الندوة الفكرية تواصل فعاليتها بجلسات ثرية.

20 سبتمبر, 2016

 

 

 

الندوة الفكرية تواصل فعاليتها بجلسات ثرية.

تعزيز مفاهيم وقيم الهوية الوطنية و الهوية الوطنية وقيم المواطنة و الوحدة الوطنية من المنظور الإسلامي..نقاش بناء نحو غدا افضل

 

 

جاءت الجلسة الحوارية الثانية بعنوان " دور المؤسسات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية في تعزيز مفاهيم وقيم الهوية الوطنية" وحاضر فيها الدكتورة فاطمة الصايغ من الإمارات العربية المتحدة و محمد الرويلي من قطر بينما ادار الجلسة الدكتور حامد عبد الله. .

 

وكانت البداية مع أ. د. فاطمة الصايغ – قسم التاريخ جامعة الإمارات العربية المتحدة – العين بورقة بحثية بعنوان " الهوية وتعزيزها في دول الخليج دولة الإمارات العربية المتحدة أنموذجا"

حيث قالت في مقدمة بحثها " أصبحت التحديات الحضارية من أهم التحديات التي تواجه دول الخليج عامة، ودولة الإمارات بصورة خاصة. فدول الخليج تُعد شاهدا حقيقيا وأنموذجا فريدا على عملية التغير الحضاري والحَراك الديموغرافي التي تشهدها مجتمعات العالم المعاصر. ليس هذافحسب بل إن مجتمعات الخليج قد اعتُبرت عالميا من أكثر مجتمعات العالم حراكا وتغيرا وتبدلا، من حيث التحولات الديموغرافية والمعيشية والقيمية. فقد مرت المنطقة بحالة سريعة من التحولات أفرزت أوضاعا اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة كل الاختلاف عن أوضاعها السابقة، الأمر الذي خلق مخاوف عدة متعلقة بالهوية الوطنية والثقافية.

 

واضافت الدكتورة فاطمة" وبما يخص دولة الإمارات فإنها ومنذ ظهورها تواجه سلسلة صعبة من التحديات التي تمتد بجذورها في عمق المجتمع الإماراتي. فعلاوة على التحديات السياسية فإن أخطر ما واجهته وتواجهه دولة الإمارات هو التحديات الحضارية المرتبطة بالهوية الوطنية والثقافية التي أثرت في هوية المجتمع، وأدت إلى تماهي ثقافته الوطنية في الثقافات المتعددة الموجودة في المجتمع. وتعد مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات المهنية والاجتماعية من أوائل من تنبه إلى هذا الخطر، ومن أوائل من دعا إلى ضرورة مواجهة أول من نبه إلى خطر تماهيالهوية الوطنية والثقافية. فأعضاؤها، وهم من مثقفي المجتمع والعاملين في حقل الثقافة والخدمة العامة، هم أول من بدأ يدق ناقوس الخطر.

 

الخلل السكاني

واشارت في ختام حديثها الى ان هذه الدراسة أولا لمفهوم الهوية وأهم المؤثرات التي تؤدي إلى تماهيها في الثقافات الأخرى، كما القت الضوء على دور وجهود مؤسسات المجتمع المدني في الحفاظ على الهوية. كما عرضت الصايغ بعض المقترحات للدراسة يأتي على رأسها معالجة الخللالسكاني وتعريب العمالة وتدوير العمالة ومراجعة الخطط التنموية للتوافق مع أغراض التنمية المستقبلية، ودعم مؤسسات المجتمع المدني في جهودها لتعزيز الهوية الوطنية والثقافية. كما سوف تقترح بعض الحلول والرؤى المناسبة والتي من خلال توظيفها قد تؤدي إلى إيجاد مخرج لمأزق الهوية الوطنية والثقافية.

 

بينما استعرض الدكتور محمد الرويلي من دولة قطر في بحثه العديد من المحاور الهامة لاسيما مفهوم المواطنة كمصطلح وتاريخها في منطقة الخليج وقال " شغل مفهوم المواطنة والهوية الفكر الإنساني قديما وحديثا، سواء من حيث ضبط المفهوم، أو من حيث بيان العلاقة بين المواطنة والمكونات التي تؤثر وتتأثر بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وكتب في ذلك علماء وفلاسفة من مختلف الخلفيات الحضارية والثقافية والعلمية.

واضاف الرويلي " فالمواطنة تعتبر فكرة اجتماعية وقانونية وسياسية أسهمت في تطور المجتمع الإنساني بشكل كبير بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة والعدل والإنصاف، وإلى الديموقراطية والشفافية، وإلى الشراكة وضمان الحقوق والواجبات. فالمواطنة هي الآلية للحد من الصراعاتالإثنية، والعرقية، والاجتماعية، والجنسوية، على قاعدة مبدأي عدم التمييز والمساواة، وأصبح من غير الغريب أن تجد مجتمعا متعدد الأعراق والأصول كفئة موحدة وفق منظومة من البنى القانونية، والمفاهيم الاجتماعية والقيمية التي تشترط عدم التمييز والمساواة في الحقوق والواجبات.

 

واستطرد " فالعنصر الأساسي في مفهوم المواطنة هو الانتماء إلى الوطن، والمواطنة بالتالي هي علاقة فرد أو إنسان بالمكان الذي يعيش فيه. فتعتبر المواطنة انتماء الإنسان إلى دولة معينة يستقر فيها بشكل ثابت أو يحمل جنسيتها، والمشاركة في الحكم، واحترام القوانين، والتمتع بشكل متساو مع بقية المواطنين بمجموعة من الحقوق والالتزام بأداء مجموعة من الواجبات تجاه الدولة التي ينتمي إليها. كما تعني أن السياسات العامة تصنع وتنفذ وتقيم بشكل يأخذ مصالح مجموع أفراد المجتمع في الاعتبار على أساس من المساواة والعدالة.

مفهوم المواطنة تاريخيا

واستعرض الرويلي لمحة تاريخية حول بروز مفهوم المواطنة في دول الخليج حيث اوضح " كان المجتمع العربي يغلب عليه الطابع القبلي الذي انتشر في شبه الجزيرة العربية، فكانت هناك قبائل تتمتع بمكانة مرموقة وقوية بين القبائل الأخرى، فتستطيع حماية أفرادها والدفاع عن حقوقهم. أما القبائل الصغيرة فكانت تفضل الدخول في معاهدات تحالف مع غيرها لحفظ مصالحها والمحافظة على استمراريتها وبقائها.

وقال في السياق نفسه " فكانت القبيلة العربية مكونة من عدة عناصر، فالذين يطلق عليهم الصرحاء هم الفئة المميزة والمرموقة في القبيلة ويجمعهم نسب واحد، ويرى ابن خلدون أن هذه الفئة تتمتع بحقوق كثيرة تقابلها واجبات حددتها القوانين العرفية على أساس التضامن التام بين الفرد والجماعة. كما كانت هناك عناصر أخرى للقبيلة كالموالين والاستلحاقيين والمجاورين والمحالفين والأدعياء والعبيد... إلخ. إن الفلسفة اليونانية تجاه العبيد والرقيق مستمرة في هذه الحقبة أيضا، حيث إنهم لم يتمتعوا بحقوق كافية، ولا يملكون وسائل الإنتاج، فكانوامملوكين لأعضاء القبيلة، بل كان من السهل بيعهم للقبائل الأخرى، باعتبارهم أفرادا غير منتمين للقبيلة.

وزاد الباحث القطري " لذلك كانت هناك حقوق يجب على القبيلة حفظها لأفرادها الذين كانوا يعتبرون منتمين للقبيلة، من أهمها حقُّ الحماية الذي يحفظُ للفرد الأمان مادام في حدود القبيلة، وفي حالة تعرض الفرد للغدر والقتل، تقوم القبيلة بالثأر له ولا تهدر دمه. وكانت أيضا مسؤولة عن أفرادها وتحاسب كل من يرتكب الجرائم ضد الغير. ومن أبرز الحقوق التي تمتع بها الأفراد النصرة، سواء كان الفرد ظالما أو مظلوما، ولذلك فالاستغاثة فقط كافية لرد الحقوق إلى أهلها. كما كان على الأفراد واجبات أيضا كالخضوع لأوامر شيخ القبيلة وعدم الخروجعلى قراراته والمشاركة في الدفاع عن القبيلة ضد أي مطامع خارجية في مراعيهم ومواردهم.

 

الوحدة الوطنية الاسلامية

وتابع المهتمون بالندوة الفكرة في جلستها الثالثة احد ابرز المحاور وهو "الوحدة الوطنية من المنظور الإسلامي والآراء الفقهية المرتبطة بها" وتحدث خلالها د. خالد الشريده (السعودية) و أ. د. محمد عبدالغفار الشريف (الكويت) بينما ادار الجلسة ا.د خالد المذكور.

 

وكان المحور الاول للنقاش مع الدكتور خالد الشريده حول المواطنة الخليجية رؤية سوسيولوجية تأصيلية لتحديات الهوية والوحدة والمواطنة لدول الخليج العربي واستعرض في البداية الهوية الوطنية في ظل العالمية قائلا" إن التعارف والتفاعل الحضاري هو سنة هذا الكون «لتعارفوا».وإذا كانت المعرفة على المستوى الشخصي تنمّي في الإنسان عددا من المواهب والأفكار والقدرات المختلفة، فإن ذلك يصح على المستويين المجتمعي والدولي وإذا كان البعض ينادي بأنه ليس من الملائم الآن السعي إلى الانغلاق في الوقت الذي تتجه فيه الدول نحو الانفتاح بعضها على بعض، فهذا من حيث المبدأ صحيح، غير أنه من حيث الواقع يحتاج إلى تقدير الانفتاح ومرحليته ومستواه ومتطلباته وآثاره. كل ذلك من أجل اغتنام إيجابياته وفرصه وتجنب سلبياته ومخاطره. والدعوة إلى الانفتاح العالمي لا تعني القفز على الواقع المحلي، فالتفكير في العالمية يحتاج إلى معرفة واقعنا وقدراتنا وإمكاناتنا المحلية.

واضاف الدكتور خالد " في هذا السياق من الجميل أن يكون الإنسان عالمي التفكير محلي التصرف كما هي مقولة «فكِّر عالميا وتصرف محليا»، حيث إنه «لا انفتاح يجلب ما لا قبل لك به ولا انغلاق يحرمك مما لا بد لك منه».وفي شأن الحركة العالمية المعاصرة التي تعرف بالعولمة، تعرض عدد من الدراسات مظاهر للعولمة تتأثر بها مختلف جوانب حياتنا.

 

العولمة السياسية

واستطرد " فالعولمة السياسية تعني– كما يعرض الباحثون– إطلاق الحريات والمشاركة السياسية وتعميق معنى الديمقراطية. والعولمة الثقافية تؤكد على انتزاع معنى الخصوصية إلى رحاب الثقافة العالمية بأدبياتها المختلفة سواء في محيط الأفكار وصناعتها أو في تناولاتها. والعولمة التقنية والإعلامية تتضح من خلال ما يعيشه العالم في ثورة الاتصالات وتبادل الصور والمعلومات حية على الهواء في مختلف بلاد العالم حيث سهولة الحصول على المعلومة والمشاهدة والخبر.

 

من ثم طرح الباحث السعودي المخضرم محور آفاق تعزيز الوحدة الوطنية موضحا " إن تشكيل الفكر الوطني لا يتم بمنأى عن أثر المتغيرات العالمية المتنوعة وتأثيرها وبالتالي فالأخذ في الاعتبار بالبعد العالمي ومدى تأثيره بل وتكييفه ما أمكن ليخدم التوجهات المحلية هو محكّدقيق وحساس ليس للنجاح فقط في الحفاظ على الوطنية بل في تنمية معنى الفعل فيها والتفاعل معها بما يخدم المصالح العليا للوطن، ذلك أن التقصير في هذا المنحى يهيئ النفس للاستجابة والاختراق من قبل صناع التوجهات الأجنبية.

 

المبادرة الخليجية

وعرج الدكتور الشريده الى أهمية المبادرة لتأكيد المواطنة حيث بدأ بالمبادرة الخليجية من التعاون إلى الاتحاد وأبعادها الإستراتيجية وقال ان النظر إلى أهمية الأشياء وأبعاد تأثيرها يعد قاعدة مهمة في تقدير عواقبها وبالتالي إعطائها حقها من التحليل والنظر المتعمقللاستفادة منها في مختلف المجالات.

وزاد " نحن في العام 2016 وهناك تقلبات سياسية ومواجهات عسكرية وتحديات عالمية تحدث في عالمنا اليوم، ودول الخليج العربي لن تكون في معزل عن هذه التحديات والمواجهات بل هي فعلا دخلت المعمعة في حرب اليمن وفي تحالفات أخرى. واليوم الثلاثاء الرابع من ربيع الأول سنة 1437 الموافق الخامس عشر من ديسمبر 2015 يعلن وزير الدفاع السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان تحالفا إسلاميا كبيرا يضم 34 دولة ودولا أخرى ستنضم لتحقيق الأمن والسلم ومحاربة الإرهاب في الدول الإسلامية.

 

التعددية الفكرية

وفي الجزء الثاني من الجلسة الحوارية الثالثة " التعددية الفكرية والحوار في المجتمع المسلم" تحدث أ. د. محمد عبدالغفار الشريف من الكويت حيث قال " إن الإسلام دعا أتباعه إلى الحوار بالحسنى، ومجادلة الآخرين بالأدب، فقال الله – تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمةوالموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال الله عز وجل (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن).

والملاحظ أن القرآن الكريم لم يرتضِ لأتباعه المنهج الحسن في الحوار، بل المنهج الأحسن.

يقول إمام القشيري رحمه الله: ينبغي أن يكون منك للخصم تبيين وفي خطابك تليين، وفي قبول الحق إنصاف، واعتقاد النصرة – لما تراه صحيحا – بالحجة، وترك الميل إلى الشيء بالهوى.

ويقول العلامة ابن عجيبة رحمه الله: الحسنى التي هي أحسن، أي ألطف وأرفق، وهي مقابلة الخشونة باللين، والغضب بالكظم، والمشاغبة بالنصح، بأن تدعوه إلى الله برفق ولين، وتبين له الحجج والآيات من غير مغالبة ولا قهر.

 

يقول العلامة ابن عجيبة رحمه الله: من أوصاف أولياء الله أنهم هينون لينون كلفة الحرير، لا ينطقون إلا بالكلام الأحسن، ولا يفعلون إلا ما هو أحسن، ويفرحون ولا يحزنون، وينبسطون ولا ينقبضون، من رأوه مقبوضا بسطوه، ومن رأوه حزينا فرحوه، ومن رأوه جاهلا أرشدوه بالتيهي أحسن، وهم متفاوتون في هذا الأمر، يفضل بعضهم على بعض في الأخلاق والولاية، فكل من زاد في الأخلاق الحسنة زاد تفضيله عند الله وفي الحديث «إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم النهر، القائم الليل».

والسبب في ذلك أن دين الله جاء للناس كافة والناس يختلفون في أذواقهم وآرائهم، تبعا لاختلاف بيئاتهم ونشأتهم.

 

1 – الاختلاف سُنة ربانية

يقرر القرآن الكريم أن الاختلاف بين الناس سُنة ربانية جُبلوا عليها، يقول تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولايزالون مختلفين إلا من رحم الله، ولذلك خلقهم).

قال الشاطبي رحمه الله: فأخبر سبحانه أنهم لايزالون مختلفين أبدا، مع أنه قد خلقهم للاختلاف، وهو قول جماعة من المفسرين.

قال مالك رحمه الله: خلقهم ليكونوا فريقا في الجنة، وفريقا في السعر فالضمير في (خلقهم) عائد على الناس، فلا يمكن أن يقع منهم إلا ما سبق في العلم. وليس المراد هنا الاختلاف في الصور والألوان والأشكال، إنما المراد الاختلاف في الآراء والنحل والأديان والمعتقدات المتعلقة، بما يسعد الإنسان به أو يشقى في الدنيا والآخرة، ويوضح ذلك قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم).

وهذا هو المراد من الآيات التي كرر فيها الاختلاف الحاصل بين الخلق.

 

2 – الانطلاق من القضايا المشتركة

حاول الإسلام بشتى الوسائل الانطلاق في حواره مع الآخر من أرضية مشتركة يتفقان عليها، يقول تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

قال الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله: المعنى أننا نحن وإياكم على اعتقاد أن العالم من صنع إله واحد، والتصرف فيه لإله واحد، وهو خالقه ومدبره، وهو الذي يعرفنا على ألسنة أنبيائه ما يرضيه من العمل وما لا يرضيه. فتعالوا بنا نتفق على إقامة هذه الأصول المتفق عليها ورفض الشبهات التي تعرض لها، حتى إذا سلمنا بأن فيما جاءكم من نبأ المسيح شيئا فيه لفظ ابن الله خرجناه جميعا على وجه لا ينقض الأصل الثابت العام الذي اتفق عليه الأنبياء. فإن سلمنا بأن المسيح قال إنه ابن الله، قلنا: هل فسر هذا القول بأنه إله يعبد؟ وهل دعا إلى عبادته وعبادة أمه أم كان يدعو إلى عبادة الله وحده؟ لا شك أنكم متفقون معنا على أنه كان يدعو إلى عبادة الله وحده والإخلاص له بالتصريح الذي لا يقبل التأويل.

ولم ينهج هذا النهج مع أهل الكتاب فقط، بل مع كل الأديان السماوية وغيرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

قال المناوي رحمه الله: الأنبياء بعثوا بمكارم الأخلاق، وبقيت بقية فبعثت بما كان معهم وبتمامها، أو أنها تفرقت فيهم فأمر بجمعها لتخلقه بالصفات الإلهية.

قال بعضهم: والمعرفة في مكارم الأخلاق وطهارة القلب، فمن نال ذلك وصل إلى الرب، وإذا وصل دان له الخلق.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شهدت حلف المطيين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أني لي حمر النعم وأني أنكثه».

قال المناوي رحمه الله: أي ما يسرني أن يكون لي الإبل الحمر، وهي أعز أموال العرب وأكرمها وأعظمها والحال أني أنقضه.

وأصل ذلك اجتمع بنو هاشم وزهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية، وجعلوا طيبا في جفنة وغمسوا أيديهم فيه، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فسموا المطيين.

 

3 – تجنب استثارة مشاعر العداء لدى الآخر قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا يقولن أحدكم إني خير من يونس» وجاء في حديث آخر للبخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال «بينما يهودي يعرض سلعته، أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه/ وقال: تقول، والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي صلى الله عليه وعلى وآله وسلم حتىرني في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أولياء الله. فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور، أم بعث قبلي». وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلمعن ذلك.

 

Happy Wheels