معرض الخط العربي.. الجماليات الأصيلة للحفاظ على الذاكرة

02 فبراير, 2016

معرض الخط العربي.. الجماليات الأصيلة للحفاظ على الذاكرة


 
 
ظل فن الخط العربي متربعا على رأس الفنون الإسلامية قرونا، وواحدا من الحرف الشريفة المقام سواء بارتباطه بكتابة المصحف الشريف، أو الكتابات والرسائل السلطانية، أو كتزيين للمساجد والأثاث والفرش. لكن انتكاسة ما أصابته مع نهاية الدولة العثمانية، وبروز مرحلة الحداثة، إذ تناسى الناس هذا الفن، لحساب الحداثة في فن التصوير المتأثر بالغرب. ويأتي معرض وورشة الخط العربي الذي افتتح أعماله في مكتبة الكويت الوطنية ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ22 مؤكدا على استعادة هذه الهوية الجمالية والثقافية العريقة، بحسب ما يقول منظم المعرض الفنان علي البداح.
المعرض ضم عددا من أعمال الفنانين فاضل الرئيس ونايف الهزاع وفاطمة الحمادي وأريج السالم ومعجل العبكل إضافة إلى البداح.
فكرة المعرض بدأت منذ شهور عدة باقتراح قدمه البداح لمدير مكتبة الكويت الوطنية كامل العبدالجليل الذي رحب بالفكرة ورأى أن الوقت المناسب لها هو مطلع العام الحالي للترافق مع احتفالات الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية. المعرض أقيمت على هامشه ورشة على مدار ثلاثة أيام حيث يقوم الفنانون المشاركون برسم بعض لوحاتهم أمام الجمهور. "هي ليست دورة تعليمية" يقول الفنان البداح موضحا الهدف من الورشة، والذي يتمثل في تقريب فن الخط إلى الجمهور.
 
تقنيات متنوعة:
 
تميز المعرض المشترك بالتنوع سواء في أنواع الخطوط المستخدمة، أو في التقنيات الفنية التي تجمع بين الكلاسيكية والتجريب. في لوحات الفنان فاضل الرئيس تداخل بين الخط العربي والتشكيل اللوني، يتخذ أحيانا هيئة الامتزاج بين وحدات معمارية تراثية وبين الخطوط، وأحيانا يجنح إلى التجريد في حوار بين اللون والخط.
 
بين البساطة والتجريب:
 
تبدو ملامح التجريب أيضا في لوحات الفنان معجل العبكل. بينما يميل معظم الفنانين إلى استخدام كلمات ذات دلالة في لوحات الخط العربي، يتخذ العبكل من الحرف مطلقا وحدته الجمالية، ليدخله ضمن تكوينات لونية تعتمد على البنيات والبنفسجي. تميل يدي العبكل إلى حرية أوسع تبتعد عن الزخارف المعادة، لتشكل وحدة لونية مليئة بالتفاصيل. البساطة والرقة والعودة إلى الأصالة نلمحها في الأعمال التي قدمها نايف الهزال وأريج السالم والفنانة فاطمة الحمادي التي اعتمدت في رسومها على الخط الجميل في أناقته وبساطته.
 
الآية والحكمة والشعر:
 
أما لوحات الفنان علي البداح فقد جمعت بين تدوين الآيات الكريمة والحكم والأمثال وبين الشعر أيضا. لوحتان من أعمال البداح ضمتا أبياتا للشاعر الراحل المثير للجدل فهد العسكر، إحداهما تحتضن أبياتا في مدح الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ. يقول الفنان عن هذه اللوحة إنه رأى أن الكثيرين يعتبرون الشاعر فهد العسكر متمردا وينظر إليه بريبة لكني عثرت على تلك الأبيات التي تؤكد على جانب آخر في حياته. لوحات أخرى ضمت أبياتا في الغزل والحب. وتجمع لوحات البداح بين التأطير الهندسي وبين كسر النسق والسيمترية محدثة توازنا فنيا وجماليا خاصا.
 
 
ضد النسيان:
 
تأتي أهمية فنون الخط العربي، والاهتمام بجمالياته مواجهة تحديا كبيرا الآن، بسبب شيوع الأجهزة النقالة والكومبيوتر التي أبعدت الناس عن الكتابة اليدوية، وبدا أن ثمة خطرا في أن تجهل الأجيال الجديدة أشكال الكتابة والخط العربي الأصيل. وبعد شيوع أشكال من التدوين على أجهزة الكومبيوتر وغيرها مثل ما يسمى "العربيزي" يرى البداح أن ما هو مهدد ليس فن الخط العربي وحده، بل اللغة نفسه حاملة القرآن الكريم.
وربما من هنا تأتي أهمية مثل تلك الفعاليات الفنية في إحياء الفنون الأصيلة، وربط الشباب بتراثهم وثقافتهم العربية والإسلامية. ويعد المعرض في هذا الإطار منسجما مع اختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية إبراز ما تحويه هذه الثقافة من جماليات وتنوع ثقافي وإثني امتد على ما يربو الأربع عشرة قرنا من الزمان.
 
ـ المعرض يربط الشباب بتراثهم وثقافتهم العربية والإسلامية الأصيلة
ـ جمع بين الأشكال الكلاسيكية ونزعة التجريب والحداثة

Happy Wheels