الجلسة الخامسة" القيم والعادات والتقاليد العربية وأزمة التطور الحضاري

16 يناير, 2014

الباحثان د. أحمد زايد – د. محمد الحداد – ادار الجلسة د. معجب الزهراني

تواصل الندوة الفكرية لمهرجان القرين الثقافي الـ20 أعمالها لليوم الثاني على التوالي، حيث ناقشت في محورها الخامس بحثين مقدمان من مل من: أ.د أحمد زايد علم الاجتماع السياسي، جامعة القاهرة، وأ.د محمد الحداد المتخصص في دراسات الحضارة والأديان المقارنة بجامعة السوربون، وأدار الجلسة د. معجب الزهراني.

البداية كانت مع الدكتور أحمد زايد الذي قدم ورقة بحثية بعنوان " القيم وأساليب السلوك وأزمة التحول الحضاري"، ويقول في مقدمتها : إن المجتمعات العربية تمر بأزمة تحول قيمي، أو قل ثورة تحول قيمي، تزيد من حدة الاختلاف أو التفكيك، ويفترض زايد أن الظروف المحيطة بأزمة التحول في الوطن العربي لا تعمل فقط على تأسيس هذه الحالة من التناشز، بل تهدد بتفكيك الأبنية والوصلات الرابطة للبناء الاجتماعي. ومن ثمة فإنها تهدد التماسك الاجتماعي العام، كما تهدد تكوين ذات جماعية عامة للمجتمع، وتدفع البناء الاجتماعي إلى أن يفكك نفسه إذا لم يولد من داخله وعيا تجميعيا ناظما.

ويسلط زايد الضوء على العوامل التي أثرت في هذا التغير، فقد جرت مياه كثيرة في نهر التغيير في الوطن العربي، وتجمعت عوامل خارجية وداخلية لتجعل الفضاء الاجتماعي العربي يموج كل يوم بتغيرات متلاحقة، يراها زايد في هذه العوامل: أزمة التحول في عصر العولمة، عدم الاستقرار الإقليمي، وتعدد الهويات وانقسامها، وانفجار الطموحات الشبابية، وعلى الرغم من أن الثورات العربية قد تكون عظمت من هذه الطموحات، فإنها قائمة ومتجذره من قبل حدوث هذه الثورات. فمن قبل الثورة يمكن الإشارة إلى تعاظم مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، كما تدل عليها الزيادة المطردة في أعداد المدونين من الشباب خاصة.

ويقول زايد في خاتمة بحثه: على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعته البلدان العربية على طريق التحديث والتنمية، فإن البناء الاجتماعي والثقافي لايزال يفصح عن تناقضات وتيارات تجعله عرضة للتشظي المستمر، من دون أن يكون المجتمع قادرا على تطوير مستلزمات لضبطه ونظمه في تيار عام. وعلى الرغم من اختلاف البلدان العربية في درجة بروز هذه الحالة، فإنها حالة يجب أن ترصد، ويجب الوعي بها. إن الوعي بمخاطر العولمة وقواها التفكيكية يعد مطلبا مهما، ولكن الوعي بالتناقضات الداخلية - سواء ترتبت على العولمة أو على السياسيات الداخلية - يعد مطلبا أهم. وأهم منهما الوعي بضرورة التوصل إلى «ناظم» داخلي قادر على التعامل مع كل هذه التناقضات عبر سياسات فعالة وحوكمة رشيدة.

مشكلة منهج أم مشكلة وظائف؟


وتحت عنوان |القيم والعادات والتقاليد العربية وأزمة التطور الحضاري مشكلة منهج أم مشكلة وظائف؟ عرض د. محمد الحداد ورقة بحثه ويقول في مقدمتها : منذ أن بدأ المثقفون العرب في تشخيص واقع مجتمعاتهم، برز نموذجان رئيسيان في مقاربة هذا المشغل، أحدهما يسعى إلى استمداد منهج التحليل من تراث هذه المجتمعات، مع تطعيمه بمناهج العلوم الإنسانية ومفاهيمها، والثاني يوظف منهجا من المناهج المعروفة في هذه العلوم ليطبقه على الواقع العربي، مع بعض الاستئناس بالتراث قصد إضفاء نوع من الشرعية على التحليل المعروض.

وحول النمط الثقافي السائد قال الحداد إن الواقع أن قضية القيم والعادات والتقاليد تندرج فيما يمكن تسميته عامة بقضية النمط الثقافي السائد وقدراته على التطور من أجل بلوغ توازنات اجتماعية جديدة. فليس ثمة مجتمع يمكن أن يتخلص دفعة واحدة من ماضيه، وإلا تردى إلى الانحلال والضياع. لكن التمسك بالماضي كله يؤدي بالمقابل إلى الجمود ويحكم على المجتمع بالبقاء خارج العصر، وهذا ما يسعى العرب إلى تفاديه أيضا. فالقضية في الأساس ليست قضية الماضي في ذاته أو العصر في ذاته، وإنما العسر الذي تجده المجتمعات العربية في إيجاد توازن جديد يجعلها متحكمة في مصيرها.

واختتم بالقول: المجتمعات العربية شديدة التمسك بالماضي، لأنه كان أرقى من الحاضر، ولأنها تتطلع إلى استعادة دور ريادي في العالم، ولا يمكن لها تحقيق هذا التطلع مادام العالم مستمرا على وضعه الحالي. من هنا يتحول الماضي لديها إلى مسكن للآلام، في انتظار تغيير صعب المنال لموازين القوى.

 

Happy Wheels