتي والعصرنة وتجليات التحديث كتحديات ينبغي على مسرحنا مواجهتها وهو لايزال غارقا في إشكاليات وتفصل بينه وبين الغياب شعرة؟ ولماذا تراجع مسرحنا الخليجي... ليصبح في منطقة ضيقة وخانقة في زمن لهاثي اختراقي نووي في كل تفاصيل إيقاعاته الحياتية اليومية؟».
وحول مدى تأثر الفنون بآلة الإعلام الجديد، يتحدث حسن زكي من مصر ويتناول «الإعلام الجديد وانهيار الذائقتين الموسيقية والتشكيلية» ويقول: إن الإعلام في صوره الثلاث: المقروءة والمسموعة والمرئية، مع شريحة عريضة من متعاطي هذا المنتج قد استطاع خلخلة القيم والموروث في أكثر المجتمعات تماسكا، من دون أن يميز في ذلك بين ريف وحضر، وحوَّل هذا القطاع غير الانتقائي إلى ببغاوات فكرية بحجة التماهي والاطلاع والانفتاح، كأنه حق أريد به ضياع. فلم تكن ثورة الاتصالات التي لا يستطيع إنكارها عاقل في مصلحة من تعامل معها مذ عرفها بوصفها منتجا للاستهلاك؛ ظنا من مستهلك هذا المنتج العقلي أنه يقف بمحاذاة من أنتج وابتكر.

 

المحور الرابع
في المحور الرابع وحول جدوى واقتصاديات الإعلام الجديد، بحث د. أسامة البحيري حول «العولمة الثقافية... الفعل ورد الفعل» ويقول في مقدمة بحثه إن العولمة هي «محاولة مجتمع ما تعميم أنموذجه الثقافي على المجتمعات الأخرى، من خلال التأثير في المفاهيم الحضارية، والقيم الثقافية، والأنماط السلوكية لأفراد هذه المجتمعات بوسائل سياسية، واقتصادية، وثقافية، وإعلامية، وتقنية متعددة».
ويضيف: لا شك في أن من خصائص هذا المجتمع المؤثر الذي يسعى إلى تصدير أنموذجه الثقافي وتعميمه أن يكون في دولة لها من الثقل السياسي والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي ما يؤهلها لأن تقوم بتصدير أنموذجها وتعميمه في غيرها من الدول.
ولعل مواجهة النمط الثقافي الأوحد الذي تسعى العولمة إلى فرضه على شعوب العالم تكون بالدعوة إلى نقضه، ومواجهته بنمط ثقافي يقوم على التنوع الخلاق الذي يحترم الخصوصيات الثقافية والهويات الحضارية.
ويسعى هذا البحث إلى دراسة تأثير العولمة على الثقافة العربية المعاصرة، ورصد تجلياتها، وردود الأفعال تجاه محاولة فرض النموذج الثقافي الغربي على العالم العربي.
وناب د. حامد الحمود عن أمجد منيف، من السعودية للحديث حول مقتطفات من بحثه بعنوان «اقتصاديات الإعلام الجديد وحدود الحرية»، ويوضح في ملخص ورقته أن التطورات المصاحبة لظهور الإعلام الجديد أحدثت طفرة هائلة في الاقتصاديات الحاكمة للإعلام التقليدي، وكذا الإعلام الجديد، أو الإلكتروني، كما يسميه البعض. وقد انطوت التأثيرات التي طالت الإعلام الجديد، بسبب الطفرة التقنية، على كل الجوانب الاقتصادية المتصلة بتلك العملية، فكان لها تأثير إيجابي في اقتصاديات المؤسسات الإعلامية.
وحول «اقتصاديات الإعلام الجديد وتأثيراتها على الواقع العربي في حدود الحرية» بحث د. طارق فايق من دولة فلسطين، ولتعذر حضوره قرأ ورقته وناقش مقتطفات منها عامر التميمي من الكويت، وتتحدث الورقة حول أن أبرز التحولات المهمة التي عرفتها البشرية في العقد الأخير، هو الإعلام الجديد، وما يحمله من خصائص ومميزات لم تعرف من قبل عن الإعلام التقليدي، حملت في طياتها تغيرات جوهرية مست البنى الاجتماعية، ونتجت عنها تغيرات ثقافية كان من الصعب في السابق اختراقها أو تغييرها، حيث استقبل كثير من المجتمعات - بفعل هذا الإعلام الجديد - قيما ثقافية بعضها مخالف لقيمها الثقافية المحلية.

 

الجلسة الختامية
أدار الكاتب والوزير الأسبق الأستاذ سامي النصف أعمال الجلسة الختامية من مساء اليوم الثاني من أعمال «الندوة» التي ناقش الباحثون محورها الخامس، والذي تضمن «الإعلام الرقمي بين الديموقراطية والديكتاتورية»، وطرحت فيه د. سعاد العنزي جوانب من ورقتها التي حملت عنوان «تسلُّط الإعلام الرقمي على الناشئة»، لتقول في ملخصها: «لقد أصبح الإعلام الرقمي واقعا نتعايش معه في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية كل يوم، إذ يشكل جزءا أصيلا في تشكيل وعينا وثقافتنا وطريقة تعاطينا مع وسائله المتعددة، كما هزت الثورة التكنولوجية الهائلة قدرا كبيرا من المفاهيم والتصورات المسبقة، من بينها صورة الإعلام الرسمي التقليدي. ومن جانب آخر، أسهم الإعلام الرقمي - بشكل علني وجماعي - في إعادة التفكير في معطيات الثقافة التقليدية، وآليات التفكير في عدد من المفاهيم المهمة، من بينها الديكتاتورية والديموقراطية والنخبة».
وتطرقت د. العنزي، في ورقتها، إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تقدم أو تراجع مفاهيم الديموقراطية والديكتاتورية، وكيف كانت هذه الوسائل وسيطا مساعدا للحركات التحررية وناشطي حقوق الإنسان، مثل: الناشطات النسويات، وناشطي حقوق الإنسان، وقضايا المهمشين، بينما كانت هذه الوسائل والقنوات تشكل معضلة بالنسبة إلى الأنظمة الديكتاتورية الشمولية التي تقف أمام الحرية ومساحات البوح الشاسعة المتاحة عبر هذه القنوات التي كسرت حاجز الصمت، وأصبح التعبير حقا مفترضا لكل فرد على المستوى الظاهر.
وتناول أسامة الرنتيسي حرية تداول وتوافر المعلومات أمام الصحافيين ووسائل الإعلام، في ورقة بعنوان «الإعلام الرقمي بين الديكتاتورية والديموقراطية... حرية تداول المعلومات»، ويرى أنه حدثت موجتان من الديموقراطية في آخر 30 عاما، في أماكن لم تكن تخطر في البال: واحدة مع انهيار جدار برلين (نهاية تسعينيات القرن الماضي). وبحلول العام 2010، كان تقريبا ثلاثة أخماس دول العالم يحكمها نوع من الديموقراطية، والثانية كانت موجة جديدة تجتاح المنطقة العربية التي كانت بشكل ملاحظ تخلو من الديموقراطية، مع ما عرف بـ «الربيع العربي» (نهاية العام 2010 وما بعده) الذي تحول سريعا إلى خريف بل صقيع، وهذه المرة أدت وسائل الإعلام الرقمية الدور الأكبر في التغيير في تونس، ثم في مصر.
وقال: «لا يختلف كثير من الباحثين على دور الإعلام الرقمي الذي كان بمنزلة «الصاعق» الذي فجر الثورة في تونس عندما جرى توثيق حادثة «البوعزيزي»، وانتشارها كالنار في الهشيم بشكل فاجأ العالم. وقد وفر الإعلام الرقمي فرصة غير مسبوقة للمجتمعات الهشة والمهمشة، ومن لا صوت لهم للتعبير عن آرائهم تجاه قضاياهم. ومن سيئات الإعلام الرقمي أن نشر الحقائق بنفس سهولة نشر الأخبار الزائفة والمفبركة، ما ألقى عبئا على المتلقي لأن يكون أكثر تفاعلا ومميزا الغث من السمين؛ حتى لا يتحول إلى ضحية إشاعات ومعلومات غير دقيقة ومفبركة».
«إعلام المواطن وأثره على الثقافة وسوق الكتاب»، عنوان الورقة التي قدمتها د. عزت القمحاوي من مصر، وتشير إلى العام 2006 الذي انطلق فيه موقعا فيسبوك وتويتر، وشكل وجودهما بداية ما يسمى «مواقع التواصل الاجتماعي»، أو بتعبير أدق «إعلام المواطن»، حيث اختلت المعادلة الاتصالية التي حكمت العالم منذ اختراع الصحافة، فلم تعد هناك رسالة اتصالية تمضي في اتجاه واحد من نخبة محددة ومعروفة إلى جمهور عريض من المجهولين.
وقال: أصبح كل متصل بشبكة الإنترنت مراسلا، يستطيع أن ينشئ رسالته التي تجد بدورها قارئا ندا لديه رسالة أخرى تتفق أو تختلف مع الرسالة الأولى، وفي كل الأحوال تقوم بدور الرقابة عليها. وكانت الثقافة والأدب والجدل حول الكتب أحد مجالات إعلام المواطن الذي سرعان ما تدعم بقنوات أخرى، بينها تطبيق متخصص للتواصل حول الكتب هو goodeads، حيث يكتب القراء المحترفون وغير المحترفين بكل صراحة، وأحيانا بكل عنف وشطط.
ومن الكويت قدم حمود الشايجي بحثا بعنوان «قراءة في مفهوم الجمهور في الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي»، يقول في ملخص بحثه: قل لي كم متابعا لك، أقل لك من أنت، أو بالأصح قل لي كم متابعا لك، أقل لك إلى أي مدى أستطيع الاستفادة منك... هذه هي المعادلة التي يجري تداولها في وسائل الإعلام الحديث، وبهذه الصورة يقيس الإعلام الحديث - أو من يحركه - مدى الاستفادة منك إلى الحد الأقصى، وهذا الحد في حقيقته ليس له حد ولا آخر، فهذه الاستفادة من الممكن أن تنطلق من الترويج لمنتج بسيط، أو حتى شن حرب دولية.
وأضاف: من وجهة نظري، أجد أن رأي الفرد رغم التسويق له بأنه بالأهمية ذاتها، والتساوي مع أي شخص آخر في الإعلام الحديث وفي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، هو أمر غير دقيق؛ فالحكم دائما في وسائل التواصل الاجتماعي التي بدأت تكون هي الأداة المحركة للإعلام بشقية، الكلاسيكي والحديث، يقوم على مفهوم «الكم»، فعدد المتابعين هو الذي يحدد مدى التفاعل مع أي رأي.

 

مداخلات


شهدت جلسات الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الخامس والعشرين، والتي عقدت على مدى يومين وناقشت خمسة محاور والعديد من الأبحاث العلمية في مختلف الموضوعات المتعلقة بموضوع الندوة وهو «الإعلام الجديد والأزمات الثقافية». ومن هذه المداخلات:
الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة د. عيسى الأنصاري: المحرك الرئيسي للاحترام المتبادل للأفكار والثقافات الأخرى مدخله هو التعليم، والاهتمام بالتعليم هو البداية الصحيحة والحقيقية نحو أي تغيير أو تطوير فالتعليم يفتح مدارك الإنسان ويوسع أفقه وثقافته ويبث فيه الطموح لاستكمال تعليمه العالي والوصول الى مرحلة التدريس في الجامعة بعدما أمضى سنوات في التدريس.
منسق الندوة د. محمد الرميحي: قبل شهرين عقدنا ندوة في جمعية الطفولة العربية بدولة الكويت تحت عنوان «الطفل والانترنت» وكنا نسعى من خلال المناقشات الى حماية الطفل من الانترنت خصوصا في السن المبكرة وضرورة وضع عوامل الحماية في البيت والأسرة والمراقبة الذاتية وغير المباشرة، وكانت من المفارقات التي طرحتها هذه الندوة وهي موجودة على موقع الجمعية على الانترنت، استبيان كان يطرح المفاضلة في السؤال بين «هل تختار والدك أم المحمول»؟ وكانت بعض الاجابات صادمة عندما اختار بعض الأشخاص المحمول عن والدهم!
أسامة البحيري: هل نعلن انهيار الذوق العام؟ أم أن الاعلام الجديد لديه ذائقته الخاصة لدى الطبقات الشعبية؟
عبدالمحسن مظفر: المسرح أول متأثر بوسائل الاعلام الجديد، وللمسرح دور مهم في المشهد الثقافي وفي الحياة العامة الذي هو انعكاس ومرآة لحياة المجتمعات.
أشيد بالبث المباشر للندوة وهو من مظاهر التطور الكبير الذي تقدمه لنا وسائل الاعلام الجديد.
خليل حيدر: هل الثقافة العربية جزء من الثقافة العالمية ومن الحالة الكونية المهمومة بالإنسان اليوم؟ أم انها انعكاس للواقع والحالة العربية على وجه الخصوص؟
ثم نعود ونعترض على تدخل الآخر لتغيير أوضاعنا الداخلية، هذا غير واقعي فلولا تدخل الاجنبي والخارجي لما تحررنا من كثير من القضايا والمعضلات الداخلية، من بينها أزمة الرق التي انتهت في الكويت على يد الانجليز، وتحرير الكويت من الغزو العراقي الذي تم على يد القوات الأمريكية والتحالف.
د. بيبي العجمي: أود التركيز على اقتصاديات الاعلام الإلكتروني الجديد، ورؤية الكويت 2035 التي تعتمد وتقوم على صناعة المعرفة، وخلق بيئة جاذبة لمجتمع المعلوماتية، والكويت مصنفة على مستوى العالم من الدول التي تتمتع بمناخ استثماري جاذب لكنها فقيرة جدا في مجالي التعليم والابتكارات، من هنا يأتي دور الثقافة في دعم بناء الاقتصاد القائم على المعرفة.
محمود حربي: وسائل الاعلام الجديدة خدمت الفن والحركة الفنية، وساهمت في نشر الصورة والمعارض الفنية والمطبوعات.
وعلى مستوى مشهد منصات التواصل الاجتماعي، غالبا ما تستخدم في اللعبة السياسية والأداء العام، فظهرت بعض الحسابات الوهمية التي تكشف ان وراءها أجندات.
ابراهيم البعيز: أنا ضد التقليل من دور وسائل التواصل الاجتماعي، هي اعلام بديل وسد لفراغ كبير يتركه الاعلامي التقليدي المحافظ الذي يتسم بالتعتيم وعدم نشر إلا ما نريد نشره، اليوم الامر تغير ، ولم يعد بمقدور الحكومات أن تخفي شيئا.
د. حامد الحمود: المحتوى العربي في شبكة الانترنت لا يتعدى واحدا من عشرة في المائة.

 

المحور الثالث
د. وائل قارون: الأوراق طرحت إجابة لتشجيع التفكير النقدي والمصداقية هي المعيار بين الإعلام القديم والإعلام الجديد.
والصحف الكبرى تقع أحيانا في خطأ النقل والتجربة حول بعض العمليات الإرهابية.
محمود حربي: المواقع الوهمية وراءها صراعات سياسية. هناك استخدام كبير للفوتو شوب في تزوير وتصدير القضايا دون تدقيق.
د. إبراهيم البعيز: الفبركة في الأخبار ليست من صنع وسائل الاتصال الاجتماعي، وهناك الجارديان اعتذرت عندما فبرك مراسل أخبارا من لوس أنجلس.
الإشكالية تبدأ من مفهوم الحرية والمسؤولية الاجتماعية وتتقاطع الأخلاق مع القانون.
د. عيسى الأنصاري: أشعر بأن المحرك الرئيس لاحترام الآراء والثقافات الأخرى هو التعليم والتعليم أصبح له دور آخر لمؤسسات غير حكومية ووسائل إعلام، صناعة الرأي الآخر أصبح هناك قوة ناعمة تدخل على المجتمع من خلال الجلسات وتتعارض مع قيمنا.
ويروج العدو الصهيوني لشخصيات هامشية على أنها تمثل الرأي العام في المصالحة مع إسرائيل.
د. محمد الرميحي: التشبيك المعلوماتي هو ما ينقصنا، أعددنا مجموعة دراسات عن الطفل والإنترنت، في موقع جمعية الطفولة العربية في الكويت وكان أحد الأطفال يقول إنه يستغني عن والده ولا يستغني عن التلفون.
د. عمار علي حسن: لن نستطيع إيقاف الريح وعلينا أن نتعامل مع العالم وننتج إعلامنا ومواقعنا لحماية أطفالنا.
- مؤسسات صحافية عربية بحثا عن الشهرة انحدرت لاطلاق أخبار كاذبة وعناوين لا علاقة لها بالمضمون وعليها تنقية أخبارها قبل مطالبة الشباب.

 

المحور الرابع
د. أسامة الجبري: نشتبك مع الأثر الفعلي للإعلام الجديد على الثقافة. سمعنا عن الشعر الرقمي والرواية الرقمية هل هناك أفق للمسرح الرقمي.
عبدالمحسن مظفر: المسرح له دور مهم في التنوير وتوجيه الجماهير وتنمية الوعي، نتحدث عن عبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي وسعد الفرج، وفي مصر عادل إمام ويحيى الفخراني.
المسرح له دور نطالب بانتقاد الأوضاع السياسية بشكل عام.
عزت القمحاوي: الندوة هي تأسيسية ولا بد أن تتبعها ندوات أخرى.
العلاقة بين الصحافة والتداخل الاجتماعي الذي أخذ المبادرة وانهيار الصحافة العربية والسر يكمن في الربيع العربي.
التواصل الاجتماعي كان جزءا من الربيع العربي والحكومة سيطرت على الصحافة أكثر من التواصل الاجتماعي، والصحافة لا تملك المبادرة أو التجديد مثل الأوروبية والأمريكية مع الوسائل الجديدة.
د. عمار علي حسن: الإعلام الجديد تفاعل مع مسرح الأحداث بمفهومه السياسي أصبح يشكل ظاهرة مسرح المقهورين بمشاركة الجمهور.
أتمنى أن نرى علاقة الرواية، بالتداخل الاجتماعي.
الصورة تشكل جزءا كبيرا من التصورات والأفكار.

 

 

 


تأليف يعرب بورحمة وإخراج أحمد الخلف بطولة صلاح الملا وخالد البريكي وهيفاء عادل

 

«عتيج».. قصة المجتمع الكويتي
يرويها «مسباح» في 67 دقيقة

 

كتب: شريف صالح
لكل مجتمع طقوسه ومفرداته، و«المسباح» أداة اجتماعية أساسية، تتجاوز دورها الطقسي الخاص بالصلاة، ولذلك تتنوع «المسابيح» في أشكالها وطرزها وأحجارها، ومن ثم ترتبط بالوجاهة والإشارة إلى الطبقة الاجتماعية لحاملها.
هذه الأداة قرر المؤلف يعرب بورحمة والمخرج أحمد الخلف استثمارها في فيلم روائي، واستنطاقها لتصبح هي «الراوي» (صوت علي نجم) الذي يعلق على الأحداث ويروي القصة. وميزة «المسباح» باهظ الثمن أنه يستطيع أن ينتقل عبر أماكن مختلفة، وأجيال عدة.
الفيلم يحمل عنوان «عتيج» وهي من أهم مفردات اللهجة المحكية في الكويت وأصلها «عتيق» الفصحى التي تعني القدم والقيمة في الوقت عينه.
مدى الفيلم نحو 67 دقيقة، وشارك في تمثيله صلاح الملا «بوعتيج»، وخالد البريكي «عتيج» ووالدته الناشطة السياسية والنسائية هيفاء عادل.
وسبق للعمل أن حاز الجائزة الثانية في مسابقة الفيلم الروائي ضمن الدورة الثانية لمهرجان الكويت السينمائي، كما شارك في العديد من المهرجانات الخليجية والعربية، وحاز تقديرًا جيدًا.
واستفاد المخرج من طبيعة «المسباح» المتنقلة لعقد المقارنات بين كويت الماضي وكويت الحاضر، على مستوى المؤثرات الصوتية والموسيقى وكذلك على مستوى الصورة. ففي البداية مشهد للأغاني التراثية البحرية لفرقة الماص للفنون الشعبية، وكأنها استعادة لماضي وبساطة الأجداد وقيمهم.
ومن منطلق أسرة «عتيج» قدم الفيلم صراع الأجيال ممثلًا في علاقة الأب والابن، فالأول حريص على دكانه وتجارته وما يملكه من «مسابيح» باهظة الثمن، بينما الابن أقرب إلى التمرد والانطواء يعيش في عالم رومانسي خيالي مع عزفه وغنائه على العود.
أما الأم كهمزة وصل بين الجيلين والعالمين، فهي نموذج للنساء اللواتي ينشطن في الساحة السياسية والاجتماعية وتقديم خطاب نسوي متطور جدًا، لكنها داخل البيت على النقيض من ذلك، سيدة تقليدية تهاب زوجها وتعيش في ثرائه، ولا تستطيع أن تعصي له كلمة، أو تدافع عن حق ابنها في التمرد وأن يصبح فنانًا.
تمثل أسرة «عتيج» وقصتها محور الارتكاز في السرد الفيلمي، لكنها تتقاطع مع قصص أخرى كاشفة أيضًا للصراع الطبقي داخل المجتمع.
القصة الثانية بطلها «ضاري» (عبدالمحسن القفاص) الشاب المتباهي بنفسه، والذي اشترى بالخطأ المسباح النادر باهظ الثمن من العامل المصري، رغم أن «بو عتيج» يمنع بيعه أو لمسه ويعلقه للعرض فقط. فثمة ارتباط عاطفي بينهما، محبة ربما تفوق محبته لابنه الوحيد.
أما القصة الثالثة فبطلها شريحة من الفقراء والصبيان الذين وقع في أيديهم المسباح عندما عثروا عليه أثناء لعب الكرة.
إلى جانب القصص الثلاث التي شكلت مقاطع أساسية، ظهرت قصص أخرى صغيرة مثل قصة «شيخة» (روان الصايغ)، الجارة الشابة التي يحبها «عتيج» لكن بسبب ضعف شخصيته وسطوة أبيه عليه يعجز عن الاعتراف بحبه وطلب يدها.
كما لدينا قصة «جوي» (نور الغندور) التي ولدت لأم كويتية وأب عربي الجنسية، وشاء حظها العاثر أن تلتقي «ضاري» في الصحراء وتتعرض لحادث معه. ولا ننسى الحضور الشرفي للفنان الشاب عبد العزيز النصار، وإن كانت مساحة دوره أقل من حجم موهبته.
وهكذا تلونت قصص الشخصيات لتغزل لنا نسيج المجتمع الكويتي كله وتشابكه الاجتماعي والعرقي، من أعلاه إلى أدناه.
لكن تظل القصة الإطارية الجامعة خاصة بــ «عتيج» وأسرته، فهو يحب الموسيقى ويقف في دكان والده غصبًا عنه، وعندما يتأخر في فتحه بسبب اندماجه في العزف والغناء لوالدته، يأتي الأب وبكل قسوة يكسر العود في الأرض.
وهي القصة الوحيدة التي سمح صناع الفيلم بتطويرها وإحداث تحولات فيها، فالأم المنسحقة أمام الأب قررت أن تواجهه أخيرًا وتدافع عن ابنها، والابن نفسه قرر بعدما رأى صدمة فقد المسباح على أبيه، أن يبحث عنه في كل مكان، إلى أن عثر عليه.
والرسالة التي سعى الشريط إلى تكريسها، هو الحب، ذلك السر الذي يربط بين أبناء المجتمع ويدفعهم إلى التضحية والعطاء.. فهو المنقذ والعلاج لكل مظاهر القسوة والأنانية.
وكان هناك اجتهاد من الممثلين في تجسيد أدوارهم، ومستوى جيد للصورة، والمونتاج.. لكن أبرز أوجه القصور التأثر بالطابع التلفزيوني في المعالجة، وهذا يظهر مثلًا في النبرة الميلودرامية، والصراخ، والعنف المجاني، وحجم المصادفات التي لا حصر لها، وحتى في حجم اللقطات وتكوينها.
كما إن الموسيقى للفنان مشعل العروج، صاحبت ما يزيد على 80 في المائة من المشاهد، بشكل متصل، على نحو مبالغ فيه، ولا يتناسب مع مفهوم الموسيقى التصويرية.
وعلى رغم طرافة التعليق من خلال صوت الراوي لكن أيضًا هذا الصوت أفسد متعة المشاهدة بشرحه المستمر لمعظم المشاهد والتعليق على ما تفعله الشخصيات، على رغم أن المشهد مرئي بالفعل، بل وأحيانا كان يحرق على المشاهد كاشفًا الحدث قبل رؤيته. وتلك المبالغة في التعليق تعني عدم الثقة بالصورة.

 

 

 

انطلاق مبادرة «السدو» للفن والتصميم في بيت السدو بمشاركة 5 فنانين

 

الشيخة بيبي الدعيج: «سدي» تركز على الاستدامة ونتمنى تطويرها

 

كتب: يوسف غانم
لأن السدو مشروع ثقافي يهتم بالمحافظة على فنون الحياكة والمنسوجات التقليدية في الكويت كان لا بد من تطويرها والنهوض بها كحرفة تراثية تعكس التنوع الحضاري في الكويت، فكان بيت السدو والذي يعكس المعمار الكويتي التقليدي بأحواشه المفتوحة وأبوابه الخشبية المنقوشة حاضنا لهذا الفن التراثي العريق، فكانت جهود القائمين على البيت وفي مقدمتهم الراعية والرئيسة الفخرية لجمعية السدو الكويتية الشيخة ألطاف سالم العلي الصباح وفريق بيت السدو من خلال التجديد في التقاليد بما يشجع على الاستلهام من تقاليد النسيج في التصميم المعاصر، فكانت مبادرة «سدي» عام 2016م لتشجيع الفنانين على البحث والتقصي في موضوع المنسوجات التقليدية في الكويت ودراسة أساليبها ومدلولاتها سعيا وراء الابتكار في مجال الفنون عامة والمنسوجات خاصة، ولأن التراث الثقافي محرك مهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية فقد أدرج للمرة الأولى في خطة التنمية المستدامة 2030 في مجال الثقافة للأمم المتحدة.
وتأكيدا لذلك كان إدراج مبادرة السدو للفن والتصميم «سدي 2019» ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي 25 والذي يقام تحت شعار «مسيرة ربع قرن من العطاء المتجدد» والتي تقام في بيت السدو.
وخلال افتتاح المعرض أكدت رئيسة جمعية السدو الحرفية الشيخة بيبي دعيج الصباح أن مبادرة سدي للتصميم والفن قد بدأت منذ 4 أعوام تحت مظلة مهرجان القرين الثقافي، والغاية من هذه المبادرة تطوير حرفة السدو وتحويلها إلى فن ونطلب من الفنانين المبدعين المحليين أن يأخذوا فكرة السدو ويطوروها كفن وأعمال فنية جميلة للفت أنظار الأجيال القادمة، فالسدو كفكرة وأعمال موجودة لكن استعمالاتها آخذة بالاندثار مع ما يشهده العالم من تطور صناعي، وفكرة هذا العام للمبادرة ترتكز إلى الاستدامة، ونتمنى من جميع الفنانين المشاركين استخدام مواد صديقة للبيئة ليكون لذلك أثر أكبر في نفوس الجميع وبشكل إيجابي أيضا.
وعن عدد المشاركين أوضحت الشيخة بيبي الصباح أن هناك خمسة فنانين هم د.جواد الطبطبائي وعبدالله الصالح ومنيرة الشامي ومشاري النجار وفضاء العمر وجميعهم يقدمون أعمالا جميلة تستحق المشاهدة والمتابعة من الجمهور لجودتها وروعة الأفكار النابعة منها، ولكل منها خصوصيتها وجوانبها الجمالية الإبداعية، خصوصا أن مجالاتهم مختلفة، وهذه المبادرة تسهم في إبراز الهوية الثقافية وتطوير التعبير الفني المعاصر في بلدنا الحبيب الكويت.
وأشادت الشيخة بيبي بالإقبال المميز من الجمهور ومحبي الحرف التراثية والتقليدية سواء من المواطنين أو المقيمين، داعية الجمهور لزيارة بيت السدو والتعرف على هذه الحرفة وجمالياتها، مؤكدة أن هناك العديد من الأنشطة التي يقوم بها بيت السدو لإيصال رسالته من معارض وورش عمل وفعاليات مختلفة.
وتوجهت الشيخة بيبي بالشكر والتقدير إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على رعايته واحتضانه هذه المبادرة منذ 4 سنوات والتي تشهد كل عام أفكارا جديدة ومتطورة تنال إعجاب الجمهور والمهتمين.
مصفوفات السدو
وقد التقينا بالمشاركين في هذه المبادرة، حيث تحدث د.جواد الطبطبائي عن عمله «مصفوفة السدو» والتي جاءت كتفسير ثلاثي الأبعاد للأفكار والتصاميم الشائعة في أعمال السدو التقليدية، فكانت بمثابة تركيبة تفاعلية تقتضي من المشاهد أن يراها من عدة زوايا.
وأضاف د.الطبطبائي أن هذا العمل يعكس التماسك الهندسي الموجود في قطع السدو التقليدية، ويتم تفسير هذه الأنماط الهندسية على أنها مصفوفة من البيكسل تحلق في الفضاء، كما تعكس التناقض بين الحواف الصلبة والحواف اللينة الموجودة في السدو، مستخدما في عمله الخرز الذي يوهج في الظلام وسدادات على شكل حلقات والأسلاك بشكل متناسق وأخاذ من جميع الزوايا.
وتوجه د.الطبطبائي بالشكر لبيت السدو وللمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على إتاحة الفرصة لهم لإبراز أعمالهم، كما شكر كل من كان إلى جانبه خلال إنجاز هذا العمل خصوصا فريد عبدالعال، وبتول الصراف وفاطمة الطبطبائي وغدير الكندري ونورة الصليلي وزينب الأنصاري وكوثر معرفي.
بنت إبجاد
كما التقينا المشاركة منيرة الشامي التي قالت إن مشاركتها عبارة عن تمثيل مادي للعقل المبدع لبنت إبجاد، وهي نساجة خبيرة لها خلفية وخصائص مشابهة للفنانة نفسها، فهي تنسج وهي تعلم أنها تصنع من أجل الخدمة، لكنها اختارت أن تدمج الجمال فافترضت أن تكون كل قطعة ملونة مثل المواد المتوافرة، وترى منيرة أنها ابنة الصحراء تمثيلا للقوة والاستدامة والحياة، وقد استخدمت مواد معاد تدويرها ودمجت وسائط من العصر الجديد، فيطل وجه القطعة صادقا وحقيقيا لمفهوم الواجهة والخلفية الأصليين الموجودين في النسيج، مع دمج تجربة بصرية في القطعة مما يسمح للمشاهد بمعرفة المزيد عن بنت إبجاد.
وقد شكرت الشامي بيت السدو والمجلس الوطني وجميع المشاركين والجمهور على دعمهم وحضورهم لهذه المبادرة الرائعة.
الظفرة
أما عبدالله الصالح فكان عمله «الظفرة» للتعريف بالناسجة الأكثر مهارة بين مجموعتها، حيث استخدمت الناسجات البدويات العديد من عناصر الطبيعة التي ألهمت التصميم الفريد لكل قطعة سدو تم ابتكارها، كما تم سرد قصص الأجواء المحيطة والاستفادة منها في الحياة اليومية في الصحراء.
كما عبّر الصالح عن تأثره بالجزائر مكان مولد والدته، فكانت مشاركته باستخدام أجزاء من الوسائد المنسوجة من شعر الإبل في الجزائر إضافة إلى الصوف الأحمر والأسود الذي يمثل السدو التقليدي في الكويت، مع قطعة القماش التي تغطي وجه المرأة، فكان الزي انعكاسا واقعيا لما كانت النسوة يرتدينه آنذاك.
من وإلى الأرض
بدورها عبرت فضاء العمر عن سعادتها بالمشاركة في مبادرة «سدي» لهذا العام حيث إن عمله يتناول قصة ناسجة تقاوم انقراض السدو، وهو نسيج قبلي بدوي قديم يتم نقله من الأم إلى الابنة على مدى الأجيال، كما أن المعاني الخفية والرمزية التي تم جمعها من الأرض نفسها والبيئة التي كانت تحيط بهؤلاء النسوة، ومع مرور الوقت فقدت الناسجات الاهتمام وخشية من انقراض الحرفة قررت إحدى الناسجات تمرير خبرتها من خلال رسم ونسج أنماط السدو على الفروع والأخشاب التي وجدتها ملقاة في الصحراء، نعم فقد تركت بصمة السدو لأنها تعلم أن الأرض ستحتفظ بها لأجيال. وأوضحت العمر أنها استلهمت هذه القطع من حوارات فضاء مع الناسجات اللاتي أعربن عن قلقهن من عدم اهتمام بناتهن بتعلم النسيج، وشعرت فضاء بمزيج من مشاعر القلق والعجز والحزن كلها ملثمة بالأمل.وأبدت العمر رغبتها باستمرار العمل للحفاظ على هذا الفن الجميل والتراث الكويتي العريق، علما بأنها استخدمت الخشب الموجود في الطبيعة واللوحة القماشية والقلم والأكريليك وأقلام الرصاص الملونة.
الكويتية .. قصة مبنى
من جهته اعتبر الفنان مشاري النجار أن عمله مستمد من مبنى مقر الخطوط الجوية الكويتية الذي كان آيلا للسقوط وفي أيامه الأخيرة، الذي تم إخلاؤه بالكامل وهدمه رغم ما كان يمثله من صورة إيجابية لتاريخ الكويت ولعصرها الذهبي وكشاهد على تطورها السريع آنذاك.
وقال النجار: إن السدو يتشابه إلى حد كبير مع هذا المبنى من ناحية التكرار نظام تصميمه وهذا محور هذه القطعة، حيث تستحضر الأشكال المطبوعة على الخام واجهة المبنى وتتزايد الخيوط أعلى التصميم في الكثافة وهي تجسيد مبسط لعملية الهدم.
وأضاف النجار أن السدو يعتبر مصدر إلهام رئيس لعمله، وللحفاظ على شيء ما يجب علينا أن نحافظ عليه قالبا وروحا، فالهدم المستمر للتراث الحديث وعدم الحفاظ على هذه المعالم التاريخية هو سبب عدم الاستدامة، وعلينا نشر الوعي ضد إزالة تاريخنا باسم الحداثة، متوجها بالشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وإلى القائمين على مهرجان القرين الثقافي 25، وإلى أسرة بيت السدو على ما قدموه لإنجاح هذه المبادرة «سدي 2019».

 


يضم أعمال 21 مصورا كويتيا جمعهم حُب فن التصوير

 

معرض «فن التصوير المعماري»
في متحف الفن الحديث

 

الدويش: «المجلس الوطني» يدعم جميع المبادرين الشباب
المشاركون: نشكر القائمين على «القرين» لاحتضان هذا المعرض
كتب: يوسف غانم
افتتح الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة، والأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر الدويش معرض «فن التصوير المعماري» في متحف الفن الحديث، وذلك ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي الـ 25، والذي يقام هذا العام تحت شعار «مسيرة ربع قرن من العطاء المتجدد».
وفي البداية أكد د. بدر الدويش أهمية فن الصور الفوتوغرافية، وهذا المعرض من المعارض المهمة وبالتالي تم تقنينه ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي الـ 25، ويعتبر هذا الفن من المدارس الفوتوغرافية المهمة، ويضم المعرض 21 عملا فنيا مقسمة على جانبين الأول يكون التركيز فيه على الأشكال الهندسية والتصاميم المعمارية وجمال أشكالها، من خلال رؤية هؤلاء الفنانين إذ يمتلكون حسا فنيا وثقافيا مختلفا يظهر خلال عدساتهم جماليات هذه المباني.
أما الجانب الآخر «فن المينمال» فيوازن فيه المصور بين الفراغ السلبي والعناصر الموجودة في الصورة، بهدف إعطائها قيمة أكبر لتظهر بشكل استثنائي ومميز، وقد قدم لنا المصورون المشاركون صورا جمالية هندسية يستحقون عليها كل الشكر.
وعن دعم هؤلاء الشباب قال د. الدويش أنه قد تم تناول وجهات نظرهم وسنقدم لهم كل عون في إيصال أفكارهم ونقلها إلى جميع الجهات، وحتى القطاع الخاص الذي لم يأخذ سوى بعض الجزيئات من هذا الفن، على رغم أن معظم هذه الصور ملتقطة خارج الكويت وبالتالي وعدناهم بالمساعدة في عرض هذه اللوحات الجمالية، وثقتنا كبيرة بجميع الجهات وحتى القطاع الخاص، وسيكون هناك حضور لهم لعرض إبداعاتهم.
نظرة فنية
وباستطلاع آراء عدد من المشاركين تحدث المصور محمد المحارب المتخصص في تصوير الإندسكيب والتصوير المعماري، عن مشاركته قائلا إنه بدأ هواية التصوير منذ 2011 وبدأ بتصوير كل شيء وقد وجد ضالته في تصوير المباني كما أنه قد توصل مع زملائه إلى أخذ المباني بنظرة فنية لا هندسية، وهذا أول معرض فني له في الكويت، علما أنه حاصل على العديد من الدورات في مختلف مجالات التصوير محليا ودوليا، وشارك في كثير من المعارض الدولية.
وعن هذا النوع من التصوير قال المحارب إنه يحتاج إلى تجهيزات خاصة لالتقاط الصور بجودة عالية مع فلاتر محددة بمزايا عالية تعطيك فترات زمنية أطول قد تصل إلى 10 دقائق لرسم المشاهد بصورة أكثر دقة وحيوية، للوصول إلى الغاية المطلوبة والصورة الجاذبة.
وبين المحارب أن هذه الصور تتم بجهود فردية، متوجها بالشكر إلى بعض الجهات التي دعمتهم بإقامة المعارض كوزارة الشباب والرياضة حيث أقاموا معرضا في حديقة الشهيد، وكذلك في معرض الكويت الدولي للكتاب بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وما نحتاج إليه هو توفير المكان لعرض أعمالنا، وهذا العام جاءتنا الدعوة للمشاركة بمهرجان القرين 25 بعد مشاركتنا في معرض بتركيا حيث لاقت أعمالنا إعجاب الجمهور هناك.
نجاح كبير
بدوره قال المصور ناصر العميري إنه بدأ مشواره في هذا المجال منذ العام 2009 وتخصص في التصوير المعماري منذ العام 2012، متوجها بالشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على إتاحة الفرصة لهم لعرض أعمالهم في هذا المهرجان وعلى دعمهم الكبير، معتبرا هذه المشاركة فخرا لهم حيث إن المهرجان يقام تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك. وعن مشاركاتهم قال الفنان العميري: لقد دعتنا سفارة الكويت في تركيا للمشاركة بمعرض للتصوير هناك، وقد لاقى نجاحا كبيرا، كما تمت دعوتنا إلى دبي وإلى إسبانيا فالقبول العالمي كبير لهذا النوع من الفنون، وما يزيد فخرنا هو مشاركتنا بهذا المهرجان العزيز على قلوبنا وقلوب جميع الكويتيين. وقد حصل العميري على العديد من الجوائز المحلية والعالمية في مجال التصوير الفوتوغرافي، كما أنه مدرب في مجال التصوير التخصصي والتصوير المعماري، ومدرب معتمد من الأكاديمية الأمريكية.
رؤية فنية
أما المصور المبدع د. ناصر بدر الحميدي وهو طبيب متخصص في الجراحة العامة وجراحة القدم السكري بالتحديد، فقد بدأ هوايته بتصوير الطبيعة وحياة الناس ثم توجه إلى تصوير فن العمارة، حيث يشاهد زوايا غير معتادة فيأخذ منها الأفضل وفق رؤية فنية، مؤكدا أنه تعلم التصوير بشكل ذاتي.
وعن مشاركاته بيَّن د. الحميدي أنه شارك في عدد من المعارض وفاز بعدة جوائز محلية وعالمية أهمها ذهبية مسابقة آل ثاني العالمية للتصوير.
وتوجه الحميدي بالشكر إلى المجلس الوطني على دعمهم في إقامة هذا المعرض ضمن مهرجان القرين الثقافي.
جوائز ومشاركات
من جانبه قال الفنان محمد السعد إنه مصور معماري، بدأ رحلته بالتصوير المعماري منذ 2011 وهو حاصل على دبلوم التصوير من المعهد البريطاني لفن التصوير، واتبع العديد من الدورات التدريبية في مجالات التصوير المختلفة، كما نال عدة جوائز محلية وعالمية، وشارك بالكثير من المعارض الفنية المتخصصة.
وأضاف السعد: إن هذه المشاركة هي الأولى له في مهرجان القرين، معبرا عن سعادته بهذه المشاركة في هذا المهرجان في نسخته الـ25، حيث يغلب على المعرض طابع الأبيض والأسود، وطريقة التصوير بشقيه العادي وإضافة العنصر البشري داخل الصورة، حيث معنا 7 فنانين يتقنون هذا النوع من التصوير.
ومن المشاركين في المعرض أيضا المصورة معالي الدبيان التي دخلت عالم التصوير في العام 2011 وشاركت في عدة ورش داخل الكويت وخارجها، وفازت بالجائزة الذهبية في مسابقة النمسا 2015 «محور الأشجار».
وأيضا المصور د. مشاري النفيسي الذي بدأ مشواره مع التصوير في العام 2007م، وبدأ تخصص التصوير المعماري العام 2016، وشارك في العديد من الورش والمعارض داخل الكويت وخارجها، كما حاز عدة جوائز في مسابقة «IPA» في التصوير المعماري.
أما المصور سالم الباز فكانت بدايته مع التصوير في العام 2012، وله مشاركات في ورش ومعارض محلية ودولية، وتخصص في التصوير المعماري في العام 2016م.
تطور العمارة
بدوره وخلال حضوره المعرض أوضح أستاذ التصوير الفوتوغرافي الدولي بهاء الدين القزويني أنه قد استفاد كثيرا من زيارته لهذا المعرض حيث شاهد عددا من الأعمال اللافتة للأنظار، وتبرز جهود هؤلاء الشباب المبدعين بما قدموه، فالمبدعون دائما في حاجة إلى الدعم والتشجيع لإبراز هذه الطاقات، ويسعدني أن أتوجه بالشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على إتاحة الفرصة لهم للمشاركة ضمن مهرجان القرين، وهي بداية جيدة لهم للإسهام في تطوير فن العمارة في دولة الكويت الذي يشهد تطورا كبيرا يوما بعد يوم.
وأشار القزويني إلى أن الصورة الفوتوغرافية هي عبارة عن رسالة كلما استطاعوا إظهارها بشكل جميل فإنهم يبرزونها بالشكل الصحيح خارجيا كما فعلت مع زملائي في معرضنا الذي أقمناه أخيرا في ألمانيا، فالصورة الفوتوغرافية أفضل من مليون كلمة. وشكر القزويني المجلس الوطني على احتضان هذا المعرض ضمن مهرجان القرين الثقافي، كما شكر المصورين المشاركين والحضور على اهتمامهم ودعمهم لهؤلاء الشباب، متمنيا زيادة أعداد المعارض الفنية وأعداد المشاركين فيها لتبادل الخبرات وتحقيق الفائدة المرجوة للجميع.

 


يضم كتاب «سبائك العسجد» ووثائق تعود لعهد مبارك الكبير

 

معرض لنوادر الكتب والمخطوطات والوثائق الكويتية في «المكتبة الوطنية»

 

كتبت: سهام فتحي
افتتح معرض «نوادر الكتب والمخطوطات والوثائق الكويتية» بحضور مدير عام مكتبة الكويت الوطنية كامل العبدالجليل وتستمر فعالياته خمسة أيام. يأتي المعرض ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الــ 25 الذي يقام من 8 إلى 25 يناير ليسلط الضوء على الثقافة في الكويت وتاريخها وهو ما يعمل عليه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وتضمن المعرض عددا من المطبوعات والوثائق والمخطوطات النادرة وعددا من صفحات القرآن الكريم وتفسيره.
من جانبه قال مدير عام مكتبة الكويت الوطنية كامل العبدالجليل: إن افتتاح المعرض بما يضمه من كتب ومطبوعات وعدد من الوثائق النادرة النفيسة التي تحتفظ بها مكتبة الكويت الوطنية نسعد بعرضها من خلال فعاليات مهرجان القرين الخامس والعشرين.
وأضاف العبد الجليل: إن المكتبة تحفظ وتنظم وتصون المخطوطات والكتب والوثائق النادرة ونعرضها للجمهور ليستفيد منها باعتبارها مادة تبين مدى عمق الثقافة في الكويت ونشر المعرفة ووجود مفكرين وكتاب كويتيين متميزين في تاريخ الكويت الثقافي المعطاء، فعلى مدار ما يزيد على 130 عاما توجد كتب تعتبر من ذخائر مكتبة الكويت الوطنية في مجالات ثقافية متنوعة وفكرية وأدبية.
ومن الكتب المميزة التي تعرض فى معرض نوادر الكتب كتاب «سبائك العسجد» للفقيه والمفكر الكويتي عثمان ابن سند المالكي وهو يعد من الكتب القديمة النادرة جدا وتعرض نسخة أصلية للجمهور.
وتابع العبد الجليل: إننا نعرض عددا من الوثائق التي تعود إلى عهد الشيخ مبارك الكبير حاكم الكويت السابع، ومراسلات بين حكام الكويت الكرام والمكتب التجاري الكويتي في الهند وتعرض لأول مرة وهى نادرة جدا. بالإضافة إلى عرض عدد من محاضر جلسات مجلس المعارف فى بداية عام 1950 وهى مضابط ومحاضر في غاية الأهمية وتحتوى على الكثير من المعلومات القيمة عن بدايات العمل بدائرة المعارف ومنتصف فترة عمل النظام التعليمي الحديث لدولة الكويت في منتصف القرن الماضي.

 

 

 

سيف والدويسان قدّما الورشة الفنية

 

«صهر الزجاج» في مركز اليرموك الثقافي

 

كتبت: أمينة الحداد
ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي استضاف مركز اليرموك الثقافي ورشة صهر الزجاج والتي حاضر فيها كل من لبنى سيف ومحمد الدويسان، الدويسان أشار إلى أن الورشة تقدم كيفية تعلم صهر الزجاج والتركيز على معطيات هذه الخامة الثرية التي يتشكل منها العديد من الأشكال وتدخل في صناعات أخرى كثيرة. وفي السياق نفسه قالت لبنى سيف إن الورشة هدفها تقديم أنواع الإبداع من خلال تعلم خطوات هذه الصناعة البديعة والتعرف على عالم الفيزياء والكيماء الذي يدخل في ثنايا هذه الصناعة. يصعب تخيل أن الزجاج الذي ينكسر من درجات الحرارة العالية قد تم صنعه في الأساس بالاستعانة بدرجات حرارة شديدة لدرجة الانصهار، وهذا الأمر الفيزيائي الغريب تصاحبه مراحل أخرى لصنع الزجاج بالشكل وبالنوع الذي نرغب به، وهو ليس بالأمر السهل أو الذي يمكن عمله في المنزل بمواد أولية، فصنع الزجاج عملية معقدة وبحاجة إلى مواد دقيقة للوصول إلى درجة النقاء المرجوة من الأدوات الزجاجية سواء كانت للشبابيك أو للأواني أو لغيرها، وقد خصصنا هذا المقال لذكر أنواع الزجاج والمراحل التي يمر بها لصنعه.
أنواع الزجاج
تختلف أنواع الزجاج حسب نوع المواد الخام المصنوع منها، ومن أهم هذه الأنواع:
البايركس: وهو نوع الزجاج الذي تصنع منه الأواني والأدوات المطبخية المعروفة بتحملها للحرارة، والمعروفة باسم البايركس، والسبب في عدم تكسره عند تعرضه للحرارة العالية يعود لاحتوائه على نسبة عالية من أكسيد البورون الذي يؤدي إلى صغر معامل تمدده.
سيليكا 96 (الزجاج القاسي): وهو نوع آخر من أنواع الزجاج الذي يتحمل الحرارة بسبب صغر معامل تمدده وارتفاع درجة انصهاره.
الزجاج الصواني: هو نوع من الزجاج المستخدم في الأجهزة البصرية والمجوهرات الصناعية، ويمتاز بليونته العالية عند التسخين واحتوائه على نسبة عالية من أكسيد الرصاص.
الألياف الزجاجية: وهي ألياف تستخدم في صناعة الملابس الواقية من الحريق ومواد عزل الحرارة، ويتم صنعها عن طريق تمرير المصهور الزجاجي على سبكة بلاتينية تسخن كهربائيا بشكل مستمر لإنتاج الخيوط الزجاجية التي تمر حول أسطوانة دوارة.
الزجاج الضبابي (غير الشفاف): يتم صنعها بواسطة إضافة مواد ذات معامل انكسار مختلف عن الزجاج، حيث تبقى المواد عالقة عند تبريد الزجاج لجعله يبدو ضبابيا.
مراحل صناعة الزجاج
الصهر
هي أن يتم صهر المواد الأولية المحضرة بشكل معين إما بودرة أو حبيبات وبنسب معينة مع مزجها معا داخل أفران مخصصة، إما أن تكون داخل فرن الجفنة الذي تبلغ سعته طنين من المواد الأولية ويستخدم لإنتاج الزجاج الصواني، أو يصنع من الصلصال أو البلاتين، أو فرن الحوض الذي يتسع لألف وخمسمائة طن من المواد الأولية ويصنع من القرميد الناري.
التشكيل
هي أن يتم تشكيل المادة الناتجة من صهر الزجاج بعد أن يتم تبريده ببطء حتى يصل إلى القوام المناسب، والتشكيل يتم إمّا يدويا بأن يصب المصهور في قوالب مخصصة ويتم النفخ فيها إما بالفم أو بمنفاخ، أو آليا باستخدام آليات متخصصة بالنفخ والتشكيل، وفي كلتا الطريقتين يجب الإسراع في عملية التشكيل حتى لا يتصلب المصهور.

 


قدّمت أمسية موسيقية على مسرح عبد الحسين عبد الرضا

 

فرقة موكاي .. تنشر تراث جنوب أفريقيا على أنغام موسيقى الجاز

 

سفير جنوب أفريقيا: شرف وفخر كبير أن نشارك في «القرين»

 

كتب: مفرح حجاب
أقيمت مساء أمس الثلاثاء أمسية موسيقية لفرقة الفنان موكاي من دولة جنوب أفريقيا، على مسرح عبد الحسين عبد الرضا، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ 25 لمهرجان القرين الثقافي، وسط حضور جماهيري كبير ملأ قاعة المسرح بالكامل، وكان في مقدمته الأمين العام المساعد لقطاع الفنون الدكتور بدر الدويش، وسفير جنوب أفريقيا لدى الكويت موزليسا بونا، وحشد كبير من أبناء جالية جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى محبي موسيقى الجاز والفن الأفريقي.
استهل الحفل المذيع عبدالله بوقماز مرحبا بالحضور، ومثنيا على عمليات التنظيم في المسرح، والجهود الذي يبذلها القائمون على المجلس الوطني؛ من أجل أن تخرج فعاليات القرين بالشكل الذي يليق بتاريخه وأهميته الثقافية على الصعيدين الخليجي والعربي، ثم انطلق الحفل بإيقاعات الرومبا ونغمات الساكس فون، وسط أجواء حماسية حركت جنبات المسرح، وعلى الرغم من أن الفرقة تقدم موسيقى على آلات حديثة من بينها البيانو والآلات النحاسية والرومبا وغيرها فإنها تهتم - بشكل كبير - بنقل الوجه المشرق والحضاري لكل تراث جنوب أفريقيا، فالفنان موكاي الذي حصد العديد من الجوائز، وطاف في العواصم العالمية، سواء الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وسويسرا والكونغو وغيرها، استطاع أن يقدم أجمل ما لديه في هذه الليلة، حيث إن كل الأغاني التي يقدمها تحمل حكاية وقصة في الحياة، فالفرقة قدمت 12 أغنية من بينها أغنية خاصة بالقرى في جنوب أفريقيا، وأخرى عن سيدة ملهمة اسمها صوفيا، وأغنية للجيل الجديد، وأهمية تعلمهم الديموقراطية، لاسيما في تاريخ 16 يونيو من كل عام، كما قدمت الفرقة أغنية لقرية في دولة موزمبيق، وكانت هناك أغنية مهمة عن قوة الناس وأخرى عن الطبيعة، كما حاول الفنان موكاي أن يعود من جديد إلى هذه المنطقة من العالم بأغنية الصلاة للمطر، وأخرى عن قوة الناس.
فرقة جنوب أفريقيا استطاعت أن توصل رسالتها إلى كل من استمع إليها، من خلال ابتكارها طريقة جديدة وموسيقى تشبه كل من يحب موسيقى الجاز بأسلوب عالمي مبتكر دمج فيها الفنان موكاي البيانو مع الساكس فون، والرومبا مع التشيلو ليقدم للحضور تراث جنوب أفريقيا بالطريقة التي يحبها.
الموسيقى التي قدمتها هذه الفرقة، رغم ما تحمله من فكر، حملت قالبا فيه حيوية مختلفة، وحالة من الحماس والبهجة والفرح، كأن الجمهور الذي يتذوق الموسيقى كان ينتظرها، فلم تتوقف الفرقة منذ صعودها على المسرح، كما برزت حالة الانسجام الكبيرة بين كل أعضاء الفرقة، حيث إن كل أغنية قدمتها كانت تجعل الفرقة كالموج الأزرق الذي يتدفق نغما وألحانا وحالة من الدفء الذي يجعل الإنسان يفتخر بكل ما لديه بوطنه، حيث برزت حالة من الحميمية لدى موكاي وكل أعضاء الفرقة حينما تأتي أغنية تتعلق بحكاية في جنوب أفريقيا، لينتهي الحفل بالحماس نفسه الذي بدأت به.
وكان السفير موزليسا بونا قد ألقى كلمة قصيرة قبل بداية الحفل، أشاد فيها بالعلاقات المتميزة بين الكويت وجنوب أفريقيا على كل المستويات، وقال: نحن نفتخر بأن تشارك فرقة من جنوب أفريقيا في الاحتفال باليوبيل الفضي للقرين، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة تتم بين سفارة دولة جنوب أفريقيا والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من أجل وجود فنانين وموسيقيين هنا في الكويت.
وأضاف: إنه لشرف عظيم لنا وجود فرقة من جنوب أفريقيا تحكي عن تراثنا في أكبر مهرجان ثقافي في الكويت، مشددا على أن العلاقات الثقافية بين الكويت وجنوب أفريقيا تتطور بشكل كبير.
من جهة أخرى أهدى الدكتور بدر الدويش درع مهرجان القرين للفنان موكاي، مرحبا به وبفرقته في الكويت.

 


هدفها تعريف المشاركين بالمفاهيم الأساسية للتحليل الموضوعي

 

ناصر الخرينج حاضر لأمناء المكتبات في ورشة «التكشيف والاستخلاص»

 

كتبت: سهام فتحي
احتضن مهرجان القرين الثقافي الــ25 الذي تقام فعالياته من 8 - 25 يناير ورشة عمل «التكشيف والاستخلاص» قدمها ناصر متعب الخرينج، وتستمر فعالياتها لمدة ثلاثة أيام في مكتبة الجابرية العامة.
وقال ناصر متعب الخرينج المشرف على الورشة إنه تم إعدادها وتنظيمها ضمن أنشطة مهرجان القرين. وأشار إلى أن الورشة خاصة بأمناء المكتبات المدرسية وعددهم 25.
وأوضح الخرينج أن «التكشيف» عبارة عن عملية فن وعلم لإعداد مداخل الكشاف التي تؤدي إلى الوصول للمعلومات من مصادرها وتعد من العمليات المهمة التي يجب أن يقوم بها المفهرس المتمرس في مجال المعلومات وتنظيمها كما يعتبر هو التحليل من اجل إعداد المداخل ومفاتيح الوصول إلى محتوى الوثائق.
أما الاستخلاص فهو من الإجراءات الفنية من أجل التبسيط والوصول للباحثين عن المعلومات بسهولة ويسر، وهو التحليل من أجل تقديم أهم ما تشتمل عليه الوثائق من رسائل وأفكار ومعلومات، كما يعد وسيلة مهمة من وسائل استرجاع المعلومات ووسيلة من وسائل الاتصال بين مصادر المعلومات الأولية والمستفيدين لأهميته في توفير وقت المستفيد واطلاعه على كل ما هو جديد في حقل تخصصه من معلومات سواء كانت على شكل كتب أو بحوث أو وثائق أو دوريات.
وأشار الخرينج إلى أن الغرض الرئيسي للمستخلص هو عدم إضاعة وقت الباحث بأن يقدم له المعلومات الموجزة والمركزة والشاملة في الوقت نفسه والتي يحتاج إليها في مجال بحثه أو دراسته بدلا من الرجوع إلى الوثائق الأصلية التي تمثل المصادر الرئيسية لهذه المعلومات والأفكار المستخلصة. كذلك فإن المستخلص الجيد يمكن المستفيد من الحكم على مدى علاقته الوثيقة بموضوع تخصصه أو اهتمامه.
وبين الخرينج أن الهدف العام من الورشة هو تعريف أمناء المكتبات المشاركين بالمفاهيم الأساسية للتحليل الموضوعي وإكسابهم مهارات التعامل مع أدوات التحليل الموضوعي من خلال فهم عناصر التكشيف وأنواعه وإدراك أساليب الاستخلاص وإجراءات إعداد المكانز وطرق استخدامها، وأخيرا القدرة على إعداد الكشافات وكيفية استخدامها.


خلف العنزي شرح عن فنون الكتابة في ورشة «السيناريو»

 

ضمن فعاليات مهرجان القرين أقيمت ورشة تدريبية حول «السيناريو» والتي حاضر فيها الكاتب خلف العنزي، بحضور عدد من المهتمين بهذا النوع من فنون الكتابة تحدث فيها عن المستويات المتقدمة في كتابة السيناريو والتي أشار من خلالها إلى تسلسل الأفكار بين خمس درجات، موضحا أن لكل إنسان حالة ميكانيكية تحركه من فكرة إلى أخرى كآلية للكتابة يسعى من خلالها الكاتب للوصول إلى الفكرة الأفضل لتكون نواة لعمله.
وقد فتح العنزي باب النقاش بين الحضور حول الأولوية في كيفية التفكير في الكتابة ما بين الهدف والقصة والشخصية وأيهما الأول معتبرا أن أيا من هذه العناصر يمكن أن يكون الأول لتبقى بقية كل العناصر بعدها مستهدفة لتكون مرسومة وواضحة الأهداف بشكل صحيح.
وصنف العنزي مناهج التفكير الثلاثة: الأول التفكير التنفيذي والذي يمكن من خلاله البحث عن الممكن، أما الثاني فهو التفكير الأكاديمي وهو ذو طابع علمي بحثي، بينما أشار إلى الثالث وهو التفكير السياسي وهو تفكير ممنهج مؤسسي ومؤطر.
وقد تبادل العنزي الحوار مع الحاضرين ما بين التفكير الجماعي والعصف الذهني كل تبعا لأسلوبه للوصول إلى طريقة مثلى في كتابة سيناريو يحقق الأهداف المرجوة منه وعلى أسس صحيحة.

 

محمد عبدال قدَّم ورشة
«كيف تكتب النص المسرحي»

 

قدَّم أستاذ النقد والأدب المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية د. محمد عبدال ورشة مسرحية بعنوان «كيف تكتب النص المسرحي» ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي حيث حضرها عدد من المهتمين بهذا الشأن تحدث من خلالها عن محاور أساسية في كتابة النص المسرحي والتي بدأها بعنصر الفكرة ومعالجتها من حيث العقدة والحكاية عارضا نماذج من مسرحيات شهيرة وكيفية التعامل معها ومعالجتها دراميا وكيفية صناعة موضوع لمسرحية معتمدا على الفكرة.
بعدها تطرق عبدال إلى الشخصية في النص المسرحي وأبعادها الى جانب الشخصية الرئيسة والشخصية المحورية والشخصيات الثانوية ودور كل واحدة منهم في النص والحدث بما في ذلك البطل والبطل المضاد، لينتقل بعدها إلى نقطة الصراع والتي تُعتبر من أهم العناصر في النص المسرحي، مبينا أشكال الصراع وتطوره في الأحداث. وفيما يتعلق بالحوار شرح عبدال وظائف الحوار في العمل الدرامي وكيفية صياغته شارحا أنواعا متعددة من أنواع الحوار.
وقد وجه المشاركين في الورشة إلى مناقشة مشروعات التأليف المكتملة لمتدربي الدورة التي قسمها إلى جزأين الأول منها نظري والثاني تطبيق لما تعلمه المتدرب في الورشة في حين خصص اللقاء الأخير لمناقشة موضوعات المتدربين المكتملة.

 

Happy Wheels